هل يجب أن تتحسب مصر من الزلازل؟

خسائر 1992 الأكبر... وعشرات الهزات خلال 5 سنوات

تسببت الهزة الأرضية التي شعرت بها بعض المناطق بمصر صباح الأربعاء في استعادة كارثة زلزال 1992 (أرشيفية - رويترز)
تسببت الهزة الأرضية التي شعرت بها بعض المناطق بمصر صباح الأربعاء في استعادة كارثة زلزال 1992 (أرشيفية - رويترز)
TT

هل يجب أن تتحسب مصر من الزلازل؟

تسببت الهزة الأرضية التي شعرت بها بعض المناطق بمصر صباح الأربعاء في استعادة كارثة زلزال 1992 (أرشيفية - رويترز)
تسببت الهزة الأرضية التي شعرت بها بعض المناطق بمصر صباح الأربعاء في استعادة كارثة زلزال 1992 (أرشيفية - رويترز)

تسببت الهزة الأرضية التي شعر بها الناس في بعض المناطق بمصر، خلال الساعات الأولى من صباح الأربعاء، في تجدد المخاوف والجدل حول مخاطر الزلازل مستقبلاً، بخاصة مع استعادة الذاكرة الأضرار الكبرى التي نتجت منها سابقاً، وخصوصاً زلزال 1992 وتردد أحاديث عن أن البلاد دخلت فيما يطلق عليه «الحزام الزلزالي».

إلا أن رئيس قسم الزلازل بـ«المعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية» الدكتور شريف الهادي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع في مصر وفقاً لما يتم رصده علمياً يُعدّ آمناً، ولا توجد تغيرات مقلقة».

وضرب زلزال جزيرة كريت اليونانية، صباح الأربعاء، وفق ما أعلنه مركز أبحاث علوم الأرض الألماني، الذي أوضح أن مركز الزلزال كان على عمق 83 كيلومتراً. وتزامنا مع الهزة الأرضية، أفاد سكان في مصر بشعورهم بارتجاج أرضي نحو الساعة 10:53 بتوقيت غرينتش، دون أن تسجّل أي أضرار.

وفي بيان رسمي، قال «المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية» في مصر، إن الزلزال الذي شعر به السكان كان بقوة 6.4 درجة، ووقع على بعد 431 كيلومتراً شمال مدينة رشيد، بعمق 76 كيلومتراً تحت سطح الأرض.

وأكد المعهد أن أجهزة «الشبكة القومية لرصد الزلازل» لم تسجّل أي توابع للهزة الرئيسة، ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات أو أضرار مادية.

وبحسب «هيئة المسح الجيولوجي الأميركية»، فإن زلزالاً آخر بقوة 6.1 درجة تم رصده جنوب مدينة فراي اليونانية، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء بالتوقيت المحلي، وشعر به سكان بعض المدن في تركيا المجاورة.

وتُعدّ منطقة شرق البحر المتوسط من المناطق النشطة زلزالياً، وتشهد بين الحين والآخر هزات متوسطة إلى قوية، تتفاوت آثارها بين الشعور بها فقط وبين التسبب في أضرار متفاوتة.

وجددت الهزة الأرضية، الأربعاء، أحاديث الشجون والمخاوف والذكريات على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، خصوصاً لدى هؤلاء الذين عاصروا زلازل نتجت منها أضرار جسيمة بالبلاد، وعلى رأسها زلزال عام 1992 الذي تسبب في أكثر من 500 قتيل وتدمير هائل للعقارات السكنية.

وما عزز تلك المخاوف تأكيد الكثيرين أن شعورهم بتلك الهزة كان قوياً ويشبه شعورهم بهزة التسعينات. كما رصدت وسائل إعلام محلية هرولة بعض سكان القاهرة والجيزة إلى الشوارع لحظة الزلزال؛ خوفاً من تعرضهم لأضرار.

وشعر السكان في مصر منذ يناير (كانون الثاني) 2021 وحتى مايو (أيار) 2025 بعشرات الزلازل والهزات التي تراوحت قوتها ما بين قوية ومتوسطة وضعيفة. وكان من بينها زلزال يوم 6 مارس (آذار) 2025 بقوة 4.1 درجة على مقياس ريختر، وزلزال يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر، وزلزال 11 يناير 2022 بقوة 6.6 درجة على مقياس ريختر، وزلزال يوم 11 أبريل (نيسان) 2021 بقوة 3 درجات على مقياس ريختر، وزلزال يوم 21 يناير 2021 بقوة 5 درجات على مقياس ريختر.

وبحسب رئيس قسم الزلازل بـ«المعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية» الدكتور شريف الهادي، فإن «مصر ضمن دول العالم تشهد سنوياً وتشعر بملايين الهزات الأرضية التي تقل قوتها عن 3 درجات على مقياس ريختر، وآلاف الهزات التي تتراوح درجاتها بين 4 و6 درجات، و20 هزة سنوياً لتلك التي قوتها فوق 7 درجات، بينما لا يشهد العالم سنوياً إلا هزة واحدة أو هزتين على الأكثر بقوة فوق 8 درجات على مقياس ريختر».

وشدد على أن «هذا هو الوضع الطبيعي دائماً، سواء في الماضي أو الحاضر، وهو المتوقع استمراره مستقبلاً ما لم تحدث تغيرات كبرى، إلا أن الأمر الذي جعل مشاعر الناس أقوى، هو تطور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار أخبار الهزات بشكل سريع وكبير، فضلاً عن تزايد محطات رصد الزلازل وتطور أجهزة الرصد التي ترصد كل كبيرة وصغيرة».

الهادي أكد أن مصر تشعر بعشرات الهزات سنوياً ونحو 10 منها فقط تكون مراكزها داخل مصر، إلا أنها ضعيفة القوة، بينما الزلازل القوية التي تحدث خارج مصر تكون مراكزها على بعد مئات الكيلو مترات وعلى عمق يتخطى 60كم تحت سطح البحر؛ ما يجعل المخاطر منها لا تذكر، ولكن الزلازل الخطيرة على مصر هي تلك التي تكون مراكزها داخل الحدود المصرية وعلى عمق قريب من سطح البحر مثل زلزال 12 أكتوبر (تشرين الأول) 1992.

تجدر الإشارة، إلى أن زلزال 1992 كانت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر، وعلى عمق 22كم فقط ومركزه قرب دهشور في الجيزة واستمر لقرابة 30 ثانية، بينما الزلازل التي شهدتها أو شعرت بها مصر خلال الأعوام الخمسة الماضية تخطى عمق بعضها 50كم تحت سطح البحر ووصل بعضها لعمق أكثر من 60كم وابتعدت مراكزها نسبياً عن الأراضي المصرية لمسافة تخطت 400كم؛ ما جعل تأثيرها لا يذكر على مصر رغم قوة وطول مدة بعضها.


مقالات ذات صلة

هزة أرضية شرق السعودية... ولا تأثيرات

الخليج تبعد الهزة الأرضية 85 كلم عن شرق مدينة الجبيل (واس)

هزة أرضية شرق السعودية... ولا تأثيرات

رصدتْ «هيئة المساحة الجيولوجية» السعودية هزةً أرضيةً في الخليج العربي بلغ قدرها الزلزالي 3.35 درجة على مقياس ريختر تبعد 85 كلم شرق مدينة الجبيل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق منظر جوي لصدع سان أندرياس (مكتبة الكونغرس)

تطوير طريقة محتملة للتنبؤ بالزلازل

طوّر باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا الأميركية نموذجاً للزلازل في المختبر يربط منطقة التماس بين أسطح الصدوع باحتمالية وقوع الزلازل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا أشخاص يتفقدون حطام واجهة جامعة أتاكاما التي تأثرت بالزلزال الذي بلغت قوته 6.5 درجة والذي هز مدينة كوبيابو في تشيلي (أ.ف.ب)

زلزال بقوة 6.4 درجة يضرب شمال تشيلي (فيديو)

ضرب زلزال بقوة 6.4 درجة منطقة أتاكاما في شمال تشيلي الجمعة، دون أن يُسفر عن وقوع إصابات، لكنه أدى إلى انقطاع الكهرباء عن أكثر من 20 ألف شخص.

«الشرق الأوسط» (سانتياغو)
العالم العربي فرق الهلال الأحمر المصري تتابع تطورات الأحداث المناخية والزلزالية في مصر (الهلال الأحمر)

مع وقوع هزات متكررة... هل يجب أن تتحسب مصر لـ«زلزال كبير»؟

ثارت مخاوف في مصر من أن يكون تكرار الزلازل الخفيفة تمهيداً لـ«زلزال مدمر»، أو أن تكون البلاد دخلت «حزام الزلازل».

هشام المياني (القاهرة)
آسيا جنود يقفون خارج سجن مالير بعد هروب العشرات منه (رويترز)

فرار أكثر من 200 نزيل من سجن باكستاني بعد وقوع زلازل

قال مسؤولون باكستانيون إن أكثر من 200 سجين فروا من سجن في مدينة كراتشي جنوب باكستان، الاثنين، بعد أن سُمح لهم بمغادرة زنازينهم إثر وقوع سلسلة من الهزات.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
TT

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)

وجّهت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة في طرابلس أجهزتها للقبض على الميليشياوي أحمد الدباشي، الشهير بـ«العمو»، في مدينة صبراتة (غرب)؛ «وكل مَن يثبت تورطه معه في ارتكاب الجرائم».

ويعد «العمو» أحد أشهر تجار البشر في ليبيا، ومطلوب دولياً. وقد عاد اسمه إلى واجهة الأحداث مجدداً عقب انتشار فيديو لفتاة ليبية وهي تخضع للتعذيب، ورصد حقوقيون صوته في المقطع المصوّر وهو يستجوب الفتاة.

وقالت وزارة الداخلية في بيانها، مساء الخميس، إنها وجّهت رئيس جهاز المباحث الجنائية بالبحث والتحري والقبض على المدعو الدباشي، وذلك «في إطار جهود ضبط الأمن داخل المدينة، وضمان تطبيق سيادة القانون».

وتعهّدت الوزارة بأن عملية القبض على الدباشي «ستتم بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة في مدينة صبراتة، وفقاً لما يقتضيه القانون وإجراءات القبض المعمول بها، وخلال مدة لا تتجاوز 24 ساعة».

وأظهر مقطع فيديو فتاة ليبية تُدعى رهف الكرشودي، وهي تخضع للتعذيب ومقيدة من رقبتها بالسلاسل، في حين يتحدث «العمو» إلى جانبها، ما أثار عاصفة من الغضب في البلاد.

وكانت الأجهزة الأمنية قد عثرت على الفتاة مقتولة في 21 فبراير (شباط) 2024، ولم يستدل على الجناة حتى الآن، لكن مقطع الفيديو المتداول نكأ الجرح وفتح القضية.

وقالت منظمة «ضحايا» لحقوق الإنسان إن «المقاطع المصورة المنتشرة لفتاة مقيدة بالسلاسل من رقبتها، وعليها آثار ضرب وتعذيب من قبل المجرم الميليشياوي العمو، تستوجب التدخل العاجل من قبل وزارة الداخلية ومكتب النائب العام»، مطالبة بضرورة التحرك الفوري «لكشف التفاصيل، والقبض على الجاني وتقديمه للعدالة».

وأعرب عضو المجلس الأعلى للدولة، أبو القاسم قزيط، عن دهشته الشديدة من واقعة تقييد الفتاة الليبية من رقبتها بالسلاسل، مؤكداً أن مثل هذه الجريمة «لم تُرتكب حتى في عصور المغول، ولا في زمن الظلمات».

وقال مستنكراً: «صبراتة الرائعة والشاهد على حضارة إنسانية خالدة، يشوهها اليوم قرصان يلقب بـ(العمو)».

وقال أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، إن ما «فعله (العمو) وكثير من الخارجين عن القانون، من المهربين والمتورطين في عمليات الإخفاء القسري والتعذيب، يشكل وصمة عارٍ على جبين كل من يعلم بهذه الجرائم ويصمت».

من جانبه، قال السفير إبراهيم قرادة، كبير المستشارين سابقاً في الأمم المتحدة: «للأسف، المغدورة رهف ليست حالة فريدة وحيدة، فلربما هناك العديد من أمثالها المختطفات قسراً أو المرغمات، ممن يستغثن طلباً للنجاة والإنقاذ والعون، غير أن صوتهن محبوس كما هن محبوسات ومقيدات بالسلاسل».

وانتهى السفير الليبي إلى أن حوادث انتهاك حقوق الإنسان في بلده «درجات وأنواع؛ منها بسبب الموقف السياسي الإرادي، ومنها بسبب الظلم»، لكنه قال: «أياً كان الدافع؛ فإن انتهاك حرمة الإنسان جرم عظيم».