قال سكان في العاصمة الليبية طرابلس إن أسوأ قتال تشهده المدينة منذ سنوات هدأ، اليوم الأربعاء، بعد ساعة من إعلان الحكومة وقف إطلاق النار، دون صدور بيان بعد من السلطات بشأن عدد القتلى.
واندلعت الاشتباكات في وقت متأخر من يوم الاثنين بعد مقتل قائد كبير لإحدى الجماعات المسلحة. وبعد أن هدأ القتال، صباح أمس الثلاثاء، تجدد خلال الليل، حيث هزت معارك كبيرة أحياء في جميع أنحاء المدينة.
وقالت وزارة الدفاع التابعة للحكومة: «القوات النظامية بدأت بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التهدئة من خلال نشر وحدات محايدة».
ومع ورود أنباء عن مشاركة وحدة رئيسية واحدة على الأقل تابعة للوزارة في الاشتباكات، لم يوضح البيان الوحدات التي تعدّها محايدة أو مكان انتشارها.
وعبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن «قلق بالغ إزاء تصاعد العنف في الأحياء المكتظة بالسكان في طرابلس»، ودعت بشكل عاجل إلى وقف إطلاق النار.
وحمّل مجلس النواب الليبي، اليوم الأربعاء، حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية الأحداث الجارية في العاصمة طرابلس، متهماً إياها بجر البلاد إلى «حالة من الاقتتال بين الأخوة»؛ سعياً منها للتمسك بالسلطة.
وذكر البرلمان، في بيان، أنه «يدين ويستنكر تصرفات وسلوك حكومة الوحدة الوطنية، ويحملها المسؤولية الوطنية والقانونية والأخلاقية عن الأحداث الجارية في مدينة طرابلس، ويطالب بحماية المدنيين وممتلكاتهم».
وأشار البيان إلى أن أحداث طرابلس تأتي «ونحن في آخر النفق نحو إنهاء جمود العملية السياسية وإنهاء الانقسام الجهوي والمؤسساتي بتشكيل حكومة موحدة واحدة تدير شؤون البلاد الداخلية والخارجية».
وأضاف: «سعياً للتمسك بالسلطة من قبل حكومة الوحدة الوطنية منزوعة الثقة من مجلس النواب لاستمرار العبث بمؤسسات الدولة والرغبة في تعطيل هذا المشروع الوطني... دفع هذا التمسك وهذه الرغبة إلى جر البلاد إلى حالة من الاقتتال بين الأخوة».
وأكد المجلس الرئاسي الليبي، اليوم، ضرورة الوقف الفوري لكافة الاشتباكات المسلحة في طرابلس دون قيد أو شرط، والامتناع التام عن استخدام السلاح داخل المناطق المدنية، ودعا كافة الأطراف إلى الاحتكام للعقل والحوار، قائلاً إنه سيواصل جهوده من أجل توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية.
وبدا أن اشتباكات يوم الاثنين أدت إلى تعزيز سلطة عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، في البلد المنقسم، وحليف تركيا أيضاً.
لكن أي قتال لفترة طويلة داخل طرابلس يهدد بجذب فصائل من خارج العاصمة، مما قد يؤدي إلى تصعيد أوسع نطاقاً بين الأطراف المسلحة العديدة في ليبيا بعد هدوء نسبي على مدى سنوات.
وذكرت صحيفة «ليبيا أوبزرفر» التي تصدر باللغة الإنجليزية أن القتال الرئيسي، اليوم الأربعاء، دار بين اللواء 444 التابع للدبيبة وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وهو آخر فصيل مسلح رئيسي في طرابلس لا ينتمي حالياً إلى معسكر الدبيبة.
وعبر سكان طرابلس المحاصرون في منازلهم بسبب القتال عن شعورهم بالرعب من العنف الذي اندلع بشكل مفاجئ في أعقاب تزايد التوتر بين الفصائل المسلحة على مدى أسابيع.
وقال أب لثلاثة أطفال في منطقة الظهرة عبر الهاتف: «من المرعب أن نشهد كل هذا القتال العنيف، وضعت عائلتي في غرفة واحدة لتجنب القصف العشوائي»، وذكر مهند جمعة في ضاحية السراج الغربية أن القتال يتوقف لبضع دقائق ثم يُستأنف، وأضاف: «نشعر بالارتياح في كل مرة يتوقف فيها، لكننا نفقد الأمل مجدداً».
ولم تنعم ليبيا باستقرار يذكر منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 وأطاحت بمعمر القذافي. وانقسمت البلاد في عام 2014 بين فصائل متنافسة في الشرق والغرب لكن هدنة في عام 2020 منعت انزلاق البلاد إلى حرب كبرى.
وتعد ليبيا، وهي مُصدر رئيسي للطاقة، أيضاً محطة مهمة للمهاجرين الساعين للوصول إلى أوروبا.
وأمر الدبيبة، الثلاثاء، بتفكيك ما أسماها بالجماعات المسلحة غير النظامية.
وأعلن الدبيبة عن ذلك بعد مقتل عبد الغني الككلي، المعروف باسم غنيوة، الاثنين، والهزيمة المفاجئة لجماعته «جهاز دعم الاستقرار» على يد فصائل متحالفة مع الدبيبة.
وتشير سيطرة الفصائل المتحالفة مع الدبيبة واللواء 444 واللواء 111 على الأراضي التي كان جهاز دعم الاستقرار يسيطر عليها، إلى أن السلطة أصبحت مركزة بشكل كبير في العاصمة المنقسمة ليبقى جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة آخر فصيل كبير غير مرتبط ارتباطاً وثيقاً برئيس الوزراء.