الجزائر: محاكمة 3 مرشحين لـ«رئاسية» 2024 بتهمة «الفساد السياسي»

النيابة العامة تلتمس السجن 10 سنوات ضد وزير من عهد بوتفليقة

الرئيس عبد المجيد تبون فاز بولاية ثانية في انتخابات 2024 (الرئاسة)
الرئيس عبد المجيد تبون فاز بولاية ثانية في انتخابات 2024 (الرئاسة)
TT

الجزائر: محاكمة 3 مرشحين لـ«رئاسية» 2024 بتهمة «الفساد السياسي»

الرئيس عبد المجيد تبون فاز بولاية ثانية في انتخابات 2024 (الرئاسة)
الرئيس عبد المجيد تبون فاز بولاية ثانية في انتخابات 2024 (الرئاسة)

بينما التمست النيابة العامة بمحكمة الجزائر العاصمة عقوبة السجن لعشر سنوات ضد وزير الشباب والرياضة الأسبق على خلفية تهم فساد، تنطلق غداً الأحد مرافعات عشرات المحامين أمام «محكمة سيدي أمحمد» للدفاع عن ثلاثة مرشحين سابقين للانتخابات الرئاسية لعام 2024، يواجهون تهماً تتعلق بـ«شراء الأصوات، وتقديم رشاوى مقابل توقيعات الترشح».

الوزير السابق عبد القادر خمري (متداولة)

يرتقب أن تصدر «محكمة سيدي أمحمد» بالعاصمة، خلال الأسبوع الحالي، حكمها بحق عبد القادر خمري، وزير الشباب والرياضة في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019)، بعد استدعائه للمحاكمة على الرغم من مرور 10 سنوات عن وقائع «الفساد»، التي تناولت تسيير القطاع، خصوصاً مشروعات تتعلق بالترفيه، طالتها ممارسات فساد و«تبذير مال عام»، و«استغلال النفوذ»، حسب النيابة.

وأنكر خمري (75 سنة) كل التهم، مؤكداً أن الحكومة أعدت برنامجاً يخص أنشطة الترفيه، ومهرجانات للتسلية لفائدة الشباب بين عامي 2014 و2015، موضحاً أنه كان عليه تنفيذ هذه الخطة، التي «كانت تحمل صيغة الاستعجال»، وفق تقديره، الأمر الذي دفعه إلى إبرام صفقات بـ«التراضي» مع شركات نظمت هذه الأنشطة، حسبما أفاد به أمام القاضي، بدلاً من اعتماد «قانون الصفقات العامة».

وأكد خمري أن «الدولة أقرت مشروعات عن طريق التراضي في بعض الحالات، وهو ما فعلته أنا بموافقة الحكومة»، التي كان يرأسها عبد المالك سلال، الذي يقضي عقوبة السجن 12 سنة مع التنفيذ منذ 2019 بتهم مرتبطة بـ«الفساد».

وشملت طلبات النيابة السجن 10 سنوات سجناً مع التنفيذ، وغرامة بمليون دينار (نحو 7400 دولار) ضد خمري، وعقوبات أخرى بالسجن بحق 12 متهماً آخرين، أغلبهم كوادر بالوزارة ومسؤولين في شركات، تراوحت بين 6 سنوات و8 سنوات مع التنفيذ.

وأوقفت السلطات في أعقاب الحراك الشعبي، الذي أطاح بالرئيس بوتفليقة عام 2019، ثلاثة رؤساء، و18 وزيراً، و15 رجل أعمال، ومديرين للأمن الداخلي، وقائدين لسلاح الدرك، ورئيساً للشرطة بتهم متصلة بـ«الفساد»، و«نهب المال العام»، وتمت إدانة الكثير منهم بالسجن لأكثر من 10 سنوات.

سيدة الأعمال سعيدة نغزة (الشرق الأوسط)

وفي سياق محاكمات «الفساد السياسي» تنطلق الأحد بـ«محكمة سيدي أمحمد» مرافعات المحامين عن المرشحين السابقين لانتخابات الرئاسة، بلقاسم ساحلي، رئيس حزب «التحالف الوطني الجمهوري»، وسعيدة نغزة، سيدة الأعمال المعروفة، والناشط السياسي عبد الحكيم حمادي، الذين أقصتهم «السلطة الوطنية للانتخابات» لعدم استيفائهم شروط الترشح للاقتراع، الذي جرى في 7 سبتمبر (أيلول) 2024.

وبحسب مراقبين للشأن العام، تعد هذه القضية أكبر «ملف فساد سياسي» منذ تولي الرئيس تبون الحكم نهاية 2019. وقد جرت محاكمتهم الخميس الماضي، حيث طالب ممثل النيابة بإنزال عقوبة السجن 10 سنوات لكل واحد منهم، بتهمة «شراء توقيعات الناخبين»، التي يشترطها قانون الانتخابات في ملف الترشح، وتبلغ 50 ألف توقيع مواطنين عاديين، أو 600 منتخب.

وشملت التماسات النيابة السجن 8 سنوات مع التنفيذ ضد اثنين من أبناء السيدة سعيدة نغزة، معلناً إصدار مذكرة توقيف دولية ضد ابنة لها تقيم بالخارج. كما شملت عقوبات تتراوح بين 5 و8 سنوات سجناً نافذاً وغرامات مالية تقدر بمليون دينار جزائري ضد بقية المتهمين، من بينهم منتخبون محليون في بعض الولايات.

وأكد سعيد زاهي، محامي بلقاسم ساحلي لـ«الشرق الأوسط»، أن تحقيقات الشرطة «لم تثبت بأي حال أن موكلي دفع مالاً مقابل شراء الأصوات»، موضحاً أن «إفادات شهود الإثبات أمام القاضي لم تتضمن أنهم تلقوا رشوة، نظير تقديم توقيعاتهم، إنما قال بعضهم إنه منح توقيعه للسيد ساحلي بعد أن عده من أنصار الرئيس المترشح (عبد المجيد تبون)، مكلفاً جمع التوقيعات له، بمعنى أنه لم يكونوا على علم أنه مرشح للرئاسة، وهو أمر ليس مسؤولًا عنه».

بلقاسم ساحلي (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكان قاضي التحقيق قد وضع المرشحين الثلاثة رهن الرقابة القضائية بتاريخ 5 أغسطس (آب) الماضي، وأودع 68 شخصاً في الحبس الاحتياطي.

وتشير تحقيقات الأمن بخصوص هذه القضية إلى أن ساحلي ونغزة وحمادي دفعوا ما بين ألفين وخمسة آلاف دينار لصاحب التوقيع خلال حملة الانتخابات. وتتم ملاحقتهم بموجب قانون مكافحة الفساد الصادر عام 2006، وأدرجت النيابة لائحة الاتهامات «منح مزايا غير مستحقة واستغلال النفوذ، وتقديم أو الوعد بتقديم هدايا نقدية بهدف الحصول على الأصوات، أو محاولة الحصول عليها، واستغلال المنصب، وتلقي تبرعات نقدية أو وعود بهدف كسب أصوات انتخابية وارتكاب أعمال احتيال».

الناشط عبد الحكيم حمادي (متداولة)

وفاز الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون في الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بنسبة 84.3 في المائة من الأصوات، متقدماً على المرشحين الآخرين يوسف أوشيش، السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، الذي حصل على 6.14 في المائة، وعبد العالي حساني رئيس «حركة مجتمع السلم»، الذي حصل على 9.56 في المائة من الأصوات.


مقالات ذات صلة

الجزائر تجري تمريناً بالذخيرة الحية قرب الحدود مع المغرب

شمال افريقيا جانب من عرض عسكري سابق للجيش الجزائري (وزارة الدفاع)

الجزائر تجري تمريناً بالذخيرة الحية قرب الحدود مع المغرب

القوات الجزائرية تجري تمريناً تكتيكياً بالذخيرة الحية عنوانه «الحصن المنيع 2025»، في منطقة تندوف قرب الحدود مع المغرب.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من اجتماع للرئيس تبون بأبرز المسؤولين المدنيين والعسكريين في أبريل الماضي (الرئاسة)

البرلمان الجزائري يدعم «قانون التعبئة العامة» مع اختفاء صوت المعارضة

يتواصل النقاش في البرلمان الجزائري بشأن مشروع قانون يهدف إلى تنظيم التعبئة العسكرية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

«جوازات السفر الدبلوماسية» تغذي التوترات بين الجزائر وفرنسا

رجّح متابعون لتطور الأزمة بين الجزائر وفرنسا مزيداً من التصعيد، بالنظر إلى تفاقم «لعبة الفعل ورد الفعل»، التي تتضخم ككرة ثلج، مما يُبعد فرص تهدئة التوتر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أشغال استغلال منجم بالجنوب الجزائري (متداولة)

فتح باطن الأرض على الشراكة الأجنبية يثير جدلاً في الجزائر

الحكومة تريد تشجيع جذب المستثمرين الأجانب إلى قطاع المناجم، ولا يتم ذلك في تقديرها إلا بإلغاء إجراءات إلزام وجود شريك محلي يملك 51 في المائة من رأس مال المشروع.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عزوز ناصري الرئيس الجديد لمجلس الأمة (متداولة)

شخصية قانونية على رأس «مجلس الأمة» الجزائري

قاضٍ سابق شغل رئاسة مجلس قضاء قسنطينة في الثمانينات، ثم تولى رئاسة المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة في القضاء المدني، كما كان عضواً في المجلس الدستوري...

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

السودان: نستنكر ما صدر عن الإدارة الأميركية من اتهامات تتسم بتزييف الحقائق

مؤيدو المقاومة الشعبية السودانية المسلحة المؤيدة للجيش يستقلون شاحنات في القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
مؤيدو المقاومة الشعبية السودانية المسلحة المؤيدة للجيش يستقلون شاحنات في القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

السودان: نستنكر ما صدر عن الإدارة الأميركية من اتهامات تتسم بتزييف الحقائق

مؤيدو المقاومة الشعبية السودانية المسلحة المؤيدة للجيش يستقلون شاحنات في القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
مؤيدو المقاومة الشعبية السودانية المسلحة المؤيدة للجيش يستقلون شاحنات في القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

قال وزير الثقافة والإعلام السوداني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الإعيسر، إن الحكومة السودانية تتابع باستنكار شديد، ما صدر عن الإدارة الأميركية من اتهامات وقرارات تتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق بشأن الأوضاع في السودان.

وقال الإعيسر إن «فبركة الاتهامات وترويج الأكاذيب، بما في ذلك الادعاءات الأخيرة التي لا تستند إلى أي دليل، تأتي ضمن نهج قديم يرتكز على خريطة الطريق التي وضعتها الإدارة الأميركية السابقة عام 2005، والتي تعدل مرحلياً بما يخدم الأجندات الأميركية، استناداً إلى مزاعم لا تمُت إلى الواقع بصلة»، وفقاً لوكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا).

سودانيون يحتفلون في مروي بعد إعلان الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضاف: «هذه الادعاءات الكاذبة قد استهدفت مجدداً القوات المسلحة السودانية، لا سيما بعد إنجازاتها الميدانية التي غيرت من واقع المعركة، وعقب تعيين رئيس للوزراء، وهو ما شكّل تطوراً مهماً في مسار إعادة بناء مؤسسات الدولة»، مبيناً أن «هذه ليست المحاولة الأولى؛ فقد استخدمت الولايات المتحدة أدوات مماثلة في السابق دون أن تحقق أهدافها».

وقال الإعيسر إن «هذه الرواية الكاذبة التي تسعى الإدارة الأميركية إلى تسويقها دولياً، ليست سوى محاولة جديدة لتضليل الرأي العام، وتوفير غطاء سياسي لجهات فقدت شرعيتها وتورطت في ارتكاب جرائم ضد الشعب السوداني».

وأضاف: «سبق أن سعت الإدارة الأميركية السابقة إلى فرض الاتفاق الإطاري على الشعب السوداني بطريقة تضمن بقاء الميليشيات ضمن مشهد انتقالي مصطنع، متجاهلة تطلعات الشعب في بناء دولة مدنية عادلة تقوم على القانون والحرية والسيادة الوطنية عبر انتخابات حرة وشفافة».

واختتم بالقول: «على الحكومة الأميركية أن تدرك أن حكومة السودان، المدعومة بإرادة شعبها، ماضية في طريقها حتى تحقيق الانتصار الكامل في معركة الكرامة، ولن تلتفت إلى أي محاولات تستهدف عرقلة تطلعات الشعب السوداني نحو حياة كريمة، وتحرير بلاده من الميليشيات وتدخلات دول العدوان».

وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلنت أمس (الخميس) أنها ستفرض عقوبات على السودان بعد أن ثبت لها استخدام أسلحة كيميائية في عام 2024 خلال الحرب الأهلية، في انتهاك للمعاهدات الدولية، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقالت وزارة الخارجية الأميركية أمس إن العقوبات ستدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل، وتشمل قيوداً على الصادرات إلى السودان، وعلى الوصول إلى خطوط الائتمان الحكومية الأميركية.

قوات للجيش السوداني في الخرطوم (أ.ب)

ووفقاً للأمم المتحدة، أودت حرب متواصلة بين الجيش السوداني وميليشيا «قوات الدعم السريع» منذ شهر أبريل (نيسان) 2023 بحياة أكثر من 24 ألف شخص، ودفعت أكثر من 14 مليون شخص - نحو 30 في المائة من السكان - إلى النزوح داخل السودان وإلى دول مجاورة، إضافة إلى كارثة إنسانية جراء نقص المواد الغذائية والأدوية.