نكأت هانا تيتيه، المبعوثة الأممية، جرح الأزمة الليبية الذي لم يندمل بعدُ أمام مجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، ملخّصة المعضلة التي تؤرق البلد الغني بالنفط في أمور عدة، من بينها «التنافس على الموارد الاقتصادية»، وتفاقم الوضع نتيجة «تفكك المؤسسات، والإجراءات أحادية الجانب».
ومثل 9 مبعوثين أمميين سابقين، توقفت المبعوثة تيتيه في أول إحاطة لها عن أسباب الأزمة السياسية، وتداعياتها على البلد غير المستقر، متحدثة عن «صمود» اتفاق وقف إطلاق النار، إلاّ أنها وصفت الوضع الأمني بأنه «لا يزال متقلباً».
ويتوافق ليبيون كثيرون مع ما ذهبت إليه المبعوثة الأممية، لكن منهم مَن يلقي باللائمة على أفرقاء الأزمة السياسية، وبعض الأطراف الدولية المتدخلة في الأزمة الليبية.
ويعتقد رئيس «التجمع الوطني للمصالحة»، إدريس الجدك، أن أميركا وروسيا من بين الدول التي تعمل على «تنفيذ أجندتها في بلده من خلال أتباع محليين». ويرى في تعليق له على إحاطة تيتيه أن هذه القوى تسعى «لإبقاء الحالة الليبية على ما هي عليه؛ مع إضافة بعض الرتوش التي تظهرهم بأنهم مهتمون جداً بالاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي في ليبيا».
وتتمسك المبعوثة بأن «وجود الإرادة السياسية للتوصل إلى حل وسط أمر بالغ الأهمية، لوضع خريطة طريق توافقية لحل الأزمة السياسية في ليبيا، وإنهاء المرحلة الانتقالية؛ لذا يتوجب دمج الانتخابات ضمن إطار سياسي شامل، يُعزز بناء الدولة من خلال توحيد المؤسسات وتعزيزها».
والتزمت السلطة التنفيذية في طرابلس وبنغازي الصمت حيال الإحاطة الأممية، وهو ما عدّه متابعون تريثاً في التعاطي مع الإحاطة الأممية، التي تحدثت عن نتائج قد تعلنها لجنتها الاستشارية نهاية الشهر الحالي.
وعلى الرغم من خلو إحاطة المبعوثة من الإشارة إلى أفرقاء الأزمة، وما إذا كانوا سبب تعطيل العملية السياسية أم لا، فإنها أوضحت أن «الانقسامات المؤسسية والسياسية التي طال أمدها، إلى جانب الإجراءات الأحادية الضارة، وصراع القلة من ذوي الحظوة على السيطرة على الموارد، تُقيد تطلعات الشعب الليبي واحتياجاته». مشيرة إلى أن «الإفراط في إنفاق موارد ليبيا الهائلة في غياب ميزانية وطنية متفق عليها، قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي إذا لم تتم معالجته بصورة عاجلة»، ومؤكدة أن الليبيين «يواجهون بشكل يومي أزمات متكررة، سواء أكانت اقتصادية أم أمنية أم سياسية».
ولم يتفاعل أي من أفرقاء الأزمة السياسية مع إحاطة المبعوثة الأممية في حينها، التي أشارت فيها إلى «استمرار التحشيد العسكري، والتنافس العدائي على السيطرة الإقليمية، خصوصاً بين المجموعات المسلحة في المنطقة الغربية». وقالت إن «التحشيدات المسلحة الأخيرة في طرابلس ومحيطها جددت المخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف في العاصمة». وأوضحت أن «ما يجري في جنوب ليبيا من إعادة هيكلة قوات (الجيش الوطني)، وترسيخ سيطرتها هناك، يؤدي إلى تأجيج التوترات مع الأطراف المحلية؛ وقد أسفر ذلك عن قتال عنيف وخسائر في الأرواح في مدينة القطرون»، ورأت أن الوضع «سيظل هشاً إلى أن تتوفر إرادة سياسية لتوحيد القوات الأمنية والعسكرية في إطار رؤية مشتركة».
ودعمت أطراف إقليمية ودولية إحاطة تيتيه، حيث جددت مصر عبر مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير أسامة عبد الخالق، مواصلة دعم بلده للدور «البنّاء» للبعثة الأممية في ليبيا.
وكان عبد الخالق التقى تيتيه عقب إلقاء إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، وقالت المندوبية إن الجانبين «تبادلا الرؤى حول التطورات الأخيرة، والمساعي الرامية لدعم عملية سياسية يقودها ويمتلكها الليبيون».
وكانت المبعوثة قد شددت على أن دعم الشركاء الإقليميين والدوليين «أمر بالغ الأهمية لنجاح أي اتفاق سياسي»، وتحدثت عما أجرته في مارس (آذار) من زيارات إلى الجزائر ومصر وتونس وتركيا لتسليط الضوء على «جهود البعثة في تعزيز عملها السياسي، ولشرح آخر المستجدات حول تقدم عمل اللجنة الاستشارية».
كما شددت على «مخاطر استمرار الوضع الراهن على وحدة ليبيا واستقرارها الإقليمي»، ورحبت بالتقييمات والآراء حول كيفية تجاوز المأزق السياسي.
يأتي ذلك فيما تقول البعثة الأممية إنها تعكف على دعم عمل اللجنة الاستشارية لوضع خيارات لمعالجة القضايا الانتخابية الخلافية.
وسبق أن عقدت اللجنة جلسات في بنغازي وطرابلس، بما في ذلك جلسات مع لجنة (6+6)، والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، لمناقشة التحديات المتعلقة بإجراء الانتخابات العامة.
وأعلنت تيتيه أن اللجنة الاستشارية بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مداولاتها، ومن المتوقع أن تقدم تقريرها الذي يقترح خيارات للمضي قدماً بحلول نهاية أبريل (نسيان) الحالي؛ «ما لم يحدث أي تأخير».
في شأن مختلف، قالت بلدية الأصابعة إن 5 منازل نشبت فيها «الحرائق الغامضة»، مشيرة إلى تعرض 4 مواطنين للاختناق من تأثير تصاعد الأدخنة، تم نقلهم إلى المستشفى بعد تقديم الإسعافات الأولية لهم.
وأوضحت البلدية، اليوم الجمعة، أن فرق السلامة الوطنية بالبلدية تباشر عمليات الإطفاء والإنقاذ في ظل استمرار الحرائق، التي ما زالت تندلع في مناطق متفرقة من المدينة.
وأشارت البلدية إلى أن فريق خبراء التقديرات المالية المكلف من جهاز المباحث الجنائية يواصل لليوم الثاني على التوالي أعمال الكشف والتقييم. كما أكدت لجنة الطوارئ ببلدية الأصابعة متابعتها «الدقيقة للمستجدات»، مثمنة جهود الجهات العاملة في الميدان كافة، ودعت المواطنين الالتزام بتعليمات فرق السلامة، والإبلاغ الفوري عن أي طارئ.