لماذا تتكرر الأحاديث الإسرائيلية بشأن تهريب أسلحة من مصر؟

تل أبيب أعلنت إسقاط مسيرة تحمل وسائل قتالية

منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
TT

لماذا تتكرر الأحاديث الإسرائيلية بشأن تهريب أسلحة من مصر؟

منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

في تكرار لأحاديث إسرائيلية بشأن تهريب أسلحة من مصر، أعلنت تل أبيب «إسقاط مسيرة تحمل وسائل قتالية»، قالت إنها كانت قادمة من الأراضي المصرية، ما عدّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» انعكاساً لحالة «التوتر» المستمرة منذ شهور بين البلدين، ومحاولة للضغط على القاهرة و«تشويه» دورها بوصفها وسيطاً في مفاوضات «هدنة غزة»، بسبب رفضها القاطع لمخطط «تهجير الفلسطينيين» من القطاع.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، في بيان، مساء الثلاثاء، إن الجيش رصد طائرة مسيّرة حاولت تهريب أسلحة من الأراضي المصرية إلى داخل إسرائيل في منطقة عمل لواء فاران.

وأضاف، في البيان الذي نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه «تم إسقاط الطائرة المسيّرة من قبل قوات الجيش. وعند وصول قوات الأمن إلى الموقع، عثر على الطائرة وأربعة أسلحة وذخيرة»، مشيراً إلى «تسليم الأسلحة المصادرة إلى شرطة إسرائيل لمتابعة المعالجة».

وهذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها إسرائيل عن مسيرات قادمة من الأراضي المصرية، ففي فبراير (شباط) الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «أسقط طائرة مسيّرة كانت تعبر من مصر إلى داخل الأراضي الإسرائيلية». كما تحدث في وقت سابق عن تنفيذ غارات جوية في قطاع غزة، قال إنها «لاسترجاع مسيرات عبرت إلى الأراضي الفلسطينية».

وأشار الجيش الإسرائيلي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى أنه «أسقط مسيرة كانت تهرب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل».

ولم تعلق مصر رسمياً على إعلان الجيش الإسرائيلي «إسقاط مسيرة تحمل أسلحة وذخيرة»، لكن الخبير العسكري المصري، سمير فرج، نفى «بشكل قاطع» استخدام الأراضي المصرية لتهريب أسلحة للداخل الإسرائيلي، مؤكداً أن «القاهرة تؤمن حدودها بشكل جيد».

وعدّ فرج الأحاديث الإسرائيلية عن تهريب أسلحة من مصر «محاولة لتبرير استمرار تعبئة الجيش الإسرائيلي ومواصلة الحرب على غزة، في ظل اضطرابات وحالة غضب في الداخل الإسرائيلي للمطالبة بإيقاف الحرب».

وشهدت الأيام الأخيرة احتجاجات من مئات الجنود الإسرائيليين، الحاليين والسابقين، للمطالبة بوقف الحرب وإعطاء الأولوية لإطلاق سراح الرهائن، بدأت برسالة وقَّعها طيارون في التاسع من أبريل (نيسان) الحالي، تطالب بإعادة المحتجزين من دون تأخير حتى لو كان الثمن وقف الحرب. ودعّم رسائل الاحتجاج جنود في الجيش وعدد من الفنانين والمثقفين وغيرهم.

فلسطينيون خلال تجمعهم في وقت سابق بموقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رخا أحمد حسن، قال إنه «في إطار سياسة (الحرب الهجين) التي تتبعها إسرائيل، التي تتضمن ممارسات عسكرية ونفسية وإعلامية، فإن تل أبيب عادة ما تلجأ لترويج اتهامات للتأثير في الأطراف الأخرى»، مؤكداً «عدم صحة التصريحات الإسرائيلية بشأن تهريب أسلحة من مصر».

وأضاف أن «تكرار هذه التصريحات يأتي في سياق الضغوط الداخلية في إسرائيل؛ اقتصادياً وعسكرياً، إضافة إلى حالة التوتر في العلاقات مع الجانب المصري»، موضحاً أن «تل أبيب غير راضية عن موقف مصر الرافض للتهجير وقيادتها تحركات دبلوماسية وسياسية لحشد دعم دولي لإعمار غزة دون تهجير، لذلك تحاول تشتيت الانتباه بأحاديث متعددة عن القاهرة ودورها»، ودلل على ذلك بما أثارته وسائل إعلامية إسرائيلية أخيراً بشأن تسليح الجيش المصري.

وتداولت وسائل الإعلام العبرية، أخيراً، تقارير بشأن «التسليح المصري في سيناء»، متحدثة عن «حشد عسكري مصري غير مسبوق بالقرب من الحدود»، عدّته «انتهاكاً لاتفاق السلام بين البلدين لعام 1979».

ويرى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، أن حديث تل أبيب عن تهريب سلاح من مصر هو «انعكاس لحالة التوتر في العلاقات مع القاهرة»، متسائلاً عن سبب لجوء تل أبيب لإعلان إسقاط المسيرة رسمياً في ظل «وجود قنوات لمناقشة أي اختراقات للحدود من خلال لجان التنسيق الأمني المشترك بين البلدين».

وقال عكاشة إن «الإعلان الإسرائيلي يأتي في سياق الضغط على مصر، ومحاولة تشويه دورها في الوساطة، إضافة إلى تقديم ذرائع للداخل الإسرائيلي لمواجهة الاحتجاجات بسبب عدم قدرتها على حسم الحرب حتى الآن».

صورة تم التقاطها في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

وتشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً منذ بدء الحرب في غزة، بدأت ملامحه في البداية باتهامات متبادلة بالمسؤولية عن إغلاق معبر رفح، وتصاعدت حدة التوتر تباعاً، لا سيما مع حديث عن انتهاك تل أبيب لمعاهدة السلام بالوجود في «محور فيلادلفيا»، واتهامات من جانب تل أبيب للقاهرة بخرق المعاهدة عبر «تحديث البنية العسكرية في سيناء».

وسبق وأشارت إسرائيل إلى تهريب السلاح إلى قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية مع مصر، وهو ما نفته مصر مراراً. وقال رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات»، ضياء رشوان، في يناير (كانون الثاني) 2024، إن «مصر عانت كثيراً من الأنفاق خلال المواجهة الشرسة مع المجموعات (الإرهابية) في سيناء عقب الإطاحة بنظام (الإخوان) في يونيو (حزيران) 2013 وحتى 2020».

وأضاف: «تم عمل منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات من مدينة رفح المصرية وحتى الحدود مع غزة، وتدمير أكثر من 1500 نفق، وتقوية الجدار الحدودي مع القطاع الممتد لـ14 كيلومتراً، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أخرى تحتها». وأوضح: «أصبح هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب».


مقالات ذات صلة

الهجمات الإسرائيلية ــ الإيرانية تؤجل مؤتمر «حل الدولتين»

شؤون إقليمية  ماكرون في طريقه الى المؤتمر الصحافي في قصر الأليزيه يوم الجمعة حيث أعلن عن تأجيل مؤتمر حل الدولتين (رويترز)

الهجمات الإسرائيلية ــ الإيرانية تؤجل مؤتمر «حل الدولتين»

حرب إسرائيل - إيران تدفع إلى تأجيل مؤتمر حل الدولتين وماكرون يعد بإعادة جدولته في أقرب وقت وباريس تعول على إطلاق «دينامية سياسية» واعتراف جماعي بدولة فلسطين

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية نازحون فلسطينيون يستلمون مساعدات إنسانية من مؤسسة تدعمها الولايات المتحدة في رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

التصعيد الإسرائيلي - الإيراني يُجمد جهود عقد هدنة في غزة

توارت الأحاديث عن محادثات إبرام هدنة في قطاع غزة التي كانت متوهجة قبل أيام، مع تصاعد الضربات الإسرائيلية على إيران وتبادل طهران الرد معها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي امرأة تبكي أثناء حضورها جنازة فلسطينيين قُتلوا بنيران إسرائيلية في مستشفى «الشفاء» بغزة (رويترز) play-circle

معظمهم قرب موقع توزيع مساعدات... إسرائيل تقتل 23 شخصاً في غزة

قالت السلطات الصحية في غزة إن النيران والغارات الجوية الإسرائيلية قتلت ما لا يقل عن 23 فلسطينياً في أنحاء القطاع معظمهم بالقرب من موقع لتوزيع المساعدات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري أطفال فلسطينيون ينتظرون الطعام عند نقطة توزيع في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: إلى أي مدى تؤثر الضربات الإسرائيلية لإيران على المحادثات؟

ضربة إسرائيلية مفاجئة لإيران، جاءت بعد أيام من حديث واشنطن عن أن طهران جزء من مفاوضات قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن (ا.ف.ب)

«الأمم المتحدة» تدعو للضغط على إسرائيل لوقف النار في غزة

صوتت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، الخميس، بأغلبية ساحقة لصالح المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن، وتوفير الغذاء لجميع الفلسطينيين. 

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

أجسام مضيئة في سماء مصر تُثير تساؤلات

أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
TT

أجسام مضيئة في سماء مصر تُثير تساؤلات

أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)
أشكال مضيئة في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)

أثار ظهور أشكال مضيئة في سماء مصر صباح السبت تساؤلات عدة بشأن مصدرها وأسبابها. ورجح مسؤولون ومتخصصون لـ«الشرق الأوسط» أنها «نتيجة القصف الصاروخي المتبادل بين إيران وإسرائيل وكذلك اعتراض الدفاعات الجوية خصوصاً في إسرائيل للصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها عليها إيران».

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تغريدات، مصحوبة بصور ومقاطع فيديو، توثق أشكال مضيئة أشبه بانفجارات الصواريخ وفي الوقت الذي عبر البعض عن تعجبه من الأمر وتساءلوا عن أسبابه، فهناك من ربطه بحالة القصف الصاروخي المتبادل حالياً بين إسرائيل وإيران، ولكن آخرين تحدثوا عن أن تلك الأشكال نتيجة لقيام القوات المسلحة المصرية بإطلاق ما وصفوه بقنابل ضوئية وتفعيل أجهزة الإنذار المبكر لرصد أي مسيّرات تخترق المجال الجوي المصري.

ولكن مصدراً مصرياً مسؤولاً قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا كلام غير صحيح»، مؤكداً أن «أجهزة الرصد لدينا تعمل على مدار الساعة وعمليات الرصد والاستكشاف تعمل تكنولوجياً ولا يصدر عنها انفجارات أو أضواء أو أدخنة، لدينا منظومات دفاع جوي ومراقبة معقدة ومتطورة وآليات للقيادة والسيطرة».

خبراء رجحوا أن تكون هذه الأجسام ناتجة عن اعتراض إسرائيل صواريخ إيران (صفحة بني سويف على فيسبوك)

وشدد المصدر على أنه «لم يحدث أي اختراق للمجال الجوي المصري خلال القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران» مرجحاً أن «الأشكال التي رآها البعض في مصر غالباً ناتجة عن تفاعل غازات الصواريخ الباليستية التي تتحول إلى نيتروجين مثلما يحدث مع عادم الطائرات النفاثة، وهذه الصواريخ مقصوفة شرقاً نحو إسرائيل وبعد ذلك تحولت عوادمها غرباً مع الهواء لذلك تمكن البعض من رؤيتها بمصر لأن إسرائيل مجاورة».

تفسير ظهور هذه الأشكال شهد تبايناً (الشرق الأوسط)

فيما رجح عدد من المغردين أن تكون تلك الأشكال التي ظهرت في السماء نتيجة عمليات تقوم بها أجهزة الرصد الإشعاعي بمصر لكشف أي تسرب إشعاعي بعد الإعلان عن ضرب منشآت نووية في إيران.

لكن نائب رئيس هيئة الطاقة النووية بمصر سابقاً، الدكتور علي عبد النبي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «محطات الرصد البيئي والنووي موزعة في جميع ربوع مصر وعلى حدودها وتعمل بشكل دائم ولا تحتاج لوجود حرب أو قصف لتعمل، كما أن هناك أجهزة رصد إشعاعي في قناة السويس وفي المطارات والمواني لكشف أي شحنات مشعة»، مشيراً إلى أن «المنشآت التي تم ضربها في إيران في الغالب كان مستخدماً فيها مادة سادس فلوريد اليورانيوم UF6 وهي تستخدم لتخصيب اليورانيوم وغير مشعة على نطاق واسع، ولكنها لو تسربت تؤدي لتسمم في الجو والأرض على نطاق قصير لأنها مادة ثقيلة».

تساؤلات بشأن ظهورها فجر السبت في سماء مصر (صفحة بني سويف على فيسبوك)

ورجح عبد النبي أن «تكون الأشكال المضيئة التي ظهرت في مصر نتيجة اختراق صواريخ أو أجسام للطبقات العليا من الغلاف الجوي مما أدى لانفجارات مضيئة وتظهر ثابتة أمام أعيننا لأنها على ارتفاعات كبيرة جداً».

وأكد كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقاً، الدكتور يسري أبو شادي، عدم وجود تسرب إشعاعي مؤثر يصل إلى مصر ولا حتى دول الخليج. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ما ظهر في سماء مصر من أجسام مضيئة يمكن أن يكون احتياطات من الجيش لكشف أي احتمال لأخطاء في المقذوفات الطائرة بسبب الحرب الحالية».

وكانت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمصر قد أصدرت بياناً السبت، جاء فيه أنه «في ضوء التطورات الجارية في المنطقة تود هيئة الرقابة النووية والإشعاعية أن تطمئن السادة المواطنين أنه لا يوجد مؤشرات على أي تغير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل جمهورية مصر العربية».

جانب من الأشكال المضيئة شرق مصر (الشرق الأوسط)

وأوضحت الهيئة أنها «تتابع على مدار الساعة التطورات المتعلقة بوضع المنشآت النووية بالمحيط الإقليمي وفقاً لتطورات الأحداث الجارية، وذلك من خلال المتابعة المستمرة للتقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتنسيق الدائم مع الجهات الوطنية المعنية، ومتابعة الخلفية الإشعاعية من خلال منظومة الرصد الإشعاعي والإنذار والإبلاغ المبكر بالهيئة، التي تستخدم أحدث أجهزة الرصد الإشعاعي المنتشرة في أنحاء الجمهورية كافة».

وأهابت الهيئة بالمواطنين في مصر الاعتماد فقط على البيانات الرسمية الصادرة كمصدر موثوق للمعلومات في هذا الشأن، وفق البيان.

وأكد مسؤولون بمعهد البحوث الفلكية، وهيئة الاستشعار عن بُعد، وهيئة الأرصاد الجوية بمصر، لـ«الشرق الأوسط» عدم رصد أي ظواهر في مجال تخصصاتهم سببت تلك الأشكال المضيئة في السماء.

فيما قال عالم الفضاء المصري عصام حجي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الواضح أنها آثار اعتراض صواريخ وطائرات مسيّرة من منظومة دفاع جوي». موضحاً أن «الخطوط الرفيعة في تلك الأشكال هي المسار للصاروخ الاعتراضي والسحابة الكبيرة هي الانفجار للجسم المستهدف في الغالب لمسيّرات».