«سد النهضة»: هل إثيوبيا في حاجة إلى «ملء سادس»؟

تزامناً مع إعلان آبي أحمد عن قرب تدشين المشروع

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
TT

«سد النهضة»: هل إثيوبيا في حاجة إلى «ملء سادس»؟

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

رغم إعلان إثيوبيا اقتراب التدشين الرسمي لمشروع «سد النهضة»، الخلافي مع مصر والسودان، فإن تساؤلات أُثيرت بشأن مدى احتياج أديس أبابا إلى «ملء سادس»، خصوصاً مع ما يتردد عن «عدم اكتمال تركيب توربينات توليد الكهرباء من (السد)».

وعقب تأكيد رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أخيراً، عن «اكتمال بناء وملء السد بنسبة 74 مليار متر مكعب»، تحدث خبراء عن أن «السعة التخزينية للسد لم تكتمل، بعد وصول نسبة المياه إلى 60 مليار متر مكعب»، وأشاروا إلى أن «أديس أبابا أمام خيارين، إما الاكتفاء بحجم التخزين الحالي، أو اللجوء إلى (الملء المتكرر)، أو زيادة إنشاءات السد لتخزين كميات أخرى من المياه».

وهناك خلاف بين مصر وإثيوبيا حول مشروع «سد النهضة»، الذي أقامته أديس أبابا على رافد نهر النيل الرئيسي، وتطالب دولتا المصب (مصر والسودان) باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «ملء وتشغيل السد». ويشار إلى أن مسار التفاوض بين الدول الثلاثة توقف بعد جولات مختلفة على مدار 13 عاماً نتيجة لعدم الوصول لاتفاق.

وبدأت إثيوبيا في عمليات ملء بحيرة «السد» منذ عام 2020، وأجرت «الملء الخامس»، العام الماضي، خلال مواسم الأمطار التي تبدأ من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، وسط اعتراضات مصرية - سودانية، بعدّها «تصرفاً أحادياً، يؤثر على الأمن المائي للبلدين».

وقال آبي أحمد إنه «سيتم افتتاح (سد النهضة) خلال الستة أشهر المقبلة، مع مطلع العام الإثيوبي»، الذي يوافق سبتمبر (أيلول) المقبل، وأشار في كلمته أمام برلمان بلاده الخميس الماضي إلى «انتهاء عملية إنشاء وملء بحيرة السد بشكل كامل، مع وصول السعة التخزينية للمياه إلى 74 مليار متر مكعب».

ووفق رأي الكاتب الصحافي والمحلل السياسي الإثيوبي، أنور إبراهيم، فإن الإعلان الإثيوبي عن اكتمال ملء بحيرة «السد» يُرجح أن أديس أبابا «لا تحتاج إلى (ملء سادس) مع موسم الأمطار المقبلة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أديس أبابا قد تلجأ فقط لتخزين كميات إضافية من المياه، حال قيامها برفع المستوى الإنشائي للسد».

وعدّ إبراهيم أن «مشروع (السد) بات حقيقة واقعة، ولم يتبق أمام الحكومة الإثيوبية سوى الانتهاء من جوانب فنية لتركيب باقي توربينات السد، لبدء عملية إنتاج الكهرباء»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا أجرت أخيراً مشاورات مع كينيا لتصدير نحو 200 ميغاواط، من الكهرباء المنتجة من السد».

جولة مفاوضات سابقة بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» (الري المصرية)

غير أن خبراء مياه مصريين شككوا في اكتمال سعة التخزين ببحيرة «السد» إلى 74 مليار متر مكعب، وقال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، إن «أقصى سعة تخزينية لمبنى (السد) الحالي وصلت إلى 60 مليار متر مكعب»، معتبراً أن أديس أبابا «لا تستطيع تخزين كميات أخرى من المياه، نتيجة لبناء الممر الأوسط للسد بانخفاض نحو 5 أمتار عن باقي مبنى (السد)».

ونشر شراقي، الثلاثاء، صوراً حديثةً لمبنى «السد»، وحجم تخزين المياه، منسوبة إلى وكالة «سنتينال 2»، المتخصصة بمراقبة الأرض والمياه بالأقمار الاصطناعية، تُظهر حجم تخزين المياه في بحيرة «السد».

وقد لا تضطر أديس أبابا إلى «ملء سادس» حال الاكتفاء بالوضع الإنشائي لـ«السد» عند السعة الحالية، حسب شراقي، الذي أوضح أن «إثيوبيا ستلجأ إلى تفريع نحو 20 مليار متر مكعب، قبل موسم الأمطار المقبل، بالتالي ستقوم بعمليات (الملء المتكرر)، لتعويض كميات المياه التي تم تفريغها فقط، بما لا يؤثر على حصتي مصر والسودان».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه «في حالة قيام الحكومة الإثيوبية برفع المستوى الإنشائي للممر الأوسط للسد، ستضطر لزيادة حجم تخزين المياه عبر مرحلة جديدة من الملء».

رئيس الوزراء أمام برلمان بلاده أخيراً (مجلس الوزراء الإثيوبي)

خبير المياه المصري، ضياء القوصي، أشار إلى أن «نسبة المياه ببحيرة السد حالياً لا تتجاوز 60 مليار متر مكعب»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أديس أبابا لا يمكنها إضافة مرحلة جديدة من عمليات الملء (أي ملء سادس) نظراً للقدرة الاستيعابية والفنية للسد حالياً».

ويعتقد القوصي أن «السد الإثيوبي ما زال يواجه تحديات عديدة لاكتماله وتدشينه»، ودلل على ذلك بـ«عدم تركيب سوى 4 توربينات لتوليد الكهرباء، من إجمالي 13 توربيناً». وعدّ عدم توافر بيانات دقيقة عن «السد» وتشغيله «يثير كثيراً من علامات الاستفهام، خصوصاً لدى دولتي المصب، ويفرض اتخاذ إجراءات حازمة من القاهرة، للوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن عمليات التشغيل».

عودة إلى أنور إبراهيم الذي يرى أن «هناك اتجاهاً لطي الخلاف بين إثيوبيا ودولتي المصب بشأن نزاع (السد)»، مرجحاً «عودة جولات التفاوض مرة أخرى، بعد دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي للحوار مع القاهرة، بشأن مشروع (السد) لدفع أطر التعاون»، منوهاً بأن «أديس أبابا أوفت بوعدها حتى الآن بعدم تأثر حصتي مصر والسودان المائية، أثناء ملء السد».

ودعا رئيس الوزراء الإثيوبي، أخيراً، إلى «الحوار والتعاون مع مصر والسودان، بدلاً من الخلافات»، وعدّ مشروع السد «لم يؤثر على تدفق المياه إليهما».

غير أن شراقي يعتقد أن عودة مسار التفاوض مرة أخرى «تحتاج إلى طرف دولي لديه القدرة على التأثير للوصول لاتفاق بين الدول الثلاثة حول (السد)»، مشيراً إلى أن «إثيوبيا مستفيدة من جمود مسار التفاوض بمواصلة عمليات إنشاء السد، بشكل منفرد».


مقالات ذات صلة

مدرب مصر: إمام عاشور يجب أن يعتذر!

رياضة عربية حسام حسن (أ.ب)

مدرب مصر: إمام عاشور يجب أن يعتذر!

أشاد حسام حسن مدرب منتخب مصر لكرة القدم بجهود لاعبيه مؤكدا رضاه التام عن الأداء في الفوز 1-صفر على سيراليون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
رياضة عربية هدف عالمي على طريقة «رابونا» (مقطع فيديو متداول)

مصر: الدورات الرمضانية تكشف عن «مواهب مدفونة»

هدف عالمي على طريقة «رابونا» وفرحة جنونية من اللاعبين والجماهير... مشهد جاء بعيداً عن أضواء المستطيلات الخضراء الشهيرة، وكاميرات القنوات الرياضية ومتابعيها.

محمد عجم (القاهرة )
المشرق العربي فلسطينيون فارُّون من القصف الإسرائيلي يقودون مركبات تحمل أمتعتهم في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

إسبانيا ترحب بالخطة العربية لإعادة إعمار غزة

كشف متحدث باسم الرئاسة المصرية، اليوم، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، بحثا خلاله الأوضاع الإقليمية.

«الشرق الأوسط» ( القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الداخلية في مصر (صفحة الوزارة على «فيسبوك»)

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بـ«نشر شائعات» عن إضراب في السجون

أكد مصدر أمني مصري، في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «كافة (مراكز الإصلاح والتأهيل) تتوافر بها جميع الإمكانيات المعيشية والصحية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا صورة ملتقطة في 18 سبتمبر 2024 في القاهرة تظهر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يبحث مع ويتكوف تثبيت وقف النار في غزة

بحث وزير الخارجية المصري، الاثنين، في اتصال هاتفي مع المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف التطورات في قطاع غزة وجهود تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يتهمون واشنطن بشن غارتين على صعدة

يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى  لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يتهمون واشنطن بشن غارتين على صعدة

يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى  لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)

أعلنت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين، الثلاثاء، أن غارات جديدة نسبتها إلى الولايات المتحدة استهدفت محافظة صعدة معقل الحركة.

وأفاد مراسل القناة في المنطقة بـ«عدوان أميركي بغارتين على مديرية سحار».

ومنذ 15 مارس (آذار)، تشنّ الولايات المتحدة ضربات جوية كثيفة ضدّ الحوثيين الذين قالوا إنهم ردّوا باستهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر مرات عدة.

وفي ذاك اليوم، وجّهت الولايات المتحدة ضربات جويّة عدّة قالت إنها أودت بحياة مسؤولين كبار في الحركة التي أعلنت من جهتها مقتل 53 شخصاً جرّاء الغارات الأميركية.

ومذاك، تشهد المناطق التي تسيطر عليها الجماعة في اليمن غارات أميركية بوتيرة شبه يومية.

وتوعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي بالقضاء على الحركة المدعومة من إيران، محذّراً طهران من استمرار تقديم الدعم لها.

وعقب اندلاع الحرب في غزة إثر الهجوم غير المسبوق لحركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنّ المتمرّدون الحوثيون عشرات الهجمات الصاروخية على إسرائيل وفي البحر الأحمر، حيث استهدفوا سفناً اتهموها بأنها على ارتباط بالدولة العبرية؛ وذلك دعماً للفلسطينيين، على حدّ قولهم.

وهم أوقفوا هجماتهم على إسرائيل والبحر الأحمر مع بدء سريان الهدنة في غزة في 19 يناير (كانون الثاني) 2025، لكنهم استأنفوها مع خرق الدولة العبرية للهدنة وتوعدوا بتكثيفها ما دام استمرّ القصف على القطاع.

وارتباطاً بالموضوع توعد الحوثيون في اليمن، بمواصلة عملياتها الهجومية إسناداً لغزة في مواجهة إسرائيل مهما كانت التبعات.

وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط في خطاب تابعته وكالة الأنباء الألمانية: «موقفنا واضح وثابت في مساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولن يتغير حتى وقف العدوان، ورفع الحصار مهما كانت التبعات ومهما كانت النتائج، ولدينا من الخيارات ما يدفع عن بلدنا تجاوز أي متغطرس، وسنعلن عنها عند اللزوم».

وشدد المسؤول الحوثي قائلاً: «لن يثنينا العدوان الأميركي بكل أشكاله، عن الاستمرار في تلك المساندة التي كشفت عن صوابية موقفنا، وحقيقة التوحش والإجرام الأميركي، وتسقط كل ادعاءات وشعارات الحرية والحقوق عن هذا العدو أمام العالم وأمام أبناء شعبنا».

وأردف: «شرفنا الله في هذه الليالي الرمضانية، بالاستمرار بمشاركة إخواننا في فلسطين بقيادة غزة الإسلام والعروبة جهادهم العظيم وتضحياتهم العزيزة التي يقدمونها بسخاء في سبيل الله ودفاعاً عن شرف الأمة المهدور، ومقدساتها وحقوقها المغتصبة، وخوض البحر في وجه فرعون العصر أميركا».

ومضى قائلاً: «شعب الإيمان والحكمة لن يتأثر ولن يتراجع، بقدر ما يزيده العدوان الأميركي إصراراً على الصمود، واستمراراً في المساندة والنصرة».

ومنذ أيام يشن الحوثيون ضربات صاروخية ضد مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر، عقب فشل الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»؛ «مساندة ودعماً لغزة»، على حد وصف الجماعة المتحالفة مع إيران.