«مزاعم» نقل فلسطينيين إلى سيناء... «جس نبض» إسرائيلي يلقى رفضاً مصرياً

القاهرة أكدت موقفها الثابت بشأن «التهجير» وتمسكها بـ«خطة الإعمار»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

«مزاعم» نقل فلسطينيين إلى سيناء... «جس نبض» إسرائيلي يلقى رفضاً مصرياً

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

نفت مصر بشكل قاطع «مزاعم» روّج لها إعلام إسرائيلي بشأن نقل نصف مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى محافظة شمال سيناء شرق البلاد المتاخمة للحدود مع غزة، مؤكدة تمسكها بـ«خطة إعمار القطاع».

هذه المزاعم يراها مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، اللواء سمير فرج، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «تغطية على الأزمات الإسرائيلية وجس نبض للقاهرة»، مشدداً على أن «مصر مصممة على تنفيذ خطة الإعمار، وتلك المحاولات لن تثنيها عن استمرارها وجلب الدعم الدولي للخطة».

ووفقاً لبيان الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، الجمعة، نفت مصر بصورة قاطعة وتامة (المزاعم) التي تداولتها بعض وسائل الإعلام، بأنها «مستعدة لنقل نصف مليون مقيم من غزة بشكل مؤقت إلى مدينة مخصصة في شمال سيناء بوصفه جزءاً من إعادة إعمار قطاع غزة».

وأكدت الهيئة «كذب تلك الادعاءات الباطلة التي تتنافى جذرياً وكلياً مع موقف مصر الثابت والمبدئي الذي أعلنته منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

وشددت هيئة الاستعلامات على موقف مصر و«الرفض القاطع والنهائي لأي محاولة لتهجير الأشقاء الفلسطينيين من غزة، قسراً أو طوعاً، لأي مكان خارجها، وخصوصاً إلى مصر، لما يمثله هذا من تصفية للقضية الفلسطينية وخطر داهم على الأمن القومي المصري».

عائلات فلسطينية تغادر الجانب الشرقي من قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل عقب غارات جوية في وقت سابق (أ.ف.ب)

التمسك بهذا الموقف المصري الثابت والواضح، وفق البيان، هو الذي قامت عليه ومن أجله الخطة التي قدمتها مصر في «قمة القاهرة العربية الطارئة» الأخيرة لإعادة إعمار قطاع غزة، دون مغادرة شقيق فلسطيني واحد غزة، والتي وافقت عليها القمة بالإجماع.

وكان موقع «آي 24 نيوز» الإسرائيلي، نقل الجمعة، عن تقرير قال إنه لصحيفة «الأخبار اللبنانية»، يزعم حدوث مناقشات جرت بشأن استقبال مصر نصف مليون غزي في شمال سيناء، وبالعودة للصحيفة التي أشار لها الموقع الإسرائيلي، تبين أنها «نقلت معلومات عن إعلام عبري دون أن تسنده لمصادر معلنة».

مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، أكد أن مصر قالت «لا للتهجير منذ اللحظة الأولى لحرب غزة، ومصممة على ذلك، ولن تتراجع، ومستمرة في التمهيد لتنفيذ خطة إعمار القطاع»، لافتاً إلى أن «هذه (المزاعم) مجرد جس نبض وحرب نفسية ومحاولة لنقل الأزمة لمصر».

وشدد على أن تلك «المزاعم» الإسرائيلية تأتي في ظل أزمة داخلية وجهود مصرية متواصلة لإثناء إسرائيل عن الحرب التي استأنفتها والعودة للمفاوضات.

جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ومنذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، واصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب اقتراح «تهجير الفلسطينيين» من قطاع غزة لمصر والأردن، وأن تتولى بلاده السيطرة على القطاع، وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، لكن المقترح قُوبل بانتقادات دولية وعربية واسعة، لا سيما من مصر والأردن، وسط تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في خطاب متلفز سابق، أن «التهجير ظلم لن نشارك فيه».

وفي مواجهة المقترح الأميركي، أعدّت مصر، بالتعاون مع فلسطين ومؤسسات دولية، خطة للتعافي المبكر، وإعادة إعمار قطاع غزة، من خلال إنشاء صندوق ائتماني، اعتمدتها «قمة فلسطين» العربية الطارئة بالقاهرة، في 4 مارس (آذار) الحالي، «خطةً عربيةً جامعةً».

وتعمل مصر على حشد دعم مالي وسياسي لخطة التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة والترويج لها دولياً بعد اعتمادها عربياً وإسلامياً، وفق تصريحات وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أخيراً، بخلاف إعلان ترمب خلال استقباله رئيس الوزراء الآيرلندي، مايكل مارتن، بأنه «لن يُطرد أي فلسطيني من قطاع غزة».

وعن مستقبل الإعمار في ظل تلك التطورات الحالية بغزة، أكد سمير فرج أن خطة مصر لاقت تأييداً عربياً في قمة القاهرة، وكذلك دعماً أوروبياً من أكثر من دولة عبّرت خلالها عن مواقف مناصرة لمصر، وكذلك الإدارة الأميركية تراجعت عن موقفها السلبي تجاهها، متوقعاً إصرار القاهرة على التمسك بتنفيذ الخطة والنجاح في ذلك.


مقالات ذات صلة

«حماس»: مستعدون لهدنة 5 سنوات تشمل إطلاق جميع الرهائن

المشرق العربي أفراد من حركة «حماس» يقومون بتسليم رهائن إسرائيليين في غزة (د.ب.أ) play-circle

«حماس»: مستعدون لهدنة 5 سنوات تشمل إطلاق جميع الرهائن

أعلن مسؤول في «حماس»، اليوم (السبت)، أن الحركة مستعدة لعقد «صفقة» لإنهاء الحرب في قطاع غزة تشمل إطلاق سراح المتبقين جميعاً دفعة واحدة، وهدنة لمدة 5 سنوات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينية تفرّ مع أطفالها من قصف إسرائيلي استهدف مدرسة الفارابي بمدينة غزة (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء ثلاث مناطق في شمال قطاع غزة

دعا الجيش الإسرائيلي سكان ثلاث مناطق في مدينة غزة، شمال القطاع المحاصَر، إلى إخلائها تحسباً لهجوم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري مسعفون فلسطينيون ينقلون جثمان ضحية في غارات إسرائيلية استهدفت شققاً سكنية في مبنى سكني بشارع اليرموك بغزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «مفاوضات غزة»: حراك يزداد نحو «هدنة إنسانية»

خطوة جديدة تضاف لمساعي إحياء «صفقة جديدة» لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع تجدد مشاورات «حماس» بالقاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا فلسطينية خلال وقوفها في وقت سابق بين خيام النازحين بخان يونس (رويترز)

مصر تؤكد استمرار فتح معبر رفح من جانبها لاستقبال جرحى غزة

قال مصدر مسؤول في ميناء رفح البري بمحافظة شمال سيناء، الجمعة، إن «الجانب المصري من معبر رفح لا يزال مفتوحاً لليوم الـ39 على التوالي انتظاراً لوصول المصابين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي عمود من الدخان يتصاعد جراء القصف الإسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

الأمم المتحدة: الهجمات الإسرائيلية على غزة ترقى إلى «جريمة حرب»

حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم (الجمعة) من أن الهجمات الإسرائيلية على الأهداف المدنية في قطاع غزة «غير قانونية وتُشكل جريمة حرب».

«الشرق الأوسط» (غزة)

دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية يثير مخاوف الليبيين

وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية عماد الطرابلسي (مقطع فيديو لمؤتمر صحافي سابق)
وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية عماد الطرابلسي (مقطع فيديو لمؤتمر صحافي سابق)
TT

دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية يثير مخاوف الليبيين

وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية عماد الطرابلسي (مقطع فيديو لمؤتمر صحافي سابق)
وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» الليبية عماد الطرابلسي (مقطع فيديو لمؤتمر صحافي سابق)

فتحت التحقيقات الجارية بشأن دهس سيارة كان يستقلها عنصر بـ«جهاز الدعم المركزي» في العاصمة الليبية، ملف إدماج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفجرت تساؤلات عن مدى تأثير سلوك عناصر تلك التشكيلات على باقي أفراد المؤسسات التي باتت تحتويهم خلال السنوات الماضية.

وسارعت السلطات الأمنية في طرابلس باعتقال سائق السيارة، فيما أمرت النيابة العامة بحبسه احتياطياً على ذمة القضية، لكن الانتقادات الموجهة للتشكيلات المسلحة، والمخاوف من «سلوكياتهم الخطرة» لم تتوقف، خاصة في ظل حوادث سابقة ارتكبها عناصر آخرون، من بينها اتهام رئيس مركز شرطة في مدينة جنزور غرب العاصمة بـ«الاستغلال الجنسي».

الحديث عن دمج الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية بات يثير مخاوف الليبيين (إ.ب.أ)

وجددت تصريحات النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، الأسبوع الماضي هذه المخاوف، بعد تأكيده أنه تبين للنيابة أن «الكثير من العناصر المنضوية في الأجهزة الأمنية صدر بحقها أحكام قضائية».

ويرى عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» بالبرلمان الليبي، على التكبالي، أن حادث الدهس، الذي وقع الأسبوع الماضي، «ينم عن سلوك ميليشياوي فوضوي لا يخشى العقاب»، كما «يثبت أيضاً صحة تحذيرات كثير من السياسيين من تداعيات دمج التشكيلات في المؤسستين الأمنية والعسكرية». وقال بهذا الخصوص: «حتماً سيطغى السلوك الفوضوي المائل للعنف على غيره».

وأضاف التكبالي لـ«الشرق الأوسط» موضحاً أنه «ليس من المنطقي دمج عنصر ميليشياوي اعتاد على إشهار سلاحه عند مواجهة أي مشكلة في أجهزة الشرطة، التي تتعامل مع المواطنين»، لافتاً إلى أن هذه العناصر «تحتاج إلى دورات تدريبية قد تمتد لسنوات لضمان انضباطهم، وعدم تأثر سلوك زملائهم في المؤسسات الأمنية بهم».

ويرى التكبالي أن «غياب العقاب» سبب تكرار مثل هذه الحوادث، وقال إن «قيادات التشكيلات المسلحة كثيراً ما وفرت الحماية لعناصرها عند ارتكابهم أي تجاوز؛ ومع انتقال تلك القيادات للأجهزة الأمنية وتوليهم مناصب عليا بها، تكرر سيناريو الحماية والتغطية والتبرير».

وانتقد البرلماني «صمت النائب العام خلال السنوات الماضية عما ذكره في مؤتمره الأخير من حقائق حول خضوع مراكز الإصلاح للميليشيات؛ وتأكيده على أن الأجهزة التي تضطلع بمهام استيفاء الأدلة باتت خائفة؛ لأن بعض الأطراف الخاضعة أمامها تتمتع بنفوذ أو محسوبة على أجهزة (موازية) أو مجموعات مسلحة».

ووثقت مشاهد «فيديو» متداولة للحادث، الذي اتهم فيه عنصر «بجهاز الدعم المركزي» التابع لحكومة «الوحدة»، بدهس عدد من مشجعي كرة القدم خلال خروجهم من ملعب طرابلس.

النائب العام الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

وألقى وزير الدفاع الليبي الأسبق، محمد البرغثي، بالمسؤولية على «قادة تشكيلات مسلحة، تم تصعيدهم ومنحهم رتباً ومواقع عليا خلال السنوات الأخيرة بتلك الوزارة البالغة الأهمية، دون امتلاكهم المؤهلات والخبرات المطلوبة». وقال البرغثي لـ«الشرق الأوسط» إن مسؤولية القيادة «ينبغي أن تمنح لأصحاب الشهادات العلمية المتخصصة والخبرات المهنية، ممن يمتلكون القدرة على وضع الخطط لتأمين الفعاليات الجماهيرية، كالمباريات والتعامل مع المواطنين».

وبدأت سياسة دمج عناصر التشكيلات المسلحة في مؤسسات الدولة عقب «ثورة 17 فبراير» 2011، ثم توسعت هذه الإجراءات تباعاً بمنح وتكليف قيادات تلك التشكيلات مناصب قيادية في المؤسستين العسكرية والأمنية.

وأشار البرغثي إلى بيان متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، منسوب لبعض قيادات بوزارة الداخلية، تطالب فيه رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، بإقالة وزيره المكلف عماد الطرابلسي، وشقيقه عبد الله، الذي يترأس «جهاز الأمن العام»، وأرجعوا ذلك «لتظلمهم من التهميش، في ظل دأب الوزير وشقيقه منح الرتب والترقيات والمزايا للمقربين منهم»، وهو البيان الذي لم تؤكده أو تنفه الوزارة.

من جانبه، دعا وزير الداخلية الأسبق، عاشور شوايل، إلى «ضرورة الالتزام الدقيق بمعايير الانتساب المتعارف عليها عالمياً بالكليات والمعاهد الشرطية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر لا يتعلق بتجنيد وتخريج دفعات بالمئات والآلاف سنوياً، دون النظر لخلفيتهم التعليمية، ومراجعة صحيفة سوابقهم الجنائية، ومستوى اللياقة البدنية والحالة الصحية».

ليبيون طالبوا الرئيس عبد الحميد الدبيبة بإقالة وزير الداخلية عماد الطرابلسي (الوحدة)

ويعتقد الوزير الأسبق أن أولى خطوات علاج هذه الأوضاع «تبدأ بمراجعة معايير القبول للضباط وضباط الصف، إلى جانب فحص سجلات وأوضاع المقيدين حالياً كعناصر عاملة بالوزارة، من حيث تطبيق كشوف تعاطي المخدرات والخمور، أو وجود أحكام قضائية».

ورغم إدانته لحادث الدهس، يرى شوايل، أن قائد السيارة المسرعة التي ظهرت بمقاطع الفيديو «ليس وحده الملام»، وانتهى إلى أنه «يفترض في تأمين أي فعالية جماهيرية وجود قيادات في المكان، يرجع إليها أي عنصر قبل اتخاذ أي خطوة، لكننا لم نشاهد تلك القيادات».