«الحبس أفضل من قتل الأطفال»... إسرائيليون يختارون السجن على الانضمام للجيش

جنود إسرائيليون يقفون أمام طفلة فلسطينية خلال عملية عسكرية في جنين (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يقفون أمام طفلة فلسطينية خلال عملية عسكرية في جنين (إ.ب.أ)
TT

«الحبس أفضل من قتل الأطفال»... إسرائيليون يختارون السجن على الانضمام للجيش

جنود إسرائيليون يقفون أمام طفلة فلسطينية خلال عملية عسكرية في جنين (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يقفون أمام طفلة فلسطينية خلال عملية عسكرية في جنين (إ.ب.أ)

في تعبير واضح وصريح عن رفضهم الحرب التي تشنها بلادهم على غزة، اختار مراهقون وشباب إسرائيليون دخول السجن بدلاً من الانضمام إلى الجيش.

ويطلق على أولئك المراهقون والشباب اسم «الرافضون». وهو مصطلح يعود تاريخياً إلى الاتحاد السوفياتي السابق، ويشير تحديداً إلى الشباب الذين يرفضون أداء الخدمة العسكرية الإجبارية.

«لا يمكنني ارتداء زيّ يرمز إلى القتل والقمع»

ومن بين أولئك الشباب «الرافضين»، شاب يدعى إيتامار غرينبرغ (18 عاماً)، كان قد حُبس العام الماضي في سجن عسكري وسط إسرائيل لمدة 197 يوماً، بسبب رفضه التجنيد بعد استدعائه للخدمة العسكرية.

وقال غرينبرغ، لشبكة «سي إن إن» الأميركية، إن رفضه للخدمة جاء «تتويجاً لعملية طويلة من التعلم والمحاسبة الأخلاقية للذات».

وأضاف: «كلما ازدادت معرفتي ازداد يقيني بأنه لا يمكنني ارتداء زيّ يرمز إلى القتل والقمع».

وقال: «هناك إبادة جماعية في غزة. لذا لا نحتاج إلى أسباب وجيهة للرفض».

وأسفرت حرب غزة، التي تجددت الأسبوع الماضي عندما استأنفت إسرائيل الغارات الجوية والعمليات البرية في غزة بعد وقف إطلاق نار قصير الأمد، عن مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني خلال 17 شهراً، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.

وأشار غرينبرغ إلى أنه وُصف بأنه «يهودي كاره لذاته، ومعادٍ للسامية، ومؤيد للإرهاب، وخائن» حتى من عائلته وأصدقائه، لافتاً إلى أنه يتلقى تهديدات بـ«الذبح» من أشخاص على حسابه على «إنستغرام».

وتابع: «إذا انضممتُ إلى الجيش فسأكون جزءاً من المشكلة. أنا شخصياً أُفضّل أن أكون جزءاً من الحل».

«أُفضل الحبس على قتل الأطفال»

من جهته، قال شاب آخر يدعى إدو عيلام (18 عاماً)، قضى عقوبة في السجن أيضاً، لرفضه الانضمام إلى الجيش: «أُفضل الحبس على قتل الأطفال».

ووفقاً لـ«يونيسف»، قُتل أكثر من 14 ألف طفل في غزة منذ بداية الحرب.

وهذا الموقف الرافض للانضمام للجيش غير معتاد في إسرائيل، وهي البلد الذي يعد فيه التجنيد الإجباري أمراً حيوياً، ينظر إليه على أنه دليل على الانتماء إلى الأمة.

قوات إسرائيلية في أحد شوارع مدينة جنين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

ففي إسرائيل يعد الجيش أكثر من مجرد مؤسسة. إنه جزء من النسيج الاجتماعي، حيث تتشابك الخدمة العسكرية والهوية اليهودية الإسرائيلية بعمق. ويبدأ ذلك مبكراً؛ فمن المدرسة الابتدائية يُعلَّم الطلاب أنهم «سيكونون يوماً ما الجنود الذين سيحمون بلادهم»، حيث يزور الجنود الفصول الدراسية والمدارس ويشجعون الطلاب صراحةً على التجنيد.

وفي سن السادسة عشرة، يتلقى هؤلاء الأطفال أوامر التجنيد الأولى، التي تبلغ ذروتها بالتجنيد الإجباري في سن الثامنة عشرة.

«الرافضون الرماديون»

ولا تزال أعداد «الرافضين» ضئيلة للغاية. فلم يرفض سوى 12 إسرائيلياً علناً التجنيد لأسباب ضميرية منذ بداية الحرب، وفقاً لمنظمة «ميسارفوت»، التي تدعم هذه المجموعة. لكن هذا العدد أعلى مما كان عليه في السنوات التي سبقت الحرب.

وصرحت «ميسارفوت» لـ«سي إن إن» بأن هناك عدداً أكبر بكثير من «الرافضين الرماديين»، أو الأشخاص الذين يحصلون على إعفاءات بزعم معاناتهم من مشكلات نفسية أو صحية، في حين أنهم يلجأون إلى هذه الحجج للتهرب من التجنيد وتجنب السجن.

وصرحت منظمة «يش غفول»، وهي منظمة أخرى مناهضة للحرب تدعم «الرافضين»، بأنه سنوياً يرفض 20 في المائة من الشباب المطلوبين للخدمة العسكرية التجنيد. وأضافت المنظمة أن هذا العدد يشمل «الرافضين الرماديين».

ولا ينشر الجيش الإسرائيلي أرقاماً رسمية حول رفض التجنيد.

وقالت ليور فوغل (19 عاماً)، إنها لطالما واجهت «مشكلات مع الجيش بوصفه مؤسسة قائمة على العنف والقوة»، ونجحت في إقناع طبيب نفسي بإعفائها من الخدمة بزعم معاناتها من مشكلة نفسية.

من جهته، قال مراهق يبلغ من العمر 16 عاماً، طلب عدم ذكر اسمه، إنه يعلم أنه سيرفض الخدمة العسكرية عندما يحين وقتها، لكنه لا يزال يبحث كيف سيفعل ذلك.

ورغم حصول المراهق على أوراق من طبيب نفسي تفيد بأنه يعاني من مشكلات نفسية تمنعه ​​من الخدمة، فإنه قال إن سبب رفضه ليس صحته النفسية، بل منظوره السياسي.

وأضاف: «إذا كنت سأعلن رفضي بسبب مشكلاتي النفسية، فكأنني أقول للجيش: أنا المشكلة، ولستم أنتم».

وتظاهر الآلاف من الإسرائيليين هذا الأسبوع، ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متهمين إياه باستخدام وسائل مناهضة للديمقراطية بشكل متزايد للبقاء في السلطة، ومنتقدين طريقة تعامله مع أزمة الرهائن.

متظاهرون يطالبون بإطلاق الأسرى في غزة خلال احتجاج أمام مقر بنيامين نتنياهو في القدس يوم الجمعة (رويترز)

وقد تساءل المتظاهرون عمَّا يأمل نتنياهو في تحقيقه من «حملة عسكرية متجددة لم تحقق أي مكاسب منذ بدئها قبل عام ونصف تقريباً، بل إنها تُعرِّض حياة ما يُقدر بـ24 رهينة على قيد الحياة لا يزالون محتجزين في غزة لدى (حماس)، لخطر جسيم».


مقالات ذات صلة

«المنطقة الأمنية» أكثر من 50 % من مساحة غزة

المشرق العربي موقع قصف إسرائيلي على مبنى سكني في حي الشجاعية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«المنطقة الأمنية» أكثر من 50 % من مساحة غزة

أظهرت حسابات أجرتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، مستندة إلى خرائط نشرتها إسرائيل، أن مساحة المنطقة المعنية تبلغ 187 كيلومتراً مربعاً، أي نحو 50 % من مساحة القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة )
تحليل إخباري رد فعل والد طفلة فلسطينية خلال جنازتها بالمستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: ما خيارات الوسطاء لتجاوز التعثر؟

أزمة جديدة تواجه استئناف اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، عقب تمسك «حماس» بأولوية إبرام صفقة شاملة تنهي الحرب

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون على أنقاض المباني المدمرة بسبب الحرب في وسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle

24 قتيلاً بغارات إسرائيلية في غزة بعد رفض «حماس» مقترح هدنة

أعلن الدفاع المدني الفلسطيني، الجمعة، مقتل 24 شخصاً في غارات إسرائيلية جديدة على غزة، غداة رفض «حماس» مقترحاً إسرائيلياً بشأن هدنة، ودعوتها إلى وقف نهائي للحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مصافحة بين الرئيسين الشرع وعباس في قصر الشعب بدمشق الجمعة (إ.ب.أ)

وصول وفد من الكونغرس الأميركي لرؤية «سوريا الجديدة»

استقبل الرئيس السوري، أحمد الشرع، اليوم (الجمعة)، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في زيارته الأولى لدمشق منذ 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقعاً في شمال غزة قصفته إسرائيل يوم 18 أبريل 2025 (رويترز) play-circle

«حماس» تقترح «الرزمة الشاملة» في غزة... إطلاق جميع الرهائن مقابل وقف الحرب

باتت حركة «حماس» تعوّل على خيار الصفقة الشاملة من خلال «رزمة شاملة» للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد فشل كل الجهود في تقريب وجهات النظر.

«الشرق الأوسط» (غزة)

عضوان بالكونغرس يقومان بأول زيارة لمشرعين أميركيين لسوريا منذ الإطاحة بالأسد

عضوا الكونغرس الأميركي كوري ميلز ومارلين ستوتزمان يلتقيان بقيادات دينية مسيحية في دمشق (رويترز)
عضوا الكونغرس الأميركي كوري ميلز ومارلين ستوتزمان يلتقيان بقيادات دينية مسيحية في دمشق (رويترز)
TT

عضوان بالكونغرس يقومان بأول زيارة لمشرعين أميركيين لسوريا منذ الإطاحة بالأسد

عضوا الكونغرس الأميركي كوري ميلز ومارلين ستوتزمان يلتقيان بقيادات دينية مسيحية في دمشق (رويترز)
عضوا الكونغرس الأميركي كوري ميلز ومارلين ستوتزمان يلتقيان بقيادات دينية مسيحية في دمشق (رويترز)

وصل عضوان بالكونغرس الأميركي إلى دمشق، الجمعة، للاجتماع مع مسؤولين سوريين، في أول زيارة لمشرعين أميركيين منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في هجوم للمعارضة في ديسمبر (كانون الأول).

والعضوان بمجلس النواب هما كوري ميلز عن ولاية فلوريدا، وهو عضو لجنتي الشؤون الخارجية والخدمات المسلحة بالمجلس، ومارلين ستوتزمان، العضو بالمجلس عن ولاية إنديانا. وكلاهما عضو بالحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس دونالد ترمب.

وذكر أحد أعضاء الوفد الأميركي أن ميلز اجتمع مع الرئيس السوري أحمد الشرع، مساء اليوم. وناقش ميلز والشرع مسألتي العقوبات الأميركية وإيران، خلال اجتماع استمر 90 دقيقة.

عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز يسير في أحد شوارع دمشق (رويترز)

وقال المصدر إن من المقرر أن يجتمع ستوتزمان، السبت، مع الشرع الذي لا يزال خاضعاً لعقوبات فرضتها عليه الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بسبب علاقاته السابقة بتنظيم «القاعدة».

وحين سُئل ستوتزمان عن لقاء زعيم لا يزال خاضعاً لعقوبات واشنطن، استشهد بأمثلة على تعامل إدارة ترمب مع زعيمي إيران وكوريا الشمالية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال النائب: «يجب ألا نخاف من التحدث إلى أي أحد»، معبراً عن تطلعه إلى رؤية الطريقة التي ستتعامل سوريا بها مع المقاتلين الأجانب، وما إذا كانت ستعمد إلى حكم سكان البلاد متنوعي الأطياف بأسلوب يتسم بالشمول والاستيعاب.

وتجوّل ميلز وستوتزمان في أنحاء من العاصمة السورية دمرتها الحرب، والتقيا بزعماء دينيين مسيحيين، ويعتزمان لقاء وزراء آخرين في الحكومة السورية.

من لقاء عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز بزعماء دينيين مسيحيين (رويترز)

وقال ستوتزمان لـ«رويترز»: «توجد فرصة هنا، وهذه الفرص لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر... لا أريد دفع سوريا إلى أحضان الصين، أو العودة إلى أحضان روسيا وإيران».

وقدمت الولايات المتحدة الشهر الماضي، قائمة شروط يتعين على سوريا الوفاء بها، مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، تضمنت إبعاد المقاتلين الأجانب عن الأدوار القيادية، لكن إدارة ترمب، بخلاف هذا، لم تتواصل مع الحُكام الجدد إلا قليلاً.

ونظم «التحالف السوري - الأميركي من أجل السلام والازدهار» زيارة عضوي الكونغرس.

وقال ستوتزمان إن السوريين في دمشق تحدثوا معه عن ضربات إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية في جنوب سوريا، وفي أنحاء العاصمة. وأرسلت إسرائيل أيضاً قوات برية إلى أجزاء من جنوب سوريا، وضغطت على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا ضعيفة ومفككة، وبلا حكم مركزي.

وأضاف ستوتزمان: «يحدوني أمل في قيام حكومة قوية بسوريا تدعم الشعب السوري، ويدعمها الشعب السوري، وأن تكون العلاقة بين إسرائيل وسوريا قوية. أعتقد أن هذا ممكن، أعتقد ذلك مخلصاً».