نزوح جديد لآلاف القرويين السودانيين إلى مدينة الرهد أبو دكنة بشمال كردفان

اتهامات لـ«متفلتين» من «الدعم السريع» بعمليات نهب وخطف وضرب

أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)
أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)
TT
20

نزوح جديد لآلاف القرويين السودانيين إلى مدينة الرهد أبو دكنة بشمال كردفان

أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)
أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)

ضمن موجة نزوح جديدة تشهدها ولاية شمال كردفان، فرَّت السيدة أ.ب، بجلدها وأطفالها من بلدة الحقينة الجلابة، قاصدةً رئاسة المحلية في مدينة الرهد أبو دكنة، جراء هجمات متفلتي «قوات الدعم السريع» على بلدتها، وهرباً من «اعتداءاتهم على الناس وإطلاق الرصاص على كل مَن يبدي أي نوع من المقاومة، أو الاحتجاج، على عمليات النهب والسلب واستهداف النساء الشابات والفتيات»، على ما أفادت مصادر محلية.

وقالت السيدة أ.ب لـ«الشرق الأوسط»: «خرجت من بيتي قبل السحور، ومعي أطفالي وبناتي، كنت خائفةً عليهم، ولذلك لم آخذ شيئاً معي، حتى ملابسنا الشخصية لم نجد الوقت أو القدرة على حملها». وأضافت: «قطعنا مسافةً طويلةً سيراً على أقدامنا والأولاد خلفي، بينما أحمل الاثنين الصغيرين غير القادرين على المشي... كانت رحلة مرهقة ومخيفة».

نازحون يفرون سيراً على الأقدام (الشرق الأوسط)
نازحون يفرون سيراً على الأقدام (الشرق الأوسط)

وإثر استرداد الجيش منطقة الرهد أبو دكنة من «قوات الدعم السريع»، انتشرت قوات متفلتة تابعة لها في مناطق غرب المدينة التي تُعرَف بـ«إدارية غرب الرهد»، وهاجمت عشرات القرى والبلدات التي يسكنها مزارعون بسطاء.

وتقع هذه القرى والبلدات غرب المدينة، وتفصلها عنها البحيرة الصناعية الشهيرة بـ«تردة الرهد»، ويعبرها الناس عادة باستخدام قوارب محلية الصنع، وتُعرَف باسم «الطرور» إضافة لقوارب بخارية. تقول السيدة إنها لم تستطع قطع المسافة دفعة واحدة، واضطرت للمبيت وأطفالها قرب إحدى البلدات، لتنضم لمَن سبقوها من أهل البلدة في إحدى مدارس المدينة.

حكاية السيدة أ.ب، ليست سوى واحدة من حكايات عشرات الآلاف من البسطاء الذين أُجبروا على النزوح من قرى وبلدات غرب الرهد بوسط شمال كردفان، وأكدها شهود العيان للصحيفة.

البحيرة وعربات كارو لنقل المياه... والبعض بانتظار ذويهم النازحين (الشرق الأوسط)
البحيرة وعربات كارو لنقل المياه... والبعض بانتظار ذويهم النازحين (الشرق الأوسط)

ومنذ أيام عدة يهاجم رجال مسلحون على دراجات بخارية، ويرتدون ثياب «قوات الدعم السريع»، وأحياناً ثياباً مدنية، المواطنين وينهبون أموالهم ومقتنياتهم وسياراتهم، ويطلقون الرصاص عشوائياً، أو على كل معترض؛ ما أدى لإصابات عدة، ولا يتركون حتى الذرة المحفوظة في «المطامير».

وظلت قرى وبلدات «الحِقينة الجَلابة، وأُم بَشار، وعَرديبَة، وعَلوبة، وأم سبولة، وأم قنيبيلة، والعنانية»، وعشرات القرى التابعة لإدارية الغربية التابعة لمحلية - محافظة - الرهد، هدفاً لهذه الهجمات طوال الأيام العشرة الماضية.

وبينما لا توجد إحصاءات حقيقية عن أعداد القتلى والجرحى نتيجة تلك العمليات، فإن شخصاً على الأقل قُتل وجُرح آخرون، بينما أُبلغ عن اختطاف فتاة من قرية الحقينة الجلابة، فضلاً عن اعتداءات بالضرب بالعصي، وأعقاب البنادق على الشباب وكبار السن وحتى الأطفال.

وقالت نازحة أخرى للصحيفة: «إن (قوات الدعم السريع) واصلت مهاجمتهم طوال أكثر من 10 أيام». وأضافت: «هاجمونا آخر مرة الجمعة الماضي، كسروا دواليبنا. نهبوا قروشنا، وكسروا خزنة دكان الحلة، ودفقوا المواد التموينية الموجودة والعدس والزيت، فخرجنا خائفين لا نملك أي حاجة».

استراحة نازح قبل مواصلة السير (الشرق الأوسط)
استراحة نازح قبل مواصلة السير (الشرق الأوسط)

وأدت هجمات «الدعامة المتفلتين»، إلى نزوح عشرات الآلاف إلى مدينة الرهد للاحتماء بقوات الجيش التي تسيطر على المدينة، وسط أوضاع نزوح أقل ما توصف بأنها مأساوية، يفتقدون فيها الغذاء والدواء والملبس، وضروريات الحياة كافة.

ويلوم أهل تلك القرى القوات المسلحة، ويعدّون أنها «تخلت عن حمايتهم واكتفت بالسيطرة على المدن، ويطالبون بنشر قوات للدفاع عنهم، واستعادة الأمن، حتى لا يضطروا للنزوح ومغادرة بلداتهم».

وقالت س.ص، من قرية عرديبة: «نطلب من الجيش إرسال قوات لحمايتنا من الأخطار، ولحفظ الأمن».

ونقلت تقارير إعلامية عن المدير التنفيذي لـ«جمعية الهلال الأحمر السوداني»، فرع الرهد أبو دكنة، وليد الرشيد، إن عدد النازحين من بلدات وقرى غرب الرهد يتجاوز 10 آلاف نازح، وسط ازدياد عمليات النزوح جراء استمرار هجمات «قوات الدعم السريع».

نازحون يصطفّون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال ولاية كردفان (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون يصطفّون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال ولاية كردفان (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً لمدير «الهلال الأحمر»، فإن المدينة «تواجه أوضاعاً إنسانيةً تتفاقم باطراد، ما يستدعي التدخل العاجل لتوفير المعينات الصحية والغذائية للأعداد المتزايدة من النازحين، ووقف التداعيات التي قد تترتب على تدهور الأوضاع الأمنية، وأهمية تدخل منظمات الإغاثة والمعنيين لتقديم الدعم الإنساني فوراً».


مقالات ذات صلة

خلافات عميقة تضرب أكبر حزب سياسي في السودان

شمال افريقيا الصادق المهدي (يمين) وابنه الأكبر عبد الرحمن في فعالية دينية لطائفة الأنصار (أرشيفية - غيتي)

خلافات عميقة تضرب أكبر حزب سياسي في السودان

تفجرت الخلافات داخل «حزب الأمة القومي»، وانتقلت من خلافات داخلية إلى حرب بيانات علنية بين مؤسسات الحزب.

أحمد يونس (كمبالا)
أوروبا نساء يبعن بضائعهن في سوق نزارا المفتوح جنوب السودان 15 فبراير (أ.ب)

بابا الفاتيكان يُندد بـ«الكارثة الإنسانية المروعة» في جنوب السودان

جدَّد بابا الفاتيكان فرنسيس، الأحد، دعوته للسلام في أوكرانيا وفلسطين وإسرائيل ولبنان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار وجنوب السودان.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
شمال افريقيا البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اليوم (السبت)، إنه لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني في مدينة أم درمان (أرشيفية - رويترز)

الجيش السوداني يسترد منطقة استراتيجية في أم درمان

أعلن الجيش السوداني، يوم السبت، استرداد واحد من أكبر معاقل «قوات الدعم السريع» الرئيسية في غرب مدينة أم درمان، وهي منطقة «سوق ليبيا».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جنود سودانيون يصلون إلى منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخراً من مجموعة «قوات الدعم السريع» (أ.ب) play-circle

الجيش السوداني يُسيطر على منطقة سوق ليبيا في أم درمان

أعلن المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل علي، السبت، أن القوات المسلحة نجحت في بسط سيطرتها على منطقة سوق ليبيا.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

البعثة الأممية تدعو قادة ليبيا إلى تعزيز «قيم المصالحة والتسامح»

الاجتماع الأمني الموسع لنجل صدام في سبها (الجيش الوطني الليبي)
الاجتماع الأمني الموسع لنجل صدام في سبها (الجيش الوطني الليبي)
TT
20

البعثة الأممية تدعو قادة ليبيا إلى تعزيز «قيم المصالحة والتسامح»

الاجتماع الأمني الموسع لنجل صدام في سبها (الجيش الوطني الليبي)
الاجتماع الأمني الموسع لنجل صدام في سبها (الجيش الوطني الليبي)

وسط دعوات أممية لتعزيز الاستقرار في ليبيا، شهد الجنوب تحركاً عسكرياً مفاجئاً لصدام حفتر، نجل قائد «الجيش الوطني»، خليفة حفتر عقب محاولة اغتيال مسؤول أمني بارز في سبها، بينما دافع جهاز الأمن الداخلي التابع لـ«حكومة الوحدة» المؤقتة، عن اعتقاله لناشطين وإعلاميين، مقابل ترحيب مجلس النواب بإطلاق سراح أحد نوابه.

ودعت هانا تيته، رئيسة بعثة الأمم المتحدة، القادة السياسيين والمؤسسات والسلطات «للعمل بجد، واستلهام روح عيد الفطر المبارك من أجل تعزيز السلام والاستقرار والازدهار في البلاد».

وقالت تيته، في تهنئة للشعب الليبي بالمناسبة، إن لقاءاتها مع الليبيين من مختلف أنحاء البلاد «سلطت الضوء على المخاوف الزائدة بشأن الجمود السياسي والصعوبات الاقتصادية، التي يواجهها كثيرون».

وبعدما أشادت بـ«صمود الشعب الليبي»، دعت تيته «لتذكر الذين يقضون العيد بعيداً عن منازلهم وأسرهم بسبب النزوح القسري أو الاعتقال التعسفي أو الاحتجاز غير القانوني»، وحضّت السلطات على «التمسك بقيم حقوق الإنسان، التي تمثل حجر الزاوية لبناء الثقة وتعزيز المصالحة، وضمان مجتمع شامل يعكس تطلعات جميع الليبيين».

من جانبها، أكدت السفارة الأميركية، دعم الولايات المتحدة «لتطلعات الشعب الليبي نحو السلام والازدهار والوحدة»، مشيرة إلى تمنيات السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند والقائم بالأعمال جيرمي التهاني «للمسلمين في ليبيا، بعيد سعيد ومليء بالفرح والازدهار».

وأدى رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، صباح الاثنين، صلاة العيد في «مسجد القدس» بالعاصمة طرابلس، فيما اختار رئيس «حكومة الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، ميدان الشهداء وسط المدينة لأداء الصلاة، بينما دعا رئيس «حكومة الاستقرار» الموازية أسامه حماد، خلال كلمة مصورة للتهنئة بالعيد، لوضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وطالب بتجاوز الخلافات والعمل للمستقبل.

بدوره، رحب مجلس النواب، بإطلاق سراح نائبه حسن جاب الله، وعدّه «خطوة إيجابية في إطار دعم سيادة القانون، وإدراك الجميع لضرورة احترام استقلالية القضاء وحياديته، وعدم إدخاله في أي صراعات سياسية».

وعدّ المجلس في بيان له مساء الأحد أن حقوق الإنسان والحريات العامة هي مبادئ أساسية تكفلها الشريعة الإسلامية والقانون وأعراف المجتمع الأصيلة، ودعا «الجميع إلى احترام ذلك والالتزام به».

إلى ذلك، ومع تأكيد وزارة الداخلية بـ«حكومة الوحدة»، على «الاستعداد التام لجميع مكوناتها للقيام بعملها أثناء أيام عيد الفطر وسائر الأيام للحفاظ على أمن واستقرار البلاد»، أعلن مقدم البرامج التلفزيونية أشرف الشريف، إخلاء سبيله بعد ساعات من اعتقاله للمرة الثانية على التوالي، من أمام منزله في العاصمة طرابلس، واصفاً ما حدث بسوء فهم.

حفتر في تجمع شباب بنغازي (الجيش الوطني)
حفتر في تجمع شباب بنغازي (الجيش الوطني)

وقالت وسائل إعلام محلية إن «مسلحين مجهولي الهوية، اقتادوا الشريف إلى جهة غير معلومة على خلفية انتقاده لعمليات التهريب في معبر رأس جدير البري على الحدود المشتركة مع تونس».

في المقابل، دافعت إدارة إنفاذ القانون التابعة لوزارة الداخلية بـ«حكومة الوحدة» عن عملها في تأمين المنفذ، وقالت إنها تعمل «وفق إجراءات قانونية»، مشيرة إلى إصدار وزارة الاقتصاد والتجارة بالحكومة «قرارين مهمين لتنظيم عمليات الاستيراد والتصدير، في إطار جهودها لضبط الأسواق وحماية الاقتصاد الوطني».

وأدرجت القرارين في إطار «جهود الدولة، لمنع استنزاف الموارد الوطنية من خلال تصدير السلع، التي تحتاجها السوق المحلية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي عبر تنظيم حركة السلع وتوفيرها للمواطنين».

بدوره، دافع جهاز الأمن الداخلي التابع لـ«حكومة الوحدة»، عن الاعتقالات التي يقوم بها، مبرراً إياها «برصد سلوكيات خادشة للحياء العام من قبل بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بينهم مقدمو حفلات خاصة»، وأعلن في بيان مساء الأحد اعتقال ناشطة بتهمة «إنتاج وعرض مواد إباحية، مع صدور أمر بحبسها احتياطياً لعشرة أيام».

المنفي في صلاة العيد (المجلس الرئاسي)
المنفي في صلاة العيد (المجلس الرئاسي)

ووصف الجهاز انتشار هذه الظاهرة، بأنه «تهديد للقيم والأخلاق الليبية»، مؤكداً أن «مكافحتها واجب وطني وقانوني»، كما انتقد ما عدّه «حملات تشويه ضده من إعلاميين ومدونين، تحركهم أجندات خارجية»، متهماً إياهم «بتقديم تفسيرات مغلوطة تهدف لتقويض جهوده».

من جهة أخرى، حضر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، انطلاق النسخة السابعة من «تجمع شباب بنغازي» بالزي الوطني، وسط حشدٍ من مختلف مدن ومناطق ليبيا.

وفي تطور لافت، أعلنت شعبة الإعلام بالجيش، أن الفريق صدام نجل حفتر ورئيس أركان القوات البرية، الذي وصل بشكل مفاجئ إلى مدينة سبها بجنوب البلاد، ناقش في اجتماع موسع ضم اللواء المبروك سحبان آمر منطقة الجنوب، وآمري الكتائب، وآمري الغرف العسكرية، ورؤساء الأجهزة الأمنية، مستجدات الأوضاع الأمنية في المنطقة، والصعوبات التي تواجه سير عمل الأجهزة الأمنية.

صورة وزعتها مديرية أمن سبها لانتشار عناصر أمنية وعسكرية
صورة وزعتها مديرية أمن سبها لانتشار عناصر أمنية وعسكرية

ونشرت مديرية أمن سبها، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لقطات فيديو لانتشار دوريات أجهزتها الأمنية مع وحدات من قوات الجيش لتأمين المدينة، وفقاً لنتائج الاجتماع الذي عقد في مقر المديرية، وتم خلاله الاتفاق على تشكيل غرفة مشتركة، تضم وحدات عسكرية وأمنية داخل المدينة.

وتلت هذه التحركات، تعرض رئيس قسم البحث الجنائي بمدينة سبها، المقدم أحمد عويدات، لمحاولة اغتيال فاشلة، أصيب خلالها بعيار ناري، وفقاً للقطات لكاميرات مراقبة، بثتها وسائل إعلام محلية.

عاجل وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش يقدم استقالته من الحكومة