سياسيون ليبيون يتهمون حكومة «الوحدة» بعرقلة الانتخابات المحلية

«المفوضية» اشتكت نقص التمويل وسط تحرك برلماني مترقّب

ليبيون يدلون بأصواتهم خلال المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في ترهونة (أ.ب)
ليبيون يدلون بأصواتهم خلال المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في ترهونة (أ.ب)
TT
20

سياسيون ليبيون يتهمون حكومة «الوحدة» بعرقلة الانتخابات المحلية

ليبيون يدلون بأصواتهم خلال المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في ترهونة (أ.ب)
ليبيون يدلون بأصواتهم خلال المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في ترهونة (أ.ب)

تواجه حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة اتهامات وجهها لها سياسيون بـ«عرقلة» المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية، وذلك على خلفية شكوى المفوضية العليا للانتخابات من «محدودية حملات الدعاية بسبب نقص التمويل»، في سياق تفسيرها لمحدودية الإقبال على التسجيل بكشوف الناخبين.

وبعد أن قررت المفوضية مدّ تسجيل الناخبين حتى السادس من أبريل (نيسان) المقبل، قال عضو مجلس المفوضية أبو بكر مردة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المفوضية أطلقت إجراءات المرحلة الثانية من العملية الانتخابية، رغم أنها لم تتلقَّ استجابة لطلبها اعتماد الميزانية».

عماد السايح والمبعوثة الأممية هانا تيتيه في لقاء سابق (المفوضية)
عماد السايح والمبعوثة الأممية هانا تيتيه في لقاء سابق (المفوضية)

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، فتحت المفوضية أبواب تسجيل المرشحين والناخبين في انتخابات المرحلة الثانية، التي لم يحدد بعد موعد الاقتراع فيها، وتشمل 63 بلدية، منها 41 في المنطقة الغربية، و13 بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى 9 بلديات في المنطقة الجنوبية.

* تساؤلات حول تعامل «الوحدة» مع الانتخابات

يوضح مردة لـ«الشرق الأوسط» أن المفوضية «استمرت في انتظار ميزانية الدعاية إلى أن جرى تخصيص نصف المبلغ المطلوب، وهو 15 مليون دينار (الدولار يساوي 4.81 دينار)، الأمر الذي أثار تساؤلات حول تعامل حكومة الوحدة الوطنية مع العملية الانتخابية».

ونفى مردة وجود قطيعة مع حكومة (الوحدة)، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وقال إن قنوات التواصل «تظل مستمرة؛ لكنها غير فاعلة بما تقتضيه المصلحة العامة».

وتتجه لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان الليبي إلى عقد اجتماع في غضون أيام مع المفوضية العليا للانتخابات ومصرف ليبيا المركزي، بهدف «بحث مشكلة نقص تمويل الانتخابات المحلية»، وفق تصريح نائب رئيس اللجنة المهدي الأعور، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعم المالي ضروري للمرحلة الثانية من الانتخابات البلدية؛ خصوصاً أن 35 بلدية تخضع لسلطة وزارة الحكم المحلي التابعة لحكومة الدبيبة».

وحسب أرقام رسمية، فقد بلغ عدد المرشحين، وفق نظامي القائمة والفردي، 4961 شخصاً.

متطوع يوزع ملصقات توعوية للتحفيز على المشاركة بالانتخابات البلدية (مفوضية الانتخابات)
متطوع يوزع ملصقات توعوية للتحفيز على المشاركة بالانتخابات البلدية (مفوضية الانتخابات)

من جهته، يرصد سعد بن شرادة، عضو المجلس الأعلى للدولة، ما عدّه «قصوراً لدى السلطة التنفيذية في غرب ليبيا في تمويل الانتخابات»، ولم يستبعد أن يكون الهدف «تعطيل وعرقلة الانتخابات، وإرباك المشهد السياسي»، مشيراً إلى «انعكاسات سلبية لنقص الحملات الانتخابية والتوعوية على إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع»، وضرب مثلاً بإحدى البلديات، البالغ عدد سكانها 150 ألف شخص، في حين لم يسجل منهم سوى 5 آلاف مواطن فقط.

* دعم غير كافٍ

يبلغ عدد المسجلين في المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية الليبية نحو 334 ألفاً و546 ناخباً في 63 بلدية تقع في شرق وغرب وجنوب ليبيا، وفق أحدث أرقام المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

ولم يجد سياسيون ليبيون تفسيراً لـ«البطء» في تخصيص الموارد المالية للمفوضية سوى ما يعتقدون أنه «أمر متعمد من جانب حكومة الدبيبة للعملية السياسية، عبر تقديم دعم مالي لا يكفي لإجراء انتخابات».

وهنا يذهب الأكاديمي الليبي محمد حسن مخلوف، نائب رئيس حزب «الشعب الحر»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى الاعتقاد بأن هذا التباطؤ «محاولة لإظهار ليبيا أمام المجتمع الدولي وكأنها غير مهيأة لانتخاباتها المحلية، أو أي استحقاق انتخابي، بما يطيل عمر هذه الحكومة».

ويستند مخلوف إلى «تجربة سابقة مع حكومة الدبيبة، التي يعتقد أنها كانت أحد أسباب إعلان (القوة القاهرة)، وإلغاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في سنة 2021»، وهي الاتهامات التي سبق أن تبرأ منها الدبيبة.

ومن منظور اقتصادي، أثار الحديث عن نقص التمويل للانتخابات البلدية علامات استفهام حول أولويات الإنفاق الحكومي في غرب ليبيا. وهنا يشير بن شرادة إلى «إنفاق حكومي مهول على بنود غير مهمة، مقابل تلكؤ غير مبرر أمام مسائل مصيرية مثل الانتخابات البلدية».

وعادة ما تتضمن تقارير الأجهزة الرقابية، ومن بينها ديوان المحاسبة، «وقائع فساد» حكومي، مثل إنفاق الملايين على شراء السيارات، وإقامة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق فخمة خارج البلاد.

اجتماع سابق لمجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات (صفحة المفوضية)
اجتماع سابق لمجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات (صفحة المفوضية)

وهنا يرى الخبير الاقتصادي الليبي عمر زرموح أن «حل عقدة تمويل الانتخابات البلدية وغير ذلك من الملفات العالقة يكون بإصدار قانون الميزانية الموحد لعام 2025، على أن تتضمن المخصصات المالية لكل الجهات ذات العلاقة، ومنها بطبيعة الحال المفوضية الوطنية العليا للانتخابات».

ليبي يشارك في حملة الترويج للمرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (مفوضية الانتخابات)
ليبي يشارك في حملة الترويج للمرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (مفوضية الانتخابات)

وفي 16 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أُجريت انتخابات المجموعة الأولى في 58 بلدية، شهدت إقبالاً كبيراً، بلغ 74 في المائة من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت، بحسب بيانات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

ويترقّب الليبيون التصويت بالمرحلة الثانية للانتخابات البلدية، في حين تتنازع على السلطة حكومتان: الأولى «الوحدة» والأخرى مكلفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد.


مقالات ذات صلة

أسرة المتهم بتفجير «لوكربي» تدعو إلى الضغط لإطلاق سراحه

شمال افريقيا أبو عجيلة المريمي (أرشيفية ـ رويترز)

أسرة المتهم بتفجير «لوكربي» تدعو إلى الضغط لإطلاق سراحه

جددت أسرة أبو عجيلة المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، الموقوف بأميركا مطالبتها بإطلاق سراحه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا من اجتماع سابق للافي مع المنفي والدبيبة (الوحدة)

عضو بـ«الرئاسي» الليبي يطرح «مبادرة جديدة» لحلحلة الأزمة السياسية

حماد يُؤكد أن ليبيا لن تسمح بأي إجراء قد يؤدي إلى تغيير ديموغرافي يهدد سيادتها واستقرارها.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة وصف اتهام حكومته بتوطين المهاجرين بـ«الكاذب» خلال اجتماع مع قيادات بحكومته وأجهزة أمنية (مكتب الدبيبة)

الدبيبة يوجّه «اتهامات مبطنة» لحفتر بإدخال «مهاجرين» إلى ليبيا

قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة إنه «لا يمكن أن نكون حراساً لأوروبا، نحن معبر وغير مصدرين للهجرة».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الشاب عبد الرؤوف خلف الله الذي قضى في الزاوية الليبية (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل الاجتماعي)

مقتل ليبي برصاص عناصر مسلّحة يعيد التوتر إلى الزاوية

يقول سكان من مدينة الزاوية إن مقتل الشاب خلف الله أبقى الأمور رهن الاشتعال مجدداً، ولا سيما أنه لم تجرِ معاقبة قتلة «البيدجا» في حين لا تزال القضية قيد التحقيق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد السفارة البريطانية خلال زيارة قوة مكافحة الإرهاب في طرابلس (السفارة)

ليبيا وبريطانيا تبحثان تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب

قالت السفارة البريطانية لدى ليبيا إن وفداً منها ممثلاً في العقيد ماثيو كيتيرر الملحق العسكري بالسفارة وليزي لوفيت مسؤولة مكافحة الإرهاب زار مصراتة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الخرطوم ومقديشو تؤكدان التزامهما بالموقف العربي ضد «تهجير» الفلسطينيين

وزير خارجية السودان علي يوسف الشريف (الخارجية السودانية)
وزير خارجية السودان علي يوسف الشريف (الخارجية السودانية)
TT
20

الخرطوم ومقديشو تؤكدان التزامهما بالموقف العربي ضد «تهجير» الفلسطينيين

وزير خارجية السودان علي يوسف الشريف (الخارجية السودانية)
وزير خارجية السودان علي يوسف الشريف (الخارجية السودانية)

رفض السودان والصومال «تسريبات عن توطين» سكان قطاع غزة في أراضيهما، وأكد مسؤولون بالبلدين «التزام الخرطوم ومقديشو بالموقف العربي الرافض لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم».

وبينما تحدث وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عن «رفض استخدام أراضي بلاده لتوطين سكان غزة»، قال سفير الصومال بالقاهرة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الطرح غير مقبول بالنسبة لبلاده».

وتحدثت تقارير إخبارية أخيراً عن تواصل الإدارة الأميركية، مع مسؤولين في كل من السودان، والصومال، وإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، بغرض توطين فلسطينيين، بعد انتهاء الحرب الحالية في قطاع غزة، مقابل حوافز مالية ودبلوماسية وأمنية.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» أن إدارة دونالد ترمب بدأت الاتصالات مع الحكومة السودانية بشأن قبول الفلسطينيين، حتى قبل أن يتم تنصيب الرئيس الأميركي، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، وقالت إن الجانب الأميركي عرض تقديم مساعدات عسكرية لمساعدة الجيش السوداني في معاركه ضد قوات «الدعم السريع»، وتقديم مساعدات في خطط إعادة الإعمار وحوافز أخرى.

لكن علي يوسف الشريف أكد «التزام بلاده بالموقف العربي الرافض لدعوات تهجير سكان قطاع غزة خارج أراضيهم».

ومقترح «تهجير الفلسطينيين» من غزة، دعا له الرئيس الأميركي، ومسؤولون إسرائيليون، في وقت سابق، وواجه رفضاً عربياً وإسلامياً، حيث أكدت «القمة العربية» الطارئة، التي استضافتها القاهرة، في 4 مارس (آذار) الحالي، «الرفض القاطع لأي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه»، كما اعتمدت القمة «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة في وجود سكانه، المقدمة من مصر لتكون (خطة عربية) جامعة».

كما أكد الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي، الذي عقد في جدة، أخيراً «دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه».

فلسطينيون نازحون من وسط قطاع غزة يعودون إلى منازلهم في شمال القطاع (أ.ب)
فلسطينيون نازحون من وسط قطاع غزة يعودون إلى منازلهم في شمال القطاع (أ.ب)

ونفى وزير الخارجية السوداني «حدوث اتصالات مع بلاده بشأن توطين الفلسطينيين»، وعدّ «هذا الطرح، يتنافى مع موقف بلاده من قضية (التهجير)»، مشيراً إلى أن «السودان، شارك في القمة العربية الطارئة التي استضافتها القاهرة، أخيراً، وصوّت على الخطة العربية، الرافضة للتهجير، والداعية لإعادة إعمار قطاع غزة، في وجود سكانه»، إلى جانب «المشاركة في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمدينة جدة، الذي اعتمد الخطة العربية».

وخلال مشاركته في «القمة العربية» بالقاهرة حول فلسطين، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، «رفض بلاده لأي مخططات تهدف لتهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أي مبرر أو اسم»، وعدّ ذلك «يمثل تهديداً خطيراً للأمن القومي العربي والأمن الإقليمي والدولي».

ووفق وزير خارجية السودان، فإن «موقف بلاده واضح بشأن رفض أي تهجير، أو إعادة توطين للفلسطينيين خارج أرضهم».

ولم يختلف الموقف الصومالي في ذلك، إذ أكد سفير الصومال بالقاهرة، أن «موقف بلاده، داعم للموقف العربي، ويرفض أي تهجير للفلسطينيين من أرضهم». وأشار إلى أن طرح توطين فلسطينيين في الصومال «غير مقبول، ذلك أن مقديشو، صوّتت على الموقف العربي من قضية التهجير، وإعادة إعمار غزة»، ونوه بأن «وزير خارجية الصومال شدد على رفض استخدام أراضي بلاده لتوطين الفلسطينيين».

فلسطينيون في سوق أقيمت بالهواء الطلق قرب أنقاض المباني التي دمرتها الضربات الإسرائيلية (رويترز)
فلسطينيون في سوق أقيمت بالهواء الطلق قرب أنقاض المباني التي دمرتها الضربات الإسرائيلية (رويترز)

وكان وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، قد أشار إلى أن «بلاده ترفض أي مقترح من شأنه تقويض حق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام على أرضه»، وأكد مساء الجمعة، «رفض بلاده أي خطة تتضمن استخدام أراضيه لإعادة توطين سكان آخرين».

وسعت «الشرق الأوسط»، السبت، إلى الحصول على إفادة من المسؤولين بإقليم «أرض الصومال» بشأن «تسريبات» حول تهجير سكان غزة إليه، ولم يتسنَّ ذلك.

ورغم أن التقارير الخاصة بتوطين الفلسطينيين بالسودان والصومال، جاءت بعد حديث لوزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش، بأن «بلاده تعمل على تحديد دول لاستقبال الفلسطينيين الذين ستشملهم (الهجرة الطوعية)»؛ فإنها تتنافى مع أحدث المواقف الأميركية، التي جاءت على لسان ترمب، بأنه «لا أحد سيقوم بترحيل الفلسطينيين» من غزة.

وقال الرئيس الأميركي، أخيراً، إنه «لن يطرد أحداً من غزة»، في موقف رحبت به حركة «حماس» ودول عربية من بينها مصر، وأكدت القاهرة «أهمية البناء على هذا التوجه الإيجابي، لدفع جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط».

وتستهدف «الخطة العربية» العمل على «التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، وفق مراحل محددة، في فترة زمنية 5 سنوات»، كما تتضمن مساراً سياسياً وأمنياً جديداً في القطاع، يبدأ بـ«تشكيل لجنة تكنوقراط غير فصائلية، تتولى إدارة القطاع لمدة 6 أشهر تحت إشراف السلطة الفلسطينية بهدف الحفاظ على غزة تحت سلطة واحدة».