باريس توافق على فتح فروع لأهم بنك جزائري في فرنسا

مراقبون عدُّوا القرار خطوة إيجابية لإخماد فتيل التوترات

مراقبون عدُّوا موافقة باريس على فتح فروع لأهم بنك جزائري في فرنسا خطوة إيجابية لإخماد فتيل التوترات بين البلدين (أ.ف.ب)
مراقبون عدُّوا موافقة باريس على فتح فروع لأهم بنك جزائري في فرنسا خطوة إيجابية لإخماد فتيل التوترات بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

باريس توافق على فتح فروع لأهم بنك جزائري في فرنسا

مراقبون عدُّوا موافقة باريس على فتح فروع لأهم بنك جزائري في فرنسا خطوة إيجابية لإخماد فتيل التوترات بين البلدين (أ.ف.ب)
مراقبون عدُّوا موافقة باريس على فتح فروع لأهم بنك جزائري في فرنسا خطوة إيجابية لإخماد فتيل التوترات بين البلدين (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بشكل يومي بين الجزائر وباريس، في ضوء تصريحات وقرارات حادة من الجانبين، تتعلق في معظمها بملف الهجرة، وافقت الحكومة الفرنسية على قرار «بنك الجزائر الخارجي» إطلاق 5 وكالات له، استجابة لطلب ملايين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الباحثين عن تسهيلات لإدارة أموالهم.

السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان روماتيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

وأكد سفير فرنسا لدى الجزائر، ستيفان روماتيه، اليوم (الثلاثاء)، في بيان، أن «البنك الخارجي الجزائري يملك الآن ترخيصاً بنكياً للعمل كبنك تجزئة في فرنسا وأوروبا»؛ مشيراً إلى أن سفارة فرنسا «مستعدة لدعمه في استراتيجيته لفتح 5 فروع بالمدن الرئيسية في فرنسا، نظراً لأهمية هذا السوق بالنسبة للبنك».

ووفقاً للدبلوماسي الفرنسي: «سيتمكن البنك الخارجي الجزائري قريباً من تقديم خدمات مصرفية تكاملية بين الجزائر وفرنسا، وكذلك بين الجزائر وأوروبا، من خلال فرعه الفرنسي».

وقال مسؤولو المؤسسة المصرفية الجزائرية عند إيداع طلبهم لفتح فروع في سنة 2023، إنهم يهدفون إلى التوسع في أوروبا، وفرنسا بالتحديد، بهدف تسهيل المعاملات المالية بين الجزائر ودول الضفة الشمالية من المتوسط، وتوفير فرصة للمهاجرين الجزائريين هناك لإدارة تحويلاتهم المالية بيسر، بالإضافة إلى دعم التبادل التجاري بين الجزائر وشركائها في الاتحاد الأوروبي.

اجتماع سابق لأطر «ميديف» الفرنسي ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري في مايو 2022 (منظمة أرباب العمل الجزائرية)

كما أن هناك أهدافاً أخرى غير معلنة من وراء هذه الخطوة لم تذكرها الحكومة، تتمثل -حسب مهاجرين جزائريين بفرنسا- في تمكينهم من إجراء استثمارات في بلدهم عبر القنوات المصرفية، بدلاً من التعامل مع السوق السوداء للعملات التي تشهد انتعاشاً كبيراً.

ووفقاً لأرقام البنك العالمي، فإن قيمة التحويلات التي أجراها المهاجرون من فرنسا إلى الجزائر لم تتجاوز مليارَي دولار عام 2022.

وأعطت «الهيئة الفرنسية للرقابة والاحتراز المالي» موافقتها على فتح 5 فروع لأهم بنك جزائري في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، ومن ثم وافق البنك المركزي الأوروبي، رسمياً، على الطلب نفسه في 16 يناير (كانون الثاني) 2025، حسب السفارة الفرنسية في الجزائر.

وسبق لوزير المالية الجزائري، عبد الكريم بو الزرد، أن أعلن عن هذه الموافقة في بداية الشهر الحالي، وذلك في رده على سؤال كتابي للبرلماني، ممثل الجالية في فرنسا، عبد الوهاب يعقوبي؛ حيث أكد أنه سيصبح بإمكان أفراد الجالية الجزائرية في فرنسا وأوروبا «فتح جميع أنواع الحسابات المصرفية، وتحويل الأموال إلى الجزائر؛ خصوصاً معاشات التقاعد، والمساهمة في صندوق الضمان الاجتماعي، وأيضاً الحصول على تمويلات لمشروعاتهم، ودفع الأقساط الشهرية للقروض المتحصَّل عليها في الجزائر».

اجتماع بين رجال أعمال جزائريين وفرنسيين بالجزائر في نوفمبر 2023 (منظمة أرباب العمل الجزائرية)

وفي تقدير مراقبين للتوترات الحادة التي تواجهها العلاقات بين الجزائر وفرنسا منذ أشهر، فإن فتح فروع بنكية جزائرية في فرنسا يعد علامة إيجابية بارزة في ظل الأجواء المعتمة بين البلدين. كما تعكس -حسبهم- رغبة في إبعاد الأزمة الدبلوماسية الحالية عن مجالات التعاون الاقتصادي والخدماتي.

واقتربت التوترات بين فرنسا ومستعمرتها السابقة من القطيعة في مناسبات كثيرة، وذلك منذ تفجر الخلاف نهاية يوليو (تموز) الماضي، بسبب استياء الجزائر الشديد من اعتراف «الإليزيه» بالحكم الذاتي المغربي للصحراء. وكان من نتائج هذا الاعتراف إلغاء زيارة كانت مقررة للرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس في الخريف الماضي؛ حيث كان يُرتَقب أن تُعطي دفعة قوية لما يُعرف بـ«مشروع مصالحة الذاكرتين».

وتفاقمت الأزمة مع الاحتكاكات المتتالية؛ خصوصاً عندما رفضت الجزائر في يناير الماضي استقبال أحد رعاياها، حاولت فرنسا ترحيله إثر اتهامه بـ«العنف». ومؤخراً عبَّر الوزير الأول ووزير الداخلية الفرنسيين عن غضبهما الشديد من الجزائر، عندما كشفت تحريات أمنية أن مسؤولاً عن قتل شخص في شرق البلاد جزائري في وضعية غير قانونية، وقد رفضت الجزائر تسليمه عشر مرات، حسبهما.


مقالات ذات صلة

مسؤول أوروبي في الجزائر لبحث «الميثاق الجديد من أجل المتوسط»

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس عبد المجيد تبون (الرئاسة الجزائرية)

مسؤول أوروبي في الجزائر لبحث «الميثاق الجديد من أجل المتوسط»

المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج في المفوضية الأوروبية، ستيفانو سانّينو، يبدأ اليوم الثلاثاء زيارة إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري خلال لقاء وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

عبد العاطي في الجزائر وتونس... زيارة ثنائية تحمل رسائل سياسية

زار وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس والجمعة، كلاً من الجزائر وتونس، في زيارة ثنائية حملت رسائل سياسية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)

وزير الخارجية المصري يسلّم الرئيس الجزائري رسالة خطية من السيسي

سلّم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع في الجزائر العاصمة اليوم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا 
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية (وزير العدل حالياً) ورئيسة الوزراء الفرنسيين في الجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

فرنسا تطرد 12 موظفاً دبلوماسياً جزائرياً

أعلنت الرئاسة الفرنسية أمس (الثلاثاء) أنها ستطرد 12 دبلوماسياً وموظفاً يعملون في السفارة الجزائرية في باريس وفي قنصليات المناطق، وذلك رداً على إجراء مماثل.

ميشال أبونجم (باريس ) «الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا صوفيا بن لمان مع المحامي فريدريك ليلارد (أ.ف.ب)

السجن مع وقف التنفيذ لمؤثرة فرنسية-جزائرية

حُكم على مؤثرة فرنسية-جزائرية في مدينة ليون (وسط شرقي فرنسا) بالسجن 9 أشهر مع وقف التنفيذ، بتهمة توجيه تهديدات بالقتل لمعارضين للنظام الجزائري.

«الشرق الأوسط» (ليون (فرنسا))

​«الوحدة» الليبية تتعهد التحقيق في دهس مشجعين عقب مباراة لكرة القدم

لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
TT

​«الوحدة» الليبية تتعهد التحقيق في دهس مشجعين عقب مباراة لكرة القدم

لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)
لحظة دهس سيارة أمنية لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم في طرابلس (من مقاطع فيديو متداولة)

وسط انتقادات محلية واسعة، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة أن وزيرها المكلف، عماد الطرابلسي، أصدر تعليمات عاجلة بفتح تحقيق «فوري وشامل» في حادثة دهس سيارة تابعة لجهة أمنية، مساء الاثنين، لمشجعين عقب مباراة لكرة القدم بالمدينة الرياضية في العاصمة طرابلس.

وأكدت الوزارة على «ضرورة تحديد المسؤوليات بدقة»، مشيرة إلى جلب السيارة وسائقها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وأعربت عن أسفها البالغ لما حدث، وعدّت هذا التصرف «سلوكاً فردياً لا يعكس بأي حال من الأحوال سياستها أو نهجها المهني»، وشدّدت على أنها «لن تتهاون في اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية لمحاسبة المتورطين، وتحقيق العدالة، وإنصاف المتضررين».

لكن الوزارة قالت في المقابل إن الحادثة وقعت «نتيجة اعتداء بعض المشجعين على دوريات الشرطة، التي ادعت أنها سعت لتفادي التصعيد والابتعاد عن موقع الحادث».

وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

وبعدما أكدت التزامها بالعمل وفق معايير أمنية وإنسانية وقانونية، وضمان احترام حقوق المواطنين وسلامتهم، دعت الجميع إلى «التزام التهدئة وتحري الدقة في تداول المعلومات، إلى حين انتهاء التحقيقات، وصدور نتائجها النهائية، وتعهدت إطلاع الرأي العام على أي مستجدات تتعلق بالقضية فور توفرها».

وأظهرت مقاطع فيديو تعمّد سيارات مسلحة، تحمل شعار وزارة الداخلية بالحكومة، الاصطدام بعدد من الجماهير خارج أسوار ملعب طرابلس الدولي، عقب انتهاء مباراة أهلي طرابلس والسويحلي، ما أدى إلى إصابة عدد غير معلوم تم نقلهم في حالة حرجة للعلاج، كما رصدت وسائل إعلام محلية اعتداء عناصر تابعة لوزارة الداخلية مسؤولة عن تأمين الجماهير، على المشجعين أثناء خروجهم من ملعب المباراة.

وبحسب شهود عيان، فقد أقدم بعض المشجعين على حرق وتكسير عدد من السيارات التابعة لـ«جهاز الأمن العام»، بإمرة شقيق عماد الطرابلسي، عبد الله الشهير بـ(الفراولة)، رداً على الواقعة.

بدورها، اتهمت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان سيارات الشرطة، التابعة لإدارة الدعم المركزي بوزارة الداخلية، بالاعتداء والدهس المباشر لمشجعي النادي الأهلي، ما أدى إلى إصابة بعضهم بإصابات خطيرة، نقلوا على أثرها إلى العناية الطبية. وعدّت ما قام به من وصفتهم بأفراد الأمن «غير المنضبطين» استخفافاً بحياة وأرواح وسلامة المواطنين، وتهديداً للأمن والسلم الاجتماعي، ومساساً بحياة وسلامة المدنيين، وترويعاً وإرهاباً مسلح لهم، وبمثابة أعمال وممارسات تُشكل جرائم يعاقب عليها القانون.

وبعدما حملت المسؤولية القانونية الكاملة للطرابلسي، طالبت المؤسسة بفتح تحقيق شامل في ملابسات وظروف هذه الجريمة، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة، وعدم إفلاتهم من العقاب.

وعقب عملية الدهس، تصاعدت الانتقادات للأجهزة الأمنية وللتشكيلات المسلحة ولحكومة «الوحدة». ودخل فتحي باشاغا، رئيس حكومة شرق ليبيا السابق، ليعبر عن أسفه مما «تشهده بعض الفعاليات الرياضية من تدخلات سلبية من جهات مدنية وأمنية وعسكرية، حوّلت هذا الفضاء الرياضي من جسر للتقارب إلى ساحة للتوتر والاحتقان».

فتحي باشاغا رئيس حكومة شرق ليبيا السابق (الشرق الأوسط)

وقال باشاغا في تعليق على الحادث: «تابعنا المباراة التي اتسمت بحضور جماهيري لافت، وأجواء تنافسية متميزة، إلا أن هذه الأجواء شابها مشهد مؤلم، يُظهر مركبات تابعة لوزارة الداخلية، وهي تدهس عدداً من الجماهير خارج محيط الملعب، في سلوك يناقض مقتضيات المسؤولية والواجب واحترام المهنة».

ورأى باشاغا أن ما وقع لبعض الجماهير من دهس «يشكل انتهاكاً صريحاً لنصوص الإعلان الدستوري، ولأحكام المادة (3) من قانون الشرطة، التي تُلزم رجال الأمن بحماية الأرواح والأعراض والأموال، والممتلكات العامة والخاصة، وصون الحقوق والحريات المكفولة».

كما أدان «المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان» عملية الدهس، محملاً الجهات الرسمية، ومن بينها وزارة الداخلية، المسؤولية القانونية والأخلاقية عما سمّاها «الانتهاكات الجسيمة، التي تمثل إخلالاً خطيراً بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في الحياة والسلامة الجسدية».

ولفت المجلس إلى أن استخدام القوة، أو وسائل النقل الرسمية في قمع المواطنين، أو الاعتداء عليهم «يعد مخالفة صريحة للدستور والقوانين الوطنية، فضلاً عن المواثيق الدولية»، وطالب بفتح تحقيق «عاجل وشفاف ومستقل» في الواقعة، وإخضاع المسؤولين عنها للقضاء.