ما «ضريبة الجهاد» التي أٌقرت في عهد القذافي وألغتها محكمة ليبية؟

مطالب بتحريك دعاوى قضائية ضد السلطة التنفيذية لرد المبالغ المستقطعة

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
TT

ما «ضريبة الجهاد» التي أٌقرت في عهد القذافي وألغتها محكمة ليبية؟

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)

بعد نحو أكثر من نصف قرن من اقتطاع نسبة من رواتب الموظفين الليبيين لصالح ما كانت تُعرف بـ«ضريبة الجهاد»، قضت المحكمة العليا في البلاد بعدم دستورية القانون رقم 44 لسنة 1970، الذي أُقرّ في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي.

فما هذه الضريبة؟ وإلى من كانت توجّه تحديداً؟ ومَن كان السبب في إلغائها؟

في بدايات يناير (كانون الثاني) 2017، حرّك الليبي علي السنوسي مناع، الذي يعمل بوزارة التربية التعليم، دعوى قضائية ضد 7 شخصيات ليبية بصفتهم، هم: رئيس مجلس النواب، ورئيس المؤتمر الوطني العام، ورئيس جمعية الدعوة الإسلامية، ورئيس لجنة صندوق الجهاد، ورئيس مجلس الوزراء، إضافةً إلى وزير المالية والممثل القانوني لمصلحة الضرائب.

وقال مناع في دعواه إن جهة عمله تستقطع من راتبه ما نسبته (3 في المائة) شهرياً، تحت مسمى (ضريبة الجهاد)، التي أُقرت بالقانون الصادر عن (مجلس قيادة الثورة) في 26 مارس (آذار) 1970.

المحكمة العليا في ليبيا (صفحتها على «فيسبوك»)

وأضاف الطاعن -وفق نص بيان المحكمة العليا، الذي عرضته «الجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية»، مساء الأربعاء- أن هذا الاقتطاع «يخالف المادة الأولى من الإعلان الدستوري، الصادر في الثالث من سبتمبر (أيلول) 2011، والتي تقضي بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في ليبيا؛ لذا فإن القانون المطعون فيه مخالف للإعلان الدستوري، ويتعين الحكم بعدم دستوريته».

والقانون الذي ظل معمولاً منذ إقراره قبل نصف قرن، نص في مادتيه الأولى والثانية على فرض ضريبة إضافية على الأرباح والدخول، تسمى «ضريبة الجهاد»، بنسبة 1 في المائة إذا لم يتجاوز الدخل 50 ديناراً شهرياً، و2 في المائة إذا لم يتجاوز 2 في المائة، و3 في المائة إذا زاد على 100 دينار.

وبيّن القانون (رقم 44)، الذي أُعيد تنظيمه بموجب القانون (رقم) 59 لسنة 1972، الأهداف التي أنشئ من أجلها؛ وتتمثل في «دعم استعداد العالم الإسلامي للجهاد ضد القوى الاستعمارية، وتمكينه من الحفاظ على كيانه واستقلاله، بالإضافة إلى تقديم المساعدة النقدية والعينية إلى أسر الشهداء والجرحى، وضحايا العدوان الاستعماري من أبناء الأمة الإسلامية، والمساهمة في بناء ودعم المنشآت، التي تخدم الدعوة الإسلامية وشؤون المسلمين».

ووفق صفحة «المجمع القانوني الليبي»، فإن المادة الثالثة من قانون «ضريبة الجهاد»، وجهت وزراء الخزانة والداخلية والحكم المحلي والمواصلات بتنفيذ القانون، بالإضافة إلى آخرين، كان من بينهم عبد السلام جلود وزير الخزانة، والعقيد معمر القذافي رئيس مجلس الوزراء، والرائدان الخويلدي الحميدي ومختار القروي.

وقالت المحكمة العليا في حكمها إن القضاء الدستوري «بما له من مواءمات يٌنزل حكمه بما يتلاءم مع مقتضيات المصلحة العامة؛ فإنه راعى عدم إثقال كاهل الدولة برد ما استقطعته من الضريبة، القاضي بعدم دستورية القانون الذي فرضها».

وقضت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضدهم بصفاتهم من الثاني إلى السابع؛ وبقبوله شكلاً في مواجهة المطعون ضده الأول، وفي الموضوع بعدم دستورية القانون رقم 44 لسنة 1970 بفرض ضريبة الجهاد.

وسبق للمفتي الليبي، الصادق الغرياني، (المعزول من البرلمان) أن أفتى بتحريك دعاوى قضائية ضد استقطاع نسبة من رواتب الموظفين لحساب «ضريبة الجهاد»، كما دعا المواطنين إلى استرداد هذه المبالغ، التي تُستقطع منذ نحو 53 عاماً.

ورغم أن حكم المحكمة قضى بعدم رد المبالغ، فإن هناك من يدعو لتحريك دعاوى قضائية ضد السلطة التنفيذية لرد المبالغ المستقطعة، منذ إقرار القانون قبل نصف قرن.


مقالات ذات صلة

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

شمال افريقيا صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

لم يحدد اللافي موعداً لبدء هذه الحوارات الليبية أو مكانها مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد خلال الفترة المقبلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)

إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

جمع إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة على مائدة إفطار قيادات أمنية رسمية، بالإضافة إلى أمراء التشكيلات المسلحة البارزين في طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الليبي خلال اجتماعه مع رئيس ديوان المحاسبة (مجلس النواب)

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

رصدت وسائل إعلام ليبية محلية وجود ما وصفته بحالة من التوتر الأمني في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس على خلفية اشتباكات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من قوة الردع بطرابلس غربي ليبيا (قوة الردع)

«الاعتقالات التعسفية»... سلاح السلطات في ليبيا لمواجهة معارضيها

قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن موجة من الاحتجازات والتوقيفات التعسفية نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا أثارت ذعرها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قادة الجيش الوطني الليبي على مائدة إفطار القيادة العامة (الجيش الوطني)

موائد إفطار قادة ليبيا تتحول إلى فرصة للتوظيف السياسي

حرص أغلب أفرقاء المشهد الليبي على تنظيم موائد إفطار رمضانية، لكنها لم تخلُ من توجيه الرسائل السياسية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)
صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)
صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)

أعلن عبد الله اللافي عضو «المجلس الرئاسي» الليبي، اعتزامه إطلاق سلسلة من الجلسات الحوارية، بهدف مناقشة «سبل حلحلة الأزمة السياسية وتعزيز مسار التوافق الوطني».

ولم يحدد اللافي، في بيان أصدره ليل الأحد - الاثنين، موعداً لبدء هذه الحوارات أو مكانها، مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد خلال الفترة المقبلة، «بحضور نخبة من القادة السياسيين، وأعضاء السلطة التشريعية، والأحزاب، والأكاديميين، وعمداء البلديات، ورجال القانون، إلى جانب ممثلي عدد من الدول المعنية بالشأن الليبي».

وعدّ «الحوار الوطني الجاد والمسؤول، هو السبيل المثلى للوصول إلى حلول واقعية ومستدامة تضمن تحقيق الاستقرار والتقدم»، لافتاً إلى «التحديات الراهنة التي تواجه البلاد، مع استمرار حالة الانسداد السياسي».

مشاركة اللافي في ختام مسابقة دينية بطرابلس (أرشيفية - المجلس الرئاسي)

وأوضح أن «الحوار يستهدف بلورة رؤية وطنية ليبية جامعة، تستند إلى الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتلبي تطلعات الشعب في بناء دولة مستقرة ومزدهرة... والنقاشات ستشمل المبادرة الوطنية التي سبق الإعلان عنها، والتي حظيت بمشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية، حيث سيتم العمل على تطويرها وتعزيزها بما يتناسب مع مستجدات المشهد السياسي، مع ضمان مرونتها لاستيعاب مختلف المقترحات والأفكار البناءة».

وبعدما لفت إلى أن «ليبيا تزخر بالكفاءات الوطنية القادرة على تقديم الحلول»، وعول «على التزام الجميع بروح المسؤولية الوطنية للخروج برؤية موحدة تضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات»، أعرب اللافي عن ثقته «في مساهمة هذه الحوارات بكسر حالة الجمود السياسي وفتح آفاق جديدة نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً».

وسبق للافي الإعلان عن مبادرتين للحل السياسي، علماً بأن زميله عضو المجلس موسى الكوني، طرح أيضاً مبادرة لتقسيم البلاد إلى 3 أقاليم.

اجتماع السايح مع سفير فرنسا في طرابلس (المفوضية العليا للانتخابات الليبية)

في غضون ذلك، أدرج عماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، اجتماعه الاثنين، مع سفير فرنسا بطرابلس مصطفى مهراج، في إطار «الدعم المستمر الذي يقدمه المجتمع الدولي للمسار الديمقراطي في ليبيا»، لافتاً إلى بحث «مستوى جاهزية المفوضية لتنفيذ المرحة الثانية من انتخابات المجالس البلدية، والجهود المبذولة لضمان سير العملية الانتخابية، وفق أعلى المعايير الدولية».

ونقل عن مهراج، «تقدير حكومته لجهود المفوضية لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، كما جدد استعداد بلاده لتقديم الدعم الفني والاستشاري لتعزيز جاهزية المفوضية، بما يضمن نجاح الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة».

بدوره، بحث محمد تكالة، المتنازع على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة»، مع بعض أعضاء مجموعة «حراك أحرار الوطن»، مستجدات تطور الحالة السياسية الراهنة، «ودور اللجنة الاستشارية التابعة لبعثة الأمم المتحدة، في معالجة القضايا الخلافية للوصول إلى قاعدة انتخابية توافقية، وملف الهجرة غير القانونية، ودور المجلس في معالجة هذا الموضوع».

ونقل تكالة عن أعضاء الحراك «دعمهم الكامل للمجلس؛ إيماناً بأهمية دوره على الساحة السياسية والتشريعية في ليبيا».

في شأن مختلف، قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إن مدير عام «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، بالقاسم، نجل المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني»، أطلعه خلال اجتماعهما بحضور رئيس حكومة «الاستقرار» أسامة حماد، على جولتهما التفقدية، التي شملت المشاريع العمرانية والتنموية في مدينة القبة، ومنها مشروع الجسر المزمع تدشينه في المدينة، الذي يُعدُّ من المشاريع الحيوية، بالإضافة إلى تفقد صيانة عمارات الإسكان العام والمدارس وعدد من المشاريع الأخرى التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية.

من جهته، قال حماد إن الاجتماع بحث مستجدات أعمال الحكومة على الصعيدين المحلي والدولي، بالإضافة إلى أعمال الصندوق، والاطلاع على سير عمل مشاريع الإعمار في عدة مدن بغرب البلاد وشرقها وجنوبها.

دوريات لتأمين الحدود الليبية - التونسية (وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»)

في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، «تأمين قاطع العسة بجهاز حرس الحدود، تأمين الحدود الليبية - التونسية، وفق الخطة الأمنية المعتمدة، لتعزيز الأمن ومكافحة التهريب والهجرة غير المشروعة»، فيما واصلت إدارة إنفاذ القانون المكلفة بتأمين معبر «رأس جدير» البري على الحدود المشتركة مع تونس، دورياتها المكثفة لتأمين المعبر، مشيرة إلى استمرار عملها لضبط المخالفات ومكافحة أنشطة التهريب.