سقف إسرائيلي عالٍ في أزمة «فيلادلفيا» يثير توتراً مع مصر

حكومة نتنياهو تلوح برفض الانسحاب

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
TT

سقف إسرائيلي عالٍ في أزمة «فيلادلفيا» يثير توتراً مع مصر

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

في وقت تفادت فيه مصر التعليق رسمياً على التلويح الإسرائيلي بعدم الانسحاب من محور «فيلادلفيا» الحدودي مع قطاع غزة، قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك بنداً في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة (حماس) ينصّ على إتمام انسحاب قوات الاحتلال من المحور في اليوم الخمسين للهدنة، وإلى هذا الحين لكل حادث حديث».

ونقلت تقارير إعلامية عن مسؤول إسرائيلي قوله، الخميس، إن بلاده لن تنسحب من ممر فيلادلفيا الاستراتيجي على الحدود بين قطاع غزة ومصر، كما ينصّ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال المسؤول، إن القوات الإسرائيلية بحاجة إلى البقاء في ممر فيلادلفيا، على جانب غزة من الحدود مع مصر، لمنع تهريب الأسلحة، الذي تزعمه إسرائيل، بينما تنفيه القاهرة بشدة، وتؤكد أن الحدود المصرية مؤمنة.

وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أيضاً، الخميس، خلال مؤتمر لقادة المجالس الإقليمية في إسرائيل، أن قواته ستبقى في «محور فيلادلفيا» في المرحلة الحالية، من دون تحديد موعد لانسحابها.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشير إلى محور «فيلادلفيا» على الخريطة في 2 سبتمبر 2024 (رويترز)

تزامن ذلك مع تصريحات لوزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، قال فيها إن إسرائيل لن تنسحب من محور «فيلادلفيا»، إلا بشروط.

وخلال مقابلة إذاعية، أوضح كوهين أن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من المحور إلا بعد إعادة المختطفين وإسقاط «حماس»، وإخلاء غزة من السلاح والسيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع.

وكان من المفترض أن تبدأ إسرائيل الانسحاب من ممر فيلادلفيا السبت المقبل، اليوم الأخير من المرحلة الأولى للاتفاق، على أن تستكمل الانسحاب خلال 8 أيام.

أحاديث المسؤولين الإسرائيليين جاءت بعد ساعات من إعادة «حماس» رفات 4 رهائن إلى إسرائيل، مقابل إطلاق سراح أكثر من 600 سجين فلسطيني، وهو آخر تبادل مقرر ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

ولم تبدأ المحادثات بشأن المرحلة الثانية والأكثر صعوبة من اتفاق وقف إطلاق النار بعد.

وقد يثير رفض إسرائيل الانسحاب من الممر أزمة مع «حماس» والوسيط الرئيسي مصر، في لحظة حساسة يمر بها وقف إطلاق النار، خاصة أن هذا التلويح الإسرائيلي يأتي بعد يومين من مقترح لزعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، أدلى به في واشنطن، مفاده أن «تتولى مصر إدارة قطاع غزة لفترة من الزمن مقابل إسقاط ديونها الخارجية»، وهو الأمر الذي أثار حفيظة القاهرة، وأعلنت رفضها الشديد له.

وقال مصدر مصري بغرفة عمليات القاهرة لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التصريحات الإسرائيلية هدفها سياسي، وربما فيها قدر من المراوغة التي تحاول بها إسرائيل أن تضغط بها على مصر خلال التفاوض للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، لكن مصر لديها خياراتها وحساباتها للتعامل مع ذلك، فمصر رغم المراوغات الإسرائيلية أنجزت خلال الساعات الأخيرة ملف الأسرى المحتجزين بصورة مهنية كبيرة».

وفي تقدير المصدر نفسه أن «إسرائيل ستنسحب من محور فيلادلفيا في التوقيتات المحددة بصورة أو بأخرى، وهي تناور فقط بشكل تكتيكي لتحقيق أكبر قدر من المكاسب خلال عملية التفاوض».

وأكد أن «مصر تفرق بين التصريحات الصادرة رسمياً عن الحكومة الإسرائيلية في بيانات، وبين التصريحات التي يتم الإدلاء بها للإعلام من أجل إحداث زخم ما تريده إسرائيل ليخدمها في عملية التفاوض».

جانب من الحدود بين قطاع غزة ومصر التي تعرف بـ«محور فيلادلفيا» (أرشيفية - د.ب.أ)

وسيطرت القوات الإسرائيلية على طول حدود غزة مع مصر، بما فيها محور فيلادلفيا، وكذلك معبر رفح، في مايو (أيار) 2024، واتهمت مصر بأنها لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق على حدودها إلى قطاع غزة، وهو ما نفته القاهرة.

وتقول إسرائيل إن القوات الإسرائيلية كشفت عن كثير من الأنفاق في المنطقة، بينما تنفي مصر أن تكون هناك أنفاق تصل بين الجانبين، معتبرة أن التصريحات الإسرائيلية هدفها استمرار القوات في المحور، وإفساد اتفاق وقف إطلاق للنار وتبادل المحتجزين.

ويعدّ محور «فيلادلفيا» منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل ممراً ثلاثي الاتجاهات، بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة، يمتد على مسافة 14 كيلومتراً، وجغرافياً يمتد هذا الشريط الحدودي من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً.

ويرى الخبير الاستراتيجي المصري، سمير راغب، أن «استمرار إسرائيل في المحور لن يؤثر من قريب أو بعيد على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، فبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية فإن المحور هو منطقة عازلة، كان يخضع لسيطرة إسرائيل وحراستها، قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005 في ما عرف بخطة (فكّ الارتباط)».

ونوّه راغب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عدم انسحاب إسرائيل سيؤدي لتوتر يعرقل تنفيذ وقف إطلاق النار، لكنه لن يضغط على مصر، فإسرائيل تستخدم تكتيكاً لجعل مصر طرفاً بدلاً من كونها وسيطاً، بينما تتعامل مصر بهدوء، لأنها ليست طرفاً، وتريد إنهاء الصراع بالكامل، ومن ثم فلن تستجيب لتلك الاستفزازات».

وشدّد على أن مصر «ترعى الطلب الفلسطيني بانسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا وكامل التراب الفلسطيني، وتعمل على ذلك طوال الوقت وتحقق تقدماً ملموساً في سبيل إتمام تنفيذ وقف إطلاق النار».

تجدر الإشارة إلى أنه في إطار الانسحاب من قطاع غزة عام 2005، وقّعت إسرائيل اتفاقاً مع مصر يسمح بوجود قوة حرس حدود مصرية قوامها 750 فرداً لمكافحة التهريب والمسلحين في المنطقة الحدودية.

أما السيطرة على الجانب الفلسطيني من المحور فتسلمته وقتها السلطة الفلسطينية، إلى حين تولت حركة «حماس» إدارة القطاع عام 2007.

ويتفق رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، العميد خالد عكاشة، على أن «إسرائيل تناور بقصة محور فيلادلفيا من أجل عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار».

عكاشة قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المناورات الإسرائيلية تأتي في ظل تضارب المواقف الأميركية، ففي حين أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يقول إن الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق إرادة إسرائيلية، فإن مبعوث ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف يضغط من أجل الانتقال للمرحلة الثانية.

وختم عكاشة بأن إشكاليات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار كبيرة، لكن الوسطاء وفي مقدمتهم مصر قادرون على تفكيك تلك الإشكاليات كما فعلوا من قبل، وستنسحب إسرائيل، ليس من فيلادلفيا فقط، لكن من كل قطاع غزة، وفق ما ينص الاتفاق.


مقالات ذات صلة

تركيا تؤكد مجدداً استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة

المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

تركيا تؤكد مجدداً استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة

أكدت تركيا مجدداً استعدادها لإرسال قوات عسكرية ضمن قوة الاستقرار الدولية الجاري العمل على تشكيلها في غزة، وقالت إنه تم تحديد أعضاء اللجنة التي ستدير القطاع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نازحة تنظر إلى طفلها داخل خيمة حاولت تحصينها من الأمطار بوسط قطاع غزة يوم الأحد (رويترز)

إسرائيل تسلم «حماس» قائمة المعتقلين منذ 7 أكتوبر... ما مصيرهم؟

سلمت إسرائيل، الأحد، قائمة بأسماء 1468 فلسطينياً أسرتهم من داخل قطاع غزة خلال الحرب وأبقت مصيرهم مجهولاً دون أن تقدم أي معلومات عن غالبيتهم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي سيارة تابعة لـ«الصليب الأحمر» بجوار مبانٍ متضررة متجهة لتسلّم جثة رهينة إسرائيلي محتجز في قطاع غزة في 4 نوفمبر 2025 (رويترز)

«حماس»: البحث عن باقي جثامين المحتجزين الإسرائيليين مستمر

قال حازم قاسم، المتحدث باسم حركة «حماس»، إن عمليات البحث عن باقي جثامين المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة ما زالت مستمرة رغم ما وصفها بـ«الصعوبات».

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص عودة سوق السمك أول مؤشرات وقف إطلاق النار وعودة الحياة إلى مرفأ غزة (رويترز) play-circle

خاص حروب اليوم التالي في غزة: تحديات الأمن والمجتمع والتعامل مع تركة «حماس»

ما إن تم الإعلان عن توقف الحرب العسكرية والعمليات الإسرائيلية داخل قطاع غزة، حتى بات السكان يواجهون حروباً أصعب وبأوجه مختلفة، أشد صعوبةً وأكثر قسوةً أحياناً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي طفل فلسطيني يرقد على سرير أثناء تلقيه العلاج في مستشفى ناصر في خان يونس، جنوب قطاع غزة، 10 نوفمبر 2025 (رويترز)

أكثر من 16 ألف مريض في غزة ينتظرون الإجلاء

دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جبريسوس إلى فتح جميع طرق الإجلاء من غزة لتسهيل وسائل العلاج.

«الشرق الأوسط» (غزة)

رئيس الجزائر يأمر بفتح تحقيق لكشف أسباب اندلاع حرائق كبيرة مؤخراً

عناصر الحماية المدنية الجزائرية خلال مكافحة حريق في منطقة تيبازة الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة (الحماية المدنية الجزائرية عبر «فيسبوك»)
عناصر الحماية المدنية الجزائرية خلال مكافحة حريق في منطقة تيبازة الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة (الحماية المدنية الجزائرية عبر «فيسبوك»)
TT

رئيس الجزائر يأمر بفتح تحقيق لكشف أسباب اندلاع حرائق كبيرة مؤخراً

عناصر الحماية المدنية الجزائرية خلال مكافحة حريق في منطقة تيبازة الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة (الحماية المدنية الجزائرية عبر «فيسبوك»)
عناصر الحماية المدنية الجزائرية خلال مكافحة حريق في منطقة تيبازة الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة (الحماية المدنية الجزائرية عبر «فيسبوك»)

أمر رئيس الجزائر عبد المجيد تبّون، الأحد، بفتح تحقيق بعد حرائق كبيرة شهدتها البلاد في الأيام الأخيرة، اعتبرت غير اعتيادية لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) واستدعت إجلاء عشرات العائلات، وفق ما أفاد التلفزيون الرسمي.

ويرمي التحقيق خصوصاً إلى تحديد الأسباب التي أدت إلى «الحرائق التي عرفها العديد من ولايات الوطن في توقيت واحد»، وفق التلفزيون.

وكانت وسائل إعلام محلية استغربت اندلاع حرائق في شهر نوفمبر وأفادت بتوقيف أربعة مشتبه بهم، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ووفق جهاز الحماية المدنية، تم إخماد الغالبية العظمى من الحرائق التي اندلعت في الأيام الأخيرة وعددها 55 حريقاً.

رئيس الجزائر عبد المجيد تبّون خلال اجتماع لمجلس الوزراء (الرئاسة الجزائرية عبر «فيسبوك»)

وتمت تعبئة نحو 300 من رجال الإطفاء بالإضافة إلى عدد كبير من المعدات، بينها طائرتان لإطفاء الحرائق بسعة 12 ألف لتر لكل منهما، وفق الجهاز.

واقتربت الحرائق من عدة قرى في منطقة تيبازة الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة، ما استدعى إيواء العديد من السكان في مدارس ومراكز شبابية، وفقاً لوسائل إعلام محلية.

وشهد شمال الجزائر في الأيام الأخيرة درجات حرارة أعلى من المعدلات الموسمية، تكاد تكون بمستوى تلك التي تسجل خلال الصيف.

واتسعت رقعة الحرائق بفعل الرياح العاتية التي تجاوزت سرعتها 60 كيلومتراً في الساعة. ووفق الحماية المدنية تم إخماد 50 من الحرائق بالكامل، كما تمت السيطرة على خمس بؤر ما زالت تحت المراقبة. وأتت الحرائق على مساحات كبيرة من الغابات والأراضي المشجرة في نحو عشر ولايات في شمال البلاد.

وتكثر في فصل الصيف الحرائق في شمال الجزائر حيث تتركز الغابات الكبرى، لكن اندلاعها في فصل الخريف ليس اعتيادياً.


السودان: احتدام المعارك حول مدينة بابنوسة الاستراتيجية

جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)
جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)
TT

السودان: احتدام المعارك حول مدينة بابنوسة الاستراتيجية

جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)
جانب من الدمار الذي ألحقته في وقت سابق مسيَّرات «الدعم السريع» بمدينة الأُبيّض في إقليم كردفان (متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي)

دارت معارك عنيفة، الأحد، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان (جنوب غربي البلاد)، وسط أنباء عن توغل كبير لـ«قوات الدعم السريع» وتطويق مقر «اللواء 89» أكبر فرق الحامية العسكرية للجيش في المدينة.

وأفادت مصادر بأن «الدعم السريع» تضيق الخناق أيضاً على قيادة «الفرقة 22 مشاة»، وسط اشتباكات عنيفة بين الطرفين استُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة.

وتداولت حسابات وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي موالية لــ«قوات الدعم السريع» مقاطع فيديو تُظهر جنوداً يزعمون أنهم توغلوا إلى داخل أسوار القاعدة العسكرية للجيش في المدينة.

وتُعد بابنوسة، التي تبعد نحو 697 كيلومتراً عن العاصمة الخرطوم، من المدن المهمة في إقليم كردفان، وهي ملتقى محطات التقاطع الرئيسية لخطوط السكك الحديدية في السودان؛ إذ تربط غرب البلاد بشرقه وشماله.

تصدي الجيش

أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز - أرشيفية)

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الدعم السريع» شنت، صباح الأحد، هجوماً هو الأعنف على المنطقة العسكرية، وسط تحليق مكثف لمسيَّرات تابعة للجيش للتصدي للهجوم الواسع من عدة جهات. وذكرت مصادر إعلامية محسوبة على الجيش أن قواته في الفرقة «22 مشاة» صدت هجوماً كبيراً لـ«قوات الدعم السريع» على المدينة.

ودار قتال عنيف بين الطرفين في محيط معسكر الجيش، حيث سُمعت أصوات الأسلحة الثقيلة من مناطق بعيدة. ونقلت المصادر نفسها أن الجيش قصف بالمسيَّرات تجمعات «قوات الدعم السريع» التي تحيط بمدينة بابنوسة.

وكانت حامية الجيش في المدينة قد صمدت، على مدار الأشهر الماضية، أمام العشرات من الهجمات التي شنتها «قوات الدعم السريع» بالقصف المدفعي ومحاولات التسلل المستمرة.

ومن جهة ثانية، أفادت مصادر بأن الجيش سحب قواته من منطقتي «كازقيل» و«أم دم حاج حمد» في كردفان، بعد ساعات من السيطرة عليهما، يوم السبت.

وتصاعدت وتيرة المواجهات في إقليم كردفان لليوم الثاني على التوالي، بينما أكدت مصادر محلية أن الطرفين حشدا قوات كبيرة من المقاتلين والعتاد من أجل تحقيق نصر ميداني في هذا الإقليم المهم.

بدورها، قالت «قوات درع السودان» التي تقاتل بجانب الجيش، إنها تتقدم في جميع محاور العمليات العسكرية. وأضافت في بيان على منصة «فيسبوك» أنها تعمل وفق خطط محكمة وبتنسيق كامل مع وحدات الجيش، وتفرض واقعاً جديداً في الميدان يؤكد قدرتها على الحسم واستعادة السيطرة.

منظمة إرهابية

قوات تابعة لـ«الدعم السريع» في مدينة الفاشر بإقليم دارفور (أ.ف.ب)

ومن جهة ثانية، أدان البيان الختامي المشترك لقمة رؤساء دول «البحيرات العظمى»، يوم الأحد، الفظائع المروعة التي ارتكبتها «قوات الدعم السريع» بحق المدنيين في مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور، وفق بيان مجلس السيادة.

وشهدت القّمة، التي عُقدت في العاصمة الكونغولية كينشاسا على مدار يومين، نقاشات حول قضايا الأمن والدفاع ووضع ضوابط لحماية المعادن النفيسة داخل منظومة دول البحيرات.

وترأس وفد السودان عضو مجلس السيادة، مساعد القائد العام للجيش، إبراهيم جابر، ورافقه عدد من المسؤولين الحكوميين وقادة الأجهزة الأمنية. ورحب جابر بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها القمة لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في السودان.

بدوره، قال وكيل وزارة الخارجية، معاوية عثمان خالد، في بيان صحافي، إن القمة التاسعة لرؤساء دول البحيرات، أجازت التوصيات المقدمة من المجلس الوزاري ووزراء الدفاع والأجهزة الأمنية بتصنيف «قوات الدعم السريع» منظمة إرهابية.

وأضاف أن القمة شددت على ضمان عدم استغلال تعدين الذهب لصالح «قوات الدعم السريع» في الصراع الدائر بالبلاد.

وتضم منطقة البحيرات العظمى، دول (كينيا، أوغندا، بوروندي، الكونغو، مالاوي، موزمبيق، رواندا، تنزانيا، جنوب السودان، والسودان).

المساعدات الإنسانية

سودانيات يصطففن لتلقي المساعدات في مخيم العفاد للنازحين في بلدة الدبة شمال السودان (أ.ف.ب)

ومن جهة ثانية، وصل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، إلى «مخيم سلك» في منطقة كورما بولاية شمال دارفور، للوقوف على الوضع الإنساني على الأرض.

ومن المقرر أن تشمل جولته في الإقليم زيارة إلى مدينة الفاشر، وهو أول مسؤول أممي رفيع المستوى، يزور المنطقة عقب سقوطها في يد «قوات الدعم السريع» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال وزير الهيئة الوطنية للوصول الإنساني في «حكومة تأسيس»، عز الدين الصافي، في تصريحات صحافية، إن المسؤول الأممي تعهد بوصول المساعدات الإنسانية في أسرع وقت. وأضاف: «آن الأوان أن يلتفت العالم وأن يتذكر معاناة الشعب السوداني جراء الحرب الدائرة في دارفور».

وكانت وكالات تابعة للأمم المتحدة قد أجرت مسوحات ميدانية في المناطق المتأثرة بدارفور لتقييم حجم الاحتياجات الإنسانية للنازحين من مناطق القتال في الفاشر وما حولها.

وفي قت سابق، أعلنت «الحكومة الموازية» في السودان، الموالية لـ«قوات الدعم السريع» التزامها بالعمل مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتلبية الاحتياجات العاجلة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المتضررة من الصراع.


أشكال جديدة في دعاية انتخابات «النواب» المصري تُثير الاهتمام

مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)
مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)
TT

أشكال جديدة في دعاية انتخابات «النواب» المصري تُثير الاهتمام

مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)
مرشح آخر بالدقهلية بالزي الفرعوني (لقطة من تسجيل مصور)

في أحد شوارع حي شبرا الشعبي شمال القاهرة، تتنقل مونيكا مجدي، المرشحة الشابة في انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، بدرّاجتها الهوائية بين الأرصفة المزدحمة، حاملةً منشورات صغيرة، ومرسلة تحياتها بابتسامة دافئة للسكان، في حين دخل مرشح آخر إلى قريته على حصان شاهراً سيفه، وثالث ارتدى زياً فرعونياً.

وقبل أيام قليلة من انطلاق المرحلة الثانية من الانتخابات، خطفت هذه الأشكال غير التقليدية أنظار متابعين في مصر.

وقالت المرشحة مونيكا لـ«الشرق الأوسط»: «أرجو أن يفهم الناس مقصدي، رسالتي أن الشباب قادرون على التحدي رغم زخم المال السياسي وقلة الفرص المتاحة». وأكدت: «رحلتي مستمرة، وسأواصل التحدي لإظهار قدرة الشباب».

وفي دلتا مصر، لم تكن الحملات الانتخابية أقل إثارة للانتباه، ففي إحدى قرى محافظة الشرقية ظهر المرشح أحمد منصور ممتطياً حصاناً ويشقّ الطريق بسيف تقليدي، في جولة تحوّلت إلى احتفال شعبي في الشوارع، وقد تداول مستخدمو منصات التواصل مقاطع الفيديو على نطاق واسع.

وفي محافظة الدقهلية، لم يفوت مرشح آخر فرصة الاستفادة من الزخم الجماهيري المصاحب لافتتاح «المتحف المصري الكبير» في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي؛ حيث تصدّر أشرف علي عبد الهادي مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره مرتدياً زياً فرعونياً خلال مؤتمر انتخابي، وزيّن المنصة بمجسمات تحاكي الحضارة المصرية القديمة.

مرشح بالدقهلية يشهر سيفاً (الصفحة الرسمية لمؤيدي المرشح)

هذه اللقطات المثيرة وإن بدت امتداداً لـ«موجة التقليعات»، تُثير نقاشاً حول حدود الدعاية الانتخابية في مصر. وتُصنف أستاذة الرأي العام بجامعة القاهرة الدكتورة هناء فاروق هذه الأشكال والأساليب ضمن ما يُعرف بـ«الدعاية الترفيهية السياسية».

وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الأساليب لا تُمثل دعاية كاملة، فالدعاية الحقيقية قائمة على برنامج واضح، وسيرة مهنية، وقدرة على تقديم حلول، وليس مجرد استجابة لمنطق (التريند)».

وأشارت إلى أن الاعتماد على الرمزية أو الاستعراض «يعكس رغبة بعض المرشحين الجُدد في لفت الانتباه أكثر مما يعكس توجهاً سياسياً جاداً».

ومن المرجح -حسب متابعين- أن يظل هذا الجدل حول الحملات الدعائية مستمرّاً حتى 20 نوفمبر الحالي، قبل توجه الناخبين في الخارج إلى صناديق الاقتراع يومي 21 و22، وفي الداخل يومي 24 و25، ضمن 13 محافظة تُستكمل بها خريطة البرلمان الجديد قبل نهاية العام.

وبموجب القانون، يصل سقف الإنفاق الدعائي في انتخابات مجلس النواب إلى 500 ألف جنيه للمرشح على المقاعد الفردية، وإلى 2.5 مليون جنيه لـ«القائمة الواحدة»، مع حظر تلقي المرشحين تبرعات من جهات أجنبية.

أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، يرى أن «اللجوء إلى أساليب غريبة» يعكس محاولة لتقديم المرشح بصفته «يعتمد على جهده الشخصي» في مواجهة ما يسميه «النفوذ التقليدي للمال السياسي».

وأضاف أن «هذه الظواهر قد تلفت الانتباه، لكنها لا تُغيّر نتائج صناديق الاقتراع على نحو ملموس»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الأحزاب تمتلك أدوات تنظيمية وإعلامية واسعة تجعل كثيراً من الدوائر محسومة بشكل شبه مبكر».

المرشحة مونيكا مجدي (صفحتها الرسمية)

وأشار صادق إلى أن «تجارب الدورات السابقة تُظهر أن العوامل البنيوية، مثل النفوذ الحزبي، والآلة الإعلامية، وقدرات الحشد تبقى الأكثر تأثيراً على اتجاهات التصويت، مقارنة بالتحركات الفردية اللافتة»، ملخصاً رؤيته، بأن «الدعاية الترفيهية، مهما كانت لافتة، غالباً ما تظل محدودة التأثير في المشهد الانتخابي الحقيقي».

فيما يذهب أمين شباب حزب «التجمع»، علاء عصام، إلى منح هذه الأشكال تفسيراً آخر. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقاليع الجديدة» مثل درّاجة مرشحة شبرا أو المواكب الاستعراضية، تُعبّر عن محاولة لكسر هيمنة المال السياسي، لكنها «لن تؤدي إلى اختراق حقيقي».

https://www.facebook.com/AlmasryAlyoum/videos/في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةB1في المائةD8في المائةB4في المائةD8في المائةAD-في المائةD8في المائةA8في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةAFفي المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةB4في المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة83-في المائةD9في المائة81في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA4في المائةD8في المائةAAفي المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةB1-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةAAفي المائةD8في المائةAEفي المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD8في المائةB2في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة81في المائةD8في المائةB1في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة88في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةAAفي المائةD8في المائةB5في المائةD9في المائة88في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةB1-في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة83في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة8A/820175187466422/

ويعدد عصام، 4 أسباب رئيسية لذلك، في مقدمتها أن «التصويت في مصر لا يزال مرتبطاً بالعائلات والشبكات الاجتماعية التقليدية، وليس بالأساليب البصرية»، إلى جانب أن «المال السياسي يبقى العامل الأكثر حضوراً في عمليات الحشد والتنظيم».

وأشار أيضاً إلى أن «وعي الناخب يرتبط بالخدمات المباشرة أكثر من الرمزية أو الطابع الابتكاري». وينتهي إلى القول، إن «المحاولات الشبابية واعدة، لكن تغيير المفاهيم يحتاج إلى بيئة انتخابية مختلفة، وليس مجرد أدوات دعائية مبتكرة».

ويبلغ عدد الناخبين المسجّلين في الجداول الانتخابية نحو 63 مليون مواطن، وخاض المرحلة الأولى التي جرت في 14 محافظة، 128 مرشحاً على النظام الفردي، إلى جانب قائمة واحدة هي «القائمة الوطنية من أجل مصر» التي تحتاج إلى 5 في المائة فقط من إجمالي الأصوات للفوز.