منظمة دولية تنتقد إعادة أوروبا للمهاجرين من البحر إلى ليبيا

«رايتس ووتش» قالت إنهم يتعرضون للتعذيب والاغتصاب في مراكز الاحتجاز

مهاجرون اعترضهم خفر السواحل التونسي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
مهاجرون اعترضهم خفر السواحل التونسي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

منظمة دولية تنتقد إعادة أوروبا للمهاجرين من البحر إلى ليبيا

مهاجرون اعترضهم خفر السواحل التونسي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
مهاجرون اعترضهم خفر السواحل التونسي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

انتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ما أسمته «سياسة الإغراق من أجل الردع»، التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي بحق المهاجرين غير النظاميين، مستهجنةً إعادتهم من البحر المتوسط إلى مراكز الاحتجاز في ليبيا.

وقالت «رايتس ووتش»، الثلاثاء، إن على «الاتحاد الأوروبي» ودوله الأعضاء و«وكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية» (فرونتكس)، إعطاء الأولويّة لإنقاذ الأرواح في البحر.

جانب من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين في غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
جانب من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين في غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

وأوضحت جوديث سندرلاند، المديرة المشاركة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في «هيومن رايتس»، أن «سياسة الإغراق من أجل الردع التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي بغيضة»، مبرزة أنه «يتعين عليه أكثر من أيّ وقت مضى العودة إلى قِيَمه الأساسية والإنسانية، باعتماد عمليات للبحث والإنقاذ في عرض البحر، وإنزال الناس في أماكن آمنة».

وفي الأشهر الثلاثة الماضية وحدها، بحسب المنظمة، تم الإبلاغ عن أكثر من 400 حالة وفاة، أو فقدان في عرض البحر الأبيض المتوسّط. وفي الفترة نفسها، أعيد أكثر من 3.800 شخص قسراً إلى ليبيا على يد قوات ليبيّة، مدعومة من الاتحاد الأوروبي.

ودللت المنظمة على ذلك برواية مباشرة لواحدة من آخر مهام سفينة الإنقاذ «جيو بارنتس» (Geo Barents)، التي أدارتها منظمة «أطباء بلا حدود» في سبتمبر (أيلول) 2024، وقالت إن فريق السفينة أنقذ في عمليتين 206 أشخاص، معظمهم من إثيوبيا وإريتريا وسوريا، رغم تدخل زورق دورية ليبي، وتهديده بإطلاق النار في لحظة ما. لكن السلطات الإيطالية أمرت باحتجاز السفينة في الميناء 60 يوماً لعدم امتثالها لأوامر السلطات الليبية.

كتيبة عسكرية تضبط مهاجرين غير نظاميين في أثناء تسللهم إلى غرب ليبيا (أرشيفية - الكتيبة 17)
كتيبة عسكرية تضبط مهاجرين غير نظاميين في أثناء تسللهم إلى غرب ليبيا (أرشيفية - الكتيبة 17)

ونقلت «هيومن رايتس» أن 11 مقابلة معمّقة مع ناجين على متن سفينة «جيو بارنتس»، كشفت عن «المعاملة الوحشية التي يلقاها المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، والعواقب المدمّرة للدّعم الإيطالي والاتحاد الأوروبي لقوات خفر السواحل الليبية»، مشيرة إلى أن «كل من أجريت معهم مقابلات تحدّثوا عن بعض أشكال الانتهاكات في ليبيا، تتراوح بين الابتزاز والعمل القسري، والتعذيب والاغتصاب في مراكز الاحتجاز الليبية الرسمية، الخاضعة للدولة بشكل صوريّ، أو في أثناء الاحتجاز لدى المهرّبين»، منوهة إلى أن العديد من الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات احتُجزوا أكثر من مرّة، بعد اعتراضهم في البحر من قبل القوات الليبية والتونسية».

وترى المنظمة أن الاتحاد الأوروبي «تخلى إلى حدّ كبير عن مسؤوليته المتعلقة بالبحث والإنقاذ في البحر المتوسط»، وتعتقد أنه «رغم وجود أدلّة واضحة على الاحتجاز المروّع، وإساءة معاملة المهاجرين في ليبيا، فإن الاتحاد يدعم جهود القوات الليبية لرصد القوارب وإرجاع الناس، لا سيما من خلال المراقبة الجوية من قبل (فرونتكس) فوق وسط البحر المتوسط»، مبرزة أنه «يكرّر الآن نموذجه المسيء للتعاون مع ليبيا ودول أخرى، مثل تونس ولبنان، حيث يواجه الناس انتهاكات، بما في ذلك خطر الطرد، رغم احتمال تعرّضهم لمزيد من الأذى».

مهاجرون سريون داخل أحد مراكز الاحتجاز في طرابلس (أ.ب)
مهاجرون سريون داخل أحد مراكز الاحتجاز في طرابلس (أ.ب)

على مدى العقد الماضي، تم الإبلاغ عن أكثر من 31.300 حالة وفاة، أو فقدان في البحر المتوسط، وفقاً لـ«المنظمة الدولية للهجرة»، منهم ما لا يقلّ عن 2.300 حالة في عام 2024.

وكان شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي الأكثر دموية في العام الماضي، حيث بلغ عدد المتوفين والمفقودين 309 أشخاص على الأقل. ومنذ بداية 2025، بلغ عدد المختفين في عرض البحر نحو 100 شخص، بينهم 8 أطفال.

وتقول «هيومن رايتس ووتش» إنها أطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، حملة «مع_الإنسانية»، ودعت «فرونتكس» إلى اتخاذ خطوات ملموسة لاستخدام تكنولوجيتها وخبرتها لإنقاذ الأرواح، وإرسال مواقع القوارب المنكوبة التي ترصدها طائراتها بشكل منهجي إلى سفن الإنقاذ التي تديرها مجموعات غير حكومية في المنطقة، وإصدار تنبيهات طوارئ أكثر تواتراً، بناء على تعريف واسع لمعنى الاستغاثة، وأضحت أنه يتعين على طائرات «فرونتكس» أيضاً رصد حالات الاستغاثة، وتقديم المساعدة عند الحاجة.

وتعد الرحلة من ليبيا إلى إيطاليا أحد أكثر المسارات المستخدمة في الهجرة عبر البحر. وبموجب القانون الدولي الإنساني، لا يُسمح بإعادة المهاجرين قسراً إلى بلدان يواجهون فيها إساءة المعاملة على نحو خطير، وقد وُثقت حالات كثيرة من إساءة التعامل مع المهاجرين على نطاق واسع في ليبيا.

وتتعاون سلطات ليبيا مع الاتحاد الأوروبي بشكل جيد في ملف الهجرة غير المشروعة. وسبق أن تمت مناقشة بعض المواضيع الفنية المتعلقة بدعم الاتحاد الأوروبي لعمليات «الترحيل الطوعي» للمهاجرين إلى بلدانهم، بالإضافة إلى دعم جهود الوزارة في تأمين الحدود الجنوبية للدولة الليبية.


مقالات ذات صلة

«الاغتيالات الغامضة»... جرائم يغذيها التناحر المسلح في ليبيا

شمال افريقيا انتشار أمني بعد العثور على جثة فتاة بمدينة تاجوراء الليبية (مديرية أمن تاجوراء)

«الاغتيالات الغامضة»... جرائم يغذيها التناحر المسلح في ليبيا

خلال السنوات التي تلت «ثورة 17 فبراير (شباط)» في ليبيا، نمت جماعات مصالح اتسعت بينها رقعة التناحر، مُخلّفة جرائم عديدة تُفجع الليبيين كل صباح.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي مع أورلاندو (المجلس الرئاسي الليبي)

المنفي وسفيرا فرنسا والاتحاد الأوروبي يبحثون تطورات الأزمة الليبية

قال محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، إنه بحث مع مهراج وأورلاند سبل تطوير العلاقات الاستراتيجية، كما تم التطرق إلى المستجدات الاقتصادية والعسكرية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة الاستشارية الأممية في ليبيا (البعثة الأممية)

​هل اقتربت اللجنة الأممية من حل عقدة الانتخابات الليبية؟

تقول البعثة الأممية إن لجنتها الاستشارية تسعى إلى «إعداد مقترح متكامل» يتضمّن مجموعة من الخيارات التي من شأنها دعم المؤسسات الليبية في تنظيم الانتخابات

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر وحماد في زيارة للمدينة العسكرية (الجيش الوطني الليبي)

اتهامات لـ«الجيش الوطني» بالتخطيط للتحرك تجاه غرب ليبيا

تعهد «تجمع ثوار مصراتة» في ليبيا «عدم السماح بعودة الاستبداد أو العمالة مهما كانت التضحيات»، وقال إن «أي هجوم على المنطقة الغربية سيعتبر إعلان حرب شاملاً».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا هيئة السلامة الوطنية خلال المساعدة في إطفاء أحد الحرائق بالأصابعة (هيئة السلامة الوطنية)

«الحرائق الغامضة» تعود إلى الأصابعة الليبية وسط مخاوف

نشبت الحرائق في 35 منزلاً بالأصابعة الليبية، رغم استعانة السلطة التنفيذية بالعاصمة طرابلس بفريق من الخبراء الأوروبيين للوقوف على أسباب هذه الحرائق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فرنسا تجدد موقفها «الداعم» لسيادة المغرب على الصحراء

الرئيس إيمانويل ماكرون أكد للعاهل المغربي أن «حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية» (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون أكد للعاهل المغربي أن «حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية» (أ.ف.ب)
TT
20

فرنسا تجدد موقفها «الداعم» لسيادة المغرب على الصحراء

الرئيس إيمانويل ماكرون أكد للعاهل المغربي أن «حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية» (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون أكد للعاهل المغربي أن «حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية» (أ.ف.ب)

جدَّدت فرنسا، اليوم (الثلاثاء)، التأكيد على موقفها «الثابت» بشأن قضية الصحراء المغربية، وذلك في بيان نشرته وزارة أوروبا والشؤون الخارجية للجمهورية الفرنسية، عقب اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بحسب ما تناقلته وكالة الأنباء الرسمية المغربية، اليوم الثلاثاء.

وجدَّد بيان وزارة الخارجية الفرنسية التأكيد على الموقف، الذي عبَّر عنه الرئيس إيمانويل ماكرون في الرسالة التي بعث بها إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس في 30 من يوليو (تموز) 2024، التي أكد فيها أنه «بالنسبة لفرنسا، فإن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية»، مع التذكير بـ«ثبات موقف فرنسا»، والتزامها بـ«العمل في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي».

وأبرز البيان، تجديد وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي «الدعم الواضح والثابت لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية»، بوصفه «الإطار الوحيد الذي يجب من خلاله إيجاد تسوية لهذه القضية»، مسجِّلاً أن الأمر يتعلق بـ«الأساس الوحيد» للتوصُّل إلى تسوية سياسية، مشيراً إلى «التوافق الدولي» الداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، «الذي ما فتئ يتسع»، ومبرزاً أن بلاده تعتزم الاضطلاع بدورها الكامل في هذا الإطار.

وخلص البيان إلى أن فرنسا تُجدِّد تأكيد التزامها بـ«مواكبة المغرب في جهوده الكبيرة من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية» في الأقاليم الجنوبية للمملكة، مذكرةً بمختلف التدابير المتخذة في هذا الصدد، ومعبرة عن رغبتها في مواصلة هذه الدينامية.

جانب من مباحثات وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت مع برونو روتايو في الرباط (إ.ب.أ)
جانب من مباحثات وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت مع برونو روتايو في الرباط (إ.ب.أ)

جاء هذا التأكيد بعد ساعات من استقبال وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، أمس (الاثنين) بالرباط، برونو روتايو وزير الدولة، وزير الداخلية الفرنسية، وعقد معه اجتماع عمل بحضور مسؤولين كبار من البلدين. وذكر بيان لوزارة الداخلية أن الوزيرين استعرضا خلال هذا الاجتماع القضايا ذات الاهتمام المشترك، وآفاق تعزيز التعاون الثنائي في انسجام تام مع إعلان الشراكة الاستثنائية المعززة، الذي وقَّعه الملك محمد السادس وإيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، بمناسبة «زيارة الدولة» التي قام بها في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بحسب «وكالة الأنباء المغربية».