تتجاهل قطاعات واسعة من المهاجرين غير النظاميين الفارين من دولهم، المحاذير الأمنية وموجة الصقيع التي تمر بها البلاد، ويستهدفون المدن القريبة من الشواطئ المُطلة على البحر المتوسط بقصد الهجرة إلى أوروبا.
وتضبط الأجهزة الأمنية الليبية وبشكل متكرر «عشرات المهاجرين» في أماكن سرية، أو تعترض وتُعيد غيرهم من البحر إلى مراكز إيواء رسمية، في حين يتمكن آخرون من التسلل والهرب باتجاه شواطئ أوروبية.

وتقول السلطات الليبية إنها تبذل «جهوداً واسعة وتفرض إجراءات صارمة»، لمكافحة عمليات تهريب المهاجرين التي عادة ما تنشط في فصل الشتاء؛ اعتقاداً من المهربين بضعف الرقابة. لكن ذلك لم يمنع الإعلان عن ضبط وإنقاذ مهاجرين في البحر، بعد انطلاق قواربهم من شواطئ ليبية.
ويقول مسؤول أمني بغرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط»، إن العصابات المتاجرة بالبشر «لا تزال تستقطب عشرات المهاجرين غير القانونيين، وتجني من ورائهم أموالاً طائلة بوهم تسهيل هجرتهم إلى أوروبا».
وأشار المسؤول الأمني، إلى أن تلك العصابات «تحصل من المهاجر على قرابة 10 آلاف دولار لإطلاق سراحه إذا كان مخطوفاً لديها، ونصف هذا المبلغ لمساعدته في الهروب عبر البحر».
وأعلنت منظمة «إس أو إس ميديترانيه» غير الحكومية، المُستأجرة سفينة «أوشن فايكينغ»، إنقاذ 112 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في عمليتَين بين يومي السبت والأحد الماضيين.
وقالت المنظمة التي يقع مقرّها في مرسيليا بجنوب شرقي فرنسا، مساء الأحد، إن السفينة ساعدت في البداية قارباً مصنوعاً من الألياف الزجاجية أثناء الليل وأنقذت 25 مهاجراً من بينهم ثلاث نساء، إحداهن حامل، وتم إنقاذ 87 آخرين، الأحد، كانوا على متن قارب خشبي بالتنسيق مع السلطات الإيطالية.

وأفادت المنظمة، بأن الأشخاص الذين أُنقذوا كانوا بمعظمهم من بنغلادش والصومال ومصر، منوهة إلى أن السفينة اتجهت نحو ليفورنو في توسكانا، وهو ميناء خصصته السلطات الإيطالية على مسافة أكثر من ألف كيلومتر من منطقة الإنقاذ.
وبحسب أحدث الأرقام الصادرة عن «المنظمة الدولية للهجرة»، فُقد أو قضى 129 شخصاً في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية العام الحالي أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا.
وفي عام 2024، فُقد وقضى 2333 مهاجراً في البحر المتوسط، الغالبية العظمى منهم في وسط البحر الأبيض المتوسط، الذي يظل أحد أخطر طرق الهجرة في العالم.
ولم تعلن السلطات الأمنية المعنية بالهجرة في ليبيا عن عملية إنقاذ المهاجرين الـ112، لكن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، قال الاثنين، إن مكتب الترحيلات التابع للجهاز رحّل «مهاجرين غير نظاميين» من الجنسية التشادية بعد إتمام إجراءات الإبعاد عن الأراضي الليبية؛ وذلك لمخالفتهم القوانين المعمول بها لدى الدولة الليبية، منوهاً إلى استمرار عمليات الترحيل.
وعادة ما تعلن المنظمات الدولية المعنية بالهجرة، عن اعتراض وإعادة مهاجرين غير نظاميين من البحر إلى السواحل الليبية بعد انطلاق قواربهم من البلاد، وذلك قبل وصولهم إلى اليابسة الأوروبية.

وتحولت ليبيا طريق عبور للمهاجرين الفارين من الصراعات والفقر إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وأعلنت الأجهزة الأمنية خلال الأيام الماضية «تحرير» مئات المهاجرين من قبضة عصابات تتاجر بالبشر، كانوا محتجزين «في ظروف إنسانية وصحية سيئة للغاية»، كما تم اكتشاف «مقابر جماعية» تضم جثث العشرات منهم.
ويشير المسؤول الأمني، إلى أن ليبيا «لا تزال تشهد تدفق أفواج من المهاجرين»، وأرجع ذلك «إلى اتساع عمل العصابات وقدرتها على جلب مئات المهاجرين من دول أفريقية».
ولفت إلى وجود مئات الألوف من المهاجرين طلقاء في شوارع ليبيا، منوهاً إلى تصريح سابق لعماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أشار فيه إلى ارتفاع عدد الوافدين غير الشرعيين إلى 3.5 مليون مهاجر، وهو الرقم الذي شككت فيه منظمات وحقوقيون ليبيون، باعتبار أنه «لم يستند إلى إحصاء رسمي».
وفي السابع من فبراير (شباط) الحالي، قال الهلال الأحمر الليبي، إن فريقاً تابعاً له انتشل جثث عشرة مهاجرين بعد غرق قاربهم قبالة ميناء ديلة في مدينة الزاوية على بعد نحو 40 كيلومتراً من العاصمة طرابلس.
ونشر الهلال الأحمر صوراً تظهر متطوعين على رصيف الميناء وهم يضعون الجثث في أكياس بلاستيكية بيضاء، في حين كان أحدهم يقوم بكتابة أرقام على أحد الأكياس. وفي الأثناء ذاتها، أعلن انتشال عشرات الجثث التي عثر عليها في «مقابر جماعية»، كانت عصابات تخلصت منهم بعدما عجزت أسرهم عن دفع الفدية المطلوبة والمقدرة بـ10 آلاف دولار، بحسب مديرية أمن الواحات.