توقّع بارتفاع بند الرواتب يثير جدلاً حاداً في ليبيا

انتقاد لوزير مالية «الوحدة» بعد حديثه عن الاقتراض من «المركزي»

وزير المالية بحكومة «الوحدة» خالد المبروك (هيئة الرقابة الإدارية)
وزير المالية بحكومة «الوحدة» خالد المبروك (هيئة الرقابة الإدارية)
TT
20

توقّع بارتفاع بند الرواتب يثير جدلاً حاداً في ليبيا

وزير المالية بحكومة «الوحدة» خالد المبروك (هيئة الرقابة الإدارية)
وزير المالية بحكومة «الوحدة» خالد المبروك (هيئة الرقابة الإدارية)

أثار حديث وزير المالية في حكومة الوحدة «المؤقتة» الليبية، خالد المبروك، حول توقعه زيادة بند الرواتب تدريجياً إلى 100 مليار دينار قريباً، حالة من الجدل والتباين الواضح في الآراء. (الدولار يساوي 4.91 دينار في السوق الرسمية).

جاء تصريح المبروك عن القيمة المتوقعة للرواتب خلال اجتماع عقده عبد الله قادربوه، رئيس هيئة الرقابة الإدارية بالعاصمة طرابلس مع عدد من الوزراء بالحكومة، لافتاً إلى أنه سيلجأ إلى الاقتراض من المصرف المركزي لسد العجز في هذا البند.

وانقسمت الآراء حول حديث المبروك، الذي يثير جدلاً واسعاً وقلقاً كبيراً، فيما انتقد البعض الوزير، وقالوا إن الرقم المذكور «غير دقيق؛ والهدف منه قد يكون التمهيد لفرض أعباء جديدة على المواطن».

وفي حين يرى البعض أن هناك تناقضاً بين ما أعلنه المبروك، وأغلب تصريحات حكومة «الوحدة» بشأن استقرار الأوضاع الاقتصادية، دافع آخرون عن الوزير؛ واعتبروا أن حديثه جاء «بشكل تلقائي».

وعدَّ المحلل السياسي الليبي، إسلام الحاجي، أن تصريح المبروك، وبعض الوزراء الآخرين خلال هذا الاجتماع حول اقتراض حكومتهم نهاية العام الماضي من المصرف المركزي لتسديد احتياجات بند الرواتب، «يتناقض مع ما كانت تعلنه عن استقرار الوضع الاقتصادي»، مشيراً إلى ما يعلن عن تزايد معدل إنتاج النفط، ووصوله لقرابة مليون و400 ألف برميل يومياً.

ولفت الحاجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى التضخم الذي يعانيه الجهاز الإداري للدولة، «كونه المتنفس الوحيد للتعيين في ظل محدودية القطاع الخاص؛ لكن الرقم الذي ذكره الوزير المبروك مُبالغ فيه، ويحتاج إلى تدقيق وبيانات لإثباته».

وقال الحاجي إن الرواتب حالياً تبلغ 67 مليار دينار؛ و«المسؤولون في الحكومة طالما تحدثوا عن تضخم الجهاز الإداري، ولذلك فإن هذا ينبئ بعدم إقدامهم على الموافقة على المزيد من التعيينات؛ كما أن الرقابة الإدارية دعت لإيقاف التعيينات؛ فكيف ترفع التكلفة بمقدار 33 مليار دينار»، مؤكداً أنه «لا بد من تبرير لإضافة هذا الرقم».

وتشير تقارير هيئة الرقابة الإدارية إلى أن عدد موظفي القطاع العام يتجاوز مليونين و99 ألف موظف. وفي هذا السياق يعتقد الحاجي أن الهدف من وراء هذا التصريح «قد يكون محاولة للتمهيد لفرض أعباء جديدة على المواطن؛ مثل رفع الدعم عن الوقود أو أي ضرائب جديدة».

من جهته، يرى عضو مجلس النواب الليبي، جاب الله الشيباني، أن عجز الميزانية أو تضخمها «ليس بسبب التعيينات أو الازدواجية بها فقط؛ ولكن بسبب ما يعتقده بـ(الفساد)».

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى برئاسة الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية، وبعض مناطق الجنوب بقيادة أسامة حماد.

بدوره، تحدث الباحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، عن أن «الخزانة العامة الليبية تواجه مشاكل منذ أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) 2024؛ ولذلك بات من الصعب التظاهر بأن الأمور تسير على ما يرام».

وقال حرشاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك نقصاً في الأموال؛ يتمثل في شح بالدولار المقبل من المؤسسة الوطنية للنفط، وهذا يثير القلق».

وحذر «من خطورة عدم وجود حلول حقيقية لهذه المشاكل»، والتعويل على «الاقتراض بالدينار لحلها؛ وهو ما يعني عملياً زيادة المعروض النقدي من العملة المحلية، مما يؤدي لإضعاف قيمتها في السوق الموازية، وهو ما سيترجم إلى تضخم إضافي يثقل كاهل المواطنين».

وانتهى حرشاوي إلى أنه «مع تزايد الاقتراض بالدينار لتغطية الاحتياجات اليومية، وارتفاع الدين العام؛ سيصبح الحصول على اعتمادات مستندية أكثر صعوبة».

بالمقابل، عدَّ المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن حديث وزير المالية جاء بـ«شكل تلقائي خلال مداخلته في اجتماع الهيئة الرقابية»، لكنه توقع بأنه «سينال من شعبية حكومته».

وأوضح محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن حديث المبروك وبعض الوزراء في اجتماع الرقابة الإدارية «جاء بشكل مرسل؛ ومن دون انتباه لما قد يسببه من قلق بالشارع»، ورأى أن «أي إجراءات تقشفية أو أعباء على المواطن ستعلن عنها الحكومة بشكل مباشر». معرباً عن اعتقاده بأن الوزير «يملك من التقديرات ما يدعم صحة الرقم الحالي لقيمة الرواتب وهو 67 مليار دينار؛ والزيادة المتوقعة في ظل استمرار العشوائية في التعيينات، وتزايد الأعداد التي يستقبلها سوق العمل سنوياً، وعدم وجود قطاع خاص قوي يستقطبها».

وبعيداً عن الجدل حول ما يعلن من أرقام بشأن زيادة معدل إنتاج النفط، ذهب محفوظ إلى أن «تزايد الإنفاق بسبب الانقسام الحكومي والمؤسسي وتداعياتهما، من ضعف آليات محاربة الفساد، وإهدار المال العام قادر على استنزاف نسبة كبيرة من عوائد النفط».

ووفقاً للبيانات الرسمية، فإن قرابة 31 في المائة من إجمالي الليبيين يعملون في القطاع الحكومي، بينما يبلغ الحد الأدنى للأجور 900 دينار.


مقالات ذات صلة

البعثة الأممية تشدد على أولوية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية

شمال افريقيا الحداد مستقبلاً تيتيه وخوري (البعثة الأممية إلى ليبيا)

البعثة الأممية تشدد على أولوية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية

قالت البعثة الأممية إلى ليبيا إن تيتيه والحداد بحثا «السبل التي يمكن من خلالها للبعثة دعم جهود ليبيا بفاعلية أكثر نحو توحيد المؤسسات العسكرية الليبية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)

ما «ضريبة الجهاد» التي أٌقرت في عهد القذافي وألغتها محكمة ليبية؟

حرَّك المواطن الليبي علي السنوسي مناع، الذي يعمل بوزارة التربية التعليم دعوى قضائية طالب فيها بإلغاء اقتطاع مبلغ من راتبه لحساب صندوق «ضريبة الجهاد».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا تصريحات متضاربة بشأن الإفراج عن هانيبال القذافي (الشرق الأوسط)

«الاستقرار» تؤكد الإفراج عن نجل القذافي وسط تجاهل «الوحدة»

التزمت حكومة «الوحدة» الليبية «المؤقتة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الصمت حيال إعلان مفاجئ من حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد، عن الإفراج عن هانيبال القذافي.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة وبعض أعضاء حكومته في طرابلس خلال اجتماع مع أعضاء المجالس البلدية للمنطقة الجنوبية (الوحدة)

حرائق «الأصابعة» تفجر تساؤلات الليبيين حول علاقة الدبيبة ببعض وزرائه

توعَّد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، مسؤوليه، أخيراً، باتخاذ «إجراءات صارمة» تجاههم قد تصل إلى «المساءلة القانونية».

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر أميركية وليبية خلال التدريب العسكري المشترك في سرت (الجيش الوطني)

«أفريكوم» تؤكد التزامها بمواصلة التعاون العسكري مع ليبيا

تحدثت السفارة الأميركية لدى ليبيا عن تدريب «فريد من نوعه» مع المراقبين الجويين التكتيكيين العسكريين الليبيين من غرب البلاد وشرقها في محيط سرت.

خالد محمود (القاهرة)

موريتانيا تعلن تفكيك شبكات لتهريب المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
TT
20

موريتانيا تعلن تفكيك شبكات لتهريب المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

أعلن وزير الثقافة والاتصال الموريتاني الحسين ولد مدو الناطق الرسمي باسم الحكومة، في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس (الخميس) في العاصمة نواكشوط، أن بلاده تمكنت في الأيام الأخيرة من تفكيك أربع شبكات من جنسيات مختلفة لتهريب المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.

ونفى الوزير الموريتاني ان تكون بلاده شرطياً لحماية أوروبا. وأضاف أن موريتانيا منفتحة على المهاجرين لكن بطريقة قانونية، وموقفها من الهجرة لم يطرأ عليه أي تغيير، نافياً ما يشاع في بعض شبكات التواصل الاجتماعي حول الموضوع.

وحول اعتقال وترحيل عشرات المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة من موريتانيا إلى بلدانهم قال الوزير إن ما حدث في الآونة الأخيرة من ترحيل لأشخاص دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية مبالغ فيه، إذ لا يتجاوز الأمر تنفيذ ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية والثنائية في مجال محاربة الهجرة غير النظامية، ووقع ذلك بالتعاون والتنسيق مع بلدان من تم ترحيلهم.

وشدد على أن موريتانيا منحت كل التسهيلات المطلوبة للمهاجرين لتسوية وضعية إقامتهم، كالإعفاء من رسوم الإقامة، خاصة المهاجرين من الدول التي تربطنا بها علاقات ثنائية، بيد أن بعضهم لم يهتم بالحصول على الإقامة.

وقال الوزير إنه على سبيل المثال في عام 2022 دخل البلاد حوالي 130 الف مهاجر لم يسجل منهم عند مصالح الهجرة والاقامة في موريتانيا سوى 7 آلاف فقط.