مصر لتعزيز حضورها الأفريقي عبر مشروعات تنموية مع السنغال ونيجيريا

أكدت «توافق الرؤى» للتوصل إلى حلول سلمية للأزمات في الصومال والسودان وأمن البحر الأحمر

محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيرته السنغالية في القاهرة (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيرته السنغالية في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر لتعزيز حضورها الأفريقي عبر مشروعات تنموية مع السنغال ونيجيريا

محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيرته السنغالية في القاهرة (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيرته السنغالية في القاهرة (الخارجية المصرية)

في إطار تعزيز مصر لحضورها الأفريقي عبر مشروعات تنموية مع السنغال ونيجيريا، أجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، محادثات في القاهرة، السبت، مع نظيريه السنغالي ياسين فال، وكذا النيجيري يوسف توجار، تناولت سبل «تطوير العلاقات الثنائية، وقضايا الأمن والسلم بأفريقيا».

واستضافت العاصمة المصرية جولة مشاورات سياسية بين مصر ونيجيريا، على مستوى وزيري خارجية البلدين، اللذين ناقشا «سبل تعزيز التنسيق بين البلدين في مجالات التعاون الثنائي، والقضايا الإقليمية، وفي مقدمتها محاربة الإرهاب العابر للحدود»، حسب إفادة لـ«الخارجية» المصرية. كما تناولت المشاورات «الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، وأمن الملاحة في البحر الأحمر»، إلى جانب «التطورات في الصومال والسودان وسوريا».

وأشار عبد العاطي في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره النيجيري، عقب المشاورات، إلى «توافق رؤى» بلاده مع نيجيريا، بشأن العمل المشترك للتوصل إلى حلول سلمية للأزمات في الصومال والسودان وأمن البحر الأحمر. بينما قال وزير الخارجية النيجيري إن المحادثات تناولت تعاون بلاده مع القاهرة في مجال الأمن الغذائي، وإدارة الموارد المائية بسبب الفيضانات السنوية في نيجيريا، مشيراً إلى أن «بلاده تتطلع للاستفادة من الخبرات المصرية في مشروعات الطاقة البديلة والمشروعات التنموية».

كما عقد عبد العاطي محادثات مع نظيره السنغالي، في القاهرة، السبت، تناولت «الأوضاع في منطقة الساحل وغرب أفريقيا»، إلى جانب «المستجدات في القرن الأفريقي، والتطورات في الصومال والسودان، وقضية الأمن المائي المصري»، وحسب إفادة لـ«الخارجية» المصرية، فقد ناقش الوزيران «تعزيز العمل الأفريقي المشترك والتكامل الإقليمي وعدداً من المشروعات التنموية».

وتعكس التحركات المصرية الأخيرة في أفريقيا رؤية القاهرة لتطوير علاقاتها، وتعاونها مع دول القارة بمختلف القضايا، وفق تقدير نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، الذي أوضح أن «تكثيف وزير الخارجية المصري لزياراته لعدد من دول القارة أخيراً، واتصالاته ولقاءاته مع نظرائه الأفارقة، كل ذلك يشير إلى إرادة القاهرة لتعميق تعاونها مع الدول الأفريقية، خصوصاً في القضايا التي تتعلق بأمنها ومصالحها الاستراتيجية».

وقال حليمة لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر تستهدف «تكثيف التعاون مع دول الغرب الأفريقي، إلى جانب دول حوض النيل»، مشيراً إلى «وجود ملفات سياسية مهمة للتنسيق المشترك، وعلى رأسها محاربة الإرهاب في منطقة الساحل والغرب الأفريقي»، إلى جانب «المشاركة مع هذه الدول في الملفات الاقتصادية والمشروعات التنموية».

مشاورات سياسية بين وزيري خارجية مصر ونيجيريا في القاهرة (الخارجية المصرية)

وحسب وزارة الخارجية المصرية، فقد بحث عبد العاطي مع نظيره السنغالي «تنفيذ الشركات المصرية مشروعات للبنية التحتية في السنغال، والاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات بناء المدن الجديدة والتشييد، ومشروعات شبكات الري، وبناء المصانع»، كما ناقشا «إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة بجوار ميناء (ندايان)، وتوسعة ميناء داكار لتحويله مركزاً لوجيستياً، وإنشاء خط ملاحي بين البلدين لتسهيل التبادل التجاري ونقل البضائع».

وتوقف حليمة عند تأثير التعاون المصري مع نيجيريا والسنغال، مشيراً إلى أن الدولتين «تتمتعان بثقل وتأثير إقليمي»، عادّاً تعاون القاهرة مع الدولتين «ضرورياً، خصوصاً لدعم القضايا التي تمس مصالحها الاستراتيجية، مثل الوضع في السودان والصومال».

وترى مديرة البرنامج الأفريقي في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، الدكتورة أماني الطويل، أن «القاهرة تحرص على التنسيق مع الدول ذات الثقل في القارة، مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا والسنغال في كل القضايا، خصوصاً تلك المرتبطة بأمنها القومي، وملفات التنمية، وشواغلها المختلفة خصوصاً في حوض النيل وشرق أفريقيا».

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط»، إن التنسيق المصري مع نيجيريا والسنغال، تجاه ما يحدث في السودان «له أهمية كبيرة، لدعم موقف الخرطوم في الحرب القائمة، والعمل على استئناف عضوية السودان بالاتحاد الأفريقي».

وخلال زيارة وزير الخارجية المصري لبورتسودان، الأسبوع الماضي، ناقش مع المسؤولين السودانيين جهود بلاده الهادفة لدعم الاستقرار بالسودان، واستئناف نشاطه في الاتحاد الأفريقي، حسب وزارة الخارجية المصرية.

وتوقفت الطويل مع التطورات السياسية التي تشهدها منطقة الساحل والغرب الأفريقي، وقالت إن تنسيق القاهرة مع الدول ذات الوزن في هذه المنطقة، «ضروري لمواجهة التهديدات الأمنية الناتجة عن نشاط التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل».


مقالات ذات صلة

محادثات إثيوبية - صومالية في أنقرة... هل تشهد حلاً للخلاف البحري؟

تحليل إخباري رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في لقاء سابق بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)

محادثات إثيوبية - صومالية في أنقرة... هل تشهد حلاً للخلاف البحري؟

محادثات فنية إثيوبية - صومالية انطلقت في أنقرة تنفيذاً لتفاهمات ثلاثية قبل نحو شهرين لحل الخلافات بين البلدين الواقعين بمنطقة القرن الأفريقي، الغارقة في أزمات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مقاتلو تنظيم «القاعدة» متحمسون للقضاء على «داعش» (وسائل التواصل الاجتماعي)

نيجيريا: مواجهات عنيفة بين «بوكو حرام» و«داعش»

تصاعدت وتيرة المعارك في شمال شرقي نيجيريا، ما بين فصيلين من جماعة «بوكو حرام»، أحدهما يبايع تنظيم «داعش» والآخر محتفظ بالولاء لتنظيم «القاعدة»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا جانب من حضور القمة الأفريقية بأديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)

هل تُسهم «قمة أديس أبابا» في تهدئة أوضاع القارة الأفريقية؟

مع انعقاد الاجتماع السنوي لقمة الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أُثيرت تساؤلات حول قدرة «القمة» على تهدئة الأوضاع داخل القارة السمراء.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

رئيس الوزراء المصري في إثيوبيا... هل تتحرك قضية «سد النهضة»؟

يواجه مشروع «سد النهضة»، الذي أقامته إثيوبيا على رافد نهر النيل الرئيسي، اعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان.

أحمد إمبابي (القاهرة )
خاص وزير المالية الصومالي بيحي عجي (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:17

خاص الصومال: نجحنا في تسوية 4.5 مليار دولار من الديون بمساعدة السعودية

أكد وزير المالية الصومالي أن بلاده تمكنت من تسوية نحو 4.5 مليار دولار من الديون، وأنها تشهد تغيراً حقيقياً، وتمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

كل ليبي يتمسك بـ«ثورته»... انقسام بين أنصار «الملكية» و«الفاتح» و«فبراير»

احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)
احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)
TT

كل ليبي يتمسك بـ«ثورته»... انقسام بين أنصار «الملكية» و«الفاتح» و«فبراير»

احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)
احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)

لم تُنسِ الأحداث الجسام والصراعات الدموية، التي شهدتها ليبيا، مواطنيها الاحتفال بـ«ثوراتهم»، كل حسب انتمائه وآيديولوجيته، ما جعل المشهد السياسي والاجتماعي يبدو «فسيسفائياً»، ويغلفه الانقسام.

الدبيبة يشارك في الاحتفال بذكرى ثورة 17 فبراير (قناة ليبيا الوطن)

في ليبيا لم يطو الزمن المناسبات السياسية، ولا ذكرى الأحداث الأليمة بعد، ففي هذا البلد الأفريقي يحتفل كل مواطن بثورته في مواعيدها. أنصار الملكية يحيون «يوم الاستقلال»، ومؤيدو «الفاتح من سبتمبر» يتمسكون بذكراها، بينما تعمّ الاحتفالات في ذكرى «ثورة 17 فبراير»، التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، كما يحدث راهناً.

ويرى متابعون ليبيون أن «هذا الاستحضار للمناسبات السياسية يعد انعكاساً للإقصاء والتهميش، الذي تستشعره كل فئة، بعدما كانت ملء السمع والبصر في حقبة سابقة».

واحتفلت ليبيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بالذكرى الـ73 لاستقلالها، وهي المناسبة التي يطالب فيها أنصار الملكية بـ«إعادة استحقاق ولاية العهد للأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، وتوليه مُلك البلاد، وتحمّل مسؤولياته الدستورية كاملة».

عدد من المسؤولين خلال حضورهم الاحتفالات في «ميدان الشهداء» (منصة حكومتنا)

ومحمد الحسن هو نجل الحسن الرضا السنوسي، الذي عينه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1956، وتوفي في 28 أبريل (نيسان) 1992.

وخلال العام الماضي، التقى السنوسي، المولود عام 1962، شخصيات ليبية، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق، بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

جانب من الاحتفالات (منصة حكومتنا)

ويرى أكرم النجار، رئيس تحرير منصة «علاش»، أن الليبيين «يبحثون عن أنفسهم، وإلى الآن لا توجد ذكرى جامعة لذاكرة الليبيين، وهذا يبين بشكل واضح أزمة تعريف الليبيين لأنفسهم».

وقبل 73 عاماً تقريباً، أعلن الملك الليبي الراحل، إدريس السنوسي، استقلال بلاده بعد عقود من الاحتلال الإيطالي، الذي بدأ عام 1911، وتمت مقاومته بمعارك دامت أكثر من عقدين خاضها «شيخ المجاهدين»، عمر المختار، مع رفاقه.

ومن شرفة قصر «المنار» في بنغازي، زفّ السنوسي لشعبه عام 1951 بشارة الاستقلال، وقال: «نتيجة جهاد أمتنا وتنفيذاً لقرار الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949، تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة».

وبعد سنوات طوال من انتهاء الاحتلال الإيطالي، ثم رحيل الملك إدريس، حكم القذافي ليبيا إثر «ثورة الفاتح من سبتمبر» قرابة 42 عاماً، قال معارضوه إنها اتسمت بـ«الديكتاتورية»، قبل إسقاط نظامه بـ«الثورة»، التي اندلعت في 17 فبراير (شباط) عام 2011.

خوري خلال مشاركتها في الاحتفال بذكرى «ثورة 17 فبراير» (منصة حكومتنا)

ويرجع النجار في حديث إلى «الشرق الأوسط» سبب تمسك الليبيين بـ«ثوراتهم» إلى «عدم تمكن هذا الشعب من تأسيس كيان سياسي واجتماعي جامع»، معتبراً أن «هذا العجز كان سببه في الغالب انعدام الفرصة التاريخية ليتحدث أفراد هذا الشعب لبعضهم، ويقرروا الإجابة عن هذه الأسئلة: من نحن؟ وكيف سنعيش مع بعضنا على هذه الأرض؟».

وفي الأول من سبتمبر (أيلول) من كل عام، تكون ليبيا على موعد مع احتفالات أنصار القذافي بذكرى «ثورة الفاتح» في مدن عدة، لا تخلو من ملاسنات ومشادات كلامية غير معهودة من المناوئين لهم.

ولوحظ مؤخراً استحضار أطياف متباينة ومن أعمار مختلفة، لذكرى القذافي، الذي ربما قُتل قبل أن يعاصروا حكمه ويشهدوا أيامه، وذلك الهتاف الشهير في مناسبات عدة: «الله ومعمر وليبيا وبس».

وخلال الاحتفال بذكرى «ثورة 17 فبراير»، مساء الاثنين، فاجأ طفل صغير مراسل «قناة الوطنية»، التابعة لحكومة «الوحدة»، بالإجابة عن سؤاله: هل تحب «17 فبراير»؟ فقال: بالتأكيد لا... نحب عيد الفاتح».

وعمّت الاحتفالات، أمس، مدناً ليبية عديدة بذكرى «17 فبراير»، تزامناً مع افتتاح عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، «ميدان الشهداء»، والنافورة الرقمية بالعاصمة، بعد استكمال أعمال الصيانة والتطوير.

وتخلل الحفل، الذي رعته الحكومة، فقرة بعنوان «حماة الراية»، وهي عرض عسكري، بالإضافة إلى «أوبيريت في ليلة الحمد» مع المنشد الشهير ماهر زين، بجانب لوحة فلكورية بعنوان «ليبيا واحدة».

ولم تخلُ ذكرى مرور 14 عاماً على «ثورة 17 فبراير» من اتهامات وُجّهت لحكومة الدبيبة بـ«البذخ» في الإنفاق خلال الاحتفالات، التي شهدت عرضاً جوياً باستخدام طائرات «الدرون»، وحضره أيضاً عدد من الدبلوماسيين والسفراء، إلى جانب أسر «الشهداء والجرحى»، تكريماً لتضحياتهم خلال أحداث «ثورة فبراير».

إطلالة على «ميدان الشهداء» وسط طرابلس خلال الاحتفالات (قناة ليبيا الوطن)

وبالنظر إلى تمسّك كل فصيل بـ«ثورته»، ينتهي متابعون إلى أن «ليبيا لن تعود إلى الوراء»، وذلك رداً على من يدعون من مؤيدي نظام القذافي، أو أنصار الملكية بـ«العودة إلى حكم ليبيا».