«هدنة غزة»: هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار؟

وسط مطالبات عربية بالالتزام بتنفيذ البنود كافة

أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي ضربتها الغارات الإسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي ضربتها الغارات الإسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار؟

أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي ضربتها الغارات الإسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون أنقاض المباني التي ضربتها الغارات الإسرائيلية في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تبادلت إسرائيل و«حماس» اتهامات بشأن عرقلة إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مطالبات من الوسطاء ودول عربية بالالتزام بتنفيذ بنود «الصفقة» كافة.

تلك الاتهامات التي تأتي قبل بدء تنفيذ الاتفاق، الأحد، تثير، لدى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، شكوكاً في إمكانية أن «يصمد الاتفاق بمرحلتيه الثانية والثالثة»، متوقعين أن يرضخ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رغم «استفزازاته» إلى تنفيذ المرحلة الأولى الممتدة إلى 42 يوماً؛ لأسباب متعلقة بضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترمب والداخل الإسرائيلي.

وبعد أكثر من عام من التعثر، ومع اقتراب تنصيب ترمب الاثنين المقبل، خلفاً لجو بايدن، أسفرت جهود الوسطاء «مصر وقطر والولايات المتحدة» عن توقيع اتفاق على ثلاث مراحل اعتباراً من الأحد، يشمل إطلاق سراح 33 رهينة في قطاع غزة، مقابل الإفراج عن ألف معتقل فلسطيني من السجون الإسرائيلية، وفق بيان مشترك للوسطاء.

رجل يحمل جثة طفل رضيع قُتل في غارات إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

واتهم نتنياهو، الخميس، في بيان، «حماس» بأنها «تتراجع عن أجزاء من الاتفاق»، لكن القيادي بالحركة، عزت الرشق، نفى ذلك، مؤكداً تمسك «حماس» بالاتفاق، وسط حديث إعلام فلسطيني عن «قصف إسرائيلي تواصل على أكثر من منطقة بالقطاع، أسفر عن مقتل 100 شخص».

وليس القصف وحده ما واجه الساعات التي تلت الاتفاق، بل ضغوط داخلية إسرائيلية، إذ توعد وزير المالية اليميني المتطرّف، بتسلئيل سموتريتش، بالتصويت ضد الاتفاق حال عرضه على المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، وفق ما أفادت به قناة «الحرة» الأميركية، وسط حديث عن احتمال تأجيل النظر فيه إلى الجمعة، بحسب «القناة الـ13» الإسرائيلية.

وبينما أكدت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، الخميس، نقلاً عن مصادر أنه «لا يمكن لنتنياهو التراجع عن صفقة التبادل»، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان إنه يجري العمل على معالجة «آخر تفاصيل» الاتفاق، دون الكشف عنها.

ويصف الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، رد الفعل الإسرائيلي منذ إعلان الاتفاق بأنه «ضغوط الساعات الأخيرة لمحاولة نيل أي مكاسب قد تطرأ؛ لكن نتنياهو لن يستطيع أن يمتنع عن تنفيذ الاتفاق، خاصة في ظل وجود ترمب، وواشنطن، بوصفهما ضامنين لتنفيذه»، مرجحاً أن يستمر في تكرار الخروقات والادعاءات حتى الأحد المقبل، وأن تلتزم «حماس» بالصفقة وتتجاوز «استفزازاته».

فيما يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن الاتفاق على الأقل في المرحلة الأولى سيصمد، ولن يتراجع نتنياهو عنه بتلك المرحلة، لأنه سيحقق أهدافه في تخفيف الضغط الداخلي عليه وإرضاء ترمب.

وأضاف: «لكن سيعمل نتنياهو على التلاعب بالمرحلتين الثانية والثلاثة غير المرتبطتين بفترة زمنية، وقد يطيلهما معتمداً على أنهما قد لا تكونان أولوية لدى ترمب بعد تنفيذ وعده الرئيسي».

دخان تصاعد في وقت سابق بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

وفي أول رد من الوسطاء بشأن استمرار القصف والاتهامات، شددت وزارة الخارجية المصرية، الخميس، على ضرورة التزام طرفي الاتفاق ببنوده وتواريخه، غداة تأكيد «الخارجية السعودية»، ووزيري خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والأردن أيمن الصفدي، على «ضرورة الالتزام بالاتفاق»، وفق بيانات منفصلة.

وأكد اللواء فرج حرص مصر والدول العربية على تنفيذ الاتفاق، وبالتالي مواصلة الجهود لتنفيذ كامل الاتفاق.

وقد تشكل تلك المطالب العربية «ضغوطاً، لكنها لن تجبر نتنياهو على وقف أي خروقات بالمرحلتين الثانية أو الثالثة»، وفق مطاوع، مشيراً إلى أن ترمب الوحيد الذي يستطيع إيقاف ذلك، ولا يمكن الجزم بما يمكن أن يفعله مع بداية حكمه.

ويحذر فرج من وجود تحد كبير بعد المرحلة الأولى، وهو أن «يكون عدد القتلى من الرهائن أكبر من الأحياء، وبالتالي قد يتذرع نتنياهو بذلك الأمر في إحداث تغير دراماتيكي ورؤية خروقات واسعة تهدد الاتفاق».


مقالات ذات صلة

«قمة القاهرة» الطارئة لصياغة موقف عربي موحد ضد «التهجير»

شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«قمة القاهرة» الطارئة لصياغة موقف عربي موحد ضد «التهجير»

بهدف صياغة موقف عربي موحَّد ضد «تهجير الفلسطينيين»، تستضيف العاصمة المصرية، القاهرة، في 27 فبراير (شباط) الحالي، «قمةً عربيةً طارئةً».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
الخليج قافلة مساعدات للفلسطينيين في رفح الأسبوع الماضي (رويترز) play-circle

رفض إسلامي وعربي لتصريحات نتنياهو... والتزام سعودي بحل الدولتين

أكد مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن بيان السعودية، الأحد، بشأن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، حول تهجير الفلسطينيين من أرضهم، حمل تقديراً للمواقف العربية.

غازي الحارثي (الرياض)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle

نتنياهو: مصر هي التي تمنع مغادرة الفلسطينيين من غزة

أشاد نتنياهو بقيادة ترمب وسياسته تجاه غزة والشرق الأوسط، مؤكداً أن «مصر هي التي تمنع مغادرة الفلسطينيين قطاع غزة المُدمَّر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي اجتماع سابق لمجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة (أرشيفية - الشرق الأوسط)

القاهرة تستضيف «قمة عربية طارئة» في 27 فبراير حول تطورات القضية الفلسطينية

أعلنت وزارة الخارجية المصرية اليوم الأحد أن القاهرة ستستضيف قمة عربية طارئة حول تطورات القضية الفلسطينية في 27 فبراير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب خلال الحرب وهم في طريقهم إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

السعودية ترفض تصريحات نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين

أكدت السعودية رفضها القاطع لتصريحات نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين، مشيرة إلى أن هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«قمة القاهرة» الطارئة لصياغة موقف عربي موحد ضد «التهجير»

مقر وزارة الخارجية المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر وزارة الخارجية المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قمة القاهرة» الطارئة لصياغة موقف عربي موحد ضد «التهجير»

مقر وزارة الخارجية المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر وزارة الخارجية المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

بهدف صياغة موقف عربي موحَّد ضد «تهجير الفلسطينيين»، تستضيف العاصمة المصرية، القاهرة، في 27 فبراير (شباط) الحالي، «قمةً عربيةً طارئةً»، عدّها خبراء «فرصةً تاريخيّةً لإثبات أن العرب قادرون على مواجهة تحدٍّ حقيقي يهدِّد أمنهم».

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، في إفادة رسمية، (الأحد)، استضافةَ القاهرة قمةً عربيةً طارئةً تستهدف بحث التطورات «المستجدة والخطيرة» للقضية الفلسطينية، مشيرة إلى أنه «تم التنسيق بشأنها مع مملكة البحرين (الرئيس الحالي للقمة العربية) والأمانة العامة لجامعة الدول العربية».

ولفتت وزارة الخارجية المصرية إلى أنه «تم التشاور والتنسيق من جانب القاهرة، وعلى أعلى المستويات، مع الدول العربية الشقيقة خلال الأيام الأخيرة بشأن القمة، بما في ذلك دولة فلسطين التي طلبت عقد القمة، وذلك لتناول التطورات المستجدة والخطيرة للقضية الفلسطينية».

وتأتي القمة العربية وسط تنديد، إقليمي وعالمي، واسع النطاق باقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ«السيطرة على قطاع غزة»، وإنشاء ما وصفها بـ«ريفييرا الشرق الأوسط» بالقطاع، وذلك عقب اقتراحه بأن تستقبل مصر ومملكة الأردن لاجئين من غزة.

مقر «الجامعة العربية» في القاهرة (جامعة الدول العربية)

المتحدَّث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، جمال رشدي، قال إن «القمة تستهدف بناء موقف عربي موحَّد ضد محاولات تهجير الفلسطينيين»، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المواقف العربية كانت واضحةً وصريحةً في هذا الشأن، وكل دولة أعلنت رفضها، لكن كان لا بد من صياغة موقف موحَّد على أعلى مستوى من خلال هذه القمة».

وتوقَّع رشدي «حضوراً قوياً وكبيراً» في «قمة القاهرة» الطارئة، «يعكس إلحاح الموقف وخطورته، وما يُشكِّله من تحدٍّ للقضية الفلسطينية، والمنطقة العربية كلها».

وكانت «الخارجية المصرية»، أكدت، الجمعة، «إجراء اتصالات مكثفة في إطار تنسيق المواقف العربية، والتشاور بشأن مستجدات القضية الفلسطينية والأوضاع الكارثية في القطاع والضفة الغربية».

ووفق إفادة «الخارجية المصرية» حينها، أجرى الوزير بدر عبد العاطي، اتصالات مكثفة بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي مع عدد من نظرائه العرب، شملت اتصالات مع وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، والإمارات، والكويت، وسلطنة عمان، والبحرين (الرئيس الحالي للقمة العربية)، والأردن، والعراق، والجزائر، وتونس، وموريتانيا، والسودان.

وشهدت الاتصالات «التأكيد على ثوابت الموقف العربي، إزاء القضية الفلسطينية، الرافض لأي إجراءات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، أو تشجيع نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينية، على ضوء ما تمثله هذه التصورات والأفكار من انتهاك صارخ للقانون الدولي، وتعدٍ على الحقوق الفلسطينية، وتهديد للأمن والاستقرار في المنطقة، وتقويض لفرص السلام والتعايش بين شعوبها».

جانب من اجتماع خماسي لوزراء الخارجية العرب في القاهرة مطلع الشهر الحالي (أ.ب)

وحظي إعلان القاهرة، استضافتها للقمة، بتفاعل من برلمانيين وإعلاميين مصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط ترقب لنتائجها. وقال الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «القمة تأتي في ظل ظروف خطيرة تهدِّد الأمن القومي العربي»، مشيراً إلى أن «الشارع العربي ينتظر مواقف حاسمة، تدفع إسرائيل إلى مراجعة مواقفها».

أما الإعلامي المصري، أحمد موسى، فأشار في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى أهمية القمة «لتنسيق الموقف العربي، ومواجهة مخططات التهجير والتصفية للقضية الفلسطينية».

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، عدَّ «قمة القاهرة» الطارئة بمثابة «فرصةً تاريخيّةً لإثبات أن العرب قادرون على مواجهة تحدٍّ حقيقي يهدِّد أمنهم بشكل حقيقي وجاد، في ظل تحالف الولايات المتحدة مع إسرائيل لتنفيذ مخطط التهجير». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه القمة تأتي لدعم موقف عربي مبدئي، حيث سبقتها مواقف صارمة من السعودية ومصر والأردن».

وأضاف: «هناك إرهاصات لموقف تاريخي عربي يؤكد أنه فات أوان فرض الإملاءات، ما يجعل (قمة القاهرة) تُشكِّل نقلة نوعية في مواقف القمم العربية»، لافتاً إلى أن «الحد الأدنى المنتظر من هذه القمة، هو خروج رفض واضح وصريح لتصفية القضية، ولمخطط التهجير الذي لا يمكن للولايات المتحدة تنفيذه دون مواقفة الدول العربية، لا سيما أن ترمب طالب القاهرة وعمّان باستقبال اللاجئين الفلسطينيين».

وبحسب أحمد فإن «الموقفين المصري والأردني كانا شديدَي الوضوح وبدعم سعودي كامل، ما يعني أن هناك نواة لموقف عربي موحد يضم الأطراف الوازنة في مواجهة تحدي التهجير».

وأكدت السعودية، الأحد، «رفضها القاطع» لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشأن «تهجير الفلسطينيين من أرضهم». وأعلن الأردن ومصر مراراً رفضهما «تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم». وقال الرئيس المصري، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، إن «ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني ظلمٌ لا يمكن أن نشارك فيه».

فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المُدمَّرة في قطاع غزة (رويترز)

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قد شدَّد، الخميس، على «ضرورة تسريع جهود الإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة لقطع الطريق على مخطط التهجير».

ولفت أحمد يوسف أحمد، الذي شغل منصب العميد السابق لـ«معهد البحوث العربية»، التابع لجامعة الدول العربية، إلى أن «تاريخ القمم العربية ارتبط بانعقادها في لحظات التحدي بداية من (قمة أنشاص)»، مشيراً إلى أن «الدعوة لقمة طارئة الآن تعكس إحساساً بأن هناك تحدياً كبيراً يستلزم توحيد وتنسيق المواقف العربية لمواجهته، يتمثل في وجود تهديد حقيقي بتصفية القضية الفلسطينية، لا يمكن مواجهته بجهود فردية».

وعُقدت «قمة أنشاص» التأسيسية في مايو (أيار) عام 1946 بدعوة من ملك مصر آنذاك فاروق الأول في «قصر أنشاص»، بحضور الدول السبع المؤسِّسة للجامعة العربية، وهي؛ مصر، وشرق الأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا، وكان محورها الأساسي «دعم فلسطين». كما عُقدت قمة «التضامن العربي» في بيروت عام 1956 لـ«دعم مصر ضد العدوان الثلاثي، وتأكيد سيادتها على قناة السويس».

والقمتان (أنشاص وبيروت) عُقِدَتَا للتعامل مع أزمتين، الأولى كانت لمواجهة «الخطر الصهيوني على فلسطين»، والثانية جاءت «رداً على العدوان الثلاثي على مصر»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.