مصر تجدد دعمها الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

في ثاني زيارة لعبد العاطي إلى بورتسودان خلال شهرين

رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان خلال استقبال بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان خلال استقبال بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تجدد دعمها الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان خلال استقبال بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان خلال استقبال بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

جددت مصر دعمها الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، في مواقف أعلنها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال زيارته لمدينة بورتسودان، الأربعاء.

وتعد زيارة عبد العاطي لبورتسودان، الثانية خلال شهرين، حيث كانت الأولى مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بهدف «تعزيز العلاقات الثنائية».

وخلال لقائه مع رئيس «مجلس السيادة» الانتقالي، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، أكد عبد العاطي استمرار بلاده في بذل مساعيها الحثيثة لتحقيق الاستقرار في السودان، إلى جانب تضامن بلاده «الكامل مع السودان ودعمها لاستقراره، وأمنه، وسيادته، ووحدة وسلامة أراضيه»، حسب إفادة لوزارة الخارجية المصرية.

واستعرض وزير الخارجية المصري خلال لقاء البرهان جهود القاهرة «لدعم الاستقرار في السودان واستئناف نشاطه في الاتحاد الأفريقي»، مرحباً بقرارات مجلس السيادة السوداني بشأن «الإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية للسودان».

وفي لقاء آخر، جدد عبد العاطي خلال محادثات مع نظيره السوداني علي يوسف الشريف، التأكيد على «دعم بلاده للسودان ومؤسساته الوطنية وضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السودانية»، كما أكد على «أهمية تحقيق وقف إطلاق النار وضرورة بذل كل الجهود لاستعادة أمن واستقرار السودان».

محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره السوداني في بورتسودان (الخارجية المصرية)

وفي محادثات مع نائب رئيس «مجلس السيادة»، مالك عقار، أشار وزير الخارجية المصري إلى «التسهيلات التي تقدمها بلاده للسودانيين المقيمين لحين عودتهم إلى بلادهم»، مشيراً إلى «جهود الحكومة المصرية بشأن امتحانات الشهادة الثانوية لأبناء الجالية بمصر»، وجدد التأكيد على حرص بلاده على بذل كل الجهود «لرفع المعاناة عن الشعب السوداني وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للسودان».

وتستضيف مصر آلاف السودانيين الذين فرّوا من الحرب الداخلية، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن «القاهرة استقبلت نحو مليون و200 ألف سوداني بعد الحرب»، إلى جانب آلاف من السودانيين الذين يعيشون في مصر منذ سنوات.

يأتي الدعم المصري المستمر للسودان من منطلق خصوصية العلاقات بين البلدين، وفق تقدير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق صلاح حليمة، مشيراً إلى أن «القاهرة تحتفظ بروابط عدة مع السودان أهمها رابطة مياه النيل».

وخلال محادثات عبد العاطي والشريف، الأربعاء، أكدا على «التعاون بين البلدين في ملف الأمن المائي»، واتفقا على «استمرار التنسيق بصورة وثيقة لحماية أمن البلدين المائي بوصفه أمراً لا تهاون فيه»، حسب «الخارجية المصرية».

ووفق مصادر رفيعة المستوى تحدثت لـ«الشرق الأوسط» في بورتسودان، جرى نقاش مهم بين الوزيرين بشأن فك عضوية السودان المجمدة في الاتحاد الأفريقي والدور الذي يمكن أن تضطلع به القاهرة في هذا الملف.

وقالت إن وزير الخارجية السوداني، أشار خلال المحادثات الثنائية إلى أن مصر وقفت إلى جانب بلاده في الحرب التي تخوضها ضد «قوات الدعم السريع»، واستضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين الذين فروا بسبب الحرب.

وأفادت المصادر نفسها بأن وزير الخارجية المصري أكد أهتمام بلاده بأمن واستقرار السودان، مشيراً إلى الآثار السيئة التي خلفتها الحرب المستمرة منذ أكثر من 21 شهراً.

وقال بيان «للخارجية السودانية»: «ناقش الوزيران باهتمام كبير القضايا القنصلية بين البلدين».

ويتوقف حليمة مع دعوة وزير الخارجية المصري خلال مباحثاته في بورتسودان لوقف إطلاق النار، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تسعى لوقف شامل ودائم للحرب الداخلية، وتأمين نفاذ المساعدات الإنسانية، خصوصاً بعد الانتصارات الأخيرة للجيش السوداني باستعادة مدينة ود مدني».

وفي رأي حليمة فإن مصر تسعى لترتيبات اليوم التالي لوقف الحرب بالسودان من خلال مسار التسوية الشاملة، والاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار.

وزير الخارجية المصري خلال لقاء نائب رئيس مجلس السيادة السوداني (الخارجية السودانية)

وذكر مدير وحدة العلاقات الدولية بـ«المركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية»، مكي المغربي، أن القاهرة داعمة باستمرار للحفاظ على وحدة السودان ومؤسسات الدولة السودانية وخصوصاً الجيش.

وتحدث المغربي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن وجود قضايا مطروحة للنقاش باستمرار بين البلدين خصوصاً «أوضاع الجالية السودانية المقيمة بمصر، ومسألة إغلاق المدارس السودانية بالقاهرة»، إلى جانب «ترتيبات العودة الطوعية للسودانيين المقيمين بمصر التي قد تتزايد وتيرتها قريباً مع انتصارات الجيش السوداني».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي.

في سياق ذلك، أشار وزير الخارجية المصري خلال مباحثاته مع نظيره السوداني، الأربعاء، إلى جهود بلاده لإقامة «امتحانات الشهادة الثانوية لنحو 28 ألف طالب من أبناء الجالية السودانية المقيمة بمصر».

وتأتي زيارة وزير الخارجية المصري إلى بورتسودان، عقب زيارة نظيره السوداني للقاهرة، في نهاية ديسمبر الماضي، جرى خلالها التأكيد على «وقوف مصر إلى جانب السودان في ظروف الحرب الحالية».


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم مدينة ود مدني في السودان 12 يناير 2025 (رويترز)

شابان سودانيان يتحدثان... من الاحتجاجات إلى حمل البندقية في صفوف الجيش

يتحدّث شابان سودانيان عن نضالهما ضمن الاحتجاجات المناهضة لحكم الرئيس المخلوع عمر البشير، وقد انضما لصفوف الجيش السوداني في حربه ضد «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

شابان سودانيان يتحدثان... من الاحتجاجات إلى حمل البندقية في صفوف الجيش

جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم مدينة ود مدني في السودان 12 يناير 2025 (رويترز)
جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم مدينة ود مدني في السودان 12 يناير 2025 (رويترز)
TT

شابان سودانيان يتحدثان... من الاحتجاجات إلى حمل البندقية في صفوف الجيش

جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم مدينة ود مدني في السودان 12 يناير 2025 (رويترز)
جنود من الجيش السوداني يحتفلون بعد دخولهم مدينة ود مدني في السودان 12 يناير 2025 (رويترز)

في مبنى مدمر، يقف شاب يرتدي قميصاً أبيض وملابس عسكرية، ويحمل قاذفة صواريخ على كتفه. سُمع صوت انفجار، ثم صرخة تقول: «أحسنت. لقد نلت منهم!»، الصوت لمحمد، هو شاب ذو عينين ضاحكتين، وشارب شبابي، وبندقية كلاشنيكوف معلّقة على كتفه. لا يُتعب نفسه من إعادة تشغيل مقطع الفيديو الذي تم تصويره قبل أيام قليلة على جوّاله، على خط المواجهة، على مسافة نحو عشرة كيلومترات في خط مستقيم من نهاية الرصيف حيث يجلس هذا الصباح على كرسي بلاستيكي ويحمل بيده فنجان قهوة سوداء محلاة.

وعلى مسافة غير بعيدة، يمكن سماع اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

تخوض المجموعتان العسكريتان صراعاً دامياً يشمل جميع أنحاء البلاد منذ ما يقرب من عامين، بدءاً من العاصمة الخرطوم، حيث اشتدت حدة القتال في الأسابيع الأخيرة. وقُتل أكثر من 120 مدنياً، الاثنين، في قصف لمدينة أم درمان.

أشخاص بالقرب من دبابة بعد دخول الجيش السوداني إلى ود مدني في السودان 12 يناير 2025 (رويترز)

عقود من الحكم العسكري

التهمت الحرب في السودان كل شيء وكل شخص، وخاصة الشباب، الأشخاص أنفسهم الذين حلموا في أبريل (نيسان) 2019 بإنقاذ السودان وساعدوا في إنهاء ثلاثة عقود من حكم عمر البشير، بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات السلمية، حسب صحيفة «لوفيغارو».

وكان محمد، المراهق، جزءاً من كل هذه المسيرات الشعبية الكبرى. كان يدرس في جامعة الخرطوم للتكنولوجيا عندما اندلعت الحرب. والآن، في عمر الـ22 عاماً، يقاتل إلى جانب الجيش السوداني ضمن «اللواء الثوري». لقد اختار الجانب الذي يؤيده في الحرب، حتى لو كان ذلك يعني دعم الجنود الذين كان يكرههم في السابق، بحسب الصحيفة.

يقول محمد: «البلاد تحتاج إلينا. هذا ليس الوقت المناسب للانقسام. العدو اليوم هو (قوات الدعم السريع)، أما في ما يخص الباقي فسنرى لاحقاً».

أنصار لـ«قوات الدعم السريع» بالقرب من الخرطوم بالسودان 22 يونيو 2019 (رويترز)

في وقت المظاهرات الأولى، كان محمد بالفعل يناضل على الخطوط الأمامية بكل حماسة وينضم إلى مجموعة «الغاضبين»، وهم في الغالب متظاهرون صغار السن، يرتدون أقنعة على وجوههم لحماية أنفسهم من الغاز المسيل للدموع، ويقيمون الحواجز ويواجهون قوات الأمن التي ترد عليهم بالطوب والإطارات المشتعلة، والذخيرة الحية. لقد تعرض هؤلاء المتمردون المتهورون للاعتقال والجرح وبتر الأعضاء والقتل في بعض الأحيان، لكنهم اتحدوا حول قضية مشتركة وتجربة القمع، وظلوا إخوة في السلاح، وفق «لوفيغارو».

جراح قديمة

«لقد فقدنا العديد من الأصدقاء في أثناء الثورة وفي أثناء الحرب»، يأسف آدم، وهو شاب طويل القامة يخدم في صفوف الجيش، ولاعب كرة قدم محترف سابق، وقد يبدو شعره الأشعث علامة على رفضه للقواعد العسكرية الصارمة. تظهر على ساقه علامة مؤلمة ناجمة عن شظية قذيفة، لم تلتئم بعد. ذراعاه، تحملان إصابات قديمة تعرض لها في أثناء المظاهرات المؤيدة للديمقراطية.

يقول: «إن الجيش، كمؤسسة، لم يكن عدونا قطّ. لقد شاهدت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمقاتلي (قوات الدعم السريع) وهم يذلون الجنود الأسرى ويجبرونهم على الزحف على الأرض. سألت نفسي: إذا كانوا يفعلون هذا لسجنائهم، فماذا يستطيعون أن يفعلوا للمدنيين العزل؟».

تتصاعد أعمدة الدخان من مصفاة نفط شمال أم درمان في أثناء المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع 15 يناير 2025 (أ.ف.ب)

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023 بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة في خضم عملية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019.

وأطلق الجيش السوداني حملة تجنيد إجباري. انضم عشرات الآلاف من المتطوعين - وفي كثير من الأحيان لم يكن لديهم تدريب مسبق في التعامل مع الأسلحة - إلى المجهود الحربي وشاركوا فيما أطلقت عليه السلطات «معركة الكرامة».