«سوريا الصغيرة» في مصر: كيانات وروابط «مُشتتة»

تواصل «سوشيالي» يُعوض غياب «تجمعات الجالية»

لقاء سابق بين أعضاء مجلس إدارة الجالية السورية بمصر مع السفير السوري بالقاهرة حسام الدين آلا (جمعية الجالية السورية بمصر)
لقاء سابق بين أعضاء مجلس إدارة الجالية السورية بمصر مع السفير السوري بالقاهرة حسام الدين آلا (جمعية الجالية السورية بمصر)
TT

«سوريا الصغيرة» في مصر: كيانات وروابط «مُشتتة»

لقاء سابق بين أعضاء مجلس إدارة الجالية السورية بمصر مع السفير السوري بالقاهرة حسام الدين آلا (جمعية الجالية السورية بمصر)
لقاء سابق بين أعضاء مجلس إدارة الجالية السورية بمصر مع السفير السوري بالقاهرة حسام الدين آلا (جمعية الجالية السورية بمصر)

ارتبط الوجود السوري «اللافت» في الأحياء المصرية على مدى أكثر من عقد بتشكيلات كثيرة من الروابط والكيانات، تقدم خدماتها للجالية الوافدة، غير أن الشاب السوري (الثلاثيني)، شاهر رجوب، لا يرى حالياً وجود تأثير لتلك التجمعات، بعد أن تجاوزتها حالة اندماج السوريين داخل المجتمع المصري، إلى جانب توقف نشاط غالبية الروابط.

ويُقيم الشاب السوري في إحدى ضواحي مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة)، منذ قدومه مع والدته وشقيقه عام 2013، وهي منطقة تشتهر بكثرة عدد السوريين فيها، كما تضم عشرات المطاعم والمقاهي والمحلات السورية.

زحام أمام أحد المطاعم السورية بمصر - (صفحة المطعم على فيسبوك)

و«رغم انتشار المطاعم والمحال التي يعمل بها ويديرها سوريون، فإن هذا العدد الكبير يفتقد لروابط وكيانات فعّالة في الوقت الراهن بعد أن باتت مُشتتة بلا تأثير، على عكس حضورها النشط في أعقاب الثورة السورية عام 2011»، وفق شاهر رجوب.

يتذكر رجوب، الذي يعمل مصوراً، البدايات الصعبة عند وصوله إلى مصر، فقد آثر العمل على استكمال دراسته لضيق الحاجة، واضطر إلى الانخراط في أكثر من عمل على مدار اليوم، لتأمين عيشه، لكنه يؤكد أن ما خفف عبء سنوات كفاحه الأولى هو الدعم الإغاثي، الذي كانت تقدمه مؤسسات وكيانات سورية للأسر الوافدة، وفق حديثه لـ«الشرق الأوسط».

مركز تعليمي سوري بمصر -(مؤسسة سوريا الغد)

وشاهر رجوب واحد من بين نحو مليون ونصف المليون سوري يقيم في مصر، وفق المنظمة الدولية للهجرة، وارتفع عدد المسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين إلى نحو 153 ألف سوري، ليشكلوا ثاني أكبر نسبة لاجئين في مصر، بعد السودانيين بنسبة 17 في المائة.

روابط غير فاعلة

مع ازدياد أعداد السوريين الوافدين إلى مصر بعد عام 2011، أسس نشطاء ورموز بالجالية السورية «رابطة» لدعم الوافدين، تنوعت مساعداتها، ما بين مراكز تعليمية، كانت تستقبل نحو 3500 طفل سوري، ومبادرات لدعم الأسر غير القادرة، حسب الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي.

غير أن الأتاسي أشار لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن نشاط (رابطة السوريين)، «تجمّد منذ عام 2020، مع وقف التجمعات بسبب جائحة (كورونا)، وتوقف مصادر تمويلها من المؤسسات المانحة عربياً ودولياً»، منوهاً بوجود كيان رسمي للجالية السورية تأسس قبل سنوات، لكن تأثيره يظل محدوداً كون غالبية أعضائه من رجال الأعمال.

خدمات تقدمها جمعيات سورية بمصر - (مؤسسة سوريا الغد)

وأقامت الجالية السورية كياناً تنظيمياً في صيغة «جمعية أهلية»، ومنحتها الصفة الرسمية بإشهار من وزارة التضامن المصرية في عام 2018، ويرأسها رجل الأعمال السوري، باسل سماقية، ولم يخرج نشاط الجمعية خلال عام 2024، عن لقاءات مع السفير السوري بالقاهرة حسام الدين آلا، وبعض الأنشطة الخيرية.

مراكز التعليم السورية - (مؤسسة سوريا الغد)

وقبل تأسيس رابطة الجالية، كان الحضور الأبرز لائتلافات قوى المعارضة السياسية بين أعضاء الجالية، بعد أن اتخذ كثير من التيارات السياسية مقرات لها بالقاهرة، بعد الثورة السورية في 2011، منها «مجلس سوريا الديمقراطية»، وأيضاً «الائتلاف الوطني لقوى الثورة»، و«تيار الغد السوري»، حسبما يروي الكاتب والمحلل السوري، عبد الرحمن ربوع.

ورغم أن الكيانات السياسية كانت تسهم في تأمين الخدمات المعيشية للجالية، فإن كثيراً من مكاتبها أُغلق بعد عام 2016، وانتقل نشاطها لدول أخرى مثل تركيا والعراق، وفق حديث ربوع لـ«الشرق الأوسط»، وعزا ذلك إلى «مغادرة غالبية مؤسسي تلك الائتلافات مصر»، وقال إن الأسر المقيمة تعتمد حالياً على «المبادرات الفردية، ونشاط الجمعيات الخيرية ومفوضية شؤون اللاجئين».

جمعيات أهلية

تمتلك الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخيرية النشاط الأكبر في أوساط المهاجرين السوريين حالياً، حيث تقدم أكثر من 10 جمعيات، أسسها نشطاء سوريون (بإشهار رسمي من الحكومة المصرية)، خدماتها لدعم الأسر غير القادرة، خصوصاً الأيتام والأرامل، إلى جانب تقديم نشاط تعليمي للأطفال، وفق مدير مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن نشاط هذه المؤسسات امتد ليشمل جنسيات أخرى مثل السودانيين واليمنيين.

وتعدّ «سوريا الغد»، واحدة من المؤسسات الأهلية السورية، وتم إشهارها قانوناً عام 2013، ووسعت من نشاطها، بفضل تبرعات رجال أعمال سوريين، وشراكات مع منظمات دولية، مثل الاتحاد الأوروبي ومفوضية شؤون اللاجئين، لتقيم فروعاً لها في عدد من المدن المصرية، مثل العبور ودمياط والعاشر من رمضان، ووصل عدد المستفيدين من خدماتها إلى نحو 76 ألف فرد، بإجمالي نحو 15 ألف خدمة سنوياً، وفق ملهم الخن.

أعضاء مجلس إدارة الجالية السورية بمصر في زيارة لإحدى المصانع السورية بمصر - (جمعية الجالية السورية بمصر)

من جهته، يرى راسم الأتاسي أن نشاط تلك الجمعيات «غير كافٍ، ولا يلبي كل احتياجات السوريين المقيمين في المدن المصرية»، عادّاً الدعم الذي تقدمه «لا يغطي سوى نحو 60 في المائة من متطلبات معيشة الأسر السورية».

مدارس سورية

ولا تواجه الجالية السورية إشكالية كبيرة في تأمين التعليم لأبنائها، فقد استفاد السوريون من استثناءات الحكومة المصرية بإتاحة التحاق أبنائهم في المدارس المصرية، إلى جانب أنشطة المراكز التعليمية، التابعة للجمعيات الخيرية، وتشكل أحد الحلول الأساسية لتأمين التعليم لأبناء السوريين بأسعار رمزية، وفق مدير مؤسسة «سوريا الغد».

غير أن الأتاسي يرى أن «عدد المدارس السورية غير كافٍ»، مشيراً إلى أن «هناك نحو 60 ألف طالب سوري يدرسون في مصر، مقابل 10 مدارس بمحافظات القاهرة والجيزة ودمياط والإسكندرية»، وقال إن بعض الطلاب «تركوا التعليم بسبب عدم استطاعة أسرهم تأمين تكلفة تعليمهم».

روابط «سوشيالية»

لم تعد نسبة كبيرة من الجالية في حاجة إلى دعم إغاثي وإنساني، كانت تقدمه روابط الجالية، وفق شاهر رجوب، مشيراً إلى أن «معظم السوريين باتوا يعتمدون على أنفسهم، من خلال الاستثمارات والأعمال، التي توفر فرص عمل لأعضاء الجالية»، وقال إن «كثيراً من الخدمات والإغاثات بات يقدم عن طريق مجموعات التواصل الاجتماعي حالياً، التي تضم عدداً كبيراً من الجالية».

نشاط المؤسسات السورية امتد لجنسيات أخرى منها السودانية - (مؤسسة سوريا الغد)

وتعتمد نسبة كبيرة من السوريين في مصر، في تواصلهم اليومي، على منصات التواصل الاجتماعي، لتأمين الاحتياجات المعيشية لغير القادرين، وفق ملهم الخن، الذي يشرف على «غروب» تواصل على منصة «فيسبوك» يضم أكثر من 150 ألف سوري.

ويقول الخن إن «المجموعة توفر تواصلاً أسرع وأوسع مع أعضاء الجالية، خصوصاً لتقديم الخدمات والتوعية لأعضاء الجالية».

تكهنات التغيير

يثير التغيير الذي شهدته سوريا أخيراً، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتولي إدارة جديدة للبلاد، التكهنات بشأن مستقبل روابط الجالية السورية، خصوصاً أن شاهر رجوب يرى أن «كثيراً من السوريين لا يعترفون بأي رابطة تمثلهم حالياً»، لكنه يعتقد أن «الفترة الحالية تحتاج روابط فاعلة، أكثر من أي وقت مضى، لدعم الراغبين في العودة لسوريا، وتأمينهم من وقائع الاحتيال والنصب من شركات السفر الوهمية»، وفق تعبيره.

نشاط الحرف اليدوية لسوريين بمصر - (مؤسسة سوريا الغد)

ورغم أن راسم الأتاسي لا يتوقع تغييراً في مستوى فاعلية الروابط السورية، بعد سقوط نظام الأسد، فإن ملهم الخن يرى أن التغيير في سوريا «سيعزز من روابط أعضاء الجالية»، وقال إن «هناك رغبة لدى سوريين لتدشين روابط وتجمعات جديدة، كالتجمعات المهنية للأطباء والمهندسين».


مقالات ذات صلة

«أونروا» تنقل سجلات ملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى مكان آمن

المشرق العربي فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دير البلح وسط قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

«أونروا» تنقل سجلات ملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى مكان آمن

قال المفوض العام لـ«الأونروا»، فيليب لازاريني، إنه تم حفظ سجلات عائلات لاجئي فلسطين وأرشفتها على مدار الـ75 عاماً الماضية.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)

خاص سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

يتردد سوريون مقيمون بألمانيا في اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم بعد سقوط نظام الأسد، وعلى وجه خاص بات أبناء جيل اللجوء أمام قرار صعب بعد اندماجهم في المجتمع.

راغدة بهنام (برلين)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مقاتلون يقفون بجوار غرافيتي كتب عليه «لن ننسى ولن نسامح» أثناء حراسة مدخل سجن صيدنايا في سوريا (رويترز)

«الصليب الأحمر»: معرفة مصير المفقودين في سوريا «تحدٍّ هائل»

رأت رئيسة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» ميريانا سبولياريتش أن معرفة مصير المفقودين في سوريا يطرح «تحدياً هائلاً» بعد أكثر من 13 عاماً من حرب مدمرة

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ليبيا: قانون «المصالحة» يُشعل «صراع الصلاحيات» بين البرلمان و«الرئاسي»

حفتر يتوسط المنفي وصالح في لقاء سابق (القيادة العامة)
حفتر يتوسط المنفي وصالح في لقاء سابق (القيادة العامة)
TT

ليبيا: قانون «المصالحة» يُشعل «صراع الصلاحيات» بين البرلمان و«الرئاسي»

حفتر يتوسط المنفي وصالح في لقاء سابق (القيادة العامة)
حفتر يتوسط المنفي وصالح في لقاء سابق (القيادة العامة)

دخلت الخلافات بين مجلسي النواب و«الرئاسي» في ليبيا مرحلة جديدة من التأزّم أشعلت الصراع مجدداً على «الصلاحيات القانونية» بينهما، وذلك على خلفية مشروع قانون «المصالحة الوطنية»، الذي أقره البرلمان الأسبوع الماضي.

و«الصراع على الصلاحيات» يتكرر في ليبيا بين غالبية الأجسام السياسية المتناحرة، ولا سيما بين مجلسي النواب و«الرئاسي»، إذ إن كلاً منهما يتمسّك بأحقيته بها في ظل تصاعد الانقسام السياسي.

جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المركز الإعلامي لصالح)

وفي أول تعليق لصالح، بشأن اعتراض «الرئاسي» على إقرار النواب لمشروع قانون «المصالحة الوطنية»، استبعد أحقية الأول في تقديم مشاريع قوانين، وأضاف في تصريح لمركزه الإعلامي: «هناك طريقتان لعرض القانون على البرلمان، وهما: مقترح يقدم من أعضائه، أو مشروع قانون يقدم من الحكومة، وخلاف ذلك فإن مجلس النواب غير ملزم بعرض أي قوانين من أي جهة كانت».

ولا يعترف البرلمان بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، ويعدّ غريمتها في شرق ليبيا بقيادة أسامة حمّاد «صاحبة الشرعية الوحيدة» في البلاد.

وبدأت الأزمة عندما تقدم «المجلس الرئاسي» في فبراير (شباط) 2024 بمشروع قانون «للمصالحة الوطنية» إلى مجلس النواب، وانتظر مناقشته والموافقة عليه، لكن الأخير كان يعمل على مشروع مماثل، أقره منتصف الأسبوع الماضي خلال انعقاده في مدينة بنغازي شرق ليبيا.

عقيلة صالح خلال إدارة جلسة سابقة لمجلس النواب (المركز الإعلامي لصالح)

وفي مواجهة غضبة «الرئاسي» على تحركات البرلمان منفرداً، وجّه صالح حديثه «للمعترضين على قانون المصالحة الوطنية»، وقال إن «الطريق في عرض القوانين على مجلس النواب يكون بمقترح مقدم من 10 نواب، أو مشروع قانون يعرض من الحكومة»، ورأى «أن هذا هو السبيل لعرض القانون ومناقشته وإصداره من مجلس النواب».

ويرى أكاديمي ليبي مختص في القانون، أنه وفقاً للتعديل الدستوري الحادي عشر، فإن مجلس النواب أدخل «الاتفاق السياسي» ضمن الإعلان الدستوري، وبالتالي «بات من حق المجلس الرئاسي تقديم مشاريع قوانين لمجلس النواب، والأخير يناقشها ويقرها أو يرفضها».

وقال الأكاديمي الليبي الذي يقطن في طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ليس من حق رئيس مجلس النواب حرمان الرئاسي من التقدم بمشاريع قوانين»، لافتاً إلى أن حالة التوتر بين المجلسين «أصبحت شبه اعتيادية بين مختلف المؤسسات في ليبيا».

وعبّر الأكاديمي الليبي عن استغرابه من المراحل التي مر بها مشروع القانون، ووصفها بأنها «غير طبيعية»، مشيراً إلى أن البرلمان صوّت على مشروعه في جلسة سرية، في أجواء «لم تخل من الضبابية وعدم الوضوح».

وسبق وعلق «المجلس الرئاسي» على «تجاهل مشروعه للمصالحة»، وقال إنه «كان يأمل التعامل مع المشروع الذي تقدم به بروح المسؤولية الوطنية، بعيداً عن التسييس»، إلا أن جلسة البرلمان «خالفت هذه التطلعات، وزادت من تعقيد المسار».

ودعا «الرئاسي»، البرلمان إلى «تجنب القرارات الأحادية التي تقوض الشراكة الوطنية، وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد»، وتعهد بأنه «سيواصل حماية هذا المشروع الوطني، وضمان مساره الصحيح وفق صلاحياته».

وتقطّعت السبل بين الطرفين الداعيين للمصالحة، ودخلا مبكراً في مشاحنات على خلفيات تتعلق بالسلطة، والصراع على «الصلاحيات القانونية».

و«الاتفاق السياسي»، الذي يُعرف أيضاً باسم «اتفاق الصخيرات»، نسبة إلى مدينة الصخيرات في المغرب، وُقّع في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015 بعد مفاوضات طويلة برعاية الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، وتشكيل حكومة «وحدة وطنية».

وإلى جانب «الاتفاق السياسي»، تطرق الأكاديمي الليبي أيضاً، إلى «اتفاق جنيف»، وقال إنه «أشار بشكل صريح إلى أن المجلس الرئاسي يتولى ملف المصالحة، ويقدم مشاريع قوانين إلى مجلس النواب لاعتماده».

غير أن الأكاديمي الليبي يرى أن الوقت الذي تمر به ليبيا راهناً «غير ملائم لتفعيل المصالحة الوطنية في ظل الانقسام بين المؤسسات، وعدم وجود استقرار»، وعدّ غير ذلك «عبثاً».

حمّاد رئيس حكومة شرق ليبيا المكلفة من البرلمان خلال مساءلتها أمام البرلمان (مجلس النواب)

وكان مجلس النواب صوّت في أغسطس (آب) 2024 على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية في طرابلس، وهي حكومة الدبيبة، و«المجلس الرئاسي»، وعدّ الحكومة المكلفة منه برئاسة حمّاد، هي «الشرعية»، كما سحب صفة «القائد الأعلى للجيش» من «المجلس الرئاسي»، وأعطاها لرئيسه صالح، وفقاً للإعلان الدستوري.

وخلال العامين الماضيين، احتضنت مدن ليبية كثيرة اجتماعات اللجنة التحضيرية لـ«مؤتمر المصالحة»، التي رعاها «المجلس الرئاسي». وظلت المساعي تُبذل على أمل عقد «مؤتمر وطني جامع» بمدينة سرت في 28 أبريل (نيسان) الماضي، لكنها تعثرت بعد تفاقم الخلافات.

ومنذ رحيل نظام الرئيس معمر القذافي عام 2011، شهدت ليبيا اشتباكات وخلافات مناطقية، بعضها يرتبط بتصفية حسابات مع النظام السابق، والبعض الآخر كرّسه الانقسام السياسي، الذي عرفته البلاد منذ بداية 2014.