مصر: ما إجراءات الوقاية من «متلازمة فيكساس» المناعية؟

«الحمّى وآلام المفاصل والطفح الجلدي»... أبرز الأعراض

تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس» أثار قلقاً في مصر (الشرق الأوسط)
تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس» أثار قلقاً في مصر (الشرق الأوسط)
TT

مصر: ما إجراءات الوقاية من «متلازمة فيكساس» المناعية؟

تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس» أثار قلقاً في مصر (الشرق الأوسط)
تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس» أثار قلقاً في مصر (الشرق الأوسط)

أعلن فريق مصري من كلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة عن تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس» (VEXAS)؛ ما أثار قلقاً، الجمعة، وتساؤلات حول طرق الوقاية من المرض.

وجرى الإعلان عن هذه الحالة، الخميس، ضمن فعاليات المؤتمر السنوي لقسم الأمراض الصدرية الذي نظمته الكلية، بحضور أساتذة الطب وكبار المسؤولين في المنظومة الصحية بمصر.

وأفاد الفريق الطبي بقيادة رئيس قسم الأمراض الصدرية، الدكتور يسري عقل، بأن «متلازمة فيكساس» هي مرض مناعي نادر يهاجم الجهاز المناعي ويؤدي إلى خلل في إنتاج إنزيم حيوي، مما يسبب التهابات في الدم ونخاع العظم والرئتين والمفاصل، وقد يؤثر أيضاً على عضلة القلب.

وأضاف خلال المؤتمر أن تشخيص مرض نادر ومعقد مثل «VEXAS» خطوة مهمة تفتح الباب أمام المزيد من الأبحاث في هذا المجال، وتعزز من مكانة كلية طب قصر العيني كمرجع عالمي في تخصص الأمراض الصدرية، مشيراً إلى الجهود المستمرة لتطوير العيادات الخارجية بـ«قصر العيني» التي تُعد الوحيدة في مصر التي تقدم عيادة متخصصة لعلاج تلفيات الرئة.

من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، الدكتور حسام عبد الغفار، في تصريح لوسائل إعلام محلية، أن هذا المرض تم التعرف عليه في السنوات الأخيرة، ويعد «متلازمة نادرة ترتبط بتغيرات جينية تؤثر على نظام المناعة»، مضيفاً أن «المرض يصيب بشكل رئيس الرجال، لا سيما في منتصف العمر».

وعن أبرز أعراض «متلازمة فيكساس»، أشار عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة»، عضو «الجمعية العالمية للحساسية»، الدكتور مجدي بدران، إلى أنها تتميز بأعراض التهابية تصيب عدة أجهزة في الجسم. وتشمل الأعراض الرئيسة حمّى متكررة، وفقدان الوزن غير المبرر، والإرهاق، والشعور العام بالإعياء. كما يعاني المرضى من أعراض دموية مثل الأنيميا، ونقص الصفائح الدموية، ونقص كريات الدم البيضاء، وتشوهات في نخاع العظم.

وأضاف بدران لـ«الشرق الأوسط» أن المتلازمة تسبب أيضاً التهاب الأوعية الدموية بنسبة 25.9 في المائة من الحالات. ومن الأعراض الجلدية الشائعة، يظهر طفح جلدي متكرر مثل الطفح الحمامي أو الالتهابي الوعائي، وقد يعاني المرضى من عقيدات أو تقرحات جلدية، في حين تكشف الخزعات الجلدية غالباً عن التهابات.

وفيما يتعلق بالأعراض الروماتيزمية، يعاني المرضى من التهاب المفاصل أو آلام المفاصل، مع التهاب الغضاريف الذي يصيب الأذن أو الأنف في 36-60 في المائة من الحالات. وتظهر هذه الأعراض عادة مع احمرار وتورم وألم في الأجزاء الغضروفية، بحسب بدران. وأضاف: «أما الأعراض الرئوية، فتشمل سعالاً مزمناً وصعوبة في التنفس. كما يعاني المرضى من آلام في البطن، وإسهال، أو نزيف معوي. وعلى مستوى العين، قد يحدث التهاب في الصلبة، أو التهاب القزحية داخل العين».

الطفح الجلدي من أبرز أعراض «متلازمة فيكساس» (دورية JEADV Clinical)

وأوضح عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» أنه من الأعراض العصبية للمتلازمة، هناك اعتلال الأعصاب الطرفية، والصداع، أو التهاب الدماغ. وتتداخل الأعراض مع أمراض المناعة الذاتية أو الالتهابية الأخرى؛ ما يجعل التشخيص صعباً ويؤدي إلى استجابات مناعية غير طبيعية.

وحول طرق العلاج، أفاد مجدي بدران بأنه لا يوجد بروتوكول موحد لـ«متلازمة فيكساس»؛ إذ تركز العلاجات الحالية على تحسين جودة حياة المرضى. وتشمل العلاجات استخدام المثبطات المناعية لتقليل الالتهابات وتحسين الأعراض. وفي بعض الحالات، قد يتم النظر في زراعة الخلايا الجذعية المكونة للدم من متبرع كخيار علاجي، ولكن هذا الخيار لا يزال قيد البحث، ويحتاج إلى مزيد من الدراسات لتحديد فاعليته وسلامته.

أما فيما يتعلق بالوقاية، فيضيف أنه نظراً لأن المتلازمة ناتجة عن طفرة جينية مكتسبة في جين يسمى «UBA1» وليست وراثية، فلا يمكن الوقاية منها بشكل مباشر. ومع ذلك، يمكن اتباع بعض الإجراءات لتقليل تفاقم الأعراض وتحسين جودة الحياة، مثل المتابعة الطبية المنتظمة للكشف المبكر عن أي تغييرات صحية، وتقوية جهاز المناعة باتباع نظام غذائي متوازن، وتجنب التدخين والكحول.

ونصح أيضاً بضرورة الوقاية من الالتهابات من خلال غسل اليدين بانتظام، وتجنب الأماكن المزدحمة، وتلقي التطعيمات الموصى بها. كما يجب تجنب التعرض للمواد الكيميائية والمهيجات البيئية التي قد تؤدي إلى تفاقم الأعراض، وإدارة الإجهاد عبر تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل. وشدد على أهمية التشخيص المبكر للمرض، بهدف التحكم بالأعراض ومنع المضاعفات الخطيرة، مثل الالتهابات الجهازية أو تلف الأعضاء.


مقالات ذات صلة

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

شمال افريقيا التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

تطفو تحذيرات في مصر بين فترة وأخرى من تداول العملات الرقمية المشفرة «البتكوين»، المجرّمة قانوناً، آخرها لمسؤول بدار الإفتاء المصرية، حذر من التعامل بها.

رحاب عليوة (القاهرة)
يوميات الشرق المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثّل في مصطبة لطبيب ملكي بالدولة المصرية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
العالم العربي رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

دخل حزب «الوفد» المصري العريق، في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه الدكتور عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

أعاد نفي مصري لتقارير إسرائيلية عن استعداد القاهرة لشن هجمات عسكرية ضد جماعة «الحوثي» في اليمن، تساؤلات بشأن أسباب إحجام مصر عن التدخل عسكرياً في اليمن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

توالي الزلازل في إثيوبيا يجدد مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

جدد توالي الزلازل في إثيوبيا خلال الأيام الأخيرة مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»، الذي أقامته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
TT

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)

تطفو تحذيرات في مصر بين فترة وأخرى من تداول العملات الرقمية المشفرة «البتكوين»، المجرّمة قانوناً، آخرها لمسؤول بدار الإفتاء المصرية حذر من التعامل بها باعتبارها «تفتقر الشرعية والحماية القانونية التي توفرها البنوك المركزية للعملات الرسمية».

و«البتكوين» عملة إلكترونية مشفرة يتم استبدالها بالعملات الرسمية كالدولار واليورو، ويتم التعامل بها عبر شبكة الإنترنت من خلال محفظة مالية تخص المتعامل بها، وتكون له السيطرة الكاملة عليها عن طريق اسم مستخدم ورقم سرى خاص.

ويبلغ سعر عملة «البتكوين» الواحدة (الاثنين) 101 ألف دولار، ويمكن التداول على أجزاء منها، إذ تضم العملة الواحدة نحو 100 مليون «ساتوشي» (الوحدة الأصغر في البتكوين)، وفق مواقع مالية عالمية.

ولا توجد إحصائية بحجم سوق تداول «البتكوين» في مصر، لكن مؤشرات عدة تعكس وجود هذه السوق، واتساعها، من بينها حملات أمنية أوقفت على مدار السنوات الماضية، عشرات المتهمين بالاتجار بها أو تعدينها، وهي عملية تكنولوجية يتم بموجبها توليد هذه العملات، وتحتاج إلى مصادر ضخمة من الطاقة.

وتمكنت الأجهزة الأمنية المصرية خلال عام 2021 فقط من ضبط 6 تشكيلات ترتبط بالعملات الرقمية، بين تداول ووساطة في التداول وتعدين، موجودة في القاهرة وعدة محافظات أخرى، وفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية.

وفي مارس (آذار) من عام 2023، ضبطت القوات الأمنية شبكة نصبت على عشرات من المصريين، عبر تطبيق يدعى «هوج بول»، بعد الاستيلاء على 19 مليون جنيه (بلغ سعر الدولار الرسمي وقتها نحو 31 جنيهاً) بدعوى استثمار أموالهم في العملات الرقمية.

وعقب إسقاط الشبكة أصدر البنك المركزي المصري تحذيره من التداول فيها، قائلاً في بيان إنه «يهيب بالسادة المواطنين عدم الانصياع لمثل هذه الدعوات الاحتيالية والأنشطة المجرمة قانوناً وفقاً لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020».

ويؤكد المحلل المالي المصري هشام حمدي أنه «لا يمكن تتبع حجم هذه السوق غير الشرعية، لكنها موجودة بالفعل»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها «تجتذب أشخاصاً جدداً في ظل قدرة البعض على تحقيق مكاسب كبيرة وسريعة»، كما أنه «يظل سوقاً دون رقابة مباشرة، فلا أحد يسأل من أين لك هذا؟».

«مراد محروس» (اسم مستعار)، واحد ممن يتداولون في هذه السوق بمصر، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «يتابع هذه العملات منذ ظهرت لأول مرة، وكان يتم التداول بها في أعمال مشبوهة مثل المخدرات والسلاح، وأنه لم يتجرأ على شرائها سوى في عام 2019، حين تحسنت سمعتها».

وبدأت إحدى بورصات شيكاغو الأميركية التداول لأول مرة بعملة «البتكوين» في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2017. وفي عام 2019 اعترفت دولة سلفادور بالعملة المشفرة، كعملة قانونية فيها، إلى جوار الدولار.

وشهدت سوق العملات المشفرة انتعاشة بفوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب بولاية ثانية، إذ كان قد أعلن نيته خلال ترشحه رعاية تعدينها في الولايات المتحدة وإنشاء مخزون استراتيجي منها.

اشترى «محروس» لأول مرة عملة رقمية شقيقة لـ«البتكوين»، تسمى «إيثر يوم» بـ400 دولار، ويحتفظ بعملاته على أمل أن يقفز سعرها ويحقق ثراءً، وهو من أسرة متوسطة، أربعيني، لديه عائلة مكونة من 4 أفراد.

لا يستطيع «محروس»، الذي يضارب في البورصة أيضاً بمبالغ محدودة، ويحقق أحياناً مكاسب، أن يُقدّر حجم سوق العملات الرقمية في مصر، لكنه يؤكد بحكم تعاملاته أنها ليست محدودة، يقول: «أي وقت تريد أن تبيع أو تشتري ستتمكن من ذلك، وبأي مبلغ»، وذلك عبر عدة مواقع موثوقة بالنسبة له.

ولا يخلو استثمار «محروس» في العملات الرقمية من المخاطرة، سواء بخسارة أمواله «فهي سوق مثل أي سوق ترتفع قيمة العملة فيها وتنخفض»، فضلاً عن مخاطر أمنية تتعلق بتجريم عملية الشراء والبيع، لكنه قال: «ما أقوم بالبيع والشراء فيه مبالغ تافهة، أقل من أن تلفت انتباه أحد».

ويقول الخبير الاقتصادي رشاد عبده لـ«الشرق الأوسط» إن «البتكوين وغيرها تمثل مخاطر على الاقتصاد، إذ يتم شراؤها بالعملة الأجنبية، في حين تعاني مصر بالأساس أزمة في توفرها، كما أنها لا توجد رقابة عليها، ومن ثم يسهل توظيفها في عمليات غسيل أموال وتجارات غير مشروعة».

ويرجع عبده جزءاً من عجز الدولة عن السيطرة على هذه السوق، رغم توالي التحذيرات منها، إلى «فقدان الثقة بين الحكومة والشارع».

* محاذير شرعية

يرجع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، الدكتور علي فخر، تحذيره من التعامل مع «البتكوين»، إلى أنه «لا يمكن وصف شيء بأنه عملة إلا إذا كان صادراً عن بنك مركزي لدولة تعترف بها، حيث يُعطى لها الشرعية والحماية من قبل البنك المركزي، لكن (البتكوين) لم تحصل على هذه الشرعية حتى الآن، ولا تزال تفتقر إلى الحماية القانونية التي توفرها البنوك المركزية للعملات الرسمية».

وزاد في التنفير منها عند رده على سؤال عن شرعيتها، عبر برنامج على «قناة الناس»، الأحد، بالحديث عن مشاكلها قائلاً «إحدى المشكلات هي أنه لا يمكننا تحديد قيمتها بدقة، ولا نعلم كيف نبيعها أو نشتريها. كما أنه لا توجد جهة مسؤولة عن إصدارها أو تحديد قيمتها، مما يثير العديد من التساؤلات حول مشروعيتها».

وسبق وحرّم مفتي مصر الأسبق الدكتور علي جمعة «البتكوين»، وقال في فتوى له نشرت عام 2018 إنه «لا يجوز شرعاً تداول عملة (البتكوين) والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها، بل يُمنع الاشتراكِ فيها؛ لعدمِ اعتبارِها كوسيطٍ مقبولٍ للتبادلِ من الجهاتِ المخُتصَّةِ، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلاً عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول».