مصر: دعاوى ترحيل السوريين تملأ «السوشيال ميديا»... وتغيب في الواقع

رحيل أول فوج من السوريين (مواني البحر الأحمر)
رحيل أول فوج من السوريين (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: دعاوى ترحيل السوريين تملأ «السوشيال ميديا»... وتغيب في الواقع

رحيل أول فوج من السوريين (مواني البحر الأحمر)
رحيل أول فوج من السوريين (مواني البحر الأحمر)

على خلاف «السوشيال ميديا» التي احتوت على دعوات تطالب بترحيل السوريين من مصر، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، لا يزال السوريون محل ترحيب كبير في الشارع المصري الذي يستشعر مواطنوه أن عودة السوريين الطوعية إلى بلادهم إن حدثت، فستُفقد القاهرة رونقاً خاصاً أُضيف بوجودهم فيها.

وتستند دعوات المطالبة بترحيل السوريين عبر «السوشيال ميديا» إلى أن وجودهم لم يعد مبرَّراً بعد سقوط الأسد، بينما أخرى ترى في وجودهم «مخاطر أمنية»، في ظل القلق من نظام الحكم السوري الجديد، بينما يتحدث آخرون عن «أعباء اقتصادية».

ووفق «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين»، فإن عدد السوريين المسجلين بـ«المفوضية» في مصر «ارتفع بشكل كبير من 12800 في نهاية 2012 إلى أكثر من 153 ألف شخص نهاية 2023». بينما تقدِّر «المنظمة الدولية للهجرة» عدد السوريين في مصر بنحو «مليون ونصف مليون سوري».

ولم تطلب مصر رسمياً من اللاجئين السوريين مغادرة البلاد؛ بل على العكس، منحت (الأحد) الجنسية لـ15 سورياً، بموجب قرار نُشر في الجريدة الرسمية. بينما بدأ عشرات منهم «عودة طوعية» إلى بلادهم؛ حيث أعلنت الهيئة العامة لمواني البحر الأحمر، قبل يومين، مغادرة أول فوج سوري يضم 40 شخصاً، على متن العبارة «آيلة»، إلى الأردن، ومنها لسوريا.

المفارقة بين «الدعوات السوشيالية» والواقع، تتجسد في مقهى شعبي بمنطقة الدقي؛ حيث يجلس جبران خزعل، وهو شاب سوري يعمل مترجماً، يتبادل أطراف الحديث كالمعتاد مع صديقين؛ أحدهما مصري والآخر سوري، بينما يعج المقهى من حولهم بالمصريين.

الشاب السوري جبران خزعل مع صديقين في أحد مقاهي منطقة الدقي (الشرق الأوسط)

يقول خزعل لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يلمس أي تغير في الشعور الشعبي تجاه السوريين منذ سقوط الأسد؛ بل على العكس يحتفي المصريون معنا بسقوطه». وبينما يستعد خزعل للعودة إلى سوريا عبر بيروت، للاطمئنان على أهله، يؤكد أن عودته «قرار شخصي، وكل من يعلم بالخبر من أصدقائه والمحيطين يتمنى لو مكث أكثر».

ويصف مؤسس «جمعية سوريا الغد» للإغاثة، ملهم الخن، دعوات ترحيلهم بـ«المشبوهة»، تقف خلفها «حسابات مجهولة بهدف زرع الفتنة بين الشعبين المصري والسوري»؛ فهو على أرض الواقع يختبر العكس، ويجد تقارباً كبيراً بين الشعبين، فضلاً عن صلات نسب تعمقت على مدار العقد الماضي، مع كثرة التزاوج بين المصريين والسوريين، وشراكات تجارية كثيرة.

ويستشهد الخن الذي يستقر في مصر منذ عام 2007، بغروب «اللمة السورية في مصر» على «فيسبوك»، (يضم نحو 137 ألف شخص)، والذي أسسه عام 2013 بوصفه غروباً خدمياً للسوريين ثم ضم كثيراً من المصريين لاحقاً، قائلاً إن «المصريين فيه يدعون السوريين إلى البقاء، ويتحدثون كيف تأثروا بهم، واعتادوا وجودهم. ويعبر السوريون عن امتنانهم للمصريين على حسن ضيافتهم لهم طيلة السنوات الماضية».

ملهم الخن مؤسس «جمعية سوريا الغد» للإغاثة (صفحة المؤسسة على فيسبوك)

وبينما تحض بعض منشورات «السوشيال ميديا» على سرعة ترحيل السوريين استناداً إلى الكلفة الاقتصادية التي تحملتها مصر بوجودهم، ترفض آيات محمد (27 عاماً)، وهي مصرية اعتادت تناول الوجبات السورية، هذه الأحاديث، ووصفت السوريين بـ«الشغيلة»، معربة عن قلقها من عودة السوريين حالياً، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «عودتهم الآن مخاطرة وقرار متعجل، ومن الأفضل أن يظلوا في مصر حتى يتضح المشهد أكثر».

الأمر نفسه يكرره أحمد أشرف (25 عاماً)، وهو مصري يعمل في صناعة وبيع الإكسسوارات بمنطقة خان الخليلي، معبراً عن إعجابه الشديد بالسوريين، وما خلقوه في مصر من حالة خاصة، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ينظر بإعجاب للتجربة السورية، وكيف استطاعت تنشيط السوق المصرية في كثير من المجالات، مثل صناعة العطور، والمنسوجات، بخلاف الطعام».

ويؤكد أشرف أنه «يتعامل مع سوريين؛ سواء أصدقاء أو زبائن، ولم يلحظ في دوائره أي حنق عليهم، أو رغبة في ترحيلهم».

الشاب المصري أحمد أشرف يحكي عن انبهاره بنموذج السوريين (الشرق الأوسط)

ويُعدُّ السوريون من بين أبرز الجنسيات التي تشارك بإيجابية في سوق العمل المصرية؛ خصوصاً في الصناعات الغذائية والنسيج، وحسب تقرير لـ«منظمة الهجرة الدولية» صدر في يوليو (تموز) 2022، فإن «حجم التمويل الاستثماري من جانب نحو 30 ألف مستثمر سوري مسجل في مصر، قُدر بمليار دولار في عام 2022».

راسم الأتاسي الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر

ويعتقد الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي، أن «بعض الأصوات التي خرجت تطالب بترحيل السوريين ترجع لمنافسات تجارية»، مؤكداً أنها «تبقى محدودة، ولا تعبر عن التعاطف الكبير بين الشعبين».

ويكرر الأتاسي أنه «سمع في أكثر من مناسبة مصريين طالبوهم بأن يبقوا في مصر وألا يتعجلوا في الرحيل»، ولم يختلف الترحيب بهم شعبياً عنه مع المسؤولين الذين التقى بهم خلال الفترة الماضية، قائلاً: «لم توجَّه إلينا منهم أي مطالب بمغادرة مصر؛ بل على العكس كان الترحيب نفسه، والحديث عن عمق الأثر السوري في مصر يجري على لسانهم».

ورداً على الترحيب الشعبي المتواصل بالسوريين في مصر، اختار المغني السوري المقيم في القاهرة منذ عام 2013 محمد الهماش، رد الجميل بأغنية كتبها ولحَّنها خصيصاً لشكر مصر.

وعلَّق الهماش على دعوات ترحيلهم قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما نسمعه ونقرؤه بهذا الخصوص لا يمت للواقع بصلة. أنا أعيش في مصر منذ عام 2013، لم أسمع إلا الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة التي تجعلنا -نحن السوريين- نقف مرتبكين خجلاً؛ لأن كلمة (شكراً) لا تكفي، ولا تعبِّر عن مشاعرنا تجاه مصر والمصريين».

ويرى الخبير الإعلامي خالد البرماوي أن «هناك فجوة منذ فترة بين ما يظهر على (السوشيال ميديا) ويتصدر في هيئة (ترندات)، وبين الواقع. برز بوضوح في قضية مثل قضية المقيمين الأجانب في مصر».

ويوضح البرماوي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الواقع محكوم بعلاقات متداخلة ومتشابكة، بعكس (السوشيال ميديا)، المحكومة باللوغاريتمات، وقد تظهر محتويات زاعقة -أو (ترند)- ليس بالضرورة تمثل الواقع؛ بل في كثير من الأحيان تقف وراءها جهات ترغب في تصدير صورة معينة، بينما على الواقع الصورة عكس ذلك».

وتعد مصر الأولى عربياً في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، حسب مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، بواقع نحو 43 مليون مستخدم.

ووفق البرماوي، فإنه بافتراض أن إثنين في المائة ممن يستخدمون تلك المواقع تبنوا رأياً ما، فيكون لدينا نحو 900 ألف، وهذا رقم يستطيع إقامة أكثر من «تريند» ومحتوى رائج زائف.


مقالات ذات صلة

إشهار «منظمة التراث السوري اليهودي» في دمشق

المشرق العربي كنيس الفرنج في دمشق وقد منحت السلطات السورية ترخيصاً لمنظمة يهودية سورية تُعنى باستعادة الممتلكات المصادرة (أ.ف.ب) play-circle 01:31

إشهار «منظمة التراث السوري اليهودي» في دمشق

أعلنت الحكومة السورية أنها منحت ترخيصاً لمنظمة تهتم بالحفاظ على التراث اليهود ستعمل حسب أحد مؤسسيها على إعادة ممتلكات هذه الطائفة التي صادرتها السلطات السابقة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب) play-circle

«النواب الأميركي» يقرّ إلغاء «عقوبات قيصر» المفروضة على سوريا

أقر مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، مشروع قانون يتضمن إلغاء عقوبات «قيصر» التي كانت مفروضة على سوريا، وذلك ضمن مناقشته مشروع موازنة الدفاع للعام 2026.

واشنطن بوست
تحقيقات وقضايا الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

سوريا بعيون أميركية... «رحلة جنونية من العزلة إلى الانفتاح»

يرى خبراء أميركيون أن سوريا الجديدة تواجه تحديات داخلية تشمل الاستقرار السياسي وإعادة بناء الاقتصاد، فضلاً عن تحديات خارجية تتعلق برفع العقوبات ومكافحة الإرهاب.

هبة القدسي (واشنطن)
تحقيقات وقضايا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله الرئيس السوري أحمد الشرع خلال أول زيارة له في أنقرة 4 فبراير 2025 (الرئاسة التركية)

الصعود التركي في سوريا... من المواجهة إلى التحالف

في الأسابيع الأولى لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تشكلت قناعة بأن تركيا لعبت الدور الأكبر في الوصول «السلس» لفصائل المعارضة إلى دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة أرشيفية لـ«قيصر» مخفياً هويته بمعطف أزرق خلال جلسة نقاش في الكونغرس الأميركي لقانون حماية المدنيين السوريين (أ.ف.ب) play-circle 02:48

أميركا.. إلغاء قانون قيصر وقيود على مساعدة الجيش اللبناني

فيما تحتفل سوريا بذكرى مرور سنة على سقوط نظام بشار الأسد وفراره من دمشق، وافق الكونغرس الأميركي على إلغاء العقوبات التي فُرضت بموجب قانون قيصر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موريتانيا: الحكومة تنفي تورط الجيش في أي «صفقات فساد»

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
TT

موريتانيا: الحكومة تنفي تورط الجيش في أي «صفقات فساد»

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب)

نفت الحكومة الموريتانية ما جرى تداوله بخصوص «فساد» شابَ صفقة تزويد المركز الوطني للأنكولوجيا بمعدات تقنية، عقدتها وزارة الصحة مع الجيش الوطني، وذلك بعد تقرير استقصائي نشرته صحيفة محلية، وأثار جدلاً واسعاً في البلاد.

وكان تقرير نشرته صحيفة «الأخبار» المحلية تضمن وثائق تكشف أن وزارة الصحة تنازلت عن الصفقة، التي تجاوزت قيمتها 8 ملايين يورو، لصالح الجيش، الذي منحها بدوره لشركة سنغالية، قبل أن يسحبها ويمنحها لشركة مغربية، في وضعية قالت الصحيفة إنها تضمنت مخالفات وخروقات.

وفي أول تعليق رسمي على الموضوع، قال وزير الثقافة والاتصال والفنون والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد مدو، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن ما تضمنه التقرير هو «وجهة نظر تصريحات جهة خسرت الصفقة».

وأوضح الوزير أن كل ما جرى في جميع مراحل الصفقة كان موافقاً للقانون الموريتاني، مشيراً إلى أن «الهدف الأساسي من الصفقة، ومن منحها للجيش الوطني، هو التعاطي الفوري والسريع مع الإشكالات الصحية للمواطنين».

وأوضح الوزير: «وعياً من الدولة باستعجالية وأهمية توفير بديل لمعدات مركز الأنكولوجيا، أصدرت أوامر بضرورة اقتناء معدات تقنية بطريقة عاجلة، تراعي استعجالية المعطى الصحي، ولهذا السبب تم توقيع اتفاقية بين وزارة الصحة والجيش».

وأبرز الوزير أن القانون الموريتاني يسمح بمنح الصفقات للجيش في حالة «السرعة»؛ لأن الصفقات معه لا تخضع لنفس الإجراءات، التي تخضع لها الصفقات العادية، مشيراً إلى أن «المساطر القانونية المرتبطة بالجيش هي وحدها التي تضمن السرعة». وقال بهذا الخصوص إن «الجيش منح الصفقة لشركة سنغالية، تبين فيما بعد أنها لم تلبِّ الصفقة بالسرعة المطلوبة، لذلك سحب منها العقد، وبدأ البحث عن شريك آخر يضمن السرعة؛ لأنها هي المحدد الأساسي للصفقة».

وأكد الوزير أن «ما نشره الإعلام مجرد تصريحات صادرة عن متقدم خسر الصفقة»، وأن الحكومة «تثمّن المبلّغين عن الفساد، وتشجع الصحافة الاستقصائية، لكن حرصنا على محاربة الفساد ودعم الصحافة لا يوازيه سوى حرصنا على الدقة في استقاء المعلومات من مختلف الأطراف».

من تجمع سابق لقادة أحزاب المعارضة التي ندّدت باستفحال الفساد في البلاد (الشرق الأوسط)

ويتزامن هذا الجدل مع نقاش محتدم حول الحرب على الفساد في موريتانيا؛ إذ طالبت مؤسسة المعارضة الديمقراطية بضرورة وضع حد لما سمّته إفلات المفسدين من العقاب، داعية إلى ترك العدالة تأخذ مجراها، دون تدخل أو وصاية.

وقالت المؤسسة في بيان صحافي، الأربعاء، إن انتشار الفساد وصل إلى «درجة مقلقة»، ودعت المؤسسة إلى إنهاء ما أطلقت عليه سياسة «تدوير» المتورطين في ملفات فساد، وتقلدهم مناصب حكومية.

وطالبت المؤسسة بأن تتحمل مؤسسات الرقابة والتفتيش، بما فيها محكمة العدل السامية ومحكمة الحسابات والمفتشيات العامة، مسؤولياتها كاملة، مع التأكيد على أن أي تهاون يجعلها شريكة في جريمة الفساد.

من جانبه، دافع رئيس الوزراء الموريتاني، المختار ولد أجاي، الأربعاء، عن جهود حكومته في مجال محاربة الإرهاب، ووصف هذه الحرب بأنها ستكون «طويلة وصعبة»، غير أن مواصلتها وتحقيق النصر فيها «لا خيار (بديلاً) عنهما».

وأوضح ولد أجاي في منشور عبر صفحته على منصة «فيسبوك» أن الحكومة ركزت خلال عام 2025 على ما سمّاه «تعزيز الشفافية، وتفعيل المساءلة، ومنع الإفلات من العقاب، عبر عدة إجراءات». وذكر من بين هذه الإجراءات تطوير الإطار القانوني لمكافحة الفساد، بما يضمن استرداد الأموال العامة، وحماية المبلّغين، وتسهيل الولوج إلى المعلومات، وتكثيف التفتيش وتطبيق توصياته.

وأشار رئيس الوزراء إلى تحصين منظومة الصفقات العمومية، من خلال إعادة تصنيف المؤسسات، ورقمنة الإجراءات، وتقليص اللجوء لصفقات التراضي من 40 في المائة عام 2019، إلى 15 في المائة عام 2025.

وخلص رئيس الوزراء الموريتاني إلى أنه خلال العام الحالي أحيل أكثر من 100 مشتبه بهم في قضايا فساد إلى القضاء، وذلك في إطار ما وصفه بأنه «تعزيز الدور الرادع للقضاء في مكافحة الفساد». لكن رغم ذلك، وجّه عدد من نواب المعارضة في البرلمان انتقادات لاذعة للحكومة، واتهموها خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، بالعمل على تقليص صلاحيات البرلمان في مجال الرقابة على عمل الحكومة، وذلك بعد تعديلات واسعة على النظام الداخلي للبرلمان.


الدبيبة يتهم نظام القذافي بإهدار أموال ليبيا على «الوحدة العربية»

الدبيبة يستعرض رؤيته لأسباب ما يعانيه بلده خلال «منتدى طرابلس للاتصال الحكومي» (الشرق الأوسط)
الدبيبة يستعرض رؤيته لأسباب ما يعانيه بلده خلال «منتدى طرابلس للاتصال الحكومي» (الشرق الأوسط)
TT

الدبيبة يتهم نظام القذافي بإهدار أموال ليبيا على «الوحدة العربية»

الدبيبة يستعرض رؤيته لأسباب ما يعانيه بلده خلال «منتدى طرابلس للاتصال الحكومي» (الشرق الأوسط)
الدبيبة يستعرض رؤيته لأسباب ما يعانيه بلده خلال «منتدى طرابلس للاتصال الحكومي» (الشرق الأوسط)

دافع رئيس «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة عن حكومته، في مواجهة الأزمات التي تعاني منها قطاعات واسعة من الشعب، وربط ذلك بـ«الأوضاع السياسية» التي تعيشها البلاد.

واستعرض الدبيبة رؤيته لأسباب ما يعانيه بلده، وذلك خلال «منتدى طرابلس للاتصال الحكومي»، اليوم الخميس، عبر حوار أجراه الإعلامي المصري محمود سعد بعنوان «الرئيس يجيب»، وتطرق إلى التنمية في بلده واكتشاف النفط، لا سيما في «العصر الملكي»؛ الذي قال إنه «عمل على إنشاء بنية تحتية، من بينها بناء الطرق».

كما تحدث الدبيبة عن عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، دون أن يأتي على ذكر اسمه بشكل صريح، وأكد أنه «لم يكن يهتم كثيراً بالتنمية باستثناء بعض الفترات؛ لكنها أدخلتنا في أزمات أخرى لمدة 30 سنة، تتعلق بالقومية العربية». وقال بهذا الخصوص: «أمضينا وقتاً نوحّد العرب، ونصرف أموالنا على هدف الوحدة العربية؛ وهو هدف سامٍ حقيقة؛ غير أن الشعب الليبي كان في تلك الحقبة يحتاج إلى كثير من التعليم في ظل ارتفاع نسبة الأمية العالية جداً».

جانب من حضور المنتدى (الشرق الأوسط)

وتحدث الدبيبة عن دخول ليبيا خلال عهد القذافي «في مشاكل مع الغرب؛ ما تسبب في فرض الحصار عليها، وتدمير ما بنيناه في فترة السبعينات من بنية تحتية». مبرزاً أن «الانتعاش الاقتصادي بدأ في بداية عام 2007، إلى أن أتت «ثورة 17 فبراير (شباط)»، التي تسببت في دخول الليبيين في مشاكل؛ وهو ما تسبب في توقيف التنمية في عموم ليبيا؛ وبدأنا في قتال بعضنا، وتدمير هذا البلد».

واندلعت «ثورة فبراير 2011»، ضد نظام القذافي، الذي أتى إلى الحكم إثر «ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول)» 1969، وحكم بمقتضاها ليبيا قرابة 42 عاماً.

وفي سياق حديث الدبيبة عن حكومته، قال إنها «أتت بقدر من الله؛ رافعة شعار لا للقتال بين الليبيين ولا للدمار، وقد حققنا ولله الحمد نسبة عالية من هذا الهدف؛ لكن الكثير من تجار الحروب وتجار السياسات والمال لم يرق لهم هذا الشعار، ويريدون الحرب».

وأضاف الدبيبة موضحاً: «هناك من يريد السيطرة على الليبيين ويحكم بقوة السلاح؛ وهناك من يريد حكمها بالآيديولوجية، باللعب على وتر الدين».

ومن دون إشارة إلى نظام القذافي أو الحقبة الملكية، قال الدبيبة: «هناك من يريد إرجاع العهد السابق؛ وهذا أمر صعب، لا سيما بعدما نشأت حروب في ليبيا بعد انتهاء ذلك العهد السابق».

واحتفل الليبيون بـ«الذكرى الـ74 للاستقلال»، وهي المناسبة التي يطالب فيها أنصار الملكية بـ«إعادة استحقاق ولاية العهد للأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، وتوليه مُلك البلاد، وتحمّل مسؤولياته الدستورية كاملة».

ومحمد الحسن هو نجل الحسن الرضا السنوسي، الذي عينه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1956، وتوفي في 28 أبريل (نيسان) 1992.

ومضى الدبيبة يشرح رؤيته لمواجهة الخلافات بين الليبيين: «قلنا لا نريد البندقية ولا الآيديولوجية؛ بل نريد دستوراً يتفق عليه كل الليبيين، ونريد أن نختار من يحكمنا؛ هذا شعارنا اليوم وأمس وغداً، وعقب ذلك نذهب إلى إجراء الانتخابات العامة».

وفي إشارة إلى البرلمان، تحدث الدبيبة عمن «أخذ الدستور وخبأه»، ولفت إلى المسودة التي أقرتها (هيئته التأسيسية) عام 2017، لكنها لم تعرض للاستفتاء الشعبي، وقال في هذا السياق: «هناك من خبأها بقوة السلاح».

واستغل الدبيبة حديثه عن الدستور، ليكرر مطلبه بضرورة «خروج الدستور الليبي إلى النور، وإخضاعه للاستفتاء الشعبي، وإتاحة الفرصة لليبيين كي يختاروا ما يشاؤون»، وقال موضحاً: «لا خروج لليبيا من أزمتها، ولا مناص من القوانين الدستورية والذهاب إلى الانتخابات ليختار فيها المواطن من يحكمه كما يشاء، عسكرياً أو غير عسكري».

وحكم القذافي ليبيا إثر «ثورة الفاتح من سبتمبر» قرابة 42 عاماً، قال معارضوه إنها اتسمت بـ«الديكتاتورية».

وكان وليد اللافي، وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، قد استبق حوار الدبيبة، ليشدد في كلمته التي كانت تحت عنوان «بنيان أقوى واتصال أوثق»، على أهمية تعزيز التواصل بين الحكومة والإعلام، مؤكداً أن المنتدى يمثل منصة حيوية لـ«تبادل الخبرات وتعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية».

وأتت حكومة الدبيبة إلى السلطة ضمن «اتفاق سياسي» في فبراير 2021، وبعد أشهر قليلة أسقط مجلس النواب بشرق ليبيا الشرعية عنها، ودخلت ليبيا من حينها في أزمات، سعت البعثة الأممية منذ ذلك لحلحلتها.

أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ورؤساء اللجنة الفرعية للترتيبات الأمنية (اللجنة)

في غضون ذلك، اختتمت البعثة الأممية، و«برنامج ليبيا» بمركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن ورشة عمل، استمرت ثلاثة أيام مع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، ورؤساء اللجنة الفرعية للترتيبات الأمنية لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ «اتفاق وقف إطلاق النار» لسنة 2020.

وقالت البعثة، الخميس، إن المشاركين ناقشوا خلال الورشة الأولويات اللازمة لتعزيز وقف إطلاق النار، و«المضي قدماً في التنفيذ الكامل للاتفاق»، مستفيدين «من خبرة مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، والتجارب الدولية والدروس المستفادة من دول أخرى».

ونقلت البعثة أن اللجنة العسكرية المشتركة «أكدت التزامها بتنفيذ وقف إطلاق النار بالكامل؛ بما في ذلك انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا». وأعربت عن «دعمها الكامل» لجهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بدفع العملية السياسية للأمام، بما في ذلك إجراء انتخابات عامة، وبناء مؤسسات موحدة للدولة، تلبّي تطلعات الشعب الليبي.


مصر تحذر من اتساع التوتر بسبب انتهاكات إسرائيل في «الضفة»

فلسطيني أمام أنقاض أحد المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني أمام أنقاض أحد المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر تحذر من اتساع التوتر بسبب انتهاكات إسرائيل في «الضفة»

فلسطيني أمام أنقاض أحد المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني أمام أنقاض أحد المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

حذرت مصر من «خطورة الأوضاع بالضفة الغربية في ظل التصاعد المقلق لعنف المستوطنين واستمرار سياسات مصادرة الأراضي». وأكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أن «هذا النهج يُنذر بتوسيع دوائر التوتر ويفرض مسؤولية عاجلة على المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات ومنع تدهور الأوضاع على الأرض».

التأكيدات المصرية جاءت خلال اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية المصري، الخميس، من السكرتير العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تناول تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجهود الدولية المبذولة لدعم مسار التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتحقيق التهدئة في الضفة الغربية.

واستعرض عبد العاطي خلال الاتصال الجهود الحثيثة التي تبذلها مصر لدعم الأمن والاستقرار بالمنطقة، وعلى رأسها «تثبيت وقف إطلاق النار في غزة»، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «2803»، وتدفق المساعدات الإنسانية دون قيود، متناولاً المشاورات الجارية لنشر «قوة الاستقرار الدولية».

كما شدد على «أهمية المضي في خطوات تشكيل (لجنة التكنوقراط) الفلسطينية تمهيداً لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة»، مؤكداً «الرفض القاطع لأي دعوات تستهدف تهجير الفلسطينيين أو تغيير الوضعية الجغرافية والديمغرافية للقطاع».

وأكدت مصر السبت الماضي خلال «منتدى الدوحة» رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبّرت عنه «المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر»، برفض «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وقال وزير الخارجية المصري حينها إن معبر رفح «لن يكون بوابة لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

ووفق إفادة للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، الخميس، فقد أعرب وزير الخارجية المصري عن «أهمية العمل المشترك لزيادة حجم المساعدات الإنسانية بكميات تلبي احتياجات قطاع غزة التي تدخل القطاع يومياً»، مؤكداً «الحرص على مواصلة التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتمكينه من ممارسة حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة».

فلسطينيون نازحون يسيرون أمام المباني المدمرة في حي تل الهوى بمدينة غزة الشهر الجاري (أ.ف.ب)

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة جميع الرهائن الذين لا يزالون في غزة؛ الأحياء منهم والأموات.

كما شكّل معبر رفح بعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، وذلك بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إنه «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

في حين ردت هيئة الاستعلامات المصرية حينها، نقلاً عن مصدر مصري مسؤول، بنفي ذلك، مؤكدة أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام».

وتحدث عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع غوتيريش، الخميس، عن الدور الذي تضطلع به «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (الأونروا) في دعم اللاجئين الفلسطينيين، مؤكداً أنه «دور غير قابل للاستبدال، ولا يمكن الاستغناء عنه»، مثمّناً «اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بتجديد ولاية (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات إضافية، بما يعكس الثقة الدولية في الدور الحيوي الذي تؤديه الوكالة وضرورة استمرار مهامها».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى تلقيه اتصالاً هاتفياً من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض العام لوكالة «الأونروا»، فيليب لازاريني، حول دور الوكالة المحوري في توزيع المساعدات الإنسانية وتقديم الخدمات للفلسطينيين، خاصة في هذه الظروف الدقيقة.