تبون للفرنسيين: اعترِفوا بجرائمكم في الجزائر إذا كنتم صادقين

وصف الكاتب صنصال بـ«مجهول الهوية والنسب»

تبون خلال إلقائه كلمته أمام البرلمان (وكالة الأنباء الجزائرية)
تبون خلال إلقائه كلمته أمام البرلمان (وكالة الأنباء الجزائرية)
TT

تبون للفرنسيين: اعترِفوا بجرائمكم في الجزائر إذا كنتم صادقين

تبون خلال إلقائه كلمته أمام البرلمان (وكالة الأنباء الجزائرية)
تبون خلال إلقائه كلمته أمام البرلمان (وكالة الأنباء الجزائرية)

شنّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هجوماً شديد اللهجة على فرنسا وتاريخها الاستعماري في بلاده، وخاطب قادتها قائلاً: «اعترفوا بجرائمكم؛ إذا كنتم صادقين». كما هاجم بعنف الكاتب الفرنسي - الجزائري المسجون بوعلام صنصال، الذي تطالب باريس بالإفراج عنه، عادّاً أنه «لصّ مجهول الهوية والنسب، يجرؤ على القول إن جزءاً من الجزائر كان ملكاً لدولة أخرى».

وكان تبون يتحدث أمام غرفتَي البرلمان بمناسبة خطابه السنوي حول الأوضاع في البلاد، الأحد، وقال: «لقد ارتكبوا مذابح ومجازر خلال الاحتلال. قبيلة بن شورة (في الأغواط جنوب الجزائر؛ عام 1852) تم قصفها بالغاز. الناس وُضعوا في أكياس. الزعاطشة (في بسكرة جنوباً؛ عام 1849) تعرضت لمجزرة أيضاً. هناك أيضاً عمليات الخنق بالدخان (في منطقة الظهرة غرباً بين عامي 1844 و1845). ارتُكبت عدة إبادات جماعية. في مايو (أيار) 1945، قُتل أكثر من 45 ألف جزائري خلال شهر واحد... نحن نطلب الاعتراف. مليارات الدولارات لا تكفي لتعويض فقدان آلاف الشهداء؛ قيمتهم أكبر من ذلك بكثير»، ويقصد بـ«الاعتراف» تصريحاً علنياً من رئيس فرنسا بمسؤوليتها عن احتلال الجزائر لمدة 132 سنة، وعن المجازر التي ارتكبتها وسلب أملاك سكانها.

وأضاف تبون: «زعموا أنه عند وصولهم إلى الجزائر وجدوا مستنقعات شاسعة قاموا بتجفيفها لتشييد المباني. ضباطهم وضباط الصف في جيشهم اعترفوا بأنهم وجدوا شعباً متعلماً. جنودهم كانوا أميين لا يعرفون القراءة أو الكتابة. الجزائر كانت تزود روما بالقمح. لن نتخلى عن (ملف الذاكرة). دعهم يقولون إننا لسنا ديمقراطيين».

كما تطرق الرئيس تبون إلى التجارب النووية الفرنسية في الجنوب الجزائري بين عامي 1961 و1967، قائلاً: «لقد تركوا لنا الأمراض. كانوا يريدون الانضمام إلى نادي الدول التي تمتلك القنبلة الذرية على حسابنا. تعالوا نظفوا ما تركتموه، لسنا بحاجة إلى أموالكم (...). أولئك الذين يدّعون أنهم تركوا الجنة في الجزائر، فليعلموا أنه عند استقلال البلاد كان 90 في المائة من الجزائريين يجهلون القراءة والكتابة».

الرئيس الجزائري (وكالة الأنباء الجزائرية)

وأشار إلى أن عدد الجزائريين عند بداية الاحتلال الفرنسي عام 1830 كان 4 ملايين، وعند انتهاء الاحتلال بلغ 9 ملايين فقط، متسائلاً: «كيف يمكن تفسير أن العدد لم يزد إلا 5 ملايين خلال قرن ونصف؟ هذا دليل على وقوع إبادة جماعية. كيف يمكن تفسير أن ضباطهم كانوا يقطعون رؤوس شهدائنا ويرسلونها إلى فرنسا؟ لدينا 500 جمجمة في فرنسا (داخل متحف بباريس). طلبنا استعادتها ولم نحصل سوى على 24. يدّعون أنهم متحضرون، بينما كانوا يعدّون هذه الجماجم غنائم حرب: اعترِفوا بجرائمكم؛ إذا كنتم صادقين».

وأكد الرئيس أن «الشباب الفرنسيين اليوم ليسوا مسؤولين عن أفعال أجدادهم، لكن الاعتراف بالجرائم الاستعمارية ضروري». وأضاف: «أنا ابن الشيخ عمود، وابن بن بولعيد، وعميروش، وسي الحواس، ولطفي، وبوبغلة، وجميع الشهداء. عدد شهدائنا هو 5.6 مليون».

ولأول مرة يصدر رد فعل رسمي على مستوى عال بخصوص الجدل الذي يثيره سجن الكاتب صنصال منذ توقيفه بمطار الجزائر العاصمة الشهر الماضي بينما كان عائداً من باريس. وقد أُودع الحبس الاحتياطي بتهمة «المس بالسلامة الترابية والوحدة الوطنية للبلاد»، وذلك إثر تصريحات صحافية في فرنسا زعم فيها أن محافظات من غرب الجزائر «تعود تاريخياً إلى المغرب».

وبسبب هذه القضية شهدت العلاقات بين البلدين تصعيداً غير مسبوق. وأصلاً، كانت العلاقات سيئة منذ الصيف الماضي، بسبب إعلان قصر «الإليزيه» تأييده خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.

ووصف صنصال، في تصريحاته، التي عُدّت مستفزة، الجزائر بأنها «شيء صغير سهل الاستعمار»، مقارنة بالمغرب الذي وصفه بأنه «دولة صعبة الغزو». وعُرف الكاتب، الذي حصل على الجنسية الفرنسية في يونيو (حزيران) الماضي، بمواقفه المعادية للجزائر، ولتاريخها، وللإسلام، وللمهاجرين. وأثار سجنه انتقادات من شخصيات وأحزاب ومنظمات يمينية وفرنسية متطرفة.


مقالات ذات صلة

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وزير خارجية الجزائر: نتعامل مع الدول وليس الحكومات

شدد على «وحدة التراب السوري وضرورة شمول الحل لجميع السوريين دون إقصاء، وإشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون أثناء خطابه أمام أعضاء البرلمان (الرئاسة)

الجزائر: تصعيد غير مسبوق واتهامات خطيرة لباريس

حملَ خطاب تبون دلالات على تدهور كبير في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تجاوز التوترات والخلافات الظرفية التي كانت سمتها الغالبة منذ استقلال الجزائر عام 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري (وكالة الأنباء الجزائرية)

تبون للفرنسيين: اعترفوا بجرائمكم في الجزائر إن كنتم صادقين

شنّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هجوماً شديد اللهجة على فرنسا وتاريخها الاستعماري في بلاده، وخاطب قادتها قائلاً: «اعترفوا بجرائمكم إن كنتم صادقين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

الجزائر: «حوار الرئيس» مع الطبقة السياسية سيبحث قانونَي الأحزاب والبلدية

عصماني أكد أن تبون «تعهد بإطلاق حوار وطني، ويعمل حالياً على وضع الآليات اللازمة لتحقيق هذا الهدف... نحن في مرحلة الانتقال الدستوري».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

نائب وزير الخارجية التركي إلى بورتسودان لبحث الوساطة مع الإمارات

نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران (الخارجية التركية / إكس)
نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران (الخارجية التركية / إكس)
TT

نائب وزير الخارجية التركي إلى بورتسودان لبحث الوساطة مع الإمارات

نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران (الخارجية التركية / إكس)
نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران (الخارجية التركية / إكس)

يصل العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان، السبت، نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دران، لإجراء مباحثات مع مسؤولين سودانيين، لنقل أفكار تركية لدفع السودان لتبني وساطة بلاده بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة، كانت وعدت بها في السابق.

وتأتي زيارة برهان الدين على خلفية مكالمة هاتفية جرت بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، في الثالث عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عرض فيها إردوغان استعداد بلاده لتبني وساطة بين السودان والإمارات لإزالة الجفوة بين البلدين ووقف الحرب. ورحب خلالها البرهان بأي دور تركي لوقف الحرب.

وقال مصدر دبلوماسي بوزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، إن زيارة المسؤول التركي البارز تتعلق بموضوع الوساطة التركية بين السودان والإمارات، وإن المسؤول التركي يحمل أفكاراً يمكن على ضوئها تبني الوساطة. وبحسب المصدر فإن برهان الدين ينتظر أن يسلم الحكومة السودانية ورقة تتضمن مقترحات الحوار، ومن ثم ينتظر أن ينقل الأفكار ذاتها لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وكانت وزارة الخارجية الإماراتية قد أصدرت بياناً أبدت فيه ترحيبها بالمبادرة التركية، وأعلنت استعدادها للتنسيق مع أنقرة لإنهاء الحرب في السودان. بيد أن المصدر أكد على أن موقف السودان تجاه الوساطة «واضح»، وقال إن بورتسودان متمسكة بتنفيذ بنود إعلان «جدة» بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، 11 مايو (آيار) 2023.

ترحيب سوداني

ووصف وزير الخارجية السوداني، علي يوسف، زيارة الدبلوماسي التركي بالمهمة، وأنها تأتي في إطار العلاقات الثنائية المتطورة بين البلدين، وتأكيداً للاتصالات التي جرت مؤخراً بين القيادة في البلدين، وتعزيزاً للروابط بين شعبي السودان وتركيا.

ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) عن الوزير قوله: «الزيارة تؤكد اهتمام تركيا بما يحدث في السودان، وتعبر عن تضامن تركي مع الشعب السوداني».

وكان البرهان قد ذكر في كلمته بمناسبة ذكرى استقلال السودان، الثلاثاء، أنه على استعداد للانخراط في «أي مبادرة حقيقية» تنهي الحرب، وفي الوقت ذاته «يعد العدة لحسم المعركة لصالح الشعب السوداني». وقطع البرهان بعدم العودة لأوضاع ما قبل 15 أبريل (نيسان) 2023، وبعدم القبول بوجود «الدعم السريع» وداعميه، بقوله: «لا يمكن القبول بوجود هؤلاء القتلة والمجرمين وداعميهم وسط الشعب السوداني مرة أخرى».