«إزاحة» المنفي والدبيبة... محاولة ليبية على وقع انقسام سياسي

ممثلون لمجلسي النواب و«الدولة» وضعوا بالمغرب خطوات لتغيير «السلطة التنفيذية»

جانب من اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في مدينة بوزنيقة المغربية (رويترز)
جانب من اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في مدينة بوزنيقة المغربية (رويترز)
TT

«إزاحة» المنفي والدبيبة... محاولة ليبية على وقع انقسام سياسي

جانب من اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في مدينة بوزنيقة المغربية (رويترز)
جانب من اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في مدينة بوزنيقة المغربية (رويترز)

فيما عدّه البعض قفزاً على «العملية السياسية»، التي أطلقتها البعثة الأممية، انفتح المشهد الليبي على «اتفاق جديد» بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، من شأنه إعادة تشكيل «السلطة التنفيذية»، على حساب تلك القائمة في طرابلس حالياً.

وينظر إلى هذا الاتفاق، الذي انتهى إليه وفد من المجلسين في مدينة بوزنيقة المغربية، مساء الأربعاء، على أنه قد يزيد من طول الفترة الانتقالية، في ظل تجاهل سلطات طرابلس التعاطي معه وتمسكها بالسلطة، والاتجاه إلى الاستفتاء الدستوري، بينما رحب به أسامة حمّاد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب.

واعتبر أعضاء الوفد الليبي الممثل للمجلسين أن اتفاقهم، الذي جاء تالياً لمبادرة أطلقتها ستيفاني خوري، يهدف إلى كسر الجمود السياسي في ليبيا، و«إنجاز الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة». غير أن مقربين من سلطات طرابلس، التي لم تعلق على الاتفاق حتى مساء الخميس، يرون فيه محاولة «لإزاحتها من السلطة»، سيما بعد تصاعد خلافاتها مع جبهة شرق ليبيا.

ووفقاً للبيان الصادر عن الوفد الليبي بالمغرب، فقد جرى الاتفاق على «إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، تأسيساً على (المادة 4) من الاتفاق السياسي، المعتمد بقرار مجلس الأمن رقم 2259 لسنة 2015»، في إشارة إلى اتفاق الصخيرات بالمغرب.

من اللقاء التشاوري بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في المغرب (رويترز)

وبحسب المادة الثانية من الاتفاق، ستشكل لجنة عمل مشتركة تتكفل بإعادة تكليف سلطة تنفيذية جديدة، وستعنى بمراجعة آلية الاختيار المقترحة في لقاء القاهرة بين المجلسين، وتقديم مقترحات للتعديل في حال حقق ذلك مزيداً من التوافق، فضلاً عن تقديم مقترح بالضوابط الكفيلة بضمان عمل الحكومة، وفق معايير تدعم الشفافية واللامركزية ومسار الانتخابات.

وطبقاً للاتفاق، ستشكل لجان أخرى، منها لجنة عمل مشتركة للحكم المحلي ودعم الشفافية، تتولى وضع معايير وآليات شفافة لتوزيع عادل لبرامج وميزانيات التنمية، ووضع آليات لدعم كفاءة الهياكل المحلية في تنفيذ مخصصات التنمية، ومقترحات لدعم الشفافية ومحاربة الفساد ودعم اللامركزية.

وسيشكل المجلسان أيضاً لجنة عمل مشتركة بشأن الملف الأمني، تتولى التواصل مع لجنة «5+5» العسكرية للاطلاع على عملها، والعوائق والتحديات أمام استكمال مهامها، وتقديم خطة عملية لدعم عمل اللجنة، بما يخدم سيطرة الدولة على الحدود والمواني والمعابر، بالإضافة لمناقشة ما تم من قبل لجنة (5+5) بشأن إخراج كافة القوى الأجنبية.

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وبخصوص المناصب السيادية، اتفق المجلسان على تشكيل لجنة رابعة تعنى بوضع معايير الترشح لهذه المناصب، وتقديم الطلبات وآلية الاختيار، بما يضمن تحقيق التوافق حول المناصب السيادية. وتشكيل لجنة خامسة تختص بمتابعة ملف الأموال المهربة، وغسل الأموال، واقتراح التشريعات حولها، ومتابعة تنفيذها.

كما اتفق المجلسان أيضاً على أن تتولى رئاسة مجلس النواب مخاطبة مصرف ليبيا المركزي، بشكل استثنائي، لتخصيص المبالغ اللازمة لتنفيذ مشروع التعداد الوطني العام، ومشروع إعادة تنظيم الرقم الوطني.

وبحسب الاتفاق ذاته، ستقدم اللجان الخمس تقاريرها النهائية للاعتماد من قبل المجلسين، خلال شهر من تاريخ التكليف، على أن يعقد الاجتماع المقبل للمجلسين بمدينة درنة في 19 يناير (كانون الثاني) المقبل لإصدار الاتفاق النهائي للمرحلة التمهيدية، والإعلان عن بدء تنفيذ نتائج عمل اللجان.

مجلس النواب في جلسة سابقة (النواب)

وأوضح المجتمعون بالمغرب في بيانهم الختامي، اليوم (الخميس)، أن «الحل في ليبيا، وإنهاء المراحل الانتقالية، واستعادة الاستقرار لا بد أن يمر عبر العودة إلى الليبيين بانتخابات حرة ونزيهة، استناداً إلى قوانين (6+6) التي اعتمدتها المؤسسات الرسمية، وأكد عليها مجلس الأمن في قراراته، ورحبت بها كل مكونات المجتمع ومؤسساته الأهلية والأحزاب السياسية».

كما أكد الأعضاء على «الترحيب بالتعاون مع البعثة، والحرص على دعمها وفق اختصاص وصلاحيات كل من المجلسين، والبعثة لحل الأزمة، وتضمين خريطة بمواعيد محددة، وصياغة مواءمة تحقيق التكامل بين خطتها والتوافق الدولي، وتضمن الملكية الليبية للعملية السياسية عبر مؤسساتها الرسمية».

وتجاهلت السلطات في طرابلس ممثلة في رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة التعليق على الاتفاق، لكن غريمهما في بنغازي حمّاد تفاعل معها سريعاً، مطالباً برقابة دولية لتنفيذ مخرجات الاتفاق.

وعبّر حماد عن ارتياحه وترحيبه بالاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي، وحكومة جديدين، مشدداً على ضرورة أن يتم ذلك «بإشراف الاتحاد الأفريقي والدول الشقيقة والصديقة، الداعمة لحل النزاع وإنهاء الانقسام السياسي في ليبيا».

لكن رغم تفاؤل جبهة شرق ليبيا بما انتهى إليه اجتماع بوزنيقة، فإن متابعين اعتبروا أن هذا الاتفاق «يدخل البلاد في دوامة من تشكيل اللجان»، مشيرين إلى أنه «سيوسّع حدة الخلاف»، فضلاً عن «افتقاده إلى دعم دولي».

ومنتصف الأسبوع الماضي، أعلنت المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، عن «عملية سياسية» جديدة لكسر الجمود السياسي، لذا رأى بعض السياسيين في اجتماع المغرب أنه «قفز على المبادرة الأممية».

وتشمل مبادرة خوري «تشكيل لجنة فنية من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، بما يضمن كيفية الوصول إلى الانتخابات في أقصر وقت ممكن».

وشهدت ليبيا المنقسمة بين حكومتين في شرق ليبيا وغربها، عدداً من المبادرات، وتشكيل لجان وإطلاق عمليات سياسية، لكن الأوضاع ما زالت تراوح مكانها في ظل اتهام الأطراف الحاكمة جمعيها بـ«التمسك بالسلطة، وعدم الرغبة في تقديم تنازلات».

في غضون ذلك، وجه رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الدعوة إلى أعضاء مجلسه لحضور جلسة رسمية الاثنين المقبل. وقال المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق، اليوم (الخميس)، إن جدول أعمال الجلسة يشمل مناقشة مقترح قانون إنشاء الهيئة الليبية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، ومناقشة مقترح قانون المصالحة الوطنية، بالإضافة إلى مناقشة قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وما يستجد من أعمال.


مقالات ذات صلة

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

الدبيبة: لدينا مخاوف من تحول ليبيا إلى ساحة قتال بين الدول

أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، اليوم الخميس، عدم السماح بدخول أي قوات أجنبية لليبيا «إلا باتفاقات رسمية وضمن إطار التدريب».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع أعضاء من مجلسَي «النواب» و«الأعلى للدولة» في المغرب (مجلس النواب)

أعضاء «النواب» و«الأعلى للدولة» يبحثون في المغرب الأزمة الليبية

بدأت، الأربعاء، جولة جديدة لمدة يومين، من الاجتماعات التشاورية بين أعضاء من مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» الليبيين في بابوزنيقة بالمغرب.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)

«افتعال الأزمات للبقاء بالسلطة» اتهام يحاصر قادة ليبيا

تصاعدت حدة التراشق وتبادل الاتهامات في ليبيا بين رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ومجلس النواب، بالمسؤولية عن حالة الجمود السياسي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري اللواء خالد حفتر وقيادة بالجيش يستقبلون في بنغازي بك يفكيروف (القيادة العامة)

تحليل إخباري هل استقبل شرق ليبيا سلاحاً روسياً منقولاً من سوريا؟

بين نفي وتأكيد يتخوف ليبيون من «توسيع» روسيا نفوذها بالبلاد، في ظل تقارير تتحدث عن نقل موسكو عتاداً عسكري من قواعدها في سوريا إلى شرق ليبيا معقل «الجيش الوطني».

جمال جوهر (القاهرة)

قمة «الثماني النامية» بمصر تدعو لوقف النار في غزة و«حل سياسي» بسوريا

فرضت تطورات الأحداث الإقليمية نفسها على أجندة ومناقشات قادة المجموعة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
فرضت تطورات الأحداث الإقليمية نفسها على أجندة ومناقشات قادة المجموعة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

قمة «الثماني النامية» بمصر تدعو لوقف النار في غزة و«حل سياسي» بسوريا

فرضت تطورات الأحداث الإقليمية نفسها على أجندة ومناقشات قادة المجموعة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
فرضت تطورات الأحداث الإقليمية نفسها على أجندة ومناقشات قادة المجموعة في القاهرة (الرئاسة المصرية)

أكدت قمة مجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي ضرورة «الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة». وطالب قادة دول المجموعة خلال اجتماعهم، الخميس، في مصر، بضرورة «الحل السياسي في سوريا». وحذروا من استمرار التصعيد بالمنطقة. في حين شدد الإعلان الختامي للقمة على «رفض المجموعة أي عقوبات اقتصادية (أحادية) تُفرض على أعضائها».

واستضافت مصر القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، بمشاركة رؤساء دول وحكومات مصر وتركيا وإيران وإندونيسيا وبنغلاديش وباكستان، فيما جاء تمثيل نيجيريا وماليزيا على المستوى الوزاري، إلى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، وممثلي عدد من المنظمات الدولية والإقليمية.

وتأسست مجموعة دول الثماني النامية (D-8) عام 1997 في إسطنبول بتركيا، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين أعضائها.

وفرضت تطورات الأحداث الإقليمية نفسها على أجندة ومناقشات قادة مجموعة «الثماني النامية»، حيث خصصت الرئاسة المصرية لقمة المجموعة جلسة خاصة لمناقشة تطورات الأوضاع في فلسطين ولبنان، وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته بافتتاح القمة، إن «الجلسة تأتي للتضامن مع الشعبين الفلسطيني واللبناني». وأشار إلى أن «استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وامتداد الصراع إلى لبنان، وصولاً إلى سوريا، قد يترتب عليها اشتعال المنطقة وآثارها ستطول الجميع سياسياً واقتصادياً».

قمة «الثماني النامية» في القاهرة تحذر من استمرار الصراع بالمنطقة (الرئاسة المصرية)

وأدان الرئيس المصري «شن إسرائيل اعتداءات على الأراضي السورية، وإعلانها من طرف واحد إلغاء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974»، وشدد على «دعم بلاده لوحدة واستقرار سوريا، وأي جهد يُسهم في إنجاح العملية السياسية الشاملة، دون إملاءات أو تدخلات خارجية».

كما دعا السيسي إلى «ضرورة التوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة»، معتبراً أن «نجاح أي تصور لليوم التالي في القطاع لن يتحقق إلا إذا تأسس على تدشين دولة فلسطينية مستقلة»، وفي لبنان أكد على ضرورة «التنفيذ الكامل وغير الانتقائي لقرار مجلس الأمن رقم 1701 وتمكين الجيش اللبناني من بسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية».

بينما أشار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى أن «بلاده تتابع عن كثب التطورات في سوريا، وتبذل قصارى جهدها لتثبيت الاستقرار، وتعزيز وتمكين الشعب السوري، لبسط نفوذه على أراضيه»، مؤكداً «أهمية إعادة الإعمار بسوريا، ووضع خطط سريعة للتعافي من الدمار هناك».

واقترح إردوغان خلال الجلسة الخاصة لمناقشة الأوضاع في فلسطين ولبنان «فرض حظر بيع السلاح لإسرائيل وإنهاء المعاملات التجارية معها على الصعيد الدولي»، موضحاً أن «بلاده تدخلت طرفاً في القضية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية»، مشيراً إلى «أهمية الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية قائم على أساس حل الدولتين».

واعتبر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن «التغيرات التي حدثت في العالم خلال الفترة الماضية، والأوضاع الجيوسياسية، في جنوب لبنان وغزة وسوريا، بسبب الضربات الإسرائيلية، تستوجب اتخاذ خطوات عملية ملموسة تجاهها»، ودعا إلى «مواصلة الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة ووقف الاعتداءات في الضفة الغربية».

وطالب الرئيس الإيراني بـ«ضرورة منح الفلسطينيين الحق في تقرير المصير، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة والضفة ولبنان وسوريا». وبشأن الأوضاع في سوريا، أكد أنه «يجب أن تكون هناك حكومة مدنية، تحترم الاختلافات الموجودة في سوريا».

«قمة القاهرة» تؤكد على تعزيز التعاون (الرئاسة المصرية)

أما الرئيس الفلسطيني فقد أشار إلى «وجود إجماع دولي على وجوب نهاية الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين»، داعياً إلى ضرورة «إقرار الخطة السياسية التي عرضتها بلاده في مؤتمر القمة العربية الإسلامية في الرياض أخيراً»، لافتاً إلى أن الخطة تشمل «وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، وحصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مع عقد مؤتمر دولي للسلام في يونيو (حزيران) المقبل».

وذكر رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، أن «التوغل الإسرائيلي في المنطقة يشكل خطراً كبيراً على العالم أجمع»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن تحقيق السلام في المنطقة والعالم دون وقف إطلاق النار في غزة»، منوهاً بأن «المخاطر ما زالت قائمة في الجبهة اللبنانية رغم تنفيذ وقف إطلاق النار».

في سياق ذلك، تحدث رئيس وزراء لبنان عن أن «تكلفة إعادة الإعمار في بلاده تصل إلى 5 مليارات دولار»، مشيراً إلى أن «بلاده تعوّل على الدول الصديقة لتتجاوز المصاعب الكثيرة التي تواجهها وللضغط على إسرائيل التي تواصل عداءها للبنان».

وناقشت الجلسة الأولى للقمة تحديات التنمية التي تواجهها الدول النامية، وقال السيسي إن «نقص التمويل وتفاقم الديون، وتوسع الفجوة الرقمية والمعرفية، وارتفاع معدلات الفقر والجوع والبطالة، جعلت الدول النامية تواجه صعوبات في تحقيق النمو»، مشيراً إلى أن «مواجهة تلك التحديات تفرض تعزيز التعاون وتنفيذ مشروعات ومبادرات مشتركة، وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة».

ودعا الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو دول المجموعة إلى «دعم التجارة حول العالم، من خلال مناقشة مجموعة من الإجراءات المبسطة بين أعضائها»، مشيراً إلى أن «مجموعة الثماني تستهدف زيادة التعاون الاقتصادي وتعزيز التعاون في الزراعة والتجارة والنقل والصناعة والطاقة والسياحة».

مصر تستضيف القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي (الرئاسة المصرية)

في غضون ذلك أقر قادة مجموعة الثماني «إعلان القاهرة» الذي تضمن 50 بنداً، تشمل مجالات وأطر التعاون المختلفة، في مجالات التنمية الاقتصادية والزراعة والأمن الغذائي والطاقة والعلوم والتكنولوجيا والصناعة وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والبنية التحتية. والتجارة والاستثمار والنقل، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

وشدد الإعلان الختامي للقمة على «رفض المجموعة لأي عقوبات اقتصادية (أحادية) تفرض على أعضائها»، وأشار إلى أن ذلك «يقوض استقرار الاقتصاد العالمي وينتهك مبادئ القانون الدولي»، كما دعا إلى «رفع تلك العقوبات»، ودعم «اتفاقية التجارة التفضيلية بين أعضاء المجموعة لرفع معدلات التجارة إلى نحو 500 مليار دولار بحلول عام 2030».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي يرى أن «التصعيد والتطورات التي تشهدها المنطقة فرضت نفسها على مشاورات قادة مجموعة الثماني النامية»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مشاركة قادة دول فاعلة، مثل إيران وتركيا، أتاحت فرصة لمتابعة تطورات المشهد الإقليمي، وتداول الآراء بشأن كيفية تجنب أضرار التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة، وخصوصاً تعديها على السيادة السورية أخيراً».

وتوقف حجازي مع البعد الاقتصادي لـ«قمة الثماني»، مشيراً إلى أن «المجموعة تضم اقتصاديات تشكل ركائز في محيطها الإقليمي، وتعزيز التعاون مع تلك الدول يفتح أسواقاً ضخمة في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات والسياحة».

وتمثل دول منظمة الثماني النامية سوقاً ضخمة، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار نسمة ويصل ناتجها الإجمالي نحو 5 تريليونات دولار، حسب «الخارجية المصرية».

في حين اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، أن «قمة القاهرة قدمت عدة رسائل سياسية تجاه ما يحدث في المنطقة، خصوصاً مع مشاركة إردوغان وبزشكيان فيها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «انخراط تركيا وإيران في كثير من التطورات الإقليمية أتاح مناقشة تداعيات التصعيد الحالي على الدول النامية والاقتصاد العالمي».

ويعتقد فهمي أن «تأكيد القمة على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، ودعم الجيش اللبناني، وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، خطوة مهمة في هذا التوقيت»، وأرجع ذلك إلى «مستوى تأثير دول أعضاء مجموعة الثماني النامية على الصعيدين الدولي والإقليمي».