مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

كريم خان: هذا اليوم مهم لأولئك الذين ينتظرون العدالة في دارفور

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
TT

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مع بدء المرافعات الختامية ضد المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في إقليم دارفور(غرب السودان)، علي عبد الرحمن، الشهير باسم «علي كوشيب»، أبلغ مدعي المحكمة الجنائية الدولية قضاة أن «غالبية الأدلة تظهر أن سلوك المتهم وأفعاله تثبت ارتكابه الجرائم المنصوص عليها».

وقال إن علي عبد الرحمن، المشتبه به في أول محاكمة تنظر جرائم الحرب في إقليم دارفور بالسودان قبل عقدين، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع منها القتل والاغتصاب والنهب.

ودفع عبد الرحمن ببراءته من تهمة الإشراف على آلاف من مقاتلي «الجنجويد» الموالين للحكومة خلال ذروة القتال في عامي 2003 و2004. وقال دفاعه إنه ليس زعيم الميليشيا، المعروف أيضاً باسمه الحركي «علي كوشيب». ووصف الدفاع المتهم «كوشيب» في وقت سابق بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، منهم الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، والداخلية أحمد هارون.

الادعاء أثبت قضيته

وقال المدعي العام للمحكمة كريم خان، في بيانه الختامي، الأربعاء، إنه خلال المحاكمة التي استمرت عامين، قدّم شهود الادعاء «روايات مفصلة عن القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب واستهداف المدنيين وحرق ونهب قرى بأكملها»، وإن الادعاء أثبت قضيته بما لا يدع مجالاً للشك.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

وتمثل المرافعات الختامية نهاية المحاكمة الأولى والوحيدة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المرتكبة في السودان منذ إحالة مجلس الأمن الدولي القضية إلى المحكمة في 2005، ولا تزال هناك أوامر اعتقال معلقة بحق مسؤولين سودانيين كبار في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

واندلع الصراع في دارفور لأول مرة عندما حمل متمردون غير عرب السلاح في وجه حكومة السودان، متهمين إياها بتهميش المنطقة النائية الواقعة في غرب البلاد. وحشدت حكومة السودان آنذاك ميليشيات عربية في الأغلب تعرف باسم «الجنجويد» لقمع التمرد، ما أثار موجة من العنف وصفتها الولايات المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بأنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية.

ومنذ بدء المحاكمة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية، اندلع الصراع مرة أخرى في دارفور، وتحول الصراع الحالي المستمر منذ 20 شهراً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية إلى صراع يزداد دموية مع تعثر جهود وقف إطلاق النار. وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في يونيو (حزيران) من هذا العام أنه يجري أيضاً تحقيقات عاجلة في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حالياً في دارفور.

ومن المقرر أن تستمر المرافعات الختامية إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

حكومة السودان سلّحت «الجنجويد»

وذكر خان أن حكومة السودان وآخرين كانوا يقومون بتسليح ميليشيا «الجنجويد» من أجل مقاومة «التمرد»، إلا أن الضحايا في هذه القضية «لم يكونوا ثواراً، بل هم مدنيون. وقال في مرافعته إن المحكمة استمعت، في وقت سابق، إلى روايات 81 شاهداً «تحدثوا عن القتل الجماعي والاغتصاب والحرق والتدمير لقرى كاملة وتهجير أهاليها من شعب الفور الذين حتى لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم حتى اليوم».

وأضاف أن مئات الرجال من قبيلة الفور تعرضوا للاعتقال والتعذيب في مكجر ودليج بوسط دارفور، وتم هذا على يد المتهم في هذه القضية «علي كوشيب». وتابع: «قدمنا للمحكمة أدلة على جرائم الاغتصاب التي ارتكبها (الجنجويد)، والتي كانت جزءاً من سياسة استراتيجية لـ(الجنجويد) وحكومة السودان ضد شعب الفور».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المدعي العام إن كل التهم المسؤول عنها جنائياً المتهم علي كوشيب «تم إثباتها أمام المحكمة، ونأمل أن تأخذ المحكمة بالأدلة الموثوقة من خلال محاكمة نزيهة». وأكد أن المتهم «مسؤول عن جرائم ارتكبت في مناطق كتم وبندسي ومكجر ودريج في أثناء الصراع بإقليم دارفور».

ووصف خان هذه المحاكمة بأنها تمثل بارقة أمل للذين فقدوا أقاربهم وممتلكاتهم، والذين ينتظرون العدالة لمدة 20 عاماً. ويواجه علي كوشيب 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم دارفور بالسودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003 وأبريل (نيسان) 2004 بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليم نفسه للمحكمة في يونيو 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وأغلقت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023.


مقالات ذات صلة

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

شمال افريقيا أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

قالت مصادر سودانية إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، الجمعة، مما أسفر عن مقتل 9 وإصابة 20.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا إردوغان مستقبلاً البرهان في أنقرة 12 أغسطس 2021 (رويترز)

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان والإمارات على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا في أرض الصومال

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأُطيح به بعد 30 عاماً (أ.ف.ب)

حرب بيانات بين قادة حزب البشير... والانشقاقات إلى العلن

اشتعلت «حرب بيانات» داخل حزب المؤتمر الوطني «المحلول»، الحاكم في السودان في حقبة الرئيس السابق عمر البشير، تبودلت خلالها الاتهامات، في خطوة وصفت بـ«الخطيرة».

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا حاكم الخرطوم وأعضاء لجنة أمن الولاية يزورون المواقع التي استهدفتها «قوات الدعم السريع»... (حكومة ولاية الخرطوم)

السودان: مقتل أكثر من 65 شخصاً في قصف مدفعي على أم درمان

أعلنت السلطات الحكومية السودانية، اليوم الثلاثاء، مقتل أكثر من 65 شخصاً، وإصابة المئات، في قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة أم درمان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا تصاعُد الدخان في أم درمان خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني عام 2023 (رويترز)

الخرطوم: مقتل 65 شخصاً في قصف نفذته «قوات الدعم السريع»

أعلن والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، اليوم الثلاثاء، أن عمليات قصف نفّذتها «قوات الدعم السريع» طالت مدينة أم درمان، أسفرت عن مقتل 65 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

خوري تُطلع السفراء الأفارقة في ليبيا على تطورات العملية السياسية

خوري والسفراء والممثلون الأفارقة لدى ليبيا في اجتماع بمقر البعثة الأممية (البعثة)
خوري والسفراء والممثلون الأفارقة لدى ليبيا في اجتماع بمقر البعثة الأممية (البعثة)
TT

خوري تُطلع السفراء الأفارقة في ليبيا على تطورات العملية السياسية

خوري والسفراء والممثلون الأفارقة لدى ليبيا في اجتماع بمقر البعثة الأممية (البعثة)
خوري والسفراء والممثلون الأفارقة لدى ليبيا في اجتماع بمقر البعثة الأممية (البعثة)

أطلعت المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا، ستيفاني خوري، السفراء والممثلين الأفارقة لدى البلاد على مستجدات العملية السياسية، بينما نفى «جهاز دعم الاستقرار» ما تردد عن وجود تحشيدات عسكرية في مواجهة «اللواء 444 قتال» بالعاصمة طرابلس.

وقالت البعثة الأممية، مساء الخميس، إن خوري ونائب الممثل الخاص للأمين العام، إينيس تشوما، استعرضا مع السفراء والممثلين للدولة الأفارقة في ليبيا «العناصر الرئيسية للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى التغلب على الجمود الحالي، وتمهيد الطريق للانتخابات الوطنية».

وأضافت البعثة أن تشوما، منسق الشؤون الإنسانية، أطلع بدوره السفراء والممثلين على دعم الأمم المتحدة للتنمية في جميع أنحاء ليبيا، والمساعدات الإنسانية للاجئين والمهاجرين غير النظاميين. مشيرة إلى أن المناقشات تطرقت إلى الحاجة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج بشكل فعال، وإدارة الحدود ودعم اللاجئين السودانيين، فضلاً عن نقاش حول تفاصيل العملية السياسية.

ستيفاني خوري في لقاء سابق مع بلقاسم حفتر (أ.ف.ب)

ويأتي تحرك البعثة الأممية محلياً ودولياً لجهة تشكيل «حكومة جديدة»، سعياً لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية الليبية، في وقت تتصاعد فيه الدعوات السياسية المطالبة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش «بسرعة تعيين مبعوث أممي بشكل رسمي».

ومنذ توليها مهامها في مايو (أيار) الماضي، قالت خوري إنه «حتى تعيين ممثل خاص للأمين العام، تبقى البعثة ملتزمة بمساندة الليبيين على تجنيب البلاد مخاطر الانقسام والعنف، وهدر الموارد، من خلال تيسير عملية سياسية يملكها ويقودها الليبيون».

وجدّد سياسيون ليبيون، من بينهم رئيس حزب «صوت الشعب»، فتحي عمر الشبلي، مطالبهم للأمين العام للأمم المتحدة «بسرعة تسمية مبعوث له في ليبيا»، بقصد إنقاذ العملية السياسية في بلدهم.

على صعيد آخر، وفي ظل تقارير نشرتها وسائل إعلام محلية عن تحشيدات عسكرية بين فصيلين مسلحين، يتبعان السلطة التنفيذية في طرابلس العاصمة، نفى «جهاز دعم الاستقرار» حدوث ذلك، وعدّ الأمر مجرد «أخبار مغلوطة عارية عن الصحة» و«شائعات»، وقال موضحاً: «ما جرى كان سوء تفاهم محدود بين بعض العناصر التابعة للطرفين، وقد تمت معالجته بشكل سريع وفعّال، دون اللجوء إلى أي نوع من التصعيد أو استخدام للقوة». وتابع الجهاز مطمئناً أهالي العاصمة بأن الأوضاع الأمنية «مستقرة تماماً... ونحن نواصل العمل بالتعاون مع الأطراف كافة لضمان أمن الوطن وسلامة المواطنين».

حمزة مدير الاستخبارات العسكرية بقوات الدبيبة في زيارة إلى وزارة الدفاع التونسية (رئاسة الأركان)

ويترأس «اللواء 444 قتال» اللواء محمود حمزة، الذي انتهى من زيارة سريعة إلى تونس، بصفته مدير إدارة الاستخبارات العسكرية بقوات «الجيش» التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

وبشأن تفاصيل زيارة حمزة، قالت رئاسة الأركان في غرب ليبيا، إنه التقى بوزير الدفاع التونسي، ومدير وكالة الاستخبارات التونسية، ورئيس جيش البر التونسي. وناقش معهم ملفات مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وتهريب البشر، والمخدرات العابرة للحدود، بالإضافة إلى الأحداث الجارية في سوريا وتأثيرها على الدولتين.

عشرات المهاجرين المصريين قبيل ترحيلهم من ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

في شأن مختلف، يتعلق بالهجرة غير المشروعة، قال «جهاز دعم الاستقرار»، اليوم (الجمعة)، إن إدارة التحريات وجمع الاستدلالات بالجهاز تمكنت من ضبط ليبيين من مدينة صبراتة، ينتميان لتشكيل عصابي دولي يمتهن تهريب المهاجرين غير النظاميين.

وأضاف الجهاز موضحاً أنه «تم ضبطهم وهم ينقلون 5 مهاجرين غير شرعيين من باكستان بواسطة مركبتهم الآلية... وقد اعترف المتهمون بما نُسب إليهم، وأنهم يقومون باستقبال ونقل المهاجرين القادمين من باكستان عبر مطار بنينا الدولي (بنغازي) لغرض مساعدتهم على الهجرة إلى أوروبا، مقابل مبالغ مالية».

وانتهى «جهاز دعم الاستقرار» إلى أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وأحيل المتهمون إلى النيابة المختصة لاستكمال الإجراءات.

وكان مكتب الترحيل التابع لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة بطرابلس، قد رحّل عشرات المهاجرين المصريين عن طريق البر، عبر منفذ أمساعد في شرق ليبيا، مساء الخميس.