الجزائر لمحاربة «أوكار الأموال المشبوهة» بإجراءات صارمة

فرض المرور على المصارف في بيع العقارات والسيارات وتسديد التأمينات

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
TT

الجزائر لمحاربة «أوكار الأموال المشبوهة» بإجراءات صارمة

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

بتاريخ الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، ستبدأ الجزائر بتطبيق إجراءات جديدة لامتصاص كتلة نقدية ضخمة في السوق الموازية، بغرض دمجها في البنوك، وذلك في سياق إجراءات لمحاربة غسل الأموال، كانت انطلقت في 2020 بمسعى يتمثل في استرداد أموال عامة مودعة في الخارج، يعتقد بأنها محل شبهة فساد سياسيين من مرحلة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).

وتعوّل الحكومة الجزائرية على تفعيل هذه الإجراءات، التي يشملها قانون المالية لسنة 2025، عن طريق محاربة السوق غير الرسمية، وتبييض الأموال والتهرب من دفع الضرائب، وهي آفات تثقل كاهل الاقتصاد الجزائري، وتؤدي إلى تشويه المنافسة بين الفاعلين الاقتصاديين، وتُعد مصدراً للثراء غير المشروع.

الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (الشرق الأوسط)

وفي تقرير حديث للبنك المركزي، فإن نسبة الأنشطة غير الرسمية في السوق الجزائرية «بلغت حداً مذهلاً»، تعتقد الأجهزة الحكومية المختصة بمراقبة المال العام، بأنها ملاذ لأموال غير مشروعة.

وبحسب التقرير ذاته، الذي يخص مسارات الكتلة النقدية الموازية لعام 2023، فإن المبالغ المتداولة خارج النظام المصرفي، تصل إلى 8.273 مليار دينار، وبسعر الصرف الحالي يمثل ذلك ما يقارب 62 مليار دولار، وهو مبلغ هائل يفلت من السيطرة، علماً بأن التقرير يؤكد أن قيمة إجمالي الأنشطة التجارية التي تشملها التغطية البنكية تصل إلى 24.330 مليار دينار (182 مليار دولار).

وفي عام 2021 صرّح الرئيس عبد المجيد تبون، بأن الأموال المتداولة خارج النظام القانوني، تقدر بنحو 90 مليار دولار. ولم يذكر يومها مصدر هذا الرقم، وقال إن بلاده «لن تلجأ إلى الاستدانة الخارجية، وإذا تحتم عليها، فستذهب إلى الدين الداخلي لأن هناك أموالاً طائلة مخبأة، حان الوقت لضخها في الاقتصاد الذي هو بحاجة إلى سيولة».

الجزائر عازمة على محاربة أوكار المال المشبوه (أ.ف.ب)

ورغم صعوبة قياس حجم الأموال خارج النظام الرسمي، فإن تقديرات خبراء «المجلس الاقتصادي والاجتماعي» (جهاز يساعد السلطات على إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية)، تشير إلى أن حصة الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة المالية، لا تقل عن 30 المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذه مشكلة كبيرة، في نظرهم، تستدعي خطوات صارمة لاحتوائها، تفادياً لاتساع رقعة «أوكار الأموال المشبوهة»، خصوصاً أن هذه الأموال، موضع ارتياب بتوظيفها في أنشطة إرهابية، وفق تقارير أمنية.

واستهدفت الإجراءات الحكومية الجديدة، أربعة أنواع من المنتجات، سيكون لزاماً أن تمر عبر النظام المصرفي. وتشمل المعاملات العقارية (العقارات المبنية وغير المبنية)، وبيع السيارات واليخوت، وتسديد التأمينات الإجبارية.

كما تتضمن التدابير، فرض الدفع بالشيك أو وسائل الدفع المصرفي أو الإلكتروني، والتي من شأنها أيضاً تقليص حجم التهرب الضريبي، حسب الحكومة. ففي سوق العقارات، مثلاً، تجري معاملات ضخمة خارج النظام القانوني، مع العلم بأنه في الوقت الراهن، تقل نسبة المعاملات المالية التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية في البلاد، عن 20 في المائة.

الرئيس تبون تعهد بالتصدي للأموال محل الشبهة خلال ولايته الثانية (الرئاسة)

وقد نشب قلق في أوساط النشطاء في هذه السوق، منذ الإعلان عن الإجراءات الجديدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. فالتحول المرتقب، سيحرمهم من عائدات كبيرة استفادوا منها لزمن طويل.

وأكد خبير بـ«المجلس الاقتصادي»، فضّل عدم نشر اسمه، أن «التعاون مطلوب بين السلطات العامة والبنوك، وممثلي المجتمع المدني، لإحداث مناخ مناسب لهذا التحول». ومن خلال دمج الكتلة النقدية الموازية الكبيرة في النظام الرسمي، يصبح بإمكان الحكومة، حسب الخبير نفسه، توسيع قاعدتها الضريبية، وتوفير استقرار لعملتها، وتعزيز قدرات الاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة.


مقالات ذات صلة

الموت يُغيّب أحمد غزالي رئيس حكومة الجزائر الأسبق

شمال افريقيا سيد أحمد غزالي (موقع الشرق الأوسط)

الموت يُغيّب أحمد غزالي رئيس حكومة الجزائر الأسبق

توفي، الثلاثاء، سيد أحمد غزالي، رئيس حكومة الجزائر الأسبق بمستشفى عين النعجة العسكري في العاصمة الجزائرية، عن عمر ناهز 88 عاماً.

شمال افريقيا الشريف آيت علي (يسار) مع رشيد ولد براهم... المغنيان الأمازيغيان اللذان أدانهما القضاء (الشرق الأوسط)

الجزائر: السجن لناشطين بتنظيم يطالب بالحكم الذاتي بمنطقة القبائل

إدانة عضوين في تنظيم يطالب بالحكم الذاتي بمنطقة القبائل الأمازيغية بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ لأحدهما، و5 سنوات مع التنفيذ بحق الثاني.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

أكبر حزب «إسلامي» جزائري يبدي قلقاً من حديث تبون عن «التطبيع»

أبدى أكبر «حزب إسلامي» في الجزائر قلقاً من تصريحات للرئيس عبد المجيد تبون أكد فيها استعداد بلاده للاعتراف بإسرائيل عندما تقوم دولة فلسطينية كاملة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد اجتماع لمجلس الوزراء الجزائري يبحث خطة 2025 لترشيد الإنفاق (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر تتخذ إجراءات صارمة للسيطرة على الإنفاق العام

وجهت الحكومة الجزائرية تعليمات صارمة للوزارات والأجهزة والهيئات التابعة لها، تتعلق بتقليص الإنفاق الحكومي، والسيطرة على المصروفات والاستهلاك العام.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

مفاوضات بين الجزائر وبروكسل لإعادة التوازن في «اتفاق الشراكة»

أطلقت الجزائر والاتحاد الأوروبي جولة أولى من المفاوضات حول «اتفاق الشراكة»، الذي يجمعهما منذ عام 2005.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

انتشال جثث عشرات المهاجرين من موقعين في ليبيا

انتشال جثث مهاجرين غرقوا في عرض البحر قبالة شواطئ ليبيا (أرشيفية - رويترز)
انتشال جثث مهاجرين غرقوا في عرض البحر قبالة شواطئ ليبيا (أرشيفية - رويترز)
TT

انتشال جثث عشرات المهاجرين من موقعين في ليبيا

انتشال جثث مهاجرين غرقوا في عرض البحر قبالة شواطئ ليبيا (أرشيفية - رويترز)
انتشال جثث مهاجرين غرقوا في عرض البحر قبالة شواطئ ليبيا (أرشيفية - رويترز)

قالت مديرية للأمن والهلال الأحمر الليبي أمس الخميس إنه جرى انتشال 29 جثة على الأقل لمهاجرين من موقعين في جنوب شرق ليبيا وغربها.

وذكرت مديرية أمن الواحات في بيان أنه جرى العثور على 19 جثة في مقبرة جماعية بمزرعة بمنطقة أجخرة على بعد 441 كيلومترا من مدينة بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا، وأشارت إلى أن الوفيات مرتبطة بأنشطة تهريب. ونشرت المديرية على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي صورا تظهر رجال الأمن وأعضاء الهلال الأحمر في جالو وهم يقومون بوضع الجثث في أكياس بلاستيكية سوداء.

وفي سياق منفصل، قال الهلال الأحمر الليبي على موقع فيسبوك في ساعة متأخرة من مساء أمس الخميس، إن فريقا تابعا له انتشل جثث عشرة مهاجرين في وقت سابق من أمس بعد غرق قاربهم قبالة ميناء ديلة في مدينة الزاوية على بعد نحو 40 كيلومترا من العاصمة طرابلس. ونشر الهلال الأحمر صورا تظهر متطوعين على رصيف الميناء وهم يضعون الجثث في أكياس بلاستيكية بيضاء، فيما كان أحدهم يقوم بكتابة أرقام على أحد الأكياس.

وقالت مديرية أمن الواحات في البيان إنها تمكنت «وبحضور النيابة العامة في جالو من انتشال 19 جثة ناتجة عن نشاط التهريب والهجرة غير الشرعية في منطقة أجخرة تابعة لشبكة تهريب معروفة». وذكرت أنه تم العثور على الجثث في ثلاث مقابر بإحدى المزارع، وضمت إحداها جثة واحدة وضمت الثانية أربع جثث فيما ضمت الثالثة 14 جثة. وقالت المديرية إنه جرى نقل الجثث إلى الطب الشرعي «لإجراء الفحوصات اللازمة».

وتحولت ليبيا لطريق عبور للمهاجرين الفارين من الصراعات والفقر إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وأعلن فرع جهاز البحث الجنائي بالواحات في نهاية يناير (كانون الثاني) تحرير 263 مهاجرا من جنسيات مختلفة من دول جنوب الصحراء الكبرى، وقال إنهم «كانوا محتجزين لدى عصابة تهريب في ظروف إنسانية وصحية سيئة للغاية».