«هدنة غزة»: ما المنتظر عقب موافقة «حماس» على «لجنة إدارة القطاع»؟

ترجيحات إسرائيلية بقرب التوصل إلى صفقة بشأن «الرهائن»

دخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: ما المنتظر عقب موافقة «حماس» على «لجنة إدارة القطاع»؟

دخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)

حركت موافقة حركة «حماس» على تشكيل «لجنة إدارة قطاع غزة»، بعد جولات ماراثونية على مدار نحو شهرين بالقاهرة، تساؤلات عن الخطوة المنتظرة في المشهد الفلسطيني، الذي يشهد حراكاً للوسطاء لإبرام «هدنة»، وسط ترجيحات إسرائيلية بقرب التوصل إلى صفقة تعيد «الرهائن».

خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط» يرون أن خطوة الموافقة من «حماس» تسقط أي ذرائع إسرائيلية للبقاء في غزة خشية وجود الحركة بالحكم، وبالتالي تُعجّل بمسار الهدنة، مرجحين أن يصدر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مرسوماً رئاسياً بتشكيل اللجنة ومهامها لبدء عملها بعد حل «خلافات التفاصيل» المثارة حالياً.

وأعلنت «حماس»، في بيان صحافي، الخميس، ختام لقاءاتها التي بدأتها الأسبوع الماضي في القاهرة، مشيرة إلى أن «وفدها أجرى حواراً معمقاً مع حركة (فتح) حول تشكيل (لجنة لإدارة قطاع غزة) على طريق تطبيق ما تم التوافق عليه وطنياً من اتفاقات شاملة لتحقيق الوحدة الوطنية والإنهاء الكامل للانقسام وآثاره المتعددة».

وأبلغ وفد «حماس» «موافقة الحركة على المقترح المقدم من الأشقاء في مصر حول تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي عبر آليات وطنية جامعة (لم يذكرها)»، لافتاً إلى أنه «أجرى لقاءات مع عدد من الشخصيات الوطنية والاعتبارية الفلسطينية الموجودة في القاهرة، حيث تم وضعهم في صورة اللقاءات التي تمت مع حركة (فتح) وموقف الحركة تجاه المقترح المصري في الإطار الوطني».

ولم تعلن القاهرة عن موقف رسمي بشأن نتائج رعايتها لجولة محادثات ثالثة بدأت الأيام الماضية بين حركتي «فتح» و«حماس»، بعد جولتين أخريين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، بشأن تشكيل «هيئة إدارية» لقطاع غزة، يُطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة».

امرأة فلسطينية تبكي أحد أفراد أسرتها الذي قُتل في قصف إسرائيلي على خان يونس (أ.ف.ب)

وتتبع اللجنة السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتتولى مهمة إدارة الشؤون المدنية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتوزيعها في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية، وفق مصادر فلسطينية تحدثت سابقاً لـ«الشرق الأوسط».

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن «الكرة الآن في ملعب الرئيس الفلسطيني، والخطوة المقبلة تنتظر القبول بنتائج المحادثات، والدعوة لاجتماع فصائل بالقاهرة يعلن خلاله إصدار مرسوم رسمي بالأسماء والتشكيل ومهام اللجنة بعد توافق الفصائل، لتبدأ عملها الذي انتهى إليه التوافق».

وتأتي الموافقة «الاضطرارية» من جانب «حماس»، وفق الرقب، بهدف «إنهاء أي ذرائع لإسرائيل للبقاء بدعوى مواجهة الحركة، فضلاً عن ضمان خروج آمن وبأقل الخسائر يخفف عنها العبء دون أن ينهي ذلك وجودها»، موضحاً أن «(حماس) تريد الآن بعض الهدوء وخصوصاً أن المجتمع الدولي لا يريدها عنواناً للعمل الفلسطيني الرسمي، وخياراتها ستبقى محدودة، أهمها أن تكون جزءاً من منظمة التحرير الفلسطيني عبر تشكيل إطار مؤقت يضمها ويضم باقي الفصائل، والثاني أن تكون جزءاً من المعادلة مستقبلاً بخوض أي انتخابات مقبلة».

في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن «بيان (حماس) يعني الموافقة على مقترح تشكيل (إدارة غزة) وليس على التفاصيل التي تشهد خلافات، خصوصاً أن (حماس) لا تزال مُصرة على أن تكون اللجنة غطاء لإدارتها لقطاع غزة دون أن يرتبط ذلك بالانسحاب من المشهد»، متوقعاً أن «هذا سيعرقل فرص إنهاء التوصل إلى اليوم التالي للحرب، وسيعطي بنيامين نتنياهو مبرراً للبقاء في القطاع».

وبالتزامن، مع إعلان الموافقة على تشكيل «لجنة إدارة غزة»، أعلن المسؤول بالمكتب السياسي لحركة «حماس»، باسم نعيم، أن الوسطاء الدوليين استأنفوا المفاوضات مع الحركة وإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وأضاف أن لديه أملاً في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ 14 شهراً.

وتحدث نعيم في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» جرت في تركيا، الخميس، عن «إعادة تنشيط» للجهود خلال الأيام الأخيرة، من أجل السعي لإنهاء القتال، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل، معرباً عن اعتقاده أن الإدارة الأميركية المقبلة، بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، يمكن أن «تؤثر على الوضع بشكل إيجابي»، مع الوضع في الاعتبار أن ترمب جعل وقف الحروب في المنطقة جزءاً من برنامج حملته الانتخابية.

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)

وكان ترمب دعا أخيراً إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة بحلول موعد توليه مهام منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، مشيراً إلى «ثمن باهظ» حال لم يحدث ذلك.

وقال رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في تصريحات إعلامية، الأربعاء، إن المسؤولين في بلاده يهدفون إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قبل تولي ترمب مهام منصبه رسمياً.

وتتمسك «حماس»، وفق حديث نعيم، بالمطالب الأساسية التي تشبثت بها خلال الجولات السابقة من المفاوضات، بما في ذلك تطبيق وقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وحق الفلسطينيين النازحين داخلياً بغزة في العودة إلى منازلهم، غير أنه قال إن الحركة «مستعدة لإظهار مرونة» بشأن تنفيذ ذلك، بما يشمل الجدول الزمني لانسحاب القوات الإسرائيلية من الأجزاء الرئيسية بقطاع غزة.

ويتماشى ذلك مع تأكيدات مشابهة من وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بشأن مسار الهدنة، قائلاً في تصريحات، الخميس: «قد تكون لدينا فرصة الآن لصفقة الرهائن»، مضيفاً: «إسرائيل جادة في التوصل إلى صفقة رهائن، وآمل أن نتمكن من القيام بهذا الشيء، والقيام به في أقرب وقت ممكن».

وفي رأي الرقب فإن «قوة (حماس) لم تنتهِ على الأرض، ولديها ورقة الرهائن، ولديها ولدى الجميع أولوية إبرام هدنة تخفف المعاناة عن الشعب الفلسطيني»، متوقعاً أن تكون «قريبة» في ظل الحراك الدائر والتسريبات الإسرائيلية ومهلة ترمب. كما يعتقد مطاوع أنه «ستكون هناك هدنة، خصوصاً في ظل تحركات إيجابية تقودها القاهرة، وأن (حماس) لم يعد لديها مزيد من أوراق الضغط على إسرائيل في ضوء تهديد ترمب وتراجع دعم (حزب الله) بعد الاتفاق الإسرائيلي اللبناني أخيراً، وضعف قواتها العسكرية بشكل واضح على الأرض».


مقالات ذات صلة

الآلاف يتظاهرون في لندن ضد خطة ترمب بشأن غزة

المشرق العربي جانب من المظاهرة الاحتجاجية في لندن (إ.ب.أ)

الآلاف يتظاهرون في لندن ضد خطة ترمب بشأن غزة

تظاهر آلاف المؤيدين للفلسطينيين أمام السفارة الأميركية في لندن السبت احتجاجاً على خطة دونالد ترمب للسيطرة على غزة وترحيل سكانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من تسليم الرهائن خلال عملية التبادل السادسة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

مصر تتحدث عن عدم رغبة «حماس» في «إدارة غزة»

تأكيدات مصرية بالتزام «حماس» بعدم المشاركة في «إدارة قطاع غزة»، تأتي بعد حديث عربي عن أهمية تنحي الحركة خلال الفترة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري نازحون من غزة في وقت سابق تجمَّعوا بمنطقة النصيرات للعودة إلى منازلهم في الجزء الشمالي من القطاع (أ.ف.ب)

تحليل إخباري جولة روبيو للمنطقة... هل «تُنقذ» المرحلة الثانية من «اتفاق غزة»؟

أول جولة لوزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية ماركو روبيو للمنطقة، تبحث «المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وفد الجامعة العربية أمام شاحنة مساعدات قبل عبورها إلى قطاع غزة (الجامعة العربية) play-circle 00:42

ارتياح عربي لآلية إيصال المساعدات إلى قطاع غزة

قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، السبت: «نستشعر الرضا والارتياح بشأن عملية تسليم المساعدات والمعونات إلى قطاع غزة».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب) play-circle

غوتيريش: السلام ممكن في الشرق الأوسط... ويبدأ بـ«حل الدولتين»

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (السبت) أنه من الممكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن ذلك يبدأ بـ«حل الدولتين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مؤتمر وزراء الداخلية العرب يبحث بتونس إشكاليات الهجرة والإرهاب والجريمة المنظمة

وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً ممثلي بعض الوفود الوزارية والأمنية العربية المشاركة في المؤتمر (موقع وزارة الداخلية التونسية)
وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً ممثلي بعض الوفود الوزارية والأمنية العربية المشاركة في المؤتمر (موقع وزارة الداخلية التونسية)
TT

مؤتمر وزراء الداخلية العرب يبحث بتونس إشكاليات الهجرة والإرهاب والجريمة المنظمة

وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً ممثلي بعض الوفود الوزارية والأمنية العربية المشاركة في المؤتمر (موقع وزارة الداخلية التونسية)
وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً ممثلي بعض الوفود الوزارية والأمنية العربية المشاركة في المؤتمر (موقع وزارة الداخلية التونسية)

وصل إلى تونس، السبت والجمعة، عشرات من كبار قادة الشرطة والأمن العرب ووزراء الداخلية العرب وممثلي مؤسسات الأمن والاستعلامات ومكافحة الجريمة المنظمة دولياً، تحضيراً للمؤتمر السنوي لمجلس وزراء الداخلية العرب، الذي سيُعقد، الأحد، بتونس العاصمة.

وكشف الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، محمد بن علي كومان، أن هذا المؤتمر الأمني الكبير ينظم بمشاركة وزراء الداخلية وعدد من كبار قادة الأمن والشرطة والحماية المدنية في كل الدول العربية، وثلة من كبار المسؤولين عن أجهزة الأمن والاستخبارات الدولية والأوروبية.

وزير الداخلية التونسي خالد النوري مستقبلاً وزير داخلية سلطنة عمان حمود البوسعيدي والوفود الوزارية والأمنية العربية (موقع وزارة الداخلية التونسية)

وأوضح محمد بن علي كومان، ووزير الداخلية التونسي خالد النوري، أن المؤتمر السنوي الجديد لمجلس وزراء الداخلية الجديد «سيُفتتح بكلمة يُلقيها ممثل عن الرئيس قيس سعيد، الذي يعقد المؤتمر تحت رعايته».

وكشفت الأمانة لمجلس وزراء الداخلية العرب بالمناسبة أن الدورة السنوية الجديدة لمجلس وزراء الداخلية العرب، وهي الـ42 منذ انطلاق أعمال المؤسسة، بمبادرة من الأمير السعودي الراحل نايف بن عبد العزيز، تُنظم بحضور وزراء الداخلية في كل الدول العربية، وثلة من أبرز مستشاريهم ومساعديهم.

كما تُشارك في المؤتمر وفود أمنية رفيعة، إضافة إلى ممثلين عن جامعة الدول العربية، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون (اليوروبول)، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وكذا الاتحاد الرياضي العربي للشرطة.

ومن بين ضيوف هذه الدورة شخصيات سياسية أمنية أوروبية بارزة، بينها وزيرة داخلية البرتغال، التي ستُعنى خاصة بالتنسيق حول ملفات تهريب البشر والمخدرات والسلع وملفات الإرهاب.

ومن المقرر أن يكون من بين أبرز المتدخلين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وزير الداخلية التونسي، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب.

وسيعرض تقرير الأمين العام للمجلس أبرز مقررات لنحو 20 مؤتمراً أمنياً رفيع المستوى، التي عقدتها الأمانة العامة خلال عام 2024، بمشاركة كبار المسؤولين في قطاعات الشرطة والأمن والاستخبارات. ويتناول التقرير قضايا مهمة، مثل مكافحة الجريمة المنظمة والمخدرات، والإرهاب، والهجرة غير النظامية. كما سيتناول المؤتمر في أولوياته «تعزيز التعاون الشرطي بين الاتحاد الأوروبي والدول العربية»، وإصدار توصيات تهدف إلى زيادة التنسيق الأمني بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.

النوري في استقبال وزير داخلية سلطنة عمان حمود البوسعيدي (موقع وزارة الداخلية التونسية)

ووفق المصادر نفسها، فإن من أبرز الملفات التي يتضمنها جدول أعمال الدورة مشروع خطة مرحلية 11 للاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، ومشروع خطة مرحلية سابعة للاستراتيجية العربية للحماية المدنية (الدفاع المدني)، ومشروع خطة مرحلية ثانية «للاستراتيجية العربية لمواجهة جرائم تقنية المعلومات».

كما تناقش الدورة أيضاً الأوضاع الأمنية في عدد من الدول العربية التي تمر بأزمات حادة، مثل السودان ولبنان وفلسطين المحتلة، إلى جانب عدد من الموضوعات المهمة المدرجة على جدول الأعمال، منها تقرير الأمين العام للمجلس عن أعمال الأمانة العامة بين دورتي المجلس الحادية والأربعين والثانية والأربعين، وتقرير رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عن أعمال الجامعة بين دورتي المجلس الحادية والأربعين والثانية والأربعين.

وسبق انعقاد الدورة اجتماع تحضيري، الخميس الماضي، شارك فيه كبار قادة الأمن والشرطة العرب وممثلي الوزراء، لدراسة البنود الواردة على جدول الأعمال، وإعداد مشروعات القرارات اللازمة بشأنها، تمهيداً لعرضها على الدورة.