«قناة السويس» للحد من خسائرها عبر «خدمات جديدة»

الصيانة والإصلاح وإزالة مخلفات السفن... أبرزها

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
TT

«قناة السويس» للحد من خسائرها عبر «خدمات جديدة»

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

في محاولة للحد من الخسائر المالية الناجمة عن استمرار التوترات في البحر الأحمر، تعمل هيئة قناة السويس في مصر على تنويع مصادر الدخل عبر مجموعة جديدة من الخدمات من بينها «صيانة وإصلاح السفن وإزالة المخلفات».

وقال رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في إفادة رسمية، الخميس، إن «القناة تبنت في الفترة الماضية استراتيجية طموحاً تعتمد بشكل رئيسي على تنويع مصادر الدخل، وإضافة خدمات بحرية لم تكن تقدم من قبل»، موضحاً أن «أبرز هذه الخدمات ما يتعلق بالإنقاذ والإسعاف البحري، فضلاً عن الصيانة والإصلاح بواسطة الشركات والترسانات التابعة للهيئة، بالإضافة إلى خدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات من السفن وخدمات الرسو لليخوت».

وأضاف ربيع خلال استقباله وفد أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، أن «المرحلة الراهنة تشهد العديد من التحديات الأمنية غير المسبوقة، التي تتطلب التعامل المرن بفتح قنوات تواصل مباشرة مع الشركاء والعملاء كافة»، لافتاً إلى «ما تواجهه قناة السويس من تحديات متعلقة بالمشهد الإقليمي للمنطقة».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة»، ما دفع شركات الشحن العالمية، لتغيير مسارها متجنبة المرور في البحر الأحمر.

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة في «قناة السويس» بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الـ8 أشهر الماضية». (الدولار يساوي 50 جنيهاً في البنوك المصرية).

رئيس هيئة قناة السويس المصرية (صفحة الهيئة على «فيسبوك»)

وشدد ربيع، الخميس، على أن «قناة السويس مستمرة في تقديم خدماتها الملاحية والبحرية على مدار الساعة، رغم تأثر معدلات حركة التجارة العالمية العابرة للقناة بشكل كبير بسبب اتخاذ العديد من الخطوط الملاحية الكبرى لطرق بديلة»، لافتاً إلى «الانعكاس السلبي على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، ما تسبب في ارتفاع أسعار النولون البحري، وزيادة قيمة التأمين البحري، وارتفاع مستويات التضخم وأسعار السلع للمستهلك النهائي».

وقال رئيس الهيئة إن «قناة السويس تواصل خططها لتطوير المجرى الملاحي، بهدف رفع عامل الأمان الملاحي وزيادة الطاقة الاستيعابية للقناة وقدرتها على التعامل مع حالات الطوارئ»، مؤكداً «المكانة الاستراتيجية المهمة التي تتمتع بها القناة في المجتمع الملاحي الدولي، ما يجعل تطويرها المستمر ضرورة حيوية لتعزيز مكانتها العالمية وتعظيم الاستفادة من موقعها الجغرافي الفريد بإنشاء مناطق صناعية ولوجيستية في محيطها».

والشهر الماضي، قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إن «مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر، خاصة أن هناك تراجعاً كبيراً في عائدات قناة السويس نتيجة التصعيد غير المقبول».

سفينة شحن تابعة لـ«ميرسك» خلال مرورها عبر قناة السويس المصرية في عام 2022 (رويترز)

وتراجعت إيرادات «قناة السويس» من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب تصريحات رسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم تأكيده «أهمية الخدمات الجديدة» التي تقدمها «قناة السويس»، لا يعتقد الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور مصطفى بدرة، أنها «سوف تساهم في تقليل خسائر القناة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «خسائر القناة لا تتعلق فقط بتقلص عائداتها المالية؛ بل ترتبط أيضاً بخسارة فرص استثمارية وزيادة الأعباء المالية».

وأوضح بدرة أن «تراجع العائدات المالية للقناة أدى إلى ضياع فرص استثمار كان من الممكن استغلال هذه العائدات فيها، كما دفع البلاد للاقتراض لتعويض نقص العملة الأجنبية»، موضحاً أن «تعويض ما خسرته القناة يحتاج إلى نحو 4 سنوات لو توقفت الحرب الآن واستعاد الممر الملاحي نشاطه».

وبحسب الخبير الاقتصادي المصري، فإن «تداعيات ما يحدث لم يؤثر فقط على قناة السويس، بل امتد لحركة التجارة العالمية وسلاسل الإمداد التي تضررت جميعاً من جراء توترات البحر الأحمر».

وتعد «قناة السويس» أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق أن توقع «البنك الدولي» في أبريل (نيسان) الماضي أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».


مقالات ذات صلة

السعودية ومصر لتعزيز التعاون القضائي وتبادل الخبرات القانونية

العالم العربي النائب العام السعودي يلتقي وزير العدل المصري في القاهرة بحضور سفير المملكة لدى مصر (وزارة العدل المصرية)

السعودية ومصر لتعزيز التعاون القضائي وتبادل الخبرات القانونية

بهدف تعزيز سبل التعاون القضائي، وتبادل الخبرات في مجالات القانون والعدالة والتدريب، يزور النائب العام السعودي الشيخ سعود بن عبد الله المعجب القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ دول عربية تواجه تداعيات إغلاق «الوكالة الأميركية للتنمية»

دول عربية تواجه تداعيات إغلاق «الوكالة الأميركية للتنمية»

أثار قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب إعادة تقييم مشاريع المساعدات الأميركية، حالة من عدم اليقين بشأن التزام واشنطن على المدى الطويل فيما يتعلق بوكالات الإغاثة.

هبة القدسي (واشنطن)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتصافحان قبل اجتماعهما بمبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن بالولايات المتحدة 10 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

وزير الخارجية المصري يُبلغ نظيره الأميركي برفض العرب خطة ترمب لغزة

شدد وزير الخارجية المصري خلال لقائه مع نظيره الأميركي «على ثوابت الموقف المصري والعربي والإسلامي بشأن القضية الفلسطينية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه مع السيناتور كريس فان هولن بمجلس الشيوخ الأميركي (الخارجية المصرية)

رسائل القاهرة لواشنطن: دعم العلاقات وتشديد على رفض «التهجير»

دعم الشراكة الاستراتيجية، وتعزيز التعاون، والتشديد على رفض تهجير الفلسطينيين، رسائل حملتها لقاءات وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى واشنطن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي السيناتور كريس فان هولن عضو مجلس الشيوخ الأميركي بواشنطن («الخارجية» المصرية) play-circle

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة بدء عملية التعافي المبكر لقطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة بدء عملية التعافي المبكر لقطاع غزة وإزالة الركام وإعادة الإعمار ضمن إطار زمني محدد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر تشن حملة واسعة لإحياء ذكرى تفجيرات فرنسا النووية

ملصق البرلمان الجزائري الخاص بمؤتمر عن ذكرى التفجيرات النووية (البرلمان)
ملصق البرلمان الجزائري الخاص بمؤتمر عن ذكرى التفجيرات النووية (البرلمان)
TT

الجزائر تشن حملة واسعة لإحياء ذكرى تفجيرات فرنسا النووية

ملصق البرلمان الجزائري الخاص بمؤتمر عن ذكرى التفجيرات النووية (البرلمان)
ملصق البرلمان الجزائري الخاص بمؤتمر عن ذكرى التفجيرات النووية (البرلمان)

تطلق وسائل الإعلام العامة والخاصة بالجزائر، اليوم الثلاثاء، حملة كبيرة عنوانها: «جريمة لا تُنسى»، تتعلق بمرور 65 سنة على التفجيرات النووية الفرنسية بصحراء البلاد، في وقت تشهد فيه العلاقة بالمستعمر السابق توترات حادّة.

تفجير 13 فبراير 1960 (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

وأكدت الإذاعة الحكومية في نشراتها الإخبارية أنها ستنظم مؤتمرات ونقاشات بشأن الموضوع، يشارك فيها مختصون في تشريعات الجرائم ذات الطابع الدولي، وباحثون بالتاريخ. وسيستمر هذا «التركيز الإعلامي» الاستثنائي على ذكرى تجارب الذرة الفرنسية، إلى الجمعة المقبل. كما تتطرق قنوات التلفزيون العمومي، خصوصاً قناة «الذاكرة»، حالياً إلى موضوع التفجيرات، وما خلّفته من مآسٍ، وإلى «المسؤولية التي تقع على فرنسا بتنظيف مواقع التفجيرات من مخلفات الإشعاعات».

وانخرطت في الحملة المعادية بشدة للسلطات الفرنسية تنظيمات ما تعرف بـ«الأسرة الثورية»؛ وعلى رأسها «منظمة المجاهدين» و«منظمة أبناء الشهداء»، و«منظمة أبناء المجاهدين»، بدعم لافت من وزارة المجاهدين.

كما يشارك في الحملة، بشكل خاص، «المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)»، الذي أعلن في بيان عن تنظيم «يوم دراسي» بشأن تجارب الذرة، الخميس المقبل، في «المركز الدولي للمؤتمرات»، وهو أكبر فضاء عمومي بالعاصمة. وسيجري تناول «التداعيات الخطيرة للتفجيرات النووية، وآثارها المستمرة على الإنسان والبيئة، من طرف نخبة من الباحثين والمختصين». ودعا البيان وسائل الإعلام إلى «تسليط الضوء على هذه القضية المهمة».

صورة أرشيفية للتجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر (الشرق الأوسط)

وأكد الباحث البارز في الهندسة النووية، عمار منصوري، لـ«وكالة الأنباء الجزائرية»، أن فرنسا «استعملت سكان الصحراء موضوع تجارب في تفجيراتها النووية»، مبرزاً «خطورة الإشعاع النووي، الذي تسبب في إصابات بالسرطان وتشوه الأجنة، إلى جانب تأثيره على البيئة»، عادّا الأحداث «جريمة كبرى ضد الإنسان وكذلك ضد الحيوان والبيئة».

ويمثل 13 فبراير (شباط) ذكرى سيئة بالنسبة إلى الجزائريين، ففي هذا اليوم من عام 1960 أجرت السلطات الاستعمارية أول تجربة ذرية لها في صحراء البلاد، التي التحقت بفضلها بـ«النادي النووي الدولي»، والتي تلتها 26 تجربة أخرى على مدار 6 سنوات كاملة.

وتفيد مصادر برلمانية بأن المناقشات التي سيجريها «المجلس الوطني»، الخميس المقبل، تمهد لإحياء مشروع تخلت عنه السلطات في بداية حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، يتمثل في إصدار «قانون يجرم الاستعمار الفرنسي». وأكد رئيس «المجلس»، إبراهيم بوغالي، في تصريحات لقناة تلفزيونية خاصة، نهاية الشهر الماضي، وجود ترتيبات لاتخاذ هذه الخطوة. وفُهم من كلامه أن ذكرى التفجيرات النووية هي أفضل مناسبة للإعلان عنها بشكل رسمي.

الرئيس الجزائري ربط بناء علاقات طبيعية بفرنسا بمدى استعدادها لـ«تحمل مسؤوليتها بخصوص تجاربها النووية في الجزائر»... (الرئاسة الجزائرية)

وربط الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بناء علاقات طبيعية بفرنسا بمدى استعدادها لـ«تحمل مسؤوليتها بخصوص تجاربها النووية في الجزائر»؛ ففي حوار مع صحيفة «لوبينيون» الفرنسية، نشر في 3 فبراير الحالي، ذكر أن «تسوية القضايا المتعلقة بالتفجيرات النووية، وباستخدام الأسلحة الكيميائية، من طرف فرنسا في جنوب الجزائر، مسألة ضرورية لاستئناف التعاون الثنائي». وفي نهاية 2024 دعا تبون الحكومة الفرنسية إلى تنظيف الأماكن التي تلوّثت بإشعاعات الذرة.

وفي تقدير مراقبين، فإن هذا الاهتمام المركز بذكرى التجارب النووية لا يخلو من مناكفة تجاه فرنسا. كما أنه بمثابة رد على حملة شديدة يقودها مسؤولون في الحكومة الفرنسية، ورموز من اليمين واليمين المتطرف، لإلغاء اتفاق الهجرة مع الجزائر، الذي وُقّع عام 1968، ولتخفيض إصدار التأشيرات، وفق المراقبين أنفسهم.

والمعروف أن التوترات الحالية مع باريس، التي تلامس القطيعة الدبلوماسية، بدأت في نهاية يوليو (تموز) الماضي بإعلان «الإليزيه» دعمه خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وتصاعدت بسبب «قضية سجن الكاتب بوعلام صنصال»، ثم توقيف مؤثرين جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف».

الكاتب بوعلام صنصال المسجون على ذمة التحقيق بتهمة المسّ بالسلامة الترابية للبلاد (متداولة)

في المجتمع الجزائري يُظهر مواطنون من فئات مختلفة تمسكاً بضرورة «اعتراف فرنسا بأنها ارتكبت جريمة ضد الإنسانية»؛ بسبب إجرائها تجارب نووية في أرضهم. وبهذا الخصوص، قالت سمية بن محمد، الطالبة في «المدرسة العليا للزراعة» بمدينة الحراش، جنوب العاصمة، لـ«الشرق الأوسط»: «نشأتُ في بيتنا وفي المدرسة على آلام الاستعمار وجرائمه، وتضحيات أجدادنا من أجل استقلالنا وحريتنا. وعلى هذا الأساس؛ فإذا وجدت خطة جادة لتجريم الاستعمار الفرنسي، فأنا من داعميها».

وزير المجاهدين (يسار) مع مسؤول تنظيم «أبناء الشهداء»... (موقع الوزارة)

وفي مقهى «باتريس لومومبا» الشهير بالمدينة نفسها، يقول صاحبه المولود في سنة اندلاع حرب التحرير (1954): «لا أتذكر في صغري حدثاً يتعلق بالتفجيرات النووية... مؤكدٌ أنه كان هناك تعتيم على الحادثة يومها، ولكن والدي لطالما حدثني عن جرائم الاستعمار، ومعاناة شعبنا من الاحتلال»، مشدداً على «ضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها، ودفعها تعويضات عنها، وإن رفضت؛ فأنا لا أرى مانعاً من رفع القضية إلى القضاء الجنائي الدولي».