الجزائر: «أزمة الكاتب صنصال» مرشحة لمزيد من التصعيد مع باريس

مسؤول رفيع يتهم «دوائر فرنسية» بـ«التدخل في شأن داخلي»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
TT

الجزائر: «أزمة الكاتب صنصال» مرشحة لمزيد من التصعيد مع باريس

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

رجح مراقبون في الجزائر حصول مزيد من التصعيد في «قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال» المسجون منذ أسبوعين، على أثر تصريحات مسؤول جزائري كبير، فُهم منها أن بلاده «لن ترضخ للضغوط السياسية والإعلامية المتزايدة في فرنسا»، بشأن هذا الملف الذي زاد من حدة تدهور العلاقات بين البلدين.

وصرَّح إبراهيم بوغالي، رئيس «المجلس الشعبي الوطني»، (غرفة التشريع)، خلال اجتماع لأعضاء مكتب «المجلس»، الأحد، بأن «انخراط البرلمان الأوروبي، وبعض الدوائر السياسية والإعلامية الفرنسية، في محاولة للتدخل في الشأن الداخلي للجزائر ليس سوى ممارسة مفضوحة لصرف الأنظار عن الانتهاكات الحقيقية لحقوق الإنسان والقانون الدولي».

جلسة في البرلمان الأوروبي (أرشيفية - البرلمان الأوروبي)

وكان بوغالي يشير إلى نقاش نظَّمه البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، بخصوص سجن الكاتب السبعيني بوعلام صنصال. كما جرى بحث إصدار لائحة تُدين سجنه وتطالب السلطات الجزائرية بالإفراج عنه، أطلقتها البرلمانية الفرنسية سارة خنافو، من حزب «الاسترداد» الفرنسي اليميني، صاحب المواقف الحادة ضد المهاجرين الجزائريين في فرنسا.

وقال بوغالي إنه «يتساءل عمَّا بقي من رصيد لهذه الأبواق، فيما يخص الفصل بين السلطات أو استقلالية القضاء»، ويستنتج من كلامه أن دعوات إطلاق سراح صنصال فيها عدم احترام لمبدأ استقلال القضاء الجزائري، فيما لا تزال قضيته في مرحلة التحقيق. وحسب بوغالي «يسهر القضاء الجزائري على حماية الحقوق والحريات»، مشدداً على أن «يد القانون ستطول كل مَن تسوِّل له نفسه المس بأمن واستقرار الجزائر».

ولأول مرة يخوض مسؤول جزائري رفيع في «أزمة صنصال»، علماً أنه لم يذكره بالاسم. وفي الترتيب البروتوكولي للمسؤولين، يأتي رئيس «المجلس الشعبي الوطني» رابعاً بعد رئيس الدولة ورئيس «مجلس الأمة» ورئيس «المحكمة الدستورية».

واعتقل الأمن الجزائري مؤلف الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، (2008)، في مطار عاصمة البلاد في 16 من الشهر الماضي، فيما كان عائداً من باريس. ووُضع في الحجز تحت النظر إلى 23 من الشهر نفسه، تاريخ تقديمه للنيابة ثم قاضي التحقيق بمحكمة في العاصمة، حيث أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي، من دون الإعلان رسمياً عن ذلك، كما رفض محاميه بالجزائر، التعاطي مع الصحافة حول القضية.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

ورجح محامون تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، حول القضية، اتهام صنصال بمادتين قانونيتين، يشملهما قانون العقوبات، إحداهما تفيد بأنه «يعاقَب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، كلُّ من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية أو أمن الدولة أو تهديد سيادتها». والأخرى تقول: «يعد عملاً إرهابياً أو تخريبياً كلُّ فعلٍ يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وتأخذ السلطات على الروائي الشهير، تصريحات «مستفزة» أطلقها في منصة «فرونتيير» الإخبارية الفرنسية اليمينية، زعم فيها أن قادة «ثورة التحرير» الجزائرية، طلبوا من سلطات المغرب «إيواء قواعدهم ومساعدتهم مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً مقابل وعد بإعادة الأراضي التي اقتطعتها فرنسا، لكنّ هؤلاء القادة تنكروا للاتفاق بعد استقلال الجزائر».

كما ادّعى أن قادة فرنسا «أحدثوا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر» عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب». وفي تقدير صنصال «نظام الجزائر نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال: «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب، لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وكان يقصد ضمناً الجزائر.

الجدل حول قضية صنصال انتقل إلى البرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)

وعُرف صنصال بانتقاداته السلطة والمجتمع في الجزائر، وشملت أعماله الأدبية هذه الانتقادات، لكن لم يتعرض للمساءلة بسببها. علماً بأنه قضى سنوات طويلة في وزارة الصناعة مسؤولاً كبيراً، وأُحيل إلى التقاعد عام 2003.

وخلَّف سجنه موجه سخط كبيرة في فرنسا، التي منحته جنسيتها في يونيو (حزيران) الماضي، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون. وطرح مسؤولون فرنسيون احتمال توظيف «الحماية القنصلية»، لترحيله إلى فرنسا، وهذه المسألة تثير حساسية بالغة لدى الحكومة الجزائرية، إذ تعدها «تجاوزاً بحق سيادة بلد طرد الاستعمار الفرنسي منذ أكثر من 62 سنة».

وتفاعل البرلمان الفرنسي الأسبوع الماضي مع القضية، باستجواب الوزيرة المكلفة بشؤون الفرنسيين في الخارج صوفي بريما، حول الطريقة المثلى لحل «مشكلة صنصال»، فقالت: «مصالح الدولة في حالة تعبئة كاملة لمتابعة قضية مواطننا، وتمكينه من الاستفادة من الحماية القنصلية التي ينص عليها القانون».


مقالات ذات صلة

الجزائر تلغي قيود هجرة أطبائها إلى الخارج

شمال افريقيا احتجاج طلاب الطب في كلية ورقلة جنوب البلاد (حسابات مضربين)

الجزائر تلغي قيود هجرة أطبائها إلى الخارج

ألغت الحكومة الجزائرية قراراً اتخذته العام الماضي، يخص وقف المصادقة على شهادات كليات الطب لوقف هجرة الأطباء إلى الخارج.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا جانب من آخر اجتماع لمنتدى السلم والأمن الأفريقي في ديسمبر 2023 (الشرق الأوسط)

تبون ينتقد «انتقائية أممية» و«تجاوزاً صارخاً للشرعية الدولية»

العالم «يعيش اليوم على وقع تحولات عميقة وتوترات متزايدة تدفع المنظومة الدولية نحو مفترق طرق حاسم»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

قبول طعن بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج عبد المجيد تبون خلال استقباله الأمير عبد العزيز بن سعود في القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر (واس)

بتوجيه من ولي العهد السعودي... وزير الداخلية يلتقي الرئيس الجزائري

بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، التقى الأمير عبد العزيز بن سعود، وزير الداخلية، الخميس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

الكاتب الجزائري - الفرنسي صنصال يستأنف قرار احتجازه

وُضع الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال رهن الاعتقال في وحدة احتجاز في أحد مستشفيات الجزائر العاصمة، فيما استأنف فريق الدفاع عنه قرار احتجازه.

«الشرق الأوسط» (باريس)

نائب البرهان يغلق باب التفاوض مع «الدعم السريع»

الفريق شمس الدين الكباشي (وكالة السودان للأنباء- سونا)
الفريق شمس الدين الكباشي (وكالة السودان للأنباء- سونا)
TT

نائب البرهان يغلق باب التفاوض مع «الدعم السريع»

الفريق شمس الدين الكباشي (وكالة السودان للأنباء- سونا)
الفريق شمس الدين الكباشي (وكالة السودان للأنباء- سونا)

أعلن عضو مجلس السيادة، نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين الكباشي، الثلاثاء، إغلاق باب التفاوض مع «قوات الدعم السريع»، وقال: «لن يكون هناك وقف لإطلاق نار أو هُدن».

وأضاف لدى مخاطبته قواته بمنطقة مصنع سكر سنار التي استردها الجيش الأحد الماضي، أن «هذا الانتصار هو امتداد لسلسة من الانتصارات، ولن نتوقف حتى ندحر الميليشيا، ونحرر كل شبر من البلاد».

وأشار إلى «أن (قوات الدعم السريع) استغلت وقف إطلاق النار المؤقت والهدن السابقة، لتقوية موقفها العملياتي وللتدمير».

وقال الكباشي: «نعلن إغلاق الباب أمام التفاوض، ولن يكون هناك وقف لإطلاق نار أو هدن، ويجب على الميليشيا تسليم السلاح والمنهوبات والتجمع في معسكرات».

وأضاف أن «المسار السياسي لا صلة له بالمسار العسكري، والحسم أولاً وإغلاق الملف العسكري، ثم مناقشة القضايا الأخرى».