الجزائر تلغي قيود هجرة أطبائها إلى الخارج

إثر إضراب طلاب الطب واحتجاجات نقابات القطاع

احتجاج طلاب الطب في كلية ورقلة جنوب البلاد (حسابات مضربين)
احتجاج طلاب الطب في كلية ورقلة جنوب البلاد (حسابات مضربين)
TT

الجزائر تلغي قيود هجرة أطبائها إلى الخارج

احتجاج طلاب الطب في كلية ورقلة جنوب البلاد (حسابات مضربين)
احتجاج طلاب الطب في كلية ورقلة جنوب البلاد (حسابات مضربين)

ألغت الحكومة الجزائرية قراراً اتخذته العام الماضي، يخص وقف المصادقة على شهادات كليات الطب لوقف هجرة الأطباء إلى الخارج، في خطوة دلّت على إرادتها لإنهاء أزمة حادة مع طلاب الطب المضربين عن الدراسة منذ 3 أشهر لأسباب كثيرة.

ونشر رئيس نقابة أطباء الصحة العامة، إلياس مرابط، على حسابه بوسائل الإعلام الاجتماعي، الاثنين، توجيهاً مكتوباً من وزارة التعليم العالي إلى عمداء كليات الطب، تبلغهم فيه بأن إجراءات المصادقة على الوثائق البيداغوجية الخاصة بالعلوم الطبية، والتأكد من صحتها «معمول بها بطريقة عادية، سواء على مستوى مصالح الكليات والجامعات، أو على مستوى مصالح الإدارة المركزية لوزارة التعليم العالي».

من إضراب طلاب الطب (متداولة)

وأوضحت الوزارة أن الوثائق المعنية تتمثل في الشهادات وكشوف النقاط المطلوبة في الخارج، للمشاركة في مسابقات يسمح الفوز فيها بالعمل في المشافي. كما أكدت الوزارة أن عمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان «مرخصون للتعامل والرد مباشرة على الهيئات الدولية، التي تطلب التأكد من صحة الشهادات والوثائق البيداغوجية في العلوم الطبية، مثل الهيئة الأميركية لاعتماد الشهادات، وغيرها من الهيئات الدولية المماثلة»، التي تطلب منهم التحقق من سلامة الوثائق الأكاديمية في العلوم الطبية.

وعلّق رئيس نقابة الصحة على هذا القرار بقوله: «الحمد لله، عدنا إلى رشدنا»، في إشارة إلى أن الحكومة ارتكبت خطأ عندما منعت التصديق على شهادات الأطباء للحؤول دون استمرار ما وصفته الصحافة «نزيفاً في قطاع الأطباء»، بسبب هجرتهم بأعداد كبيرة كل سنة إلى فرنسا؛ حيث فرص التوظيف كبيرة في المشافي والمصحات المملوكة للدولة.

وزير التعليم العالي كمال بداري (الوزارة)

وتعهّد وزير التعليم العالي، كمال بداري، خلال اجتماع مع ممثلي طلاب الطب المحتجين يوم 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بالعدول عن قرار منع التصديق على الشهادة، بهدف إقناعهم بوقف إضرابهم عن الدراسة. وتم ذلك في إطار تدابير اتخذتها الحكومة من قبل، تلبية لمطالب أخرى مرتبطة بنظام التعويضات خلال مرحلة الإقامة للأطباء في المشافي، وظروف الدراسة بشكل عام.

وعندما اتخذت السلطات في سبتمبر (أيلول) 2023 قرارها بوقف المصادقة على شهادات التخرج في كليات الطب، احتجت النقابة الوطنية للأطباء ضده، عادة هذا التصرف «تعدياً على الحريات الفردية». وتدخل نواب بالبرلمان لحمل الحكومة على الرجوع عن هذه الخطوة، التي أغضبت عدداً كبيراً من الطلاب الذين يستهدفون دخول كلية الطب بنيّة الهجرة إلى فرنسا تحديداً.

من جلسة برلمانية نظمت بداية 2023 لمساءلة الحكومة بخصوص هجرة الأطباء نحو فرنسا (البرلمان)

وقد جاء القرار الحكومي يومها إثر تداول طلاب الطب بجامعة الجزائر العاصمة، في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي، قائمة تضم زملاء لهم اجتازوا بنجاح اختبارات فتحت لهم باب التوظيف في المدن الفرنسية، ما أثار جدلاً حاداً حول «نزيف الجسم الطبي الجزائري». علماً بأن إحصاءات الحكومة تفيد بأن 15 ألف طبيب غادروا البلاد للاستقرار في فرنسا خلال الـ30 سنة الماضية، أي بمعدل نحو ألفي طبيب كل سنة. وأمام تزايد الهجرة، نظّم النواب نهاية 2023 مساءلة للحكومة لدفعها إلى البحث عن حلّ.

وتوفر فرنسا للأطباء الجزائريين، كما التونسيين والمغاربة، رواتب جيدة وظروف عمل مغرية بالنسبة لهم. كما أن تدريس الطب باللغة الفرنسية في الدول المغاربية يشجع الحكومة الفرنسية على طلب الكفاءات منها. غير أنه منذ أشهر قليلة، اكتشف طلاب بالجزائر أن ألمانيا باتت أيضاً وجهة لأطباء شمال أفريقيا، ما دفعهم إلى تعلُّم اللغة الألمانية طمعاً في الهجرة.

وصرح رضا بقاط، رئيس مجلس أخلاقيات الطب، للصحافة تعليقاً على هجرة الأطباء، بأن القطاع الطبي الحكومي في الجزائر «يواجه خسارة مزدوجة: أطباؤه يرحلون بأعداد كبيرة إلى القطاع الخاص محلياً، وإلى الخارج أيضاً».


مقالات ذات صلة

الجزائر تعلن تسلَم سائح إسباني احتجزته جماعة مسلحة بمالي

شمال افريقيا الإسباني المختطف لحظة وصوله إلى مطار عسكري بالضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية (وزارة الدفاع)

الجزائر تعلن تسلَم سائح إسباني احتجزته جماعة مسلحة بمالي

قالت وزارة الدفاع الجزائرية، أن جهاز الأمن العسكري تسلم المواطن الإسباني نافارو كانادا خواكيم، الذي اختطفته جماعة مسلحة مجهولة، يوم 14 من الشهر الحالي.

شمال افريقيا من تمرين عسكري سابق للجيش الجزائري بالصحراء استعداداً للمناورات المشتركة مع روسيا (وزارة الدفاع الروسية)

الجزائر تتصدّر الدول الأفريقية المستوردة للتجهيزات العسكرية من ألمانيا

تصدّرت الجزائر قائمة الدول الأفريقية الأكثر شراءً للتجهيزات العسكرية من ألمانيا في عام 2024، بما يعادل 559 مليون يورو.

شمال افريقيا جلسة بالبرلمان الأوروبي (أرشيفية - البرلمان)

البرلمان الأوروبي يحضّر للائحة تدين سجن الكاتب صنصال

في نوفمبر (تشرين الثاني) نظم البرلمان الأوروبي «جلسة نقاش» بشأن الكاتب بوعلام صنصال، وطالب بالإفراج عنه، بمقترح من سارة خنافو برلمانية حزب «الاسترداد» الفرنسي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المعارض الجزائري البارز فتحي غراس وزوجته الناشطة مسعودة شبالة (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)

الجزائر: السجن لمعارض بارز وزوجته بتهمة «الإساءة لرئيس الجمهورية»

تسببت الملاحقات القضائية ضد أحزاب المعارضة شديدة الانتقاد للحكومة، في انكماش المعارضة خلال السنوات الأخيرة، لدرجة أنه لا يكاد يُسمع أي صوت ينتقد سياسات الحكومة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس «مرصد المجتمع المدني الجزائري» (يمين) مع المقرر الأممي لحرية التجمع في سبتمبر 2023 (المرصد)

الحكومة الجزائرية تحضّر لفرض «قيود جديدة» على المنظمات الأجنبية

أعدت الحكومة الجزائرية ترتيبات جديدة، تخص الجمعيات الأجنبية والمنظمات الدولية غير الحكومية، تتمثل في فرض قيود وموانع جديدة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

قتلى وجرحى إثر اشتباكات أجهزة تابعة لـ«الوحدة» الليبية

الدبيبة متحدثاً في «منتدى دافوس» بسويسرا (حكومة الوحدة)
الدبيبة متحدثاً في «منتدى دافوس» بسويسرا (حكومة الوحدة)
TT

قتلى وجرحى إثر اشتباكات أجهزة تابعة لـ«الوحدة» الليبية

الدبيبة متحدثاً في «منتدى دافوس» بسويسرا (حكومة الوحدة)
الدبيبة متحدثاً في «منتدى دافوس» بسويسرا (حكومة الوحدة)

اندلعت، فجر الأربعاء، اشتباكات مفاجئة بين أجهزة أمنية تابعة لرئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، في العاصمة طرابلس، لكن هذا الأخير تجاهل هذه التطورات، واعتبر أن «المقاربة الأمنية فقط لا تحل المشكلة الليبية». ونصح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذا كان يريد حقاً استقرار ليبيا، بـ«عدم دعم أي طرف أمنياً لأنه سيعيد البلاد إلى نقطة الصفر»، على حد وصفه.

أضرار لحقت بمنازل مواطنين بسبب اشتباكات طرابلس (متداولة)

وعاد الهدوء الحذر إلى «قرية المغرب العربي»، المعروفة بـ«الريقاطة» في المنطقة السياحية بطرابلس، بعد اشتباكات اندلعت فجر الأربعاء بين ميليشيات الأمن العام وقوة الإسناد الأولي، وجميعها أجهزة أمنية تابعة لحكومة الوحدة.

وأشار شهود عيان إلى انتشار قوات من جهاز دعم الاستقرار، التابع لحكومة الوحدة داخل القرية، تزامناً مع حديث لمصادر حكومية عن تمركز قوات الجهاز داخل القرية، بانتظار تعليمات النائب العام لإخلائها وإغلاقها نهائياً.

ولم يصدر أي بيان رسمي بشأن حجم الخسائر البشرية والمادية، لكن مصادر غير رسمية قالت إن الاشتباكات أسفرت عن سقوط 3 قتلى و7 جرحى، بينما رصدت وسائل إعلام محلية تعرض منازل بعض المواطنين لأضرار فادحة.

وطلب وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة، عماد الطرابلسي، من النائب العام، التنسيق لمرافقة قوة كلفها من مديرية أمن طرابلس، وقوة العمليات الخاصة ودعم الاستقرار، ودعم المديريات لضبط الأمن بالمنطقة. وأوضح الطرابلسي أنه أمر بـ«استخدام القوة لإخلاء القرية من الجماعات المسلحة، وتسليمها لمديرية أمن طرابلس».

داخلية «الوحدة» تنشر قوات أمنية بطرابلس (الوحدة)

وقال الطرابلسي، اليوم الأربعاء، إنه فوجئ الليلة الماضية بعودة مجموعة مسلحة إلى القرية، ما أدى إلى وقوع اشتباكات باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ومشاركة نحو 40 سيارة مسلحة، مضيفاً أنه «وجّه تعليمات واضحة بفرض القانون، وبسط السيطرة على الوضع، ولو باستخدام القوة المفرطة إذا لزم الأمر»، على حد تعبيره، كما تعهد بتعزيز وتسليح أجهزة الشرطة في الفترة المقبلة «لمواجهة أي تهديد أمني بكل قوة وحزم».

وكان الطرابلسي قد تعهد مجدداً بإنهاء الفوضى في طرابلس والمنطقة الغربية «خلال 3 أشهر»، لكنه اشترط التأييد الشعبي للوزارة.

في غضون ذلك، قال الدبيبة خلال مشاركته، الأربعاء، في «جلسة الأمن والاستقرار»، ضمن أعمال «منتدى دافوس» بسويسرا، إن «التخوف ليس لدى ليبيا فقط، بل حتى لدى الأوروبيين، وأقول لترمب ولغيره: إذا كنت تريد استقرار ليبيا فلا تأخذ بالاعتبار الرأي الأمني فقط»، وذلك رداً على سؤال عن عودة ترمب للسلطة، ودعمه السابق لطرف معين، في إشارة إلى القائد العام للجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، المشير خليفة حفتر.

واعتبر الدبيبة أن ليبيا «دولة صغيرة وإمكاناتها ضعيفة، وعلى ترمب عدم دعم أي طرف ليبي أمنياً»، لكنه أكد مع ذلك على «دور ليبيا في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي». وكرر رؤيته حول وجود ثلاثة أنظمة تهدد استقرار ليبيا؛ هي «النظام العسكري، والآيديولوجي، وأنصار النظام السابق».

وقال الدبيبة بهذا الخصوص: «عندما تسلمنا الحكومة كانت أمامنا عراقيل كبيرة، لكن الحكومة عملت على التنمية، وتوفير الخدمات للمواطنين، وقد نجحنا في الوصول إلى مستويات طبيعية داخل البلاد وفي جل القطاعات»، معرباً عن تطلعه للوصول إلى «دستور حقيقي».

وبحث الدبيبة في دافوس مع نائب المدير التنفيذي للإنتاج والتشغيل بشركة «بريتش بتروليوم»، جوردون بيريل، سبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار والتنمية الاقتصادي. وأكد الجانبان على أهمية تطوير العلاقات الثنائية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية بما يسهم في دعم الاقتصاد الليبي، وتحقيق التنمية في البلاد.

الدبيبة خلال مشاركته في «منتدى دافوس» بسويسرا (د.ب.أ)

كما ناقش الدبيبة مع رئيس وزراء ماليزيا، أنور إبراهيم، على هامش أعمال «منتدى دافوس»، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيز التعاون في مجالات النفط والطاقة والبنية التحتية، إلى جانب التعليم العالي. واتفق الجانبان على أهمية تبادل الزيارات بين البلدين لتعزيز الشراكة والتعاون في مختلف المجالات، والاستفادة من التجربة الماليزية في تطوير القطاعات الحيوية، التي تسهم في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.