«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

جددت طلب تسليمه وسط تساؤلات عن إمكانية تحقيق ذلك

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».


مقالات ذات صلة

مالطا ترفع القيود عن أموال مواطنين وشركات ليبية

شمال افريقيا عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة الليبية (الحكومة)

مالطا ترفع القيود عن أموال مواطنين وشركات ليبية

رفعت السلطات في مالطا القيود المفروضة على أموال ليبيين بشأن 1800 حساب خاص بمصرف «فاليتا» إلى جانب وضع آليات لإعادة أموال مواطنين مودعة لدى «سانتا بانك».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)

ليبيا لحصر عقارات وأصول تابعة لأسرة القذافي

تتجه السلطات الليبية لحصر عقارات وأصول تابعة لأسرة الرئيس الراحل معمر القذافي، في البلاد، يأتي ذلك على خلفية رسالة رسمية تطلب من جهات بالدولة القيام بذلك.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء حفتر وصالح وحماد مع الرئيس الكونغولي في بنغازي (الجيش الوطني)

سلطات طرابلس تتجاهل مبادرة حفتر لـ«المصالحة الشاملة»

التزمت سلطات طرابلس (المجلس الرئاسي، و«الأعلى للدولة» وحكومة الوحدة)، الأربعاء، الصمت حيال إعلان المشير خليفة حفتر مبادرة جديدة لـ«المصالحة الشاملة».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سيول في بعض مناطق غرب ليبيا (منصة حكومتنا)

ليبيون يتهمون سلطات البلاد بـ«عدم التأهّب للسيول»

كان رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة قد قرر عقب السيول التي ضربت ترهونة تأسيس جهاز تطوير وتنمية المدينة والمناطق المجاورة لها.

جاكلين زاهر (القاهرة )

الصين ومصر تتفقان على ضرورة تشجيع السلام في الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

الصين ومصر تتفقان على ضرورة تشجيع السلام في الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في دار الضيافة الحكومية دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إن بكين اتفقت مع القاهرة على ضرورة أن يشجع البلدان على السلام والمفاوضات لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

وأدلى وانغ بهذه التصريحات خلال اجتماع مع نظيره المصري بدر عبد العاطي في بكين، اليوم (الجمعة)، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (يسار) ونظيره الصيني وانغ يي خلال إحاطة مشتركة في دار ضيافة الدولة دياويوتاي في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)

وقال وانغ إن البلدين يشعران بقلق بالغ إزاء الوضع الحالي في سوريا، ودعا إلى احترام سيادة البلاد واستقلالها وسلامة أراضيها.

وسيطر مقاتلو المعارضة السورية على العاصمة دمشق دون مقاومة يوم الأحد بعد أن فر الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، مما أنهى حكم عائلته الاستبدادي الذي استمر عقوداً. وقال عبد العاطي إنه ناقش مع وانغ أهمية وجود «عملية سياسية شاملة في سوريا، وأن يتم إدارة مرحلة انتقالية لا تقصى أحداً، وتعكس التنوع الطائفي والديني والعرقي داخل سوريا». كما قال وانغ إن البلدين يرحبان باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، ويأملان في تنفيذه بشكل فعال.