«شرق السودان» على حافة الفوضى مع انتشار الحركات المسلحة

حركة شبابية قبلية تهدد بإغلاق الإقليم الشرقي أو طرد الميليشيات

أعضاء جدد في القوات المسلحة السودانية يعرضون مهاراتهم خلال حفل تخرج في مدينة القضارف بشرق البلاد 5 نوفمبر (أ.ف.ب)
أعضاء جدد في القوات المسلحة السودانية يعرضون مهاراتهم خلال حفل تخرج في مدينة القضارف بشرق البلاد 5 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

«شرق السودان» على حافة الفوضى مع انتشار الحركات المسلحة

أعضاء جدد في القوات المسلحة السودانية يعرضون مهاراتهم خلال حفل تخرج في مدينة القضارف بشرق البلاد 5 نوفمبر (أ.ف.ب)
أعضاء جدد في القوات المسلحة السودانية يعرضون مهاراتهم خلال حفل تخرج في مدينة القضارف بشرق البلاد 5 نوفمبر (أ.ف.ب)

طالبت حركة شبابية، يتبع عناصرها قبيلة البجا العريقة في شرق السودان، بطرد الحركات المسلحة الحليفة للجيش من المنطقة، وتوعدت بإغلاق الإقليم الشرقي، الذي تتخذ الحكومة من عاصمته بورتسودان، مقراً إدارياً بديلاً عن العاصمة الخرطوم، والضغط من أجل إخراج المسلحين القادمين من أقاليم أخرى، واعتبرتها خطراً داهماً على أمن ونسيج الإقليم الاجتماعي.

وقالت الحركة، التي أطلقت على نفسها اسم «تيار الشباب البجاوي الحر»، في بيان، الجمعة، إن «وجود الحركات المسلحة القادمة من خارج الإقليم يُمثل خطراً داهماً، ليس على الأمن فقط، بل على نسيجنا الاجتماعي»، وإنها تتابع ما أسمته «الخطابات التي تثير النعرات القبلية التي تهدد وحدة الصف وتماسك المجتمع».

وتوعدت، بحسب البيان، بدء إجراءات «إغلاق كامل لحدود الإقليم» حتى خروج الحركات المسلحة منه، باعتباره خطوة ضرورية وواجبة بسبب تجاهل أهل الإقليم وسلامته. وأضافت: «نحن في تيار الشباب البجاوي الحر، لا ننكر الأدوار الوطنية الكبيرة التي قدمتها الحركات المسلحة... ولكننا نؤمن بأن وجود هذه القوات في إقليمنا، دون تنظيم أو تنسيق، قد يؤدي إلى اضطرابات نحن في غنى عنها».

عناصر من الجيش السوداني في القضارف (أ.ف.ب)

وعدّت مطالبتها حراكاً لحماية الإقليم من «أي توترات محتملة قد تُشعل الفتنة»، ودعت لما أسمته «إبعاد إقليمنا عن أي مواجهات أو صراعات، قد تجره إلى حالة من عدم الاستقرار».

نشاط مكثف للميليشيات

وتنشط في شرق السودان أكثر من 3 ميليشيات مسلحة دارفورية، على رأسها «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، وحركة العدل والمساواة السودانية بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان فصيل مصطفى طمبور، وهي حركات مسلحة وقّعت اتفاقية سلام السودان في جوبا، وانحازت للجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع».

وأثار نشر ميليشيا أطلقت على نفسها اسم «الأورطة الشرقية» في شرق السودان، وهي قوات تدربت في إريتريا وتدعمها حكومة أسمرا، غضب جماعات بجاوية، على رأسها الزعيم القبلي محمد الأمين ترك، الذي حذّر من «عواقب وخيمة» قد تترتب على نشرها، وتعهد بالتصدي لها.

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

إلى جانب حركات دارفور المسلحة و«الأورطة الشرقية»، تنتشر في الإقليم 8 حركات مسلحة من فسيفساء الإقليم، 4 منها تدربت تحت رعاية الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وأشهرها: «مؤتمر البجا المسلح، بقيادة موسى محمد أحمد، وقوات مؤتمر البجا - الكفاح المسلح بقيادة الجنرال شيبة ضرار»، وغيرهما.

ملاسنات واتهامات بالعنصرية

ودارت الأربعاء ملاسنات كلامية بين قائد مؤتمر البجا - الكفاح المسلح، الجنرال شيبة ضرار، وقائد حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، حيث طالب ضرار بإعادة الحركات المسلحة الدارفورية لتقاتل في دارفور وتوعد بمواجهتها، رداً على مطالبات مناوي بإيقاف الحملات «العنصرية» التي يشنها الرجل.

وتعد هذه الحركات حليفة للقوات المسلحة (الجيش)، وتقاتل إلى صفّها في حربها ضد «قوات الدعم السريع»، في شرق البلاد وشمالها وفي إقليم دارفور، تحت مسمى «القوات المشتركة»، لكن الآونة الأخيرة برزت تباينات داخل «الحلف»، على خلفية تناول «ملفات فساد» واتهامات لقادة ومسؤولين في تلك الحركات، نشرتها وسائط موالية للجيش.

حاكم إقليم دارفور رئيس حركة «جيش تحرير السودان» مني أركو مناوي (أ.ف.ب)

ونصّت اتفاقية جوبا لسلام السودان على دمج قوات هذه الحركات في الجيش، بيد أن الاتفاق لم ينفذ، ولكونها لا تملك قوات في وسط السودان، سمح لها الجيش بتجنيد آلاف المقاتلين الجدد، وفي معسكراته، ويغلب عليهم أنهم يتحدرون من أصول دارفورية، مقابل قتالها إلى جانبه.

ويخشى على نطاق واسع من مخاطر «تفكك» هذا الحلف، وتأثيراته الداخلية والإقليمية، في ظل «هشاشة» الأوضاع في شرق البلاد، ومن أطماع دول الجوار، فـ«إريتريا» درّبت في معسكراتها قوات مسلحة موالية للجيش، وأعلنت صراحة وقوفها مع الجيش السوداني، بينما تنظر «شذراً» لجارتها إثيوبيا، حيث كان الجيش قد اتهم إثيوبيا بمساندة «قوات الدعم السريع».


مقالات ذات صلة

مقتل 14 في جنوب ولاية الجزيرة السودانية

شمال افريقيا امرأة مريضة تستريح في حضن قريبتها في مستشفى الشهداء التعليمي في الخرطوم بالسودان في 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

مقتل 14 في جنوب ولاية الجزيرة السودانية

اتهمت منظمة «مؤتمر الجزيرة» الحقوقية «قوات الدعم السريع» بالسودان، اليوم (الخميس)، بقتل 14 شخصاً وإصابة 30 آخرين بإحدى قرى جنوب ولاية الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أفريقيا مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

اتهمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حلفاء القوى المتحاربة في السودان بـ«تمكين المجازر» بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
العالم العربي شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

مصدر مصري مسؤول قال لـ«الشرق الأوسط» إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة ضمن آلية رباعية لتنسيق مساعٍ لحلحلة الأزمة السودانية»

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق حضور لافت شهدته حديقة السويدي خلال فعاليات «أيام السودان» (الشرق الأوسط)

ثراء ثقافي يجذب زوار «أيام السودان» في الرياض

واصلت حديقة السويدي في الرياض استضافة فعاليات «أيام السودان» ضمن مبادرة «تعزيز التواصل مع المقيمين» التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية بالشراكة مع هيئة الترفيه

«الشرق الأوسط» (الرياض)

محادثات مصرية - إماراتية تتناول الأزمة السودانية والحرب في غزة ولبنان

وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيره الإماراتي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيره الإماراتي (الخارجية المصرية)
TT

محادثات مصرية - إماراتية تتناول الأزمة السودانية والحرب في غزة ولبنان

وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيره الإماراتي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء نظيره الإماراتي (الخارجية المصرية)

تناولت محادثات مصرية - إماراتية علاقات التعاون، والأزمة السودانية، والحرب في غزة ولبنان، والتقى وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، على هامش فعاليات «منتدى صير بني ياس» بالإمارات.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، الجمعة، تناول اللقاء العلاقات المتنامية بين البلدين الشقيقين، والتطلع لمزيد من التقدم على صعيد تعزيز التعاون الاستثماري والتجاري بينهما.

كما تناول الوزيران آخر التطورات الخاصة بالأزمة في قطاع غزة، والتصعيد الجاري في الضفة الغربية وفي لبنان، وتطرق اللقاء كذلك إلى عدد من القضايا الإقليمية التي تهم البلدين في المنطقة العربية والقارة الأفريقية، بما فيها الأزمة السودانية، والقرن الأفريقي، والأوضاع في ليبيا.

وتحذر مصر بشكل متكرر من «استدراج المنطقة إلى (حرب إقليمية) تؤدى إلى تداعيات وخيمة على شعوب المنطقة»، وتكثّف القاهرة مشاوراتها بهدف احتواء التصعيد الراهن في المنطقة.

ودشّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مطلع الشهر الماضي، مشروع «رأس الحكمة»، وأكد الرئيسان حينها «أهمية المشروع في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، كونه يُمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات»، وفق إفادة رسمية لـ«الرئاسة المصرية».

الرئيسان عبد الفتاح السيسي ومحمد بن زايد خلال تدشين مشروع «رأس الحكمة» الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

ورأس الحكمة، مدينة ساحلية تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، على بُعد 350 كيلومتراً تقريباً شمال غربي القاهرة، وتبلغ مساحتها نحو 170 مليون متر مربع.

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 49.36 جنيه في البنوك المصرية).

وفي لقاء آخر لعبد العاطي في الإمارات مع نظيره القبرصي، كونستانتينوس كومبوس، أشاد بالعلاقات المصرية - القبرصية المتميزة، والتعاون المشترك على مختلف المستويات، وكذا بالطابع الاستراتيجي للعلاقات الثنائية، والتطلع إلى تطويرها في شتى المجالات.

وأكد وزير الخارجية والهجرة المصري «حرص بلاده على عقد القمة العاشرة في إطار آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان التي تستضيفها مصر، وكذلك عقد الدورة الثانية من اللجنة الحكومية العليا برئاسة الرئيسين المصري والقبرصي».

ودشنت مصر وقبرص واليونان آلية للتعاون الثلاثي على مستوى القمة، وعُقد الاجتماع الأول لها في القاهرة نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وتناوبت الدول الثلاث استضافة اجتماعاتها بشكل دوري سنوياً، وعقدت الجولة التاسعة منها في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بالعاصمة اليونانية أثينا، فيما اجتمع وزراء خارجية الدول الثلاث في نيويورك سبتمبر (أيلول) 2023 على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع نظيره القبرصي في الإمارات (الخارجية المصرية)

وأكد الوزير عبد العاطي، الجمعة، حرص مصر على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين من خلال تشكيل مجلس مشترك لرجال الأعمال، مشيراً إلى «أهمية تكثيف الفعاليات الاقتصادية المشتركة لتعزيز التعاون الاستثماري والتجاري، خصوصاً في مجالات الطاقة والزراعة والسياحة والنقل البحري والثروة السمكية»، ولفت إلى «الأهمية التي يوليها الجانب المصري لتطوير التعاون في مجال توظيف العمالة المصرية في قبرص».

وعززت آلية «التعاون الثلاثي» من تعاون القاهرة مع الجانب القبرصي واليوناني، حيث وقعت مصر في أغسطس (آب) 2020 اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، بينما يعود اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص إلى عام 2003، ودفعت شراكة الدول الثلاث إلى تدشين «منتدى غاز شرق المتوسط» عام 2019.