«النواب المصري» لتفعيل حكم «الدستورية» بشأن «الإيجار القديم»

مقترحات بتشريع جديد... وجدل حول الزيادات المرتقبة

«الدستورية العليا» بمصر قضت ببطلان مادتين في قانون «الإيجار القديم» (صندوق التنمية الحضارية)
«الدستورية العليا» بمصر قضت ببطلان مادتين في قانون «الإيجار القديم» (صندوق التنمية الحضارية)
TT

«النواب المصري» لتفعيل حكم «الدستورية» بشأن «الإيجار القديم»

«الدستورية العليا» بمصر قضت ببطلان مادتين في قانون «الإيجار القديم» (صندوق التنمية الحضارية)
«الدستورية العليا» بمصر قضت ببطلان مادتين في قانون «الإيجار القديم» (صندوق التنمية الحضارية)

يستعد مجلس النواب المصري (البرلمان) لتفعيل حكم المحكمة «الدستورية العليا» بشأن الشقق المؤجرة بموجب قانون «الإيجار القديم»، وسط جدل حول قيمة «الزيادات المرتقبة» وآلية تحديدها، ومخاوف من تداعياتها على آلاف الأسر في البلاد.

وكانت «الدستورية العليا» قد قضت، السبت، ببطلان مادتين في قانون «الإيجار القديم» فيما ضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى، معتبرة أن ثبات القيمة الإيجارية مع مُضي عقود على التاريخ الذي تحدّدت فيه بمثابة «عدوان على قيمة العدل وإهدار لحق الملكية».

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس النواب، مساء السبت، إعداد لجنة «الإسكان» تقريراً مبدئياً ليعرض خلال الجلسات العامة المقبلة، مع التأكيد على «مناقشة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، والتعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة (الدستورية العليا) بروح من التوازن والعدالة». وأكد «النواب المصري» التزامه بحماية مصالح جميع الأطراف، دون تغليب مصلحة طرف على حساب آخر، مع التأكيد على أن الأمر لا يتعلّق فقط بضبط العلاقة بين المالك والمستأجر، بل بخلق بيئة قانونية تعزّز من الاستقرار الاجتماعي وتدعم النسيج المجتمعي.

وعدّت أحزاب سياسية مصرية منها «مصر أكتوبر»، و«الجيل»، حكم «الدستورية» بمثابة «انتصار للعدالة» وخطوة نحو حل المشكلة المتراكمة منذ سنوات، والتي تركت تأثيرات سلبية على المجتمع المصري.

لا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد الشقق التي تخضع لقانون «الإيجار القديم» (صندوق التنمية الحضارية)

وتصدر وسم «#الإيجار_القديم» منصة «إكس»، الأحد، وسط ردود فعل متباينة بين من يطالبون بـ«عدم احتساب الزيادة الجديدة وفق أسعار الإيجارات الحالية في البلاد»، وآخرين يرفضون «استمرار القيمة الإيجارية المتدنية الحالية لهذه الشقق».

في حين طالب فريق ثالث بـ«فرض ضريبة عقارية على الوحدات المؤجرة والتي يغلقها أصحابها».

ولا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد الشقق التي تخضع لقانون «الإيجار القديم»، ففي الوقت الذي يقول فيه بعض مالكي منازل الإيجارات القديمة إن عددها «يقدر بـ3 ملايين وحدة فقط»، يشير عدد من المستأجرين إلى أن عددها «يصل إلى 10 ملايين وحدة». لذا طالب مجلس النواب المصري، الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بإحصائية حول عدد الوحدات التي تخضع لقانون «الإيجار القديم».

مجلس النواب المصري خلال جلسة سابقة (مجلس الوزراء المصري)

وقال عضو في مجلس النواب المصري، فضّل عدم ذكر اسمه، إن المكتب الفني لرئيس المجلس يتابع بشكل مكثف آليات التنفيذ المقترحة. ومن بينها، مشروع القانون الذي جرت مناقشته من قبل بشأن «الإيجار القديم» وشهد توافقات عدة، وتضمن «مدداً انتقالية للشقق الساكنة، وتحديد نسب الزيادة، ووضع حد أدنى للإيجارات في كل منطقة بما يتناسب مع طبيعتها، وإتاحة فرصة للتأقلم مع الوضع الجديد».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن المناقشات جارية الآن بين رؤساء اللجان البرلمانية والأمانة العامة للمجلس لبحث أفضل الخيارات التي يمكن من خلالها التعامل مع حكم «الدستورية العليا»، مشيراً إلى وجود رأيين؛ الأول يرى أن «الحكم فرصة لتعديل الملف بالكامل فيما يتعلق بمدد التعاقد والقيمة الإيجارية»، والثاني يشير إلى أن «التعامل يجب أن يقتصر على القيمة المالية فقط لتجنب التداعيات المحتملة للتوسعة في التعديلات».

مستشار «جمعية المُضارين من الإيجار القديم»، أحمد البحيري، لفت إلى وجود قانون متكامل جرت مناقشته عبر لجنة مشتركة من الحكومة المصرية والبرلمان، معتبراً أن حكم «الدستورية العليا» رفَع الحرج عن كليهما في المبادرة بمناقشة القانون الجديد تخوفاً من رد الفعل المجتمعي. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المشروع الموجود يتضمن «عمل فترات انتقالية على العقارات، ويحقق التوازن المنشود في العلاقة بين المالك والمستأجر»، معرباً عن أمله في إقرار البرلمان للقانون الذي شهد مناقشات مستفيضة على مدار أكثر من عام ونصف العام.


مقالات ذات صلة

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

يوميات الشرق الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

مع حلول الذكرى الثامنة لرحيل الفنان المصري محمود عبد العزيز الشهير بـ«الساحر»، احتفل محبوه على «السوشيال ميديا»، الثلاثاء، بتداول مشاهد من أعماله الفنية.

رشا أحمد (القاهرة )
المشرق العربي مركبة عسكرية إسرائيلية تعمل أثناء مداهمة إسرائيلية في طوباس بالضفة الغربية المحتلة 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تدين تصريحات سموتريتش: إصرار إسرائيلي على تبني سياسة الغطرسة

أدانت مصر بـ«أشد العبارات التصريحات المتطرفة لبتسلئيل سموتريتش الداعية إلى فرض السيادة الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا أحد الأبنية في منطقة وسط القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

تغييرات مرتقبة في قانون «الإيجار القديم» تُربك مصريين

جدل واسع في مصر عقب حكم المحكمة الدستورية بشأن قانون الإيجار القديم، والذي يدرس البرلمان العمل على تعديله.

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق الزوجان المؤسّسان للفرقة (الشرق الأوسط)

«حافظ وبستان» تراهن على الأغاني الإنسانية والشعر العباسي

حقّقت فِرَق «الأندرغراوند» انتشاراً كبيراً في مصر خلال العقد الماضي؛ حيث تُقام حفلات مستمرة للفِرق المستقلة بدار الأوبرا والمراكز الثقافية المحلية والأجنبية.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء من الحكومة حضروا المناقشات حول قانون «الإجراءات الجنائية» (مجلس الوزراء المصري)

البرلمان المصري لتجاوز «اعتراضات» قانون «الإجراءات الجنائية»

يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان) مناقشاته بشأن القانون بمشاركة مسؤولين حكوميين، ونقابيين، وحقوقيين، وقانونيين، وسط استمرار تحفظات نقابة الصحافيين.

أحمد إمبابي (القاهرة)

مشاورات مصرية - صومالية لتعزيز التعاون في «القرن الأفريقي»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
TT

مشاورات مصرية - صومالية لتعزيز التعاون في «القرن الأفريقي»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)

مشاورات مصرية صومالية جديدة تواصل مساراً بدأته القاهرة ومقديشو بشكل لافت خلال هذا العام، في أعقاب توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي للحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر.

تلك المشاورات، التي أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الصومالي أحمد معلم فقي، الاثنين في الرياض، شملت التأكيد المصري على المساهمة في بعثة حفظ السلام المقررة بمقديشو في 2025، بعد يومين من استبعاد الصومال لأديس أبابا من قوات حفظ السلام.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن المشاورات تعد «استمراراً لمسار تعزيز التعاون المصري - الصومالي في منطقة القرن الأفريقي في ضوء تصاعد المخاطر المشتركة للبلدين مع التوجه الإثيوبي المهدد لاستقرار المنطقة، لا سيما بملفي مذكرة التفاهم وسد النهضة»، لافتين إلى أن ذلك التعاون سيكون مثمراً للمنطقة ويتسع مع إريتريا ودول أخرى و«لكن لن تقبله أديس أبابا وستعده مسار تهديد وسيكون عليها، إمّا التراجع عن مواقفها غير القانونية سواء بشأن سد النهضة أو مذكرة التفاهم، وإما المزيد من التصعيد والتوتر».

ووقعت إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً في يناير (كانون الثاني) 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن الصومال، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، وهو ما قوبل برفض صومالي وعربي، لا سيما من القاهرة.

تبع الرفض توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب)، تلاه مد الصومال بأسلحة ومعدات لمواجهة حركة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، السبت، رسمياً استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام المقررة في 2025 - 2029، مرجعاً ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

وتصدرت قضايا رفض التدخل في الشؤون الصومالية وتأكيد المشاركة في قوات حفظ السلام بمقديشو وتعزيز مسار التعاون مع إريتريا بالمنطقة، لقاء وزير الخارجية المصري، ونظيره الصومالي، في الرياض، وفق ما أفادت به الخارجية المصرية في بيان صحافي، الثلاثاء.

قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

وأعرب الوزير المصري عن «الحرص على مواصلة التنسيق مع نظيره الصومالي لمتابعة مخرجات القمة الثلاثية التي عقدت بين مصر والصومال وإريتريا والقمة الثنائية بين مصر والصومال اللتين عقدتا في 10 أكتوبر (تشرين أول) 2024 بأسمرة».

وأعاد الوزير المصري «التأكيد على موقف مصر الثابت من احترام سيادة الصومال والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه ورفض أي تدخلات في شؤونه الداخلية، فضلاً عن مساندة جهود الحكومة الصومالية في مكافحة الإرهاب وفرض سيادة الدولة على كامل أراضيها».

التأكيدات المصرية خلال مشاورات القاهرة ومقديشو، بحسب مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق السفير صلاح حليمة، تأتي استمراراً لحالة التعاون والتلاقي المصري الصومالي الذي له بعد تاريخي منذ عقود وليس وليد اللحظة والأزمات الحالية التي بدأت بتوقيع أديس أبابا مذكرة التفاهم التي عززت من تقارب البلدين.

وباعتقاد حليمة، فإن «تلك الشراكة المصرية الصومالية التي تنمو وتضم إريتريا قد تتوسع وتشمل دولاً أخرى وتحقق تنمية واستقراراً بالمنطقة»، مستدركاً: «لكن إثيوبيا بتحركاتها العدائية تجاه مصر في ملف سد النهضة أو الصومال بمذكرة التفاهم ستكون سبباً في استمرار التصعيد والتوتر».

ذلك المسار لا يستبعده الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، معتقداً أن «التفاهمات المصرية الصومالية الدائرة الآن، متسقة تماماً مع إيقاع الحراك الإقليمي الأفريقي الذي بدا متصاعداً على خلفية رياح الأزمات الطارئة التي تعصف الآن على تخوم القرن الأفريقي، لا سيما في ملف السد ومذكرة التفاهم».

ويرى أن «تفاهمات القاهرة ومقديشو كانت صادمة لإثيوبيا، خصوصاً بعدما عززت القاهرة تلك التفاهمات الثنائية بإدخال إريترياً ضلعاً ثالثاً في هذا الحلف الجديد، مصر - الصومال إريتريا. وفوق كل هذا، تبذل القاهرة الآن جهوداً كثيفة لتنشيط سياسة التعاون التنموي مع عدد من الدول الأفريقية الأخرى، مما يجعل إثيوبيا تبدو وكأنها مثل الذي انزلقت قدماه في مصيدة تاريخية نتيجةً للسير بلا هدى في طرق وعرة».

ولم يغب ملف قوات حفظ السلام المستبعدة منه إثيوبيا عن المشاورات الصومالية المصرية، وأكد الوزير المصري «حرص مصر في هذا السياق على دعم الاستقرار والأمن في المنطقة، والمساهمة في بعثة حفظ السلام الجديدة في الصومال، وبناء القدرات الأمنية والعسكرية بمقديشو وذلك في إطار اضطلاع مصر بمسؤولياتها في حفظ السلم والأمن الإقليميين وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية»، فيما ثمن الوزير الصومالي «الدعم المصري الكامل لبلاده في محاربة الإرهاب وفرض سيادة الدولة وتأكيد وحدة وسلامة أراضيها».

وأعلن الصومال، السبت، «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً (المقدرة بنحو 4 آلاف جندي منذ 2014) من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة للاتحاد الأفريقي، التي ستبدأ مهامها في البلاد مطلع العام المقبل».

ولم يعد بإمكان إثيوبيا منع مصر من وجودها العسكري ضمن قوات حفظ السلام في الصومال، لأن القانون الدولي الذي ينظم أعمال مجلس السلم والأمن الأفريقي، يمنح الدولة المستضيفة حق الاعتراض والقبول إزاء القوات الدولية المراد توجيهها لحفظ السلام فيها، وفق عبد الناصر الحاج.

ويتوقع الحاج أن «تنشط إثيوبيا في محاولة إقناع مؤسسات الاتحاد الأفريقي عبر مساومة جديدة، وهي صرف أنظارها مؤقتاً عن أرض الصومال، مقابل انسحاب مصري من الصومال وتشغيل سدها والتصدير عبر جيبوتي رغم تكلفته المالية الباهظة»، مستدركاً: «لكن مصر لن ترضى بأي مساومة لا تجبر إثيوبيا عن العدول عن تشغيل سد النهضة دون الذهاب إلى اتفاقية دولية جديدة».