حقّقت فِرق «الأندرغراوند» انتشاراً كبيراً في مصر خلال العقد الماضي؛ حيث تُقام حفلات مستمرة للفِرق المستقلة بدار الأوبرا والمراكز الثقافية المحلية والأجنبية، ومن بين أحدث الفِرق التي سجّلت حضوراً لافتاً في هذا المجال فرقة «حافظ وبستان».
ويكشف أحمد حافظ، مؤسس فرقة «حافظ وبستان» عن أن الفرقة تقدّم أنواعاً مختلفة من الموسيقى، لكنها تتشابه في كونها تحتفي بالأغاني الإنسانية، وأضاف قائلاً: «بشكل عام نهتم بتلك الأعمال المحفزة على حب الحياة، والأمل والنجاح، فلا تركز الفرقة على الأغاني العاطفية المألوفة التي تدور حول العشق بين الرجل والمرأة؛ لذا نستطيع القول إن محتوى أعمال الفرقة يمثّل للمستمع تجربة فنية متكاملة».
ويقول حافظ لـ«الشرق الأوسط»: «كانت بداية فِرق (الأندرغراوند) بالولايات المتحدة الأميركية في الستينات، حيث كانت تقدّم موسيقاها في الشوارع الخلفية؛ للتعبير عن المشاعر السلبية للناس، ثم قدَّم بعض الهواة في بريطانيا موسيقاهم داخل ممرّات محطات مترو الأنفاق تحت الأرض، ومن هنا استمدّت اسمها».
وعرفت مصر فِرق «الأندرغراوند» في السبعينات من القرن الماضي، فعند انتشار شرائط الكاسيت كان لشركات الإنتاج الفني السلطة والنفوذ لإنتاج الألبومات، ولم تكن تتحمّس في الغالب لتحقيق ذلك إلا لمطرب أو مطربة معروفة، أما الأنشطة الفنية المستقلة فلم تكن توافق على الإنتاج لها، ومن هنا اتجهت الفِرق الفنية الشبابية للحفلات في أماكن عديدة تُعدّ غير مألوفة للجمهور في ذلك الحين، بعيداً عن المسارح الكبرى، وأُطلق على هذه الفِرق «أندرغراوند»، وهكذا اكتسبت هذه الفِرق اسمها، بحسب حافظ.
واتجه بعض الفنانين والفِرق إلى إنتاج ألبومات على نفقتهم الخاصة، وهكذا أصبحت كيانات مستقلة بذاتها، تقدّم فنّاً بديلاً أو موازياً، ولذلك عُرفت أيضاً بأسماء مثل «الفِرق المستقلة» أو «البديلة». وتابع حافظ: «تألّقت عديد من الفِرق، لكنها بدأت تتوارى في نهاية الثمانينات، لتعود بقوة مرة أخرى بعد 25 يناير 2011، حيث ظهرت الأغاني الحماسية، وبرز التنوع الموسيقي والغنائي الذي تقدّمه هذه الفِرق التي نجحت في اجتذاب الآلاف إلى حفلاتها، ومنها (مسار إجباري)، و(كايروكي)، و(بلاك تيما)، و(وسط البلد)».
وبرغم عمله في فرقة «مسار إجباري»، فكّر حافظ منذ نحو عامين في تكوين فرقة جديدة مع زوجته «بستان»، وعن ذلك يقول: «انطلقت الفرقة بـ6 فنانين، واخترنا لها هذا الاسم الذي يشير إلى التعاون المشترك بين زوجين عاشقين للفن». وأردف قائلاً: «نحن زوجان تربطنا علاقة صداقة قوية، ولغة تفاهم فنية بارزة تساعدنا على النجاح في تحقيق أهدافنا، ولعل هذا هو سبب انتشارنا السريع، وتعلّق الجمهور بنا، إضافةً إلى وصولنا إلى أهم المراكز التي تستضيف حفلات الفِرق المستقلة، مثل (مكتبة الإسكندرية) و(الساقية)، فضلاً عن مشاركتنا في مهرجانات معروفة مثل (مهرجان العلمين)».
وإلى جانب فرقتهما الموسيقية يُسهم حافظ وبستان في الحركة التشكيلية المصرية؛ فمثلما يشهد منزلهما بروفات أعمالهما الموسيقية، يحتضن كذلك أتيليهاً صغيراً يرسم فيه الفنانان لوحات تعبّر عن الحب والسلام، تقول بستان لـ«الشرق الأوسط»: «ترتبط كل الفنون بعضها ببعض، ويساعدنا الرسم على تحقيق الصفاء الذهني الضروري للتأليف الموسيقي والغناء والعزف، وكذلك تُعدّ الموسيقى خيرَ مُلهِم لنا في الفن التشكيلي».
وتضيف: «لكن بالنسبة لي فإن هذه الفرقة تمثّل (حلم العمر) الذي ظل يهيمن على حياتنا منذ أن تعارفنا؛ لأنه يُتيح لنا فرصة التعبير عن أنفسنا من خلال الموسيقى التي نحبها، لا سيما أن الموسيقى البديلة تعمل على تعزيز الارتباط بين فنانيها والمستمعين، كما تسمح الحفلات الموسيقية والأماكن الأصغر حجماً التي تستضيف الفِرق المستقلة بتجربة فنية أصيلة»، وتشعر بستان بالسعادة أيضاً؛ لأن ابنتهما ندى طالبة الطب البيطري انضمت إليهما في الفرقة؛ إذ تشارك في الغناء والعزف على البيانو.
وتستعد الفرقة لتجربة فنية جديدة، وهي تقديم مجموعة أغانٍ من الشعر العباسي، يقول حافظ: «نعتقد أنها ستكون تجربة مثمرة ستكلَّل بالنجاح؛ لأن شريحة كبيرة من الشباب المصري أصبح منجذباً إلى الأغاني المستمَدة من الشعر الفصيح».