هل يُقدم «الرئاسي الليبي» على تنظيم «استفتاء» لحل مجلس النواب؟

تخوفات من ردود أفعال عكسية تعمق الأزمة السياسية

المجلس الرئاسي وعبد الحميد الدبيبة في لقاء سابق (الرئاسي)
المجلس الرئاسي وعبد الحميد الدبيبة في لقاء سابق (الرئاسي)
TT

هل يُقدم «الرئاسي الليبي» على تنظيم «استفتاء» لحل مجلس النواب؟

المجلس الرئاسي وعبد الحميد الدبيبة في لقاء سابق (الرئاسي)
المجلس الرئاسي وعبد الحميد الدبيبة في لقاء سابق (الرئاسي)

«إنها رسالة تهديد بإمكانية الاستفتاء على شرعية مجلس النواب الليبي»... هكذا وصف عدد من المراقبين خطاب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، لرئيس البرلمان، عقيلة صالح، بشأن أحدث حلقات الصراع بينهما، والذي يتعلق هذه المرة بقانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا.

خطاب المنفي أشار إلى أن مجلس النواب «سلطة تشريع انتقالي مؤقت، مدّد لنفسه دون استفتاء الشعب، كما ينص على ذلك الإعلان الدستوري بنص صريح، وذلك لظروف أمنية منعت ذلك الاستحقاق الدستوري حينها».

كما صعّد «الرئاسي» من نبرة التحدي في خطابه بالتأكيد على أن الظروف الأمنية «زالت اليوم مع حالة الاستقرار والإعمار، التي نشهدها في كل ليبيا»، في إشارة لزوال الأعذار أمام البرلمان لإجراء استفتاء على تجديد شرعيته.

من إحدى جلسات مجلس النواب الليبي (المجلس)

وعلى الفور طرحت التساؤلات حول ما هي خيارات البرلمان للرد على تهديد المجلس الرئاسي، إذا ما أقدم على تنظيم هذا الاستفتاء الشعبي؟ وما مدى جدية المنفي في المضي قدماً بهذا المسار؟ أم أن الأمر ليس أكثر من ورقة ضغط على عقيلة صالح لانتزاع «بعض المكاسب السياسية»؟ كما يعتقد البعض.

بداية، توقّع عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن البرلمان ومعه كل القوى والنخب بالمنطقة الشرقية «لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء أي إجراء من هذا القبيل يقدم عليه المجلس الرئاسي»، معتقداً أنهم «قد يقومون في المقابل بتنظيم استفتاء على شرعية واستمرار المجلس الرئاسي وحكومة (الوحدة الوطنية) لإزاحتهما من المشهد السياسي».

عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي (رويترز)

وحذّر التكبالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من تداعيات تلك الخطوة التصعيدية إذا ما وقعت، مؤكداً أنها «لا تنذر فقط بترسيخ الانقسام الراهن، بل قد تُهدد وحدة البلاد».

وترى بعض الأوساط السياسية أن البرلمان ربما يُفكر في الرد حينها على خطوة المجلس الرئاسي بإجراء استفتاء مماثل، قصد إقرار «النظام الفيدرالي» لتقسيم ليبيا إلى 3 أقاليم، ورسم خريطة جديدة لتوزيع الثروة النفطية، وفقاً لمناطق تمركزها في شرق البلاد وجنوبها.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية حكومة أسامة حماد، وهي مدعومة من «الجيش الوطني»، الذي يقوده خليفة حفتر.

من جانبه، عَدّ عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، في تصريحات إعلامية أن القرارات الأخيرة لمجلسه جعلت المجلس الرئاسي بمثابة «جسم ميت»، وفق قوله، ومن ثم تُعد دعوته لإجراء الاستفتاء «أمراً لا يرقى للرد عليه» في إشارة لتصويت البرلمان من قبل على إنهاء ولايته.

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الشرق الأوسط)

من جهته، يرى وكيل وزارة الخارجية الأسبق، السفير حسن الصغير، أن البرلمان ربما يكتفي في المرحلة الراهنة بالبيان، الذي أصدرته حكومة حماد للرد على خطاب المجلس الرئاسي.

ويعتقد الصغير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هدف الدبيبة والمنفي من الحديث عن الاستفتاء «عرقلة البعثة الأممية عن مباشرة أي حوار، أو عملية سياسية جديدة تقود لإجراء الانتخابات؛ وهو ما يؤذن بقرب رحيلهما عن السلطة».

وكان حماد قد أصدر بياناً انتقد فيه خطاب المنفي، وعَدّ مطالبته للبرلمان بإلغاء قانون المحكمة الدستورية «محاولة لتعميق الشقاق والانقسام بين مؤسسات الدولة الرسمية».

وتوقّع الصغير أن يستند المنفي في مطالبته للاستفتاء بحل البرلمان إلى المادة (31) من مخرجات «لجنة فبراير (شباط)»، المضمنة بالتعديل السابع للإعلان الدستوري، والتي تنص «على عدم جواز حل البرلمان إلا بناءً على استفتاء يُجرى بناءً على طلب من رئيس الدولة».

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أكد بدوره أن إجراء الاستفتاء على شرعية البرلمان بهدف إسقاطه بشكل منفرد أو مع «الأعلى للدولة» وتطبيق النتائج «يرتهن بالدرجة الأولى على موافقة القوى المسلحة بعموم ليبيا، خصوصاً المتمركزة في شرق البلاد وجنوبها».

ووصف محفوظ خطوات أطراف الصراع على السلطة في ليبيا بكونها «ضربات استباقية لإنهاء وجود الخصوم»، متوقعاً أن «يدشن المجلس الرئاسي بالتنسيق مع الدبيبة استفتاءً على البنود الخلافية بالقوانين الانتخابية، التي أقرّها البرلمان قبل عام، والتي تجيز ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية لرئاسة الدولة». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «في حال تم حسم الخلاف على البنود شعبياً، فإنه لن يكون هناك عذر أمام مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة لاستمرار عدم التوافق بينهما، حول الإطار القانوني المنظم للانتخابات».

ويرى محفوظ أن المنفي والدبيبة يسعيان لتعزيز مواقفهما أمام الرأي العام المحلي والدولي حيال إجراء الاستحقاق الانتخابي، مبرزاً أن «خطوة الاستفتاء ستمكنهما من إزاحة خصمهم العنيد (البرلمان)»، رغم قناعته بأنهما، مثل باقي الأجسام السياسية في ليبيا، لا يرغبان في ذلك.


مقالات ذات صلة

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في المناورات البحرية التي نفذتها «أفريكوم» (السفارة الأميركية)

تعهد أميركي بدعم القوات البحرية الليبية

تعهدت واشنطن بمواصلة العمل لدعم القوات البحرية الليبية في تعزيز جهود الأمن البحري الموحدة.

خالد محمود (القاهرة )

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.