«الصفقة المصغرة» لا تلبي احتياجات «حماس»... رغم «انفتاحها على التفاوض»

الحركة تطالب بـ4 شروط... بينها وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي

نازحون فلسطينيون أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء الجزء الشمالي من غزة (رويترز)
نازحون فلسطينيون أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء الجزء الشمالي من غزة (رويترز)
TT

«الصفقة المصغرة» لا تلبي احتياجات «حماس»... رغم «انفتاحها على التفاوض»

نازحون فلسطينيون أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء الجزء الشمالي من غزة (رويترز)
نازحون فلسطينيون أمرهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء الجزء الشمالي من غزة (رويترز)

شهد حراك جهود الوساطة بشأن الهدنة في قطاع غزة، إعلان حركة «حماس» أن «الصفقة المصغرة» المطروحة من الوسطاء «لا تُلبي الاحتياجات»، دون أن تغادر الحركة المفاوضات، بعد أسبوع حافل بالمحادثات، وأحاديث عن «تعنّت» رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، واشتراطه إتمام الاتفاق مع عدم وقف الحرب التي تجاوزت العام.

موقف «حماس»، الذي نقله قيادي بالحركة، عبر وسائل إعلام موالية لها، بالتحفظ على «الصفقة المصغرة»، عدّه خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» نوعاً من التجهيز المبكر للفائز في سباق الانتخابات الأميركية، ورداً على «تعنت» نتنياهو، وتأكيداً على أنها رقم بالمعادلة، و«احتمال حاجتها لمزيد من الوقت للتواصل مع الداخل بعد الضربات الأخيرة لمعرفة مصير الأسرى»، ورجحوا عودة المحادثات بعد ظهور نتائج السباق الأميركي المرتقب.

ووفق ما نقلته قناة «الأقصى»، الموالية للحركة ووسائل إعلام فلسطينية، مساء الجمعة، عن قيادي بـ«حماس» لم تذكر اسمه، «استمع وفدُ الحركة خلال الأيام الأخيرة من الوسطاء في مصر وقطر لأفكار حول هدنة مؤقتة لأيام محددة (في إشارة للصفقة المصغرة)، وزيادة عدد شاحنات المساعدات، يتمّ خلالها تبادل جزئي للأسرى».

ولا تتضمن المقترحات «وقفاً دائماً للعدوان ولا انسحاباً للاحتلال من القطاع ولا عودة للنازحين، ولا تعالج احتياجات شعبنا للأمن والاستقرار والإغاثة والإعمار، ولا فتح المعابر بشكل طبيعي، خصوصاً معبر رفح»، وفق القيادي بـ«حماس».

وذكر القيادي بالحركة أن «حماس» تتمسك بمطالب كثيرة؛ أبرزها 4 بنود، هي: «الوقف الكامل والشامل والدائم لإطلاق النار، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وعودة النازحين، ورفع الحصار»، مؤكداً أن الحركة «منفتحة على أي أفكار أو مفاوضات من أجل تحقيق هذه الأهداف».

دخان ولهيب يتصاعد من منزل أصيب بغارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (رويترز)

وفي حديث متلفز، الجمعة، مع قناة «الأقصى»، جدّد القيادي في «حماس»، أسامة حمدان، التمسك بتلك الأهداف، قائلاً «أي عرض أو اتفاق يجب أن يوقف العدوان الصهيوني نهائياً وليس مؤقتاً»، لافتاً إلى أن «الاحتلال يقدم أفكاراً تظهر له انتصاراً؛ لكنه غير جاد في مفاوضاته».

وباعتقاد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، فإن موقف «حماس» غير بعيد عن إدراكها حتمية عدم التوصل لاتفاق قبل الانتخابات الأميركية المقبلة، ومن ثم «تُجهز نفسها للإدارة الجديدة، وتضع مطالب وقف الحرب في الواجهة مجدداً».

وذلك الموقف «لا يقارن بتعنّت نتنياهو»، الذي تسبّب على مدار عام في إفساد الاتفاق كلما اقتربت مفاوضات غزة منه، وفق أنور، موضحاً «لكن كلا الموقفين سيؤثر في مسار المفاوضات حالياً، التي عاد إليها الزخم على مدار الأيام الماضية».

ويُعد الموقف من «حماس» رسالة بأنها «موجودة ولا تزال رقماً في المعادلة»، وأنها لم تتأثر بالضربات العسكرية، وفق تقدير أنور، الذي حذّر من أن «عدم تجاوب نتنياهو قد يجعله يتلقّى رهائنه جثثاً وليسوا أحياء».

في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه كان من الأفضل أن تقبل «حماس» في هذا التوقيت مع حاجة إدارة جو بايدن لهذه الهدنة بمسار الانتخابات، من باب التقاط الأنفاس.

وأضاف الرقب سبباً لافتاً آخر في تفسير الرفض، قائلاً: «ربما لم تستطع قيادة (حماس) في الخارج التواصل مع الداخل ومعرفة مصير الأسرى لديها، ومن ثم هذا الرد قد يكون لمزيد من الوقت للتواصل، خصوصاً أن ورقة الأسرى هي الأقوى لدى الحركة، فضلاً عن إعادة تأكيدها أنها (منفتحة على التفاوض)».

رد فعل فلسطينيين في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

موقف «حماس» اختتم أسبوعاً حافلاً، بدأ الأحد الماضي بمحادثات ومقترحات تهدف إلى الوصول لهدنة في قطاع غزة، بعد لقاءاتها بالقاهرة قبل أيام آنذاك، وصولاً للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس المخابرات الأميركية، وليام بيرنز، في القاهرة، الخميس، ضمن مساعي الوسطاء لدفع المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار في القطاع.

ونقل موقع «أكسيوس» الثلاثاء، عن 3 مسؤولين إسرائيليين، أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، اقترح خلال الاجتماع مع رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن، اتفاقاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 28 يوماً، وإطلاق سراح نحو 8 رهائن محتجزين لدى حركة «حماس» وعشرات السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» آنذاك.

كما أعلن الرئيس المصري، الذي تُعد بلاده إحدى دول الوساطة لوقف الحرب، الأحد الماضي، عن مبادرة تتضمن «وقفاً لإطلاق النار لمدة يومين، يجري خلالهما تبادل 4 رهائن مع بعض الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية، ثم خلال 10 أيام أخرى يجري التفاوض فيها على استكمال الإجراءات بالقطاع، وصولاً لإيقاف كامل لإطلاق النار، وإدخال المساعدات».

وذكر مكتب نتنياهو، الاثنين الماضي، في بيان صحافي، أن «برنياع ناقش مع بيرنز ورئيس الوزراء القطري، إطاراً موحداً جديداً يضم المقترحات السابقة»، دون تحديدها.

وباعتقاد أحمد فؤاد أنور فإن تلك المقترحات ستكون حاضرة بقوة في مقترح واحد بعد انتهاء الانتخابات الأميركية. غير أن مطالب «حماس» ستصطدم برفض نتنياهو المسؤول عن «عرقلة» المفاوضات على مدار عام، والذي يرى نفسه منتصراً، وفق أيمن الرقب، لافتاً إلى أن كلا الطرفين سينتظر نتائج الانتخابات الأميركية لحسم الموقف، والتقديرات لمسار المفاوضات.


مقالات ذات صلة

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي مساعدات الطعام وسط أزمة الجوع مع استمرار الحرب في جنوب قطاع غزة (رويترز)

تنديد أممي بالسرقة «المنظمة» للمساعدات الإنسانية لغزة

ندّد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة اليوم (الثلاثاء) بسرقة المساعدات الإنسانية في غزة، معتبرا أن هذه الظاهرة «أصبحت منظّمة ويجب أن تتوقف».

«الشرق الأوسط» (غزة)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

توغلت «قوات الدعم السريع» على نحو مفاجئ في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، وفرضت سيطرتها على بلدتي (جريوة ورورو) بمحلية التضامن، فيما استعاد الجيش بلدة اللنكدي بولاية سنار المجاورة.

وبثت عناصر من «قوات الدعم» مقاطع فيديو على منصة «إكس»، يؤكدون فيها وجودهم داخل المناطق التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من مدينة الدمازين عاصمة الولاية، التي تضم مقر الفرقة الرابعة للجيش السوداني.

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

وكانت «قوات الدعم السريع» تقدمت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبسطت سيطرتها على بلدة رورو، إلا أنها انسحبت، وعادت أدراجها لتنضم إلى قواتها الرئيسية المتمركزة في الدالي والمزوم داخل ولاية سنار.

ومن جهة ثانية، أعلنت منصات إعلامية استعادة الجيش بلدة اللكندي التي تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً من عاصمة ولاية سنار سنجة.

وكانت قوات الجيش استعادت، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدينتي الدندر والسوكي بسنار، بالإضافة إلى عدد من البلدات الصغيرة المحيطة بهما.

وتشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، تبدد الهدوء بتجدد المواجهات بين الجيش والقوة المشتركة للفصائل المسلحة المتحالفة معه من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن «قوات الدعم» قصفت بالمدفعية الثقيلة عدداً من الأحياء السكنية باتجاه قيادة الفرقة السادسة العسكرية.

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وأضافت: «القصف جاء بعد أيام من حالة الهدوء التي شهدتها المدينة، وتراجع المواجهات البرية التي كانت تجري بين الأطراف المتحاربة».

وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش بالفاشر إن المدينة تشهد حالة من الهدوء بنسبة 80 في المائة مقارنة بالأيام الماضية.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية، فإن «ميليشيات (الدعم السريع) قصفت عشوائياً عدداً من الأحياء المتفرقة»، دون وقوع أي أضرار بالمدينة.

وقالت الفرقة إن الطيران الحربي شن ثلاث غارات جوية «استهدفت معاقل العدو، وحققت نجاحات كبيرة، وتراجعت الميليشيات إلى شرق المدينة».

وأكد الجيش «أن الأوضاع تحت السيطرة، وأن قواته متقدمة في كل المحاور القتالية».

بدورها قالت القوة المشتركة للفصائل المسلحة إنها «أحبطت خلال الأيام الماضية هجمات عنيفة شنتها (قوات الدعم السريع) من عدة محاور على الفاشر»، في حين تقول مصادر محلية إن «(قوات الدعم السريع) توغلت وأحكمت سيطرتها على المستشفى الرئيسي بالمدينة. وتحاول التقدم إلى داخل الفاشر، بعد أن تمكنت خلال المعارك الماضية من التوغل في الأحياء الطرفية، ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة الفرقة لكنها تجد مقاومة شديدة من الجيش وقوات الفصائل المسلحة».

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

وقال مقيمون في الفاشر إن آلاف الأسر يواصلون النزوح من المدينة؛ بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي الذي يستهدف المناطق المأهولة بالمدنيين.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 1000 شخص على الأقل في صفوف المدنيين في القتال الدائر بالمدينة منذ العام الماضي.

ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، فقد قُتِل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023.