مصر لتنظيم استضافة اللاجئين على أراضيها بـ«قانون جديد»

ينص على إنشاء «لجنة دائمة» تتبع رئاسة الوزراء

جلسة لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان لإقرار قانون تنظيم اللجوء (وزارة الشؤون النيابية والقانونية المصرية)
جلسة لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان لإقرار قانون تنظيم اللجوء (وزارة الشؤون النيابية والقانونية المصرية)
TT

مصر لتنظيم استضافة اللاجئين على أراضيها بـ«قانون جديد»

جلسة لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان لإقرار قانون تنظيم اللجوء (وزارة الشؤون النيابية والقانونية المصرية)
جلسة لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان لإقرار قانون تنظيم اللجوء (وزارة الشؤون النيابية والقانونية المصرية)

تعمل مصر على وضع إجراءات تشريعية لتنظيم استضافة اللاجئين على أراضيها، عبر مشروع قانون جديد أعدَّته الحكومة وينظر فيه مجلس النواب (البرلمان)، يتضمن إنشاء «لجنة دائمة» تتبع مجلس الوزراء، تتولى جميع شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد. فيما قال خبراء إن هذا التحرك سيسحب صلاحيات «مفوضية اللاجئين» في منح صفة «لاجئ»، ويعيدها للحكومة المصرية.

ووافقت لجنة «الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب، مساء الثلاثاء، بحضور ممثلين عن لجنتَي «حقوق الإنسان»، و«الدستورية والتشريعية»، على مشروع قانون «تنظيم لجوء الأجانب»، تمهيداً لعرضه على المجلس لإقراره.

ووفق وزير «الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي» المستشار محمود فوزي، في إفادة رسمية، فإن «مشروع القانون الجديد ينظّم مسألة اللاجئين بشكل أفضل، مما يحفظ التوازن بين حقوقهم كلاجئين والتزاماتهم داخل المجتمع المصري».

وتقدِّر مصر أعداد اللاجئين والمهاجرين والأجانب المقيمين على أراضيها بأكثر من 9 ملايين، وفق ما أعلنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في أبريل (نيسان) الماضي، في حين يبلغ عدد المسجلين رسمياً لدى مفوضية اللاجئين بمصر نحو 800 ألف لاجئ من جنسيات مختلفة، وفق رئيسة المفوضية حنان حمدان.

سودانيون بمكتب شؤون اللاجئين في القاهرة (أرشيفية - مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

وقال عضو لجنة «الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب، الدكتور فريدي البياضي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشروع القانون يحقق توازناً ما بين حماية حقوق اللاجئين وفقاً للاتفاقيات الدولية، وبين حق مصر في الحفاظ على أمنها القومي».

كان مجلس الوزراء قد أحال مشروع القانون إلى البرلمان في يونيو (حزيران) العام الماضي، ويتضمن إنشاء «اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين»، تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع رئيس مجلس الوزراء، وتتولى شؤون اللاجئين كافة.

وقال المستشار فوزي، عقب موافقة لجنة «الدفاع والأمن القومي» على المشروع، إن «الواقع أكد الحاجة الضرورية إلى وجود قانون ينظم أوضاع اللاجئين وحصرهم، بشكل يكفل لهم الحقوق المتعارف عليها في المعايير الدولية، وفي الوقت ذاته يحفظ للمجتمع المصري استقراره وأمنه القومي مع التأكيد الدائم على حسن معاملتهم».

وقال خبير دراسات الهجرة وشؤون اللاجئين بـ«مركز دراسات الهجرة بالجامعة الأميركية» في القاهرة، الدكتور أيمن زهري، لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تنازلت طواعية منذ عام 1954 عن بعض صلاحياتها فيما يخص اللاجئين، ومنها حق منح صفة لاجئ إلى مفوضية اللاجئين، وهو حق سيعود للدولة المصرية وفق القانون الجديد، إذ إنه ليس من اختصاص مفوضية اللاجئين في أي مكان في العالم، منح صفة لاجئ، بل هو حق للدولة المضيفة».

أحد الشوارع في وسط العاصمة القاهرة (أرشيفية - وكالة الصحافة الفرنسية)

وبشأن «فضّ التداخل» بين صلاحيات مفوضية اللاجئين والحكومة المصرية عقب إقرار القانون، أكد زهري أن «منح صفة لاجئ أو أي أوراق ثبوتية، هو حق أصيل للدولة المضيفة، وسيبقى للمفوضية تقديم خدمات رعاية اللاجئين، وضمان حقوقهم، ومراقبة التزام مصر بالاتفاقيات الدولية».

وأوضح أن «إقرار القانون الجديد واللجنة المصرية التي سوف تتشكل تبعاً لذلك لن يعطيان اللاجئ أي حقوق إضافية إلا ما ضمنها القانون الدولي، كما أنها (اللجنة) لا يمكنها أن تمنع أي حقوق، فهي بمثابة توطين للاتفاقيات الدولية التي وقَّعت عليها مصر. وعلى سبيل المثال، لا يمكن لمصر أن تفرِّق بين لاجئ دخل بطريقة شرعية وآخر دخل بطريقة غير شرعية، الاثنان لهما الحقوق نفسها»، على حد قوله.

ووفق زهري فإن «القانون الجديد يختص فقط باللاجئين وطالبي اللجوء»، في حين قال رئيس مؤسسة «ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان» الحقوقي أيمن عقيل، لـ«الشرق الأوسط»، إن «البيانات الرسمية التي ستتوافر لدى اللجنة الجديدة ستُضيِّق الفجوة الكبيرة بين عدد اللاجئين المسجلين رسمياً الذي يقدَّر بنحو 800 ألف، وعدد المقيمين الذي تقدِّره الحكومة المصرية بنحو 9 ملايين».


مقالات ذات صلة

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم إلى سوريا سيراً على الأقدام عبر حفرة ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية تهدف إلى قطع الطريق السريع بين بيروت ودمشق عند معبر المصنع في شرق البقاع بلبنان في 5 أكتوبر 2024 (أ.ب)

عبور 385 ألف سوري و225 ألف لبناني من لبنان إلى سوريا منذ 23 سبتمبر

أظهر تقرير للحكومة اللبنانية تسجيل عبور أكثر من 385 ألف سوري و225 ألف لبناني إلى الأراضي السورية منذ 23 سبتمبر (أيلول) وحتى الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

أثار مشروع قانون ينظم أوضاع اللاجئين في مصر، ويناقشه مجلس النواب (البرلمان)، حالة جدل واسعة في مصر، وسط تساؤلات عن الفائدة التي ستعود على القاهرة من إقراره.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس النواب (الحكومة المصرية)

البرلمان المصري يقر «مبدئياً» قانوناً لتنظيم أوضاع اللاجئين

وافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، الأحد، مبدئياً على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين، الذين تزايدت أعدادهم أخيراً في ظل صراعات وحروب تشهدها المنطقة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

طالبت مصر بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس» في هذه المرحلة الدقيقة. وأعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

وتكثّف القاهرة مشاوراتها بهدف احتواء التصعيد الراهن، وتؤكد ضرورة استمرار وتكثيف الجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان. ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، فقد استعرض عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع عراقجي، التحركات التي تجريها مصر مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة لخفض التصعيد، مشيراً إلى حرص القاهرة على استمرار تقديم كل أشكال الدعم السياسي والإنساني للبنان وشعبه الشقيق، مؤكداً «أهمية التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في لبنان».

وزار عراقجي القاهرة منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في أول زيارة لوزير خارجية إيراني إلى مصر منذ ما يزيد على عشر سنوات. وأعرب خلال لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن «تقدير بلاده الجهود المصرية المستمرة لتحقيق الاستقرار والأمن بالمنطقة»، وأكد الرئيس المصري حينها «موقف بلاده الداعي لعدم توسّع دائرة الصراع، وضرورة وقف التصعيد للحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة».

صورة من طهران بعد عدة انفجارات إثر موجات هجومية من إسرائيل (أ.ف.ب)

وذكرت «الخارجية المصرية»، الخميس، أن اتصال «عبد العاطي - عراقجي» تناول أزمة الشغور الرئاسي في لبنان، حيث أكد الوزير المصري «ضرورة دعم جميع الأطراف للبنان في هذه المرحلة الحرجة لانتخاب رئيس للبلاد عبر توافق وطني دون تدخلات خارجية»، مشيراً إلى أهمية تمكين المؤسسات اللبنانية وعلى رأسها الجيش اللبناني وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بكل عناصره.

كما أكد عبد العاطي «ضرورة التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة باعتباره العنصر الرئيسي لوقف التصعيد في المنطقة»، لافتاً إلى أن «استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يخاطر باستمرار توسيع رقعة الصراع بما يتسبب في تأجيج الأوضاع بالإقليم».

ولم تُسفر مفاوضات، استمرت شهوراً بوساطة كل من مصر وقطر والولايات المتحدة، عن التوصل إلى وقف القتال بين حركة «حماس» وإسرائيل، باستثناء هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

السيسي وبزشكيان في جلسة موسعة مع وفدي البلدين بقمة «بريكس» الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

واتفقت مصر وإيران على أهمية الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بعد سنوات من الجمود، وذلك خلال لقاء جمع الرئيس المصري ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان، على هامش قمة تجمع «البريكس» بمدينة قازان في روسيا الاتحادية، الشهر الماضي. وكان البلدان قد قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979، قبل أن تُستأنف بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال.

وشهد العام الماضي لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وتطوّر الأمر في مايو (أيار) من العام نفسه، بتوجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر. وكذا لقاءات على مستوى وزراء الخارجية، بخلاف لقاء السيسي والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، في الرياض في نوفمبر من العام الماضي.

وشدد السيسي خلال لقاء بزشكيان، في أكتوبر الماضي، على ضرورة «حشد الجهود الدولية لحضّ جميع الأطراف على التعامل بإيجابية مع المساعي الرامية لاستعادة التهدئة بالمنطقة، بما يسمح بمعالجة الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في فلسطين ولبنان».

وكان عبد العاطي قد أكد لنظيره الإيراني خلال اتصال هاتفي، مطلع الشهر الجاري، «ضرورة الحذر من استدراج المنطقة إلى حرب إقليمية لن تحقق مصلحة أي من الأطراف وتؤدي إلى تداعيات خطيرة على شعوب المنطقة».