دوقة إدنبرة: ما يحدث في السودان شبيه بمجازر رواندا

زارت مخيم أدري للفارين من دارفور... وكشفت «فظائع» ما تعرضوا له

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي بتشاد (رويترز)
مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي بتشاد (رويترز)
TT

دوقة إدنبرة: ما يحدث في السودان شبيه بمجازر رواندا

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي بتشاد (رويترز)
مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي بتشاد (رويترز)

قالت دوقة إدنبرة، الأميرة صوفي، خلال زيارة إلى معسكر أدري على الحدود بين السودان وتشاد، والذي يحتضن الفارين من جحيم الحرب في السودان، إن الصراع الدامي في هذا البلد «سقط من اهتمامات الجميع»، وشبهت ما يحدث هناك بما جرى في رواندا من مجازر، منتصف التسعينات، في وحشيتها، في تقرير أوردته صحيفة «تلغراف» البريطانية.

وزارت الأميرة صوفي، وهي ناشطة في مجال مكافحة العنف الجنسي، مستشفى بمنطقة أدري، واستمعت لشهادات بعض النساء، ووصفتها بأنها كانت «قاسية بشكل أكبر مما يمكنها تحمله». وأضافت أن المعاناة هناك «شبيهة بما جرى في رواندا» في وحشيته، محذرة من أن هذا الصراع قد «سقط من اهتمامات الجميع».

وحسب تقرير «التلغراف»، فإن الدوقة أبدت ضيقها عندما التقت بنساء أُجبرن على ممارسة الجنس من أجل إطعام أسرهن، أو اللواتي تحدثن أيضاً عن تعرض أطفالهن للاغتصاب. وحكت إحداهن كيف أن الجثث كانت «مكدسة مثل الجدران الطويلة» في شوارع قراهم أثناء فرارهن منها.

ويقع مخيم أدري على بُعد نحو 10 أميال من مناطق النزاع في دارفور، ويستقبل المئات من اللاجئين الفارين من الحرب، يومياً.

الطعام مقابل الجنس

وتحدثت الأميرة صوفي لـ«التلغراف» عن انطباعاتها بعد زيارتها للمستشفى بأدري، قائلة إن المحادثة معهن كانت «مدمرة»، وأضافت: «لا أجرؤ حتى على وصف ما كانوا يفعلونه بالأطفال هناك!». وتابعت: «الناس هناك يضطرون إلى تبادل الطعام والماء مقابل الجنس، والاغتصاب... هذا العنف يتم ارتكابه خلال الصراع هناك؛ إذ يتم استخدامه كأداة للمساومة... هؤلاء النساء ليس لديهن خيار سوى المغادرة، وحتى في هذه الحالة فإنهن محظوظات إذا تمكن بعضهن من الفرار؛ لأن بعض القرى والبلدات التي أتين منها لا يستطيع الناس حتى مغادرة منازلهم؛ إذ يتم قتلهم إذا خرجوا من منازلهم».

صورة نشرتها «تلغراف» لدوقة إدنبرة خلال زيارتها إلى مخيم أدري الحدودي للاجئين السودانيين بتشاد

والتقت الدوقة بعائلات عانت من الجوع أثناء عبورها على عربات تجرها الخيول. وقالت إحدى النساء، تدعى حديدة عبد الله، والتي كانت تحمل طفلتها البالغة من العمر تسعة أشهر، إن عائلتها سافرت لمسافة 50 ميلاً تقريباً بعد أن طُردت من أرضها، وأضافت: «لقد اضطررنا إلى المغادرة؛ لأننا لم يكن لدينا ما نأكله».

وأصبحت الدوقة، وهي أم لطفلين، مناصِرة صريحة لحقوق المرأة في الصراعات، وفي وقت سابق من هذا العام زارت ضحايا العنف الجنسي في أوكرانيا أيضاً. ومع ذلك، فإنها حذرت من أنه يجب ألا ينصرف التركيز العالمي عن السودان، قائلة: «صحيح أن انتباهنا يتوجه نحو صراعات أخرى، وهذا أمر مفهوم، لكن هناك كارثة إنسانية هائلة، وتشاد باتت مضطرة إلى محاولة تحسين الوضع في وقت لا تستطيع فيه تحمل تكاليف القيام بذلك».

وأضافت: «تقول المنظمات إنه يتم سحب الميزانيات، وأشياء من هذا القبيل؛ لأن الأموال يتم تحويلها إلى أماكن أخرى». وعندما سُئلت عن مدى شدة الوضع، قالت الدوقة: «إنهم يصفون مشاهد شبيهة بما جرى في رواندا».


مقالات ذات صلة

السودان: الجيش على حدود ولاية الجزيرة ومخاوف من توسع المعارك

شمال افريقيا الفريق كباشي، لدى تفقده ضباط وجنود قيادة المنطقة الشرقية بالفاو أمس (موقع مجلس السيادة السوداني فيسبوك)

السودان: الجيش على حدود ولاية الجزيرة ومخاوف من توسع المعارك

تفقد نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الجمعة، قواته في المنطقة الشرقية بالفاو على حدود ولاية الجزيرة وسط مخاوف من توسع المعارك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا السلطات المحلية بولاية كسلا تقوم بتطهير مركز عزل ريفي للمصابين بالكوليرا في بلدة ود الحليو شرق السودان (أ.ف.ب)

السودان: أكثر من 24 ألف إصابة كوليرا و699 حالة وفاة

كشفت إحصائية حديثة لوزارة الصحة السودانية عن ارتفاع حالات الإصابات بوباء الكوليرا إلى 24 ألفاً و604 إصابات، منها 699 حالة وفاة، بينما تمدّد المرض إلى 11 ولاية.

وجدان طلحة (بورتسودان)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة سابقة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لمعالجة مسألة حماية المدنيين

حثّت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» الأطراف السودانية على تعزيز الوصول الإنساني إلى جميع أنحاء البلاد، ومعالجة مسألة حماية المدنيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

تجدد الاشتباكات في الخرطوم والجيش يتوعد «الدعم السريع» بـ«مفاجآت»

أفلح الجيش بعد حصار امتد لأكثر من عام ونصف عام، في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، في عبور 3 جسور رئيسية كانت تسيطر عليها قوات «الدعم السريع».

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة مصر خلال زيارته الأخيرة لبورتسودان (الخارجية المصرية)

السودان يؤكد التزامه لـ«الاتحاد الأفريقي» بوقف الحرب

«تقدم» تصف بيان «مجلس السلم والأمن الأفريقي بشأن الوضع في السودان، بأنه غير متوازن، وبدأ كأنه في عجلة من أمره لإضفاء شرعية على سلطة بورتسودان».

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)

السودان: الجيش على حدود ولاية الجزيرة ومخاوف من توسع المعارك

الفريق كباشي، لدى تفقده الجمعة ضباط وجنود قيادة المنطقة الشرقية بالفاو (موقع مجلس السيادة السوداني/ فيسبوك)
الفريق كباشي، لدى تفقده الجمعة ضباط وجنود قيادة المنطقة الشرقية بالفاو (موقع مجلس السيادة السوداني/ فيسبوك)
TT

السودان: الجيش على حدود ولاية الجزيرة ومخاوف من توسع المعارك

الفريق كباشي، لدى تفقده الجمعة ضباط وجنود قيادة المنطقة الشرقية بالفاو (موقع مجلس السيادة السوداني/ فيسبوك)
الفريق كباشي، لدى تفقده الجمعة ضباط وجنود قيادة المنطقة الشرقية بالفاو (موقع مجلس السيادة السوداني/ فيسبوك)

تفقد عضو مجلس السيادة، نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الجمعة، قواته على الخطوط الأمامية في قيادة المنطقة الشرقية بالفاو، التي تشهد منذ أشهر استعدادات مكثفة ومعارك متقطعة من قبل طرفي القتال الجيش و«قوات الدعم السريع».

وتقع قيادة المنطقة الشرقية بالفاو على حدود ولاية الجزيرة، التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، وسط مخاوف من توسع المعارك في هذه المنطقة.

وقال إعلام الجيش السوداني، في بيان، إن كباشي تلقى تنويراً شاملاً حول سير العمليات التي تجري بالمنطقة، «واطمأن على الروح المعنوية العالية للجنود والمستنفرين والمقاومة الشعبية لدحر فلول التمرد الغاشم» واستعادة الأمن والاستقرار. وقالت مصادر محلية لــ«الشرق الأوسط»: «لا توجد عمليات عسكرية نشطة في محور الفاو، لكن بين وقت وآخر تجري اشتباكات متقطعة، وقصف مدفعي متبادل».

وحسب المصادر نفسها، فإن المنطقة تعد من المحاور الرئيسية لقوات الجيش لاستعادة عاصمة ولاية الجزيرة ود مدني، وترتكز فيها قوات كبيرة من «الدعم السريع» في البلدات والقرى الريفية لصد أي هجوم محتمل من الجيش.

وسبق أن شهدت منطقة الفاو مواجهات عنيفة حينما حاولت قوات الجيش والقوات المشتركة للفصائل المسلحة المتحالفة معه استعادة ود مدني، إلا أن «قوات الدعم السريع» استطاعت كسر موجة الهجوم التي جرى التحضير لها لأشهر.

الاشتباكات التي وقعتْ مؤخراً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» أجبرت الآلاف على الفرار من ود مدني (أ.ف.ب)

ويتوقع أن تكون زيارة كباشي للجبهة الشرقية تمهيداً لبدء عملية عسكرية واسعة النطاق، في ظل ما يتواتر من أنباء عن تحشيد واستعدادات من قبل الجيش السوداني لمعارك فاصلة في كل المحاور بالبلاد.

تراجع المعارك في الخرطوم

وفي العاصمة الخرطوم، تراجعت حدة المعارك بشكل ملحوظ بعد عمليات كر وفر بين الطرفين. وتركزت الاشتباكات العنيفة في منطقة المقرن بعد نقل الجيش السوداني المئات من جنوده في عملية أُطلق عليها «العبور» لإعادة السيطرة على المدينة، على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها قواته منذ بدء العملية قبل ثلاثة أسابيع. وبثت منصات إعلامية تابعة للجيش مقاطع فيديو تشير إلى تقدم الجيش والمجموعات الإسلامية الموالية له على حساب «قوات الدعم السريع» في المقرن وتحريرها عدداً من المقار المدنية.

في المقابل تنفي «الدعم السريع» أي وجود لقوات الجيش، وتتحدث عن القضاء على كل القوة التي حاولت خلال الأيام الماضية العبور عبر الجسور من مدينة أم درمان إلى قلب الخرطوم.

وبالتزامن مع تراجع القتال البري، يكثف الطيران الحربي للجيش السوداني شن غارات جوية على مواقع كثيرة لـ«قوات الدعم السريع» في أنحاء مختلفة من مدن العاصمة الخرطوم.

وأفادت غرفة طوارئ جنوب الحزام التي تقع في الجزء الجنوبي من العاصمة، بأن القصف الجوي استهدف نهار الخميس الأحياء السكنية، وأسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 28 آخرين، بعضهم في حالة خطرة. وقالت في بيان على صفحتها على «فيسبوك» إن من بين القتلى 3 نساء وطفلين.

ووفق غرفة الطوارئ، تشهد منطقة جنوب الحزام التي تضم العشرات من الأحياء السكنية موجات نزوح جديدة لمئات الأسر التي سبق وأن عادت بعد سقوط ولاية الجزيرة وسط السودان في يد «قوات الدعم السريع».

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 يشهد السودان حرباً مستعرةً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» خلّفت أكثر من 18 ألف قتيل وحوالي 8.5 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.