السودان: أكثر من 24 ألف إصابة كوليرا و699 حالة وفاة

وزارة الصحة قالت إن الوباء تمدّد في 11 ولاية من أصل 18

السلطات المحلية بولاية كسلا تقوم بتطهير مركز عزل ريفي للمصابين بالكوليرا في بلدة ود الحليو شرق السودان (أ.ف.ب)
السلطات المحلية بولاية كسلا تقوم بتطهير مركز عزل ريفي للمصابين بالكوليرا في بلدة ود الحليو شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

السودان: أكثر من 24 ألف إصابة كوليرا و699 حالة وفاة

السلطات المحلية بولاية كسلا تقوم بتطهير مركز عزل ريفي للمصابين بالكوليرا في بلدة ود الحليو شرق السودان (أ.ف.ب)
السلطات المحلية بولاية كسلا تقوم بتطهير مركز عزل ريفي للمصابين بالكوليرا في بلدة ود الحليو شرق السودان (أ.ف.ب)

كشفت إحصائية حديثة لوزارة الصحة السودانية عن ارتفاع حالات الإصابات بوباء الكوليرا، إلى 24 ألفاً و604 إصابات، منها 699 حالة وفاة، بينما تمدّد المرض إلى 11 ولاية من 18 ولاية سودانية.

ووفقاً لتقرير «التدخلات ضد الكوليرا»، الصادر الثلاثاء، ارتفعت نسبة الإصابة في بعض الولايات، مثل: الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض، وانخفضت في ولايات أخرى، كما قلّ عدد الداخلين لمراكز العزل، خصوصاً في ولايات كسلا، والخرطوم، ونهر النيل، والشمالية، والقضارف.

ونتيجة للصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من 18 شهراً يعاني القطاع الصحي في السودان تدهوراً كبيراً، ونقصاً حاداً في المعدات الطبية والأدوية، ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض، وعزا مسؤولون صحيون تفشّي الكوليرا وتمدّدها نتيجةً لضعف وسائل محاربتها، بسبب تكدّس النفايات في الطرق، وفي المكبّات الصغيرة بالأحياء السكنية التي تساعد في تكاثُر الذباب.

وأوضحت مديرة إدارة الأوبئة في وزارة الصحة الاتحادية، ليلى حمد النيل، أن «الكوليرا من الأمراض سريعة الانتشار، وإذا تم رصد إصابة واحدة في أي منطقة تدفعنا لإعلانها منطقة وباء»، وقالت لــ«الشرق الأوسط» إن «الحد من انتشار المرض يعتمد في الأساس على توعية المواطنين، وزيادة حجم الترصد لعلاج الحالات من وقت مبكر، الأمر الذي يتطلّب مضاعفة عدد معامل الفحص لاكتشاف حالات الإصابة في حينها»، وأكّدت «أهمية الإصحاح البيئي، وصحة وسلامة المياه، بزيادة نسبة الكلور فيها بالمناطق التي لا يوجد بها المرض؛ لحماية المواطنين من الكوليرا».

نظام الترصد

وأشارت حمد النيل إلى أن الوزارة قامت بفتح مراكز علاجية في الولايات التي ينتشر فيها المرض، وزيادة حساسية نظام الترصد، ودعم المركز والمؤسسات الصحية، وصولاً إلى بلاغات صفرية، منبّهة إلى أن الفحص الطبي للكوليرا مجاني؛ لأن المرضى في مراكز العزل يحتاجون إلى فحوصات يومية؛ للتأكد من سلامتهم، وتوفير العلاج للمريض.

وكشفت عن تنسيق كبير في محاربة الكوليرا مع المنظمات والشركاء في القطاع الخاص؛ لتغطية المناطق التي يصعب على وزارة الصحة الوصول إليها.

وأضافت أن المسؤولين في مجال البيئة يقومون بعمل كبير في مراكز إيواء النازحين، بالتخلّص من النفايات؛ لمكافحة مصادر توالُد الذباب، بجانب اهتمامهم بسلامة وصحة الغذاء.

وقالت المسؤولة الصحية، إن الوزارة نشطت في حملات في الأسواق، بتقديم جرعات في مجال التنمية، وتوعية المواطنين في كيفية التعامل مع الطعام، وضرورة تقليل دخول وخروج المرضى من مراكز العزل، لمنع انتشار العدوى وسط الأصحاء. ونصحت المواطنين بضرورة الذهاب لأقرب مركز صحي أو مستشفى عند إصابتهم بأعراض المرض، مشيرةً إلى أن الكوليرا مرض سريع الانتشار وشديد العدوى، يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، بسبب فقدان المريض للسوائل في جسمه، وبالتالي يصبح عرضةً للجفاف، كما حثّت المرضى على ضرورة التواصل مع المراكز الصحية، واتّباع الوصفات العلاجية، مشيرةً إلى أن الوزارة درّبت كوادر طبية لمواجهة انتشار المرض سريعاً.

جهود نوعية

وتصدّرت ولاية القضارف (شرق البلاد) التي استضافت الآلاف من النازحين جرّاء القتال في مناطق السودان، قائمةَ الولايات التي رُصدت فيها إصابات بأعداد كبيرة.

بدورها قالت عضوة إدارة تعزيز الصحة في ولاية القضارف، ابتسام حسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك مؤشرات على انحسار الكوليرا بعد تفشّيها في محليات القضارف»، عازيةً ذلك إلى الجهود الكبيرة التي بُذِلت من قِبل السلطات الصحية، بالتعاون مع الهلال الأحمر في توعية المواطنين بخطورة المرض، وكيفية التعامل معه. وأضافت أن الوزارة قامت بإضافة مادة الكلور للمياه، والتخلص من النفايات خلال الأيام الماضية.

فِرق تقصّي

وأعرب سكان في العاصمة الخرطوم عن قلقهم جرّاء انعدام الأدوية، وارتفاع أسعارها، وعلى الرغم من أن الولاية شهدت العام الماضي حملات تطعيم مكثفة، فإن السلطات رصدت حالات مؤكدة.

وتحدثت تقارير غرف الطوارئ المنتشرة في الأحياء السكنية وسط القتال بالخرطوم، عن استقبال المستشفيات والمراكز الصحية وفيات وإصابات عديدة خلال الفترة الماضية.

ووفقاً لمدير إدارة الطوارئ بوزارة الصحة في ولاية الخرطوم، محمد إبراهيم، سجّلت الولاية أقل حالات إصابات بالكوليرا، حيث تم التأكد من حالتين و23 حالة اشتباه، وتم تطعيم آلاف من المواطنين في أكثر من 168 دار إيواء بالولاية، بجانب حملات رش الذباب، وتوجد في العاصمة فِرَق تقصّي لمعرفة الأمراض في الأحياء السكنية للتدخل السريع في حال حدوث أي وباء.

بدورها قالت مديرة إدارة الطوارئ في وزارة الصحة بولاية البحر الأحمر، فاطمة محمد، إن إجمالي حالات الإصابة بالوباء وصلت إلى 500، من بينهم 10 وفيات، وسجلت محلية بورتسودان (العاصمة الإدارية الحالية للبلاد)، أعلى نسبة إصابة بالمرض.

وأضافت: «بعد التأكد من إصابة المريض بالكوليرا يتم نقله إلى مركز العزل المخصص»، وأوضحت أن أولى الحالات التي تم رصدها في الولاية كانت في بداية أغسطس (آب) الماضي.


مقالات ذات صلة

اعتداءات على لاجئين سودانيين في مخيم بأوغندا

شمال افريقيا نازحون سودانيون في مخيم تديره «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» خلال نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

اعتداءات على لاجئين سودانيين في مخيم بأوغندا

تعرض لاجئون سودانيون في مخيم «كيرياندقو» بشمال أوغندا لاعتداءات عنيفة من قبل لاجئين آخرين، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)

الجيش السوداني يستعيد مواقع من «الدعم السريع» في الفاشر

نفذ الجيش السوداني فجر السبت عملية عسكرية مباغتة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وتمكن من استعادة عدة مواقع في أقصى الجنوب الغربي من المدينة.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا كامل إدريس خلال مراسم أداء اليمين رئيساً للوزراء أمام عبد الفتاح البرهان (وكالة الأنباء السودانية)

حكومة السودان تحتفظ بوزراء «الحركات المسلحة»

أصدر رئيس الوزراء السوداني مرسوماً عيّن بموجبه 5 وزراء جدد، ضمن سعيه لتشكيل حكومة مدنية أطلق عليها «حكومة الأمل»

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

مصر تُشكك في اكتمال «سد النهضة»... وإثيوبيا تعتزم تدشينه رسمياً

شككت مصر في الرواية الإثيوبية الخاصة باكتمال مشروع «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه أديس أبابا لتدشين «السد» رسمياً في سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من المسيرة النسائية في مدينة نيالا لوقف حرب السودان (موقع تحالف «تأسيس» على «إكس»)

مسيرة نسائية في دارفور تناشد ترمب وقف الحرب

خرجت المئات من السودانيات في شوارع مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، غرب البلاد، في مظاهرة رددن فيها هتافات تناشد الرئيس الأميركي التدخل لوقف الحرب.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

معارضون مصريون ينتقدون «غلبة التعيينات» على التنافس في انتخابات «الشيوخ»

جلسة سابقة لمجلس الشيوخ المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
جلسة سابقة لمجلس الشيوخ المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
TT

معارضون مصريون ينتقدون «غلبة التعيينات» على التنافس في انتخابات «الشيوخ»

جلسة سابقة لمجلس الشيوخ المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
جلسة سابقة لمجلس الشيوخ المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

انتقد معارضون مصريون ما وصفوها بـ«غلبة التعيينات» في انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) على حساب التنافس الحقيقي بين الأحزاب المختلفة. ورأى معارضون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «ثلثي عضوية مجلس الشيوخ أقرب للتعيين وليس للانتخاب»، استناداً إلى «حسم (القائمة الوطنية) التي تضم مرشحين من 13 حزباً على (مقاعد القوائم) بوصفها القائمة الوحيدة المرشحة في الاستحقاق»، إلى جانب 100 عضو سوف يعينهم رئيس الجمهورية، وفق قانون مجلس الشيوخ المصري.

ويبلغ عدد أعضاء مجلس الشيوخ 300 عضو، يُنتخب ثلثاهما بالاقتراع، بواقع 100 عضو يتنافسون على مقاعد فردية، ومثلهم بنظام «القائمة المغلقة»، ويعيّن رئيس الجمهورية الثلث الباقي، على أن يُخصَّص للمرأة ما لا يقل عن 10 في المائة من مجموع عدد المقاعد.

وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات إجراء انتخابات «الشيوخ»، للمصريين في الخارج، يومي الأول والثاني من أغسطس (آب) المقبل، على أن تُجرى انتخابات الداخل، في الرابع والخامس من الشهر نفسه. وأعلنت، الجمعة، القائمة المبدئية للمرشحين في الانتخابات ورموزهم الانتخابية.

وبلغ إجمالي عدد المرشحين على المقاعد الفردية 469 مرشحاً، في حين «لم يتقدم على مقاعد القوائم المغلقة سوى قائمة واحدة باسم (القائمة الوطنية من أجل مصر)».

ويعتقد رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، مدحت الزاهد، (وهو من أحزاب الحركة المدنية المعارضة في مصر)، أن «نظام الانتخاب بمجلس الشيوخ وقوائم المرشحين، يجعلان التشكيل المقبل للمجلس يغلب عليه التعيين»، مشيراً إلى أن «هامش المنافسة الحقيقية بين الأحزاب غير متوفر؛ بسبب الاعتماد على نظام القوائم المغلقة في الاستحقاق». وأوضح الزاهد لـ«الشرق الأوسط» أن «ترشح (القائمة الوطنية) بوصفها قائمةً وحيدةً، جعل مقاعد القوائم شبه محسومة لمرشحيها من الأحزاب»، مشيراً إلى أن «القائمة جاءت على حساب المعارضة».

وضمَّت «القائمة الوطنية»، مرشحين عن 13 حزباً سياسياً، وجاءت النسبة الأكبر فيها لمرشحين من أحزاب: «مستقبل وطن»، و«حماة الوطن»، و«الجبهة الوطنية»، و«الشعب الجمهوري»، و«الوفد» و«التجمع»، و«إرادة جيل»، و«تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين»، في حين ضمَّت تمثيلاً أقل لأحزاب معارضة، وهي: «العدل»، و«المصري الديمقراطي»، و«الإصلاح والتنمية»، وهي الأحزاب نفسها، التي سبق أن أعلنت تشكيل تحالف «الطريق الديمقراطي»؛ للمنافسة على المقاعد الفردية في الانتخابات.

ورفض حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، المشارَكة بمرشحين في انتخابات مجلس الشيوخ، وفق الزاهد، وقال: «المجلس ليس له دور تشريعي حقيقي، كما أن آليات تشكيله لا تتبع قواعد المنافسة الديمقراطية»، وفق رأيه.

في حين انتقد الرئيس الشرفي لحزب «الكرامة» المصري، محمد سامي، (أحد أحزاب الحركة المدنية) نظام القوائم المغلقة، الذي يُجرى على أساسه استحقاق مجلس الشيوخ. وقال: «هذا النظام يُفقِد الانتخابات المنافسة بين الأحزاب»، كما «أتاح للأحزاب الموالية وذات القدرات المالية والتنظيمية، السيطرةَ على مقاعد القوائم، من خلال القائمة الوحيدة المرشحة».

ويعتقد سامي أن توزيع نسب الأحزاب المشارِكة في «القائمة الوطنية» المرشحة بالانتخابات «يبخس حق الأحزاب العريقة مثل (الوفد) و(التجمع)». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «نسب مرشحي تلك الأحزاب تذيَّلت قائمة الأحزاب داخل القائمة»، مشيراً إلى أن «فرص منافسة الأحزاب على المقاعد الفردية ضعيفة، ذلك أنها تحتاج إلى قدرات مالية هائلة، في ظل اتساع النطاق الجغرافي للدوائر الانتخابية».

مجلس الشيوخ المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

وحظي حزبا «الوفد» و«التجمع» على تمثيل ضعيف في «القائمة الوطنية» بواقع مقعدين لكل حزب، في حين حصلت أحزاب معارضة مثل «المصري الديمقراطي»، و«الشعب الجمهوري» على 5 مقاعد لكل منهما، وحصل حزبا «العدل»، و«الإصلاح والتنمية» على 4 مقاعد لكل منهما.

ووفق قانون مجلس الشيوخ، تُقسَّم مصر إلى 27 دائرة تُخصَّص للانتخاب بالنظام الفردي ومخصص لها 100 مقعد، إلى جانب 4 دوائر تُخصَّص للانتخاب بنظام القائمة، يُخصص لدائرتين منها 13 مقعداً لكل دائرة، ويُخصص للدائرتين الأخريين 37 مقعداً لكل دائرة منهما.

بينما يرى نائب رئيس حزب «الإصلاح والتنمية»، علاء عبد النبي، أن تمثيل المعارضة في قوائم مرشحي «الشيوخ» نسبته «مرضية». وقال: «هناك 4 أحزاب من تيار المعارضة ممثلة في القائمة الوطنية»، مشيراً إلى أن «بعض أحزاب المعارضة، اختار العزوف عن المنافسة، وعدم المشارَكة في الاستحقاق». ويربط عبد النبي، حضور أحزاب المعارضة انتخابياً وبرلمانياً، بقدرتها على الوجود في الشارع. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأحزاب في حاجة لتفعيل انتشارها في الشارع»، عادّاً ذلك «سيضمن تمثيلها برلمانياً بشكل أكبر».

كما رفض المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، حديث بعض المعارضين المصريين بشأن «غلبة التعيينات في انتخابات مجلس الشيوخ». وقال: «المنافسة قائمة في الانتخابات، خصوصاً على المقاعد الفردية»، كما أن «القائمة المرشحة، تضم مرشحين من مختلف الاتجاهات السياسية». ويرى سليمان أن المنافسة على المقاعد الفردية «تشمل نسبةً كبيرةً من الأحزاب، والمستقلين»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أحزاباً ليس لها مرشحون بمقاعد القوائم، وفضَّلت المنافسة على المقاعد الفردية بالمحافظات»، مشيراً إلى أن «تشكيل مرشحي (القائمة الوطنية) يحقِّق التنوع بالانتخابات».

وحسب القوائم المبدئية للمرشحين في انتخابات «الشيوخ»، المعلنة من الهيئة الوطنية للانتخابات، فقد قدَّم 35 حزباً مرشحين على المقاعد الفردية، بينما تَقدَّم 166 مرشحاً بوصفهم مستقلين.