«لم يحسم اجتماع القاهرة بين حركتي (فتح) و(حماس) كل القضايا الخلافية»، وفق مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»؛ إلا أنه تم «الاتفاق على جولات مقبلة واستمرار المناقشات خلال الفترة المقبلة للوصول إلى تفاهمات والبدء في تطبيقها على أرض الواقع».
وقالت المصادر إنه «رغم عدم التقدم الملموس خلال المحادثات»؛ فإن القاهرة بذلت جهوداً كبيرة في تقريب وجهات النظر بين الحركتين في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية، لافتةً إلى أن مخرجات الاجتماع سيجري نقاشها لدى قيادات «فتح» و«حماس»، و«إنضاج أفكار للتوافق» على أن تكون هناك «جولات مقبلة» رجحوا أن يكون أقربها قبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وفي ظل رفض إسرائيلي للانسحاب الكامل من غزة، استضافت القاهرة على مدار يومي الأربعاء والخميس، جولة محادثات بين حركتي «فتح» و«حماس»، وشهدت المباحثات مناقشات تهدف إلى «ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في ظل الأوضاع الحالية»، وبحث «آلية عمل اللجنة المعنية بإدارة المعابر وملفات الصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، عن مصادر مصرية، لم تسمّها.
وكان وفد «حماس»، في اجتماع القاهرة، برئاسة عضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية، بحسب بيان للحركة، مشيرة إلى أن حركة «فتح» شاركت في الاجتماع برئاسة نائب رئيس الحركة، محمود العالول، بهدف «بحث العدوان على قطاع غزة، والتطورات السياسية والميدانية، وتوحيد الجهود والصف الوطني».
وتناول الاجتماع أيضاً «التطورات السياسية والميدانية بالمناطق الفلسطينية، وتوحيد الصف الفلسطيني»، و«ناقش عدداً من الترتيبات المتعلقة بالتطورات الراهنة»، وسط أنباء تناقلتها وسائل إعلام فلسطينية ومصرية، عن اتفاق بشأن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون غزة «حياتياً، وليس سياسياً»، لا سيما إدارة معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني، وتوفير المستلزمات الحياتية من أدوية وتعليم وصحة وغذاء.
ولم يصدر عن القاهرة أو حركتي «حماس» أو «فتح» تفاصيل بشأن مخرجات اللقاء، غير أن عضو المكتب السياسي والمستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، طاهر النونو، أكد في تصريحات متلفزة، الخميس، أن «هناك توافقاً كبيراً بين رؤية قيادة الحركتين في تشخيص الأزمة، وضرورة وقف الحرب وإغاثة الشعب الفلسطيني، وإعادة ترتيب البيت الوطني الفلسطيني وتحقيق وحدته».
ووفق النونو، فإن «اجتماعات القاهرة أسفرت عن خطوات عملية تحتاج لمزيد من البحث؛ نظراً لأن تطبيقها على أرض الواقع يتطلب عقد مزيد من اللقاءات»، مضيفاً أن جميع الأطراف أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية، هي المرجعية التي يجب أن تشمل كل الفصائل الفلسطينية.
ووفق معلومات القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، «لم يخرج بيان ختامي عن الجولة الأولى من محادثات الحركتين في القاهرة، حتى لا يتم تأويله على أنه تعثر أو ما شابه، وأيضاً استعداداً لجولات أخرى قريبة».
الرقب قال إن حركة «فتح» طرحت «خطة واحدة تتحدث عن تشكيل لجنة مهنية من 10 إلى 15 شخصية متخصصين في ملفات عدة تأخذ على عاتقها الإشراف على إعادة الأوضاع في غزة، ومن ضمنها الجهاز الشرطي، والسيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وتنفيذ مهام التعليم والصحة وكل الملفات العالقة».
أما «(حماس) فطلبت تشكيل حكومة تكنوقراط بدلاً من هذه اللجنة تكون مسؤولة عن غزة والضفة حتى لا يتم فصلهما كما يرغب الاحتلال، وتأخذ على عاتقها كل ما هو منوط باللجنة، بجانب تشكيل إطار سياسي (لمنظمة التحرير الفلسطينية التي ترأسها فتح) بناءً على اجتماعات العلمين في يوليو (تموز) 2023، واتفاق بكين لضم كل الفصائل للإطار»، بحسب الرقب.
وفي يوليو الماضي، توصل 14 فصيلاً فلسطينياً، بما في ذلك حركتا «فتح» و«حماس»، إلى إعلان تاريخي للمصالحة الوطنية في بكين لإنهاء الانقسام، وتعزيز الوحدة الفلسطينية.
وبحسب معلومات المحلل السياسي الفلسطيني، المقرب من «حماس»، إبراهيم المدهون، فإن عدم صدور بيان ختامي للجولة يعود إلى أن «الحوار لم ينته»، معتقداً أن «هناك جولات أخرى ستتم بين الحركتين، وقد تكون هناك جولة قريبة قبل نهاية الشهر الحالي»، متوقعاً أنه خلال تلك الفترة «سيرجع الجانبان إلى قيادتهما المركزية لاعتماد ما تم من مناقشة، وإنضاج أفكار التوافق».
وبشأن مجريات المحادثات، قال المدهون: «كانت هناك أجواء إيجابية، وكانت هناك رعاية مصرية حثيثة وقوية منحت أفكاراً إبداعية وقوية، وسط توافق إجمالي على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي»، مرجحاً أن يكون «هناك إصرار من حركتي (حماس) و(فتح) من أجل وحدة الشعب الفلسطيني، ووجود رؤية واستشعار بالخطر من كلا الجانبين».
وجاءت الاجتماعات الفلسطينية بالقاهرة، وسط جمود مفاوضات «هدنة غزة» منذ أسابيع، على خلفية تمسُّك رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بشروط أبرزها، عدم الانسحاب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح و«محور فيلادلفيا»، الحدودي مع مصر، ورفض بقاء «حماس» بالسلطة في اليوم التالي من انتهاء الحرب.
وفي هذا الصدد، يخشى الرقب، حال التوافق على المخرجات مستقبلاً في الجولات المقبلة، أن يقف الاحتلال الإسرائيلي أمام تنفيذها، داعياً إلى دعم واسع من المجتمع الدولي بشأن مخرجات التوافق الفلسطينية لمزيد من استقرار المنطقة، ووقف «حرب الإبادة» بحق الفلسطينيين.