السيسي في أسمرة... القاهرة تُعمق حضورها بالقرن الأفريقي

الزيارة شهدت عقد قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا

قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي في أسمرة... القاهرة تُعمق حضورها بالقرن الأفريقي

قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)
قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)

أبعاد استراتيجية ذات «دلالات مُهمة» حملتها زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، إلى أسمرة، كونها تأتي في «توقيت بالغ الأهمية» تعيشه منطقة القرن الأفريقي، وسط تصاعد التوترات بين الصومال وإثيوبيا.

الزيارة عدّها خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» ضمن «خطوات مصرية لتعميق حضورها بمنطقة القرن الأفريقي وبناء سياسات متوازنة ومواجهة المخاطر والتهديدات المحتملة لأمنها القومي خاصة في البحر الأحمر».

وزاد من أهمية الزيارة القمة الثلاثية التي عقدها رؤساء مصر والصومال وإريتريا، في أسمرة، التي تناولت «سبل تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر»، وفق وكالة «الأنباء الصومالية».

وأكدت القمة، في بيان ختامي، نشرته الرئاسة المصرية، «أهمية الاحترام المطلق لسيادة ووحدة أراضي المنطقة»، مشيرة إلى «تشكيل لجنة ثلاثية من وزراء الخارجية للتعاون الاستراتيجي».

وفي كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك، قال السيسي إن المباحثات تطرقت إلى عدد من الملفات الإقليمية المهمة في المنطقة، ومنها الأوضاع في السودان، حيث اتفقنا على أهمية التوصل لوقف دائم لإطلاق النار بكل أنحائه في أقرب وقت ممكن.

ووفق الرئيس المصري، فإنه تم التأكيد على خطورة استمرار الأوضاع التي أدت إلى اضطراب حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، الأمر الذي انعكس سلباً على معدلات التجارة العالمية، مع تأكيد أهمية تعزيز التعاون بين الدول المتشاطئة للبحر الأحمر، وتطوير أسس التنسيق المؤسسي بينها، لتأمين حركة الملاحة الدولية فيه، وتعزيز التعاون بينها لتعظيم الاستفادة من موارده الطبيعية.

وخلال لقائه الرئيس الصومالي، أكد السيسي دعم القاهرة لوحدة واستقلال الصومال على كامل أراضيه و«رفض الإجراءات الأحادية» التي تهدد وحدة وسيادة الدولة الصومالية، وفق بيان «الرئاسة المصرية».

وصول السيسي إلى أسمرة وإلى جانبه نظيره الإريتري (الرئاسة المصرية)

ووصل السيسي، الخميس، إلى أسمرة، وكان في مقدمة مستقبليه نظيره الإريتري، أسياس أفورقي، بحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية بمصر، في زيارة غير معلن عنها مسبقاً، تهدف إلى «سبل تعزيز العلاقات الثنائية وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر»، وفق «الرئاسة المصرية».

وجاءت زيارة السيسي بعد نحو 3 أسابيع من زيارة قام بها كل من رئيس المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، لأسمرة. واستمع الجانب المصري وقتها إلى رؤية أفورقي بشأن تطورات الأوضاع في البحر الأحمر، والتطورات في القرن الأفريقي والتحديات التي تشهدها المنطقة، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار فيها وسط تأكيد على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه، ووفق بيان صحافي للخارجية المصرية وقتها.

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، صلاح حليمة، فإن الزيارة تأتي في «توقيت بالغ الأهمية»، في ظل ما يشهده البحر الأحمر والقرن الأفريقي من تهديدات للأمن والاستقرار بتلك المنطقة «تطول تداعياتها القاهرة».

وبرأي حليمة، وهو نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، فإن «التحرك الإثيوبي غير القانوني لمحاولة التواجد بأرض الصومال على مدخل البحر الأحمر يهدد الأمن القومي لمصر وأفريقيا، ويستدعى مزيداً من التنسيق مع إريتريا والصومال، جيران إثيوبيا».

وعدّ مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، عبد الله أحمد، أن الزيارة «تعزيز للحضور المصري في القرن الأفريقي» في ظل تصاعد أزمات أثيوبيا بها، وتدعيم بناء «علاقات جيدة وسياسة متوازنة» مع دول جوار أديس أبابا.

دلالات مهمة حملتها زيارة الرئيس المصري إلى أسمرة (الرئاسة المصرية)

في حين وصف الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، الزيارة بأنها «محورية»، وتحمل دلالة جديدة على تعميق الحضور المصري في القرن الأفريقي، سواء بالاتفاقيات والشراكات في «مواجهة أي تهديدات محتملة من إثيوبيا أو أي تحديات بالبحر الأحمر».

ويرى تورشين أن مصر بات لديها «تأثير يتنامى» في منطقة القرن الأفريقي، والموقف الإريتري، سيسهم بشكل مباشر في تعزيز الموقف المصري، خاصة في القضايا المرتبطة بدول حوض النيل وسد النهضة الإثيوبي وأزمة الصومال وإثيوبيا. وأضاف أن توسيع الاتفاقيات والتعاون ليشمل إريتريا بعد الصومال يحمل رسالة جديدة لأديس أبابا، ستستفيد منها أسمرة والقاهرة بشكل كبير، خاصة أن علاقة رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، متوترة مع الرئيس الإريتري.

ووفق تورشين، فإن «إريتريا ستتلقى مزيداً من الدعم المصري، وهذا أمر مهم بالنسبة لها في ظل اضطراب المنطقة»، لافتاً إلى أن «القاهرة سوف تستمر في تحركاتها وتحالفاتها لمواجهة أي تهديدات محتملة، خاصة من إثيوبيا، باعتبارها تهديدات للمنطقة وليس لمصر فقط، وهذا سيزيد من توجس أديس أبابا، خاصة مع تنامي الاتفاقات والشراكات مع جارتيها الصومال وإريتريا».

وسبق أن بحث وزراء خارجية مصر، بدر عبد العاطي، والصومال، أحمد مُعلم فقي، وإريتريا، عثمان صالح، في سبتمبر (أيلول) الماضي، «التنسيق المشترك على أعلى مستوى، وتأكيد الإرادة السياسية لدى الدول الثلاث على تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة والحفاظ على الاستقرار بالمنطقة واحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي الصومالية»، ما عزّزتها قمة ثلاثية بين قادة الدول الثلاثة، الخميس.

وبحسب تورشين، فإنه «من نتائج تلك القمة ذهاب أطرافها لتشكيل تحالف ثلاثي، سيكون له تأثير كبير في القرن الأفريقي ومواجهة أي تهديد مشترك». بينما يرى مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي أنه إذا استمر التحالف الثلاثي بين مصر وإريتريا والصومال «فسيكون أقوى تحالف في منطقة القرن الأفريقي».


مقالات ذات صلة

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

العالم العربي رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

بفوز رئيس جديد محسوب على المعارضة، لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تتجه الأنظار نحو مصير مذكرة التفاهم الموقعة مع إثيوبيا والتي تعارضها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

سلسلة إجراءات اتخذتها مقديشو تجاه رفض أي تدخل بشأن سيادتها على إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وصلت إلى محطة استدعاء السفير الدنماركي ستين أندرسن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)

تلميح إثيوبيا لـ«عدم خروج قواتها من الصومال» يعمق التوتر في القرن الأفريقي

تلميح إثيوبي باحتمال عدم خروج قواتها المشاركة بـ«حفظ السلام» في مقديشو بعد قرار صومالي باستبعادها رسمياً بنهاية العام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)

كيف تنعكس انتخابات «أرض الصومال» على توترات «القرن الأفريقي»؟

أجرى إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، الأربعاء، انتخابات رئاسية مرتقبة، في ظل تساؤلات حول تأثير نتائجها على توترات منطقة القرن الأفريقي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مباحثات بين الوفد المصري برئاسة السفير إيهاب عوض والوفد التركي برئاسة السفيرة إليف أولغن بمشاركة السفير التركي في القاهرة صالح موتلو شن (الخارجية المصرية)

مشاورات مصر وتركيا بشأن أفريقيا وليبيا... «مساحات تفاهم وتعاون مشترك»

مشاورات دبلوماسية مصرية - تركية بشأن الوضع بالصومال ومنطقة القرن الأفريقي وليبيا في إطار السعي للتوصل لتفاهمات وتعاون مشترك بتلك المناطق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

توغلت «قوات الدعم السريع» على نحو مفاجئ في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، وفرضت سيطرتها على بلدتي (جريوة ورورو) بمحلية التضامن، فيما استعاد الجيش بلدة اللنكدي بولاية سنار المجاورة.

وبثت عناصر من «قوات الدعم» مقاطع فيديو على منصة «إكس»، يؤكدون فيها وجودهم داخل المناطق التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من مدينة الدمازين عاصمة الولاية، التي تضم مقر الفرقة الرابعة للجيش السوداني.

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

وكانت «قوات الدعم السريع» تقدمت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبسطت سيطرتها على بلدة رورو، إلا أنها انسحبت، وعادت أدراجها لتنضم إلى قواتها الرئيسية المتمركزة في الدالي والمزوم داخل ولاية سنار.

ومن جهة ثانية، أعلنت منصات إعلامية استعادة الجيش بلدة اللكندي التي تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً من عاصمة ولاية سنار سنجة.

وكانت قوات الجيش استعادت، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدينتي الدندر والسوكي بسنار، بالإضافة إلى عدد من البلدات الصغيرة المحيطة بهما.

وتشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، تبدد الهدوء بتجدد المواجهات بين الجيش والقوة المشتركة للفصائل المسلحة المتحالفة معه من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن «قوات الدعم» قصفت بالمدفعية الثقيلة عدداً من الأحياء السكنية باتجاه قيادة الفرقة السادسة العسكرية.

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وأضافت: «القصف جاء بعد أيام من حالة الهدوء التي شهدتها المدينة، وتراجع المواجهات البرية التي كانت تجري بين الأطراف المتحاربة».

وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش بالفاشر إن المدينة تشهد حالة من الهدوء بنسبة 80 في المائة مقارنة بالأيام الماضية.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية، فإن «ميليشيات (الدعم السريع) قصفت عشوائياً عدداً من الأحياء المتفرقة»، دون وقوع أي أضرار بالمدينة.

وقالت الفرقة إن الطيران الحربي شن ثلاث غارات جوية «استهدفت معاقل العدو، وحققت نجاحات كبيرة، وتراجعت الميليشيات إلى شرق المدينة».

وأكد الجيش «أن الأوضاع تحت السيطرة، وأن قواته متقدمة في كل المحاور القتالية».

بدورها قالت القوة المشتركة للفصائل المسلحة إنها «أحبطت خلال الأيام الماضية هجمات عنيفة شنتها (قوات الدعم السريع) من عدة محاور على الفاشر»، في حين تقول مصادر محلية إن «(قوات الدعم السريع) توغلت وأحكمت سيطرتها على المستشفى الرئيسي بالمدينة. وتحاول التقدم إلى داخل الفاشر، بعد أن تمكنت خلال المعارك الماضية من التوغل في الأحياء الطرفية، ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة الفرقة لكنها تجد مقاومة شديدة من الجيش وقوات الفصائل المسلحة».

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

وقال مقيمون في الفاشر إن آلاف الأسر يواصلون النزوح من المدينة؛ بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي الذي يستهدف المناطق المأهولة بالمدنيين.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 1000 شخص على الأقل في صفوف المدنيين في القتال الدائر بالمدينة منذ العام الماضي.

ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، فقد قُتِل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023.