مصر: عودة حركة قطارات سيناء... تعزيز التنمية بعد «سنوات الإرهاب»

«النقل» أطلقت التشغيل التجريبي لخط «الفردان - بئر العبد»

تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر: عودة حركة قطارات سيناء... تعزيز التنمية بعد «سنوات الإرهاب»

تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)

خطوة مصرية جديدة لتعزيز التنمية في سيناء، بعد سنوات طويلة من المواجهة مع الجماعات الإرهابية، وذلك بتشغيل أول قطار في محافظة شمال سيناء (شرق مصر)، بعد نصف قرن من توقف حركة السكك الحديدية، وسط تفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً مع تزامنها مع احتفالات مصر بذكرى انتصارات أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

وحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن تدشين حركة القطارات بسيناء يعني مزيداً من التنمية وحماية تلك المنطقة الحدودية، لافتين إلى أن حركة القطارات استكملت مثلث التنمية بعد تدشين أنفاق وطرق وجسور، ما سيُسهم في زيادة حركة التنقل والتجارة والتعمير.

وقبل أن تعود حركة القطارات إلى تلك المحافظة، خاضت قوات الجيش والشرطة على مدار سنوات مواجهة شاملة في شمال سيناء، ضد جماعات إرهابية موالية لتنظيم «داعش». وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تعمير شبه جزيرة سيناء بمثابة «خط الدفاع الأول»، وفق خطاب رئاسي في أبريل (نيسان) 2022، قبل أن يعلن في فبراير (شباط) 2023 إحباط تحول سيناء إلى بؤرة دائمة للإرهاب، واستمرار الدولة في تنميتها.

فتاة من أهالي بئر العيد في سيناء ترفع علم مصر فرحة بعودة خط قطار إلى العمل بعد نصف قرن من توقفه (مجلس الوزراء المصري)

ووفق رئيس «الجهاز التنفيذي لمشروعات تعمير سيناء»، اللواء وائل مصطفى، في حديث متلفز مايو (أيار) الماضي، فإنه تم تنفيذ استثمارات في السنوات العشر الماضية بنحو 9 مليارات جنيه (الدولار يساوي 48.40 جنيه مصري) في سيناء، تشمل بناء طرق، وتوصيل كهرباء في جنوب سيناء وشمالها، وتنفيذ ألف و15 منزلاً بدوياً، وإقامة 160 عمارة إسكان اجتماعي، و105 مشروعات إسكان تعاوني.

بينما أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الأحد، أن الاستثمارات العامة الموجهة لتنفيذ المشروعات في سيناء ومدن القناة (شمال سيناء - جنوب سيناء - السويس - الإسماعيلية - بورسعيد) منذ العام المالي 2014 - 2015 حتى 2024 - 2025، بلغت نحو 530.5 مليار جنيه.

المحلل السياسي المصري بلال الدوي، يعتقد أن «ما يعزّز التنمية في سيناء في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتمثّل في وجود إرادة سياسية وخطة واضحة وتمويل»، لافتاً إلى أن «الدولة المصرية ترى أن تعمير سيناء جزء أساسي من حمايتها؛ لذا وُضعت على خريطة المشروعات بعد مواجهة آلاف الإرهابيين والقضاء عليهم».

«لم تعرف سيناء التنمية بهذا الحجم غير المسبوق من المشروعات إلا مع القضاء على الإرهاب»، حسب الشيخ عيسى الخرافين، شيخ مشايخ سيناء، لافتاً إلى أن «سيناء شهدت إنشاء أنفاق تربطها بمصر قلّلت ساعات حركة التنقل من 4 ساعات إلى عدة دقائق، وعزّزت نقل منتجات المحافظة بصورة أسرع، بالإضافة إلى افتتاح خط قطارات بئر العبد».

وكانت حركة القطارات إلى سيناء مع موعد للانطلاق بعد توقف نصف قرن، وفق ما أفادت به وزارة النقل المصرية، الأحد، في بيان صحافي نقلته وكالة الأنباء الرسمية للبلاد، بحضور «مسؤولين يتقدّمهم نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، الفريق كامل الوزير».

نائب رئيس مجلس الوزراء المصري وزير الصناعة والنقل كامل الوزير مع محافظي شمال سيناء والإسماعيلية ومشايخ القبائل (مجلس الوزراء)

وشهد الوزير «انطلاق تشغيل أول قطار في سيناء بعد توقف 50 عاماً، وشارك أهالي سيناء الاحتفال بانطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية من جديد في ربوع سيناء، وهو خط (الفردان - بئر العبد) للسكك الحديدية بطول 100 كلم».

واستقل الوزير «قطار التنمية من محطة الشيخ زايد، حتى محطة بئر العبد، وتابع عبور أحد قطارات البضائع عبر الخط باتجاه ميناء شرق بورسعيد»، على أن يكون ركوب القطار مجاناً لمدة 7 أيام بدءاً من الأسبوع المقبل، وفق البيان.

بدوره، أكد الوزير أن «انطلاق قطار التنمية من جديد في سيناء هو هدية الرئيس السيسي إلى أهالي سيناء الحبيبة»، لافتاً إلى أن «إعادة تشغيل هذا الخط تُعدّ إضافة قوية لوسائل النقل والمواصلات في ربوع سيناء، خصوصاً أن قطار التنمية سيقدم إلى الركاب مستويات خدمة مميزة ونظيفة وسريعة».

وسيُسهم «تشغيل هذا الخط في تسهيل حركة نقل الأفراد والبضائع من سيناء إلى المحافظات كافّة، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة ومناطق صناعية متعددة، ودعم مشروعات التنمية الاقتصادية بمحافظة شمال سيناء، فضلاً عن خفض تكلفة نقل البضائع والأفراد عن وسائل النقل الأخرى، وكذلك دعم حركة السياحة داخل المدن السياحية بشمال سيناء»، وفق الوزير.

وبرأي الشيخ عيسى الخرافين لـ«الشرق الأوسط»، فإن عودة حركة القطارات إلى سيناء ستعزّز من حركة النقل والتنمية، لتُضاف إلى جهود أخرى تبذلها الدولة لمزيد من تعمير سيناء، بعد مد خط القطارات الذي انطلق، الأحد، إلى مدينة العبد؛ وفي العام المقبل إلى مدينة العريش، بخلاف مشروعات عديدة أخرى.

تدشين القطار، وفق المحلل السياسي بلال الدوي، لـ«الشرق الأوسط»، يعمل على تعزيز الربط بين أهالي سيناء والقاهرة وباقي محافظات مصر، لافتاً إلى أن هذا نجاح لاستراتيجية الدولة في تنمية سيناء بعد تطهيرها من الإرهاب.

ولاقى انطلاق هذا القطار بعد توقف 50 عاماً ترحيباً في منصات التواصل، وقال الإعلامي المصري، محمد علي خير، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، إن «حركة القطارات إلى سيناء تعود بعد انقطاع نصف قرن... خطوة ممتازة وقرار عظيم لربط سيناء بباقي محافظات مصر». وعدّ المحامي والإعلامي المصري خالد أبو بكر تلك الخطوة، عبر تغريدة في منصة «إكس»، بأنها «تدل على نجاح حقيقي في منظومة الأمن في سيناء».

ويعد الشيخ عيسى الخرافين هذه الفرحة بعودة حركة القطارات تعبيراً عن تلك اللحظة التاريخية التي يرى فيها كل مصر تنمية وتعميراً في قطعة غالية من بلده بعد سنوات طويلة من مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، متوقعاً أن «هذه الفرحة ستدوم مع استمرار التنمية والتعمير ومزيد من المشروعات بسيناء».


مقالات ذات صلة

الحدود «المصرية - الإسرائيلية»... نقطة اشتباكات ساخنة رغم معاهدة «السلام»

العالم العربي جنازة الجندي المصري الذي قتل أمس خلال إطلاق نار في معبر رفح (إ.ب.أ)

الحدود «المصرية - الإسرائيلية»... نقطة اشتباكات ساخنة رغم معاهدة «السلام»

تعتبر الحدود المصرية - الإسرائيلية منطقة ساخنة، تشهد توترات أمنية متكررة، رغم توقيع اتفاقية السلام بين البلدين منذ 26 مارس (آذار) 1979.

محمد عجم (القاهرة)
العالم العربي مدينة طابا جنوب سيناء (وزارة النقل المصرية)

الحكومة المصرية تُوسع مشروعاتها التنموية في سيناء مع استمرار «حرب غزة»

تتوسع الحكومة المصرية في الإعلان عن مشاريع تنموية في شبه جزيرة سيناء، بوقت تستعر فيه المعارك الإسرائيلية على حدودها مع قطاع غزة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا لافتة بموقع مدينة «السيسي» (مصطفى بكري عبر حسابه على «فيسبوك»)

لماذا ترفض أحزاب مصرية تأسيس «اتحاد القبائل العربية»؟

تصاعد الجدل الذي أحدثه الإعلان عن تأسيس «اتحاد القبائل العربية» في مصر، الأسبوع الماضي، برئاسة رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا الإعلان عن تدشين مدينة جديدة باسم السيسي في سيناء (عضو مجلس النواب مصطفى بكري - فيسبوك)

مصر: الإعلان عن تدشين مدينة تحمل اسم السيسي في سيناء

دشن «اتحاد القبائل العربية» في شبه جزيرة سيناء المصرية، الأربعاء، مدينة جديدة تحمل اسم «السيسي» في رفح بشمال سيناء.

عصام فضل (القاهرة)
تحليل إخباري خريطة توضح حدود الأنشطة العسكرية لمصر وإسرائيل في سيناء ورفح

تحليل إخباري كيف نظمت «معاهدة السلام» الأنشطة العسكرية في سيناء ورفح؟

يحكم الوجود العسكري لمصر وإسرائيل في سيناء ورفح معاهدة السلام الموقعة بين البلدين عام 1979.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».