سعيّد لولاية رئاسية ثانية بغالبية 89 %

تعهد «مواصلة الثورة ضد المفسدين والمتآمرين»

من احتفالات أنصار سعيد (أ.ب)
من احتفالات أنصار سعيد (أ.ب)
TT

سعيّد لولاية رئاسية ثانية بغالبية 89 %

من احتفالات أنصار سعيد (أ.ب)
من احتفالات أنصار سعيد (أ.ب)

حاز الرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيّد أكثر من 89 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد وشهدت نسبة مشاركة ضعيفة، بحسب استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع بثه التلفزيون الرسمي.

وبحسب هذا الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «سيغما كونساي» الخاصة، تقدم سعيّد البالغ 66 عاماً بفارق كبير على العياشي زمال المسجون والذي حصل على 6.9 في المائة فقط من الأصوات، والنائب السابق زهير المغزاوي الذي حصد 3.9 في المائة من الأصوات.

الرئيس سعيد يحيي أنصاره في أحد مراكز الاقتراع بالعاصمة (أ.ب)

من جهتها، أعلنت هيئة الانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 27.7 في المائة، مقابل 45 في المائة في الجولة الأولى من انتخابات عام 2019. وهذا أدنى معدل مشاركة في الانتخابات الرئاسية منذ ثورة عام 2011 في الدولة التي اعتُبرت مهد ما سُمي «الربيع العربي»، على ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها.

وصوّت أكثر من 2.7 مليون ناخب، حسب ما أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي. ومثلت الفئة العمرية من 36 إلى 60 عاماً 65 في المائة من نسبة المشاركين في هذه الانتخابات. وبحسب الاستطلاع، نال سعيّد 2.1 مليون صوت.

وقال سعيّد في تصريح للتلفزيون الرسمي من مقر حملته بالعاصمة: «اليوم ما تعيشه تونس هو استكمال للثورة، وسنواصل ونشيّد ونطهّر البلاد من المفسدين والمتآمرين». وتابع: «تونس ستبقى حرّة مستقلة أبد الدهر ولن تقبل بالتدخل الخارجي». واعتبر أن نتائج الاستطلاع «قريبة إلى الواقع» في انتظار صدور النتائج الرسمية الثلاثاء.

من مؤيدي الرئيس سعيد (رويترز)

وفي تعليقه على نتائج الاستطلاع، اعتبر المحلل السياسي حاتم النفطي في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «شرعية الانتخابات مشوّهة بعد أن تم استبعاد المرشحين البارزين». وتابع: «تعد هذه المشاركة الأسوأ منذ عام 2011. وبافتراض صحة النتائج، فهذا يعني أن سعيّد حافظ على حجم القاعدة الانتخابية نفسها» منذ عام 2019.

ورأى الخبير في الشأن المغاربي، الفرنسي بيار فيرميرين، أنه حتى لو كانت «الشرعية الديمقراطية» لهذه الانتخابات «ضعيفة» مع تواضع نسبة المشاركة، فإن «تونس لديها رئيس وأغلبية التونسيين سمحوا بذلك».

وبعد إعلان نتائج استطلاع الرأي، خرج المئات من أنصار الرئيس إلى «شارع الحبيب بورقيبة» الرئيسي في تونس العاصمة للاحتفال بفوزه، ورددوا النشيد الوطني ورفعوا الأعلام وصورته أمام المسرح البلدي. وهتف بعض المحتفلين: «الشعب يريد قيس سعيّد من جديد».

في وقت سابق الأحد، قال النوري المصمودي (69 عاماً) في مركز اقتراع في العاصمة: «جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له».

وعلى مسافة قريبة منه، قالت فضيلة (66 عاماً) إنها جاءت «من أجل القيام بالواجب، ورداً على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات».

من عملية فرز الأصوات بإشراف «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» (أ.ف.ب)

وفي مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاماً) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب، لذلك «قدمت للتصويت حتى لا يتم الاختيار مكاني».

وتنافس سعيّد (66 عاماً) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاماً)، والمهندس ورجل الأعمال العياشي زمال (47 عاماً) الذي يستثمر في المجال الزراعي والمسجون بتهم «تزوير» تزكيات شعبية ضرورية للترشح للانتخابات. وأوضح رئيس «هيئة الانتخابات» فاروق بوعسكر أنه سيتم الأخذ في الاعتبار الأحكام القضائية النهائية في حق زمال خلال عدّ الأصوات.

ولا يزال سعيّد الذي انتُخب بما يقرب من 73 في المائة من الأصوات وبنسبة مشاركة بلغت 58 في المائة في الجولة الثانية في عام 2019، يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد قراره احتكار السلطات، وحلّ البرلمان، وتغيير الدستور بين عامي 2021 و2022.

وتندّد المعارضة التي يقبع أبرز زعمائها في السجن ومنظمات غير حكومية تونسية وأجنبية، بـ«الانجراف السلطوي» من خلال الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

من جانبه، وجّه رمزي الجبابلي مدير حملة العياشي زمال في مؤتمر صحافي الجمعة «رسالة إلى هيئة الانتخابات (مفادها) إيّاكم والعبث بصوت التونسيين».

من تجمع لأنصار سعيد في «شارع الحبيب بورقيبة» (أ.ف.ب)

وكانت الحملة الانتخابية باهتة من دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين مثلما كان عليه الحال في الانتخابات السابقة. وقال الخبير في «مجموعة الأزمات الدولية» مايكل العيّاري إن الرئيس سعيّد «وجّه» الانتخابات لصالحه «ويعتقد أنه يجب أن يفوز»، حتى مع دعوة أحزاب يسارية معارضة وشخصيات مقربة من حزب «النهضة» إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار «السيادة الوطنية والاقتصادية» على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات.

وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين من «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» لانتقادات شديدة وصلت إلى اتهامها بـ«الانحياز الكامل لسعيّد» حين رفضت قراراً قضائياً بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين.

وتشير إحصاءات منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «أكثر من 170 شخصاً هم بالفعل محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية» في تونس.


مقالات ذات صلة

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
TT

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

حذر ليبيون، اندمجوا في ورشة عمل نظمتها الأمم المتحدة، من تصاعد «خطاب الكراهية» في البلد المنقسم سياسياً، وذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة، مطالبين بالتصدي لهذه الظاهرة ومعالجتها خشية توسعها في المجتمع.

وقالت الأمم المتحدة إن الورشة التي عقدت عبر «الإنترنت» جاءت جزءاً من برنامج «الشباب يشارك» التابع لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وناقش خلالها، 24 مشارِكة ومشاركاً من جميع أنحاء البلاد «سبل مكافحة خطاب الكراهية السائد في ليبيا، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي».

وأعاد الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا راهناً «خطاب الكراهية» إلى واجهة الأحداث، وذلك على خلفية الصراع حول السلطة، ما يفتح الباب لمزيد من التجاذبات السياسية.

وأوضحت الأمم المتحدة أن المشاركين سلّطوا الضوء على «مدى كون خطاب الكراهية عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي، مع وجود خلط واسع النطاق بين ما يعدّ انتقاداً مشروعاً وبين ما يمكن وصفه بـخطاب كراهية»، ورأوا أن «الاستقطاب الحاد في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لعب دوراً كبيراً في تفاقم خطاب الكراهية وانتشار المعلومات المضللة في البلاد».

رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالنيابة ستيفاني خوري في فعاليات سابقة بحضور ليبيات (البعثة الأممية)

وقالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية»، مضيفة أن «الاختيار الخاطئ لمفردات اللغة يمكن أن يتسبب في عواقب وخيمة».

وأكد المشاركون أن النساء والشباب «كانوا المستهدفين في خطاب الكراهية في معظم الأحيان، وأن بعضهم يتضرر بهذا الأمر في حياته اليومية»، مضيفين أن «من الصعب على الشباب، خاصة الفتيات، رفع أصواتهم من دون مواجهة العواقب».

ولا يقتصر «خطاب الكراهية» في ليبيا على وسائل التواصل الاجتماعي، وحديث المسؤولين، بل يتعدى ذلك إلى البرامج السياسية في الفضائيات المتعددة، بالإضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية التي أُنشئت لترويج أفكار وبرامج على أساس جهوي.

وذكرت البعثة الأممية نقلاً عن أحد المشاركين أن «مكافحة خطاب الكراهية في ليبيا تمثل تحدياً كبيراً، حيث إن أغلب الصفحات التي تعج بهذا الخطاب وتنشره تتركز على منصة (فيسبوك)، وغالباً ما يديرها أشخاص مؤثرون». وأشار إلى أن «هذا الوضع يجعل التصدي لخطاب الكراهية أمراً صعباً ويشكل خطراً على الشباب».

وأوصى المشاركون في نهاية ورشة العمل بـ«معالجة خطاب الكراهية في مراحل مبكرة، وذلك من خلال التثقيف في المدارس حول منع التنمر والجرائم الإلكترونية وإلحاق الأذى بالآخرين»، مطالبين بـ«دعم السلطات لمكافحة هذا الخطاب وزيادة الوعي بالمخاطر المحيطة به بين الشباب من خلال مراكز الشباب والمجالس الشبابية».

واقترح المشاركون في ورشة العمل تنظيم حملات مناصرة لدعم تغيير في القوانين الليبية يهدف إلى تعريف خطاب الكراهية وضمان احترام هذه القوانين، كما دعوا لدعم المجتمع المدني واتحادات الطلبة ومنظمات تقصي الحقائق.

كما اقترحوا «العمل بشكل وثيق مع منصات التواصل الاجتماعي لتشخيص خطاب الكراهية في ليبيا ومواجهته»، بالإضافة إلى «دعم ضحايا خطاب الكراهية لبناء قدراتهم على التكيف والصمود وتعزيز الحوار»، ولفتوا إلى ضرورة «جمع مختلف المجتمعات المحلية معاً للتغلب على الحواجز وإزالة الانقسامات الاجتماعية».

وتشير البعثة الأممية إلى أن الهدف من ورشة العمل هو «جمع أفكار المشارِكات والمشاركين وتوصياتهم لإثراء عمل البعثة مع الشباب في جميع أرجاء ليبيا وإيصال أصوات أولئك الذين يتم في العادة استبعادهم لمن يجب أن يسمعها».

سفير الاتحاد الأوروبي نيكولا أورلاندو خلال لقائه ستيفاني خوري في طرابلس (البعثة)

وفي شأن آخر، دعت الأمم المتحدة في ليبيا إلى اتخاذ إجراءات لحماية وتعزيز حقوق المرأة، كما أطلقت «حملة 16 يوماً» لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات.

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن هذه «حملة دولية سنوية تبدأ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، الموافق اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتنتهي في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتدعو الحملة، التي تجري تحت قيادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى اتخاذ إجراءات عالمية لزيادة الوعي وحشد جهود المناصرة ومشاركة المعرفة والابتكارات لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات إلى الأبد.

وتؤكد الأمم المتحدة في ليبيا، «دعمها الثابت لليبيين في إنهاء جميع أشكال العنف، بما في ذلك ضد النساء والفتيات. وندعو السلطات الوطنية والمحلية إلى معالجة أي شكل من أشكال العنف ضد النساء والفتيات بشكل عاجل وتعزيز حماية حقوق المرأة وتمكينها بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لهذه السلطات».

ووفقاً للبعثة الأممية، توضح التقارير، الزيادة المقلقة للعنف عبر «الإنترنت»، بما في ذلك «التحرش والتهديد والابتزاز الجنسي»، خصوصاً ضد الناشطات والشخصيات العامة، «ما يبرز بشكل متزايد الحاجة إلى تعزيز حماية حقوق المرأة، بما في ذلك في الفضاء الرقمي».

وأوضحت المنظمة الدولية أنه «مع بدء حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تود الأمم المتحدة في ليبيا أن تشيد بالتقدم المحرز من خلال التعاون بين الدولة وكيانات الأمم المتحدة في حماية وتمكين النساء والفتيات. وسنواصل العمل مع الحكومة والشركاء المحليين والمجتمع المدني لضمان أن تتمتع كل امرأة وفتاة في ليبيا بحقوقها الكاملة وأن تعيش في مأمن من العنف».

في السياق ذاته، دعا رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا السفير نيكولا أورلاندو مجلس النواب إلى اعتماد قانون «القضاء على العنف ضد المرأة» الذي أقرته لجنته التشريعية في 18 يناير (كانون الثاني) 2024.

وجدد أورلاندو «التزام الدول الأوروبية بدعم ليبيا لحماية النساء والفتيات من هذه الآفة العالمية»، وقال: «اكسروا حاجز الصمت. أوقفوا العنف. لا يوجد أي عذر للعنف ضد المرأة».