بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: عناصر من عهد البشير يمدّدون الحرب للعودة إلى السلطة

«مجلس الأمن والسلم» الأفريقي يقدّم خريطة طريق إلى السودان

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
TT

بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: عناصر من عهد البشير يمدّدون الحرب للعودة إلى السلطة

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا قنوات اتصال مفتوحة مع الاتحاد الأفريقي بشأن آلية لمراقبة الاتفاقيات الحالية والمستقبلية. من الأفضل دائماً أن نكون مستعدين، وينبغي للمجتمع الدولي أن يقيّم بنشاط الخيارات لدعم تنفيذ وقف الأعمال العدائية المحلية أو الوطنية في المستقبل». وأضاف بيرييلو: «هناك عناصر من عهد البشير داخل الجيش السوداني يعارضون مسار الحكم الديمقراطي المدني، وهم بحاجة إلى تمديد الحرب مساراً للعودة إلى السلطة، ضد إرادة الشعب السوداني».

وأوضح المبعوث الأميركي أنه «لا يوجد حل عسكري للصراع. لقد أضاع الجيش شهوراً من الفرص لإنهاء هذه الحرب من خلال المفاوضات التي يمكن أن تعيد السلام ومسار الحكم المدني، والتصعيد الأخير من كلا الجانبين سيكلّف أرواح عدد لا يُحصى من المدنيين السودانيين».

في الأثناء، تقدّم «مجلس الأمن والسلم» الأفريقي، خلال زيارته إلى السودان، بخريطة طريق لإنهاء الأزمة وإيقاف الحرب، وأبلغ المسؤولين السودانيين أن مفوضية الاتحاد الأفريقي تسعى للوصول إلى وقف إطلاق نار وفقاً لخريطة طريق يحملها الوفد، لكنه لم يفصح عنها، في حين استمع الوفد إلى شروحات بشأن الأزمة، وربط ذلك بتجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.

خريطة طريق

اجتماع سابق لمجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي (أرشيفية - الخارجية المصرية)

ويزور العاصمة المؤقتة بورتسودان وفد من «مجلس الأمن والسلم» الأفريقي، الذي تترأس مصر دورته الحالية، في زيارة تُعدّ الأولى للبلاد منذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل (نيسان) 2023، وذلك رغم قرار المنظمة القارية بتجميد عضوية السودان إثر انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قام به الجيش ضد الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك.

وتبنّى الاتحاد الأفريقي في مايو (أيار) 2023 خريطة طريق لإنهاء النزاع ووقف العدائيات وحماية المدنيين، والبنية التحتية ومعالجة الوضع الإنساني، عبر عملية سياسية شاملة. وبناء على ذلك شكّل المجلس «الآلية الرباعية» رفيعة المستوى التي يترأسها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني. واشترط رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان في مارس (آذار) الماضي، للاستجابة لمبادرة الاتحاد الأفريقي، إعادة عضوية بلاده إلى الاتحاد الأفريقي.

وعقب لقائه مع وفد «مجلس الأمن والسلم»، انتقد البرهان تجميد عضوية حكومته في الاتحاد، قائلاً: «نحن ما زلنا نرى أن توصيف الاتحاد الأفريقي لما حدث في 25 أكتوبر بأنه انقلاب، (توصيف) غير دقيق وينافي الحقائق». ووصف البرهان في شرحه للوفد ما يحدث في السودان حالياً بأنه «احتلال من قِبل ميليشيا متمردة، بمشاركة أجانب ومعاونة دول يعرفها الجميع». وأضاف: «هناك قوى سياسية تريد أن تعود إلى الحكم بأي طريقة، قبل أن يعود المواطنون إلى منازلهم ومناطقهم المحتلة بواسطة الميليشيا المتمردة».

عضوية الاتحاد الأفريقي

رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي خلال اجتماع سابق للمجلس التنفيذي للاتحاد في أكرا (الاتحاد الأفريقي)

من جانبه، قال رئيس الوفد المصري السفير محمد جاد، عقب اللقاء، إن إيضاحات البرهان ساعدت في تفهّم أبعاد الأزمة السودانية، وأن مصر ظلّت دوماً تحرص على خروج السودان من الأزمة الحالية، مضيفاً أن «اللقاء تطرّق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لاستعادة السودان عضويته في الاتحاد الأفريقي. ولا يمكن أن يمر السودان بمثل هذه الأزمة، وتكون عضويته مجمدة في الاتحاد الأفريقي».

وأبدى مساعد القائد العام للجيش الفريق جابر إبراهيم، في تصريحات أعقبت لقاءه وفد «مجلس الأمن والسلم»، تحفظه على ما سمّاه «المواقف السالبة» وغياب الصوت الأفريقي وصمته عما يدور في المشهد السوداني، وعدم إدانة انتهاكات «ميليشيا الدعم السريع الإرهابية». وقال جابر إن السودان «حريص على إحلال السلام ووقف معاناة شعبه، والانفتاح على المبادرات كافّة التي من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار، وفرض سيادة الدولة». وأكد جابر استعداد حكومته لـ«الالتزام بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية»، مضيفاً أن «السودان ليست به مجاعة، وما يحدث سياسة تنتهجها بعض الدول لتمرير أجندتها للتدخل في الشأن السوداني، بما يخدم مصالحها».

مزاعم الانتصار

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الصراع المسلّح 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

ميدانياً، تبادل طرفا الحرب في السودان مزاعم الانتصار بعد نهاية معارك شرسة دارت في عدة مناطق بالسودان، ونشر كل طرف «مقاطع فيديو» عرض فيها ما سمّاه انتصاراته وهزائم خصمه. ولم تصدر تصريحات رسمية من الجيش والقوات المتحالفة معه، في حين قال مستشار لقائد «قوات الدعم السريع» إن قواته حقّقت انتصارات كبيرة على الحركات المسلحة المعروفة بـ«القوات المشتركة» في إقليم دارفور، كما ألحقت خسائر كبيرة بالجيش في منطقة «جبل موية» بوسط السودان، وفي الخرطوم بمحور منطقة «المقرن»، ومحور «الري المصري»، وكذلك في محور «المزروب - بئر مزة» في أطراف بإقليم دارفور.

وعادة لا يعلن الجيش بصفة رسمية نتائج معاركه ويكتفي بما ينشره ويبثّه النشطاء الموالون له على منصاتهم في وسائط التواصل، في حين اعتاد المتحدث باسم «قوات الدعم السريع» نشر بيانات رسمية في نهاية المعارك مع الجيش، لكنه هذه المرة لم يتحدث عن انتصارات أو هزائم في معارك أمس، لكن مستشار «الدعم السريع» الباشا طبيق، زعم أن قواته حقّقت انتصارات كبيرة في عدد من المناطق.


مقالات ذات صلة

«مجلس السلم والأمن الأفريقي» يرفض حكومة موازية في السودان

شمال افريقيا من اجتماع سابق للاتحاد الأفريقي (موقع الاتحاد)

«مجلس السلم والأمن الأفريقي» يرفض حكومة موازية في السودان

رحبت وزارة الخارجية السودانية بالبيان الصادر عن «مجلس السلم والأمن الأفريقي» الذي أعلن فيه عدم الاعتراف بأي حكومة موازية في البلاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي سودانية متطوعة وأخرى نازحة تحضِّران الطعام قبل إفطار رمضان في بورتسودان (رويترز)

الأمم المتحدة: الوضع الصحي «مُزرٍ للغاية» في شمال دارفور بالسودان

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الوضع الصحي في ولاية شمال دارفور بغرب السودان «مُزرٍ للغاية».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أعمدة الدخان الكثيف تتصاعد من جهة مطار الخرطوم الدولي الملاصق لمقر القيادة العامة للجيش (أرشيفية - رويترز)

البرهان مجدداً: لا عودة للمسار التفاوضي قبل القضاء على «الدعم السريع»

ياسر العطا يوجّه بعودة «الأجهزة النظامية» لمواقعها التي غادرتها منذ بدء الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023، ومباشرة مهامها الطبيعية في محليات ولاية الخرطوم.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعلام دول «الاتحاد الأفريقي» الـ55 خلال القمة الـ38 في أديس أبابا الشهر الماضي (أ.ف.ب)

السودان يسعى للعودة إلى الاتحاد الأفريقي وهيئة «إيغاد»

أبدى السودان رغبته في استئناف نشاط عضويته في كل من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا، المعروفة اختصاراً بـ«إيغاد».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عودة نحو 400 ألف سوداني إلى ديارهم (رويترز)

مئات آلاف النازحين يعودون إلى ديارهم في السودان

عاد نحو 400 ألف سوداني إلى ديارهم خلال الشهرين ونصف الشهر الماضيين بعد نزوحهم بسبب النزاع المستمر، حسبما أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)

مصر تؤكد ضرورة خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا

وزير الخارجية المصري خلال محادثات مع المبعوثة الأممية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال محادثات مع المبعوثة الأممية (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد ضرورة خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا

وزير الخارجية المصري خلال محادثات مع المبعوثة الأممية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال محادثات مع المبعوثة الأممية (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «ضرورة خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا»، وذلك على هامش إجراء رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، هانا تيتيه، مشاورات في القاهرة، باجتماعين مع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وقالت تيتيه إنها بحثت مساء الثلاثاء في القاهرة مع عبد العاطي، تطورات الأوضاع في ليبيا، كما أحاطته بنتائج عمل اللجنة الاستشارية، وأبرزت الدور الهام للأطراف الإقليمية الفاعلة، وأهمية انسجام الدعم الدولي لحل سياسي يملكه الليبيون، من خلال إجراء انتخابات عامة في أقرب وقت ممكن.

اجتماع تيتيه مع أحمد أبو الغيط (الجامعة العربية)

ونقلت عن عبد العاطي تأكيده «التزام مصر بحل ليبي-ليبي، وتجديد دعمه للبعثة الأممية وجهود تيتيه»، مشدداً على «ضرورة الحفاظ على التنسيق الوثيق في المستقبل».

كما تعهد عبد العاطي بمواصلة بلاده جهودها في مساعدة الأطراف الليبية على التوافق، وتعزيز مسار الحل الليبي-الليبي، واحترام مؤسسات الدولة، بما يمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن. وأكد ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا في مدى زمني محدد، وبما يحفظ وحدة وسلامة واستقرار ليبيا.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، في إفادة، الأربعاء، إن الوزير عبد العاطي عبر خلال لقاء المبعوثة الأممية عن تطلع الجانب المصري لتعزيز التعاون معها، بما يسهم في نجاح مهمتها على نحو يخدم جهود التوصل لحل مستديم للأزمة في ليبيا، بملكية وقيادة ليبية، ووفق المحددات والقرارات الدولية ذات الصلة.

في سياق ذلك، أكد أبو الغيط، أنه تبادل، الأربعاء، مع تيتيه وجهات النظر حول آخر التطورات، التي تشهدها ليبيا، مشيراً إلى ترحيبه بجهود البعثة الأممية، وتعهد بأن تستمر «الجامعة العربية» في دفع كافة الجهود، التي من شأنها تلبية تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والسلام.

كما ناقش أبو الغيط مع تيتيه العمل على تفعيل التعاون الدولي بخصوص الوضع في ليبيا، بما في ذلك إعادة تنشيط عمل المجموعة الرباعية، التي تضم كلاً من الجامعة العربية، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، كما استمع لطرحها حول تطورات الوضع في ليبيا، وأكد على أهمية التعاون والتنسيق بين «الجامعة العربية» لدعم عودة الأطراف الليبية لاستئناف حوار بناء فيما بينها.

إلى ذلك، أعلنت البعثة الأممية أن لجنتها الاستشارية ستعقد اجتماعاً الأسبوع المقبل في العاصمة طرابلس، بعدما اختتمت مساء الثلاثاء اجتماعاً دام ثلاثة أيام في بنغازي (شرق) لمناقشة المقترحات لمعالجة القضايا الخلافية في الإطار الانتخابي الليبي.

جانب من ختام اجتماع اللجنة الاستشارية (البعثة الأممية)

وقالت البعثة إن المناقشات، التي يسّرتها بين اللجنة الاستشارية ولجنة 6+6 التابعة لمجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، والتي قامت بصياغة قوانين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ستساهم بشكل فعّال في النتائج النهائية لعمل اللجنة الاستشارية، مشيرة إلى أن ذلك سيشمل تقديم توصيات تهدف إلى معالجة العقبات، التي تعوق إجراء الانتخابات.

ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الاستشارية، الأحد المقبل، مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السائح، في العاصمة طرابلس، وفقاً لوسائل إعلام محلية.

في شأن آخر، دخل مجلسا الدولة والأمن القومي على خط التحذير من المخاطر المتزايدة للهجرة غير الشرعية، وتأثيراتها السلبية على الأمن القومي الليبي، وتهديدها للنسيج الاجتماعي.

ورفض مجلس الدولة محاولات توطين المهاجرين غير الشرعيين داخل الأراضي الليبية، واعتبر في بيان، مساء الثلاثاء، أن «الهجرة غير المشروعة» تمثل خطراً على الأمن القومي الليبي، وترقى إلى انتهاك سيادة الدولة وحقوقها، وطالب باتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لمنع أي مشروعات، تهدف إلى التوطين تحت أي ذريعة.

مجلس الدولة أكد رفضه محاولات توطين المهاجرين غير الشرعيين داخل الأراضي الليبية (الشرق الأوسط)

فيما اعتبر بيان لمجلس الأمن القومي أن هذه الظاهرة أصبحت تشكل تهديداً خطيراً على استقرار البلاد، في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مبرزاً أن إهمال هذه الظاهرة أدى إلى انتشار الجريمة والنصب والاحتيال والتزوير، بالإضافة إلى دخول الجماعات الإرهابية، وانتشار المخدرات. ودعا الجهات المعنية لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية السيادة الوطنية، بما في ذلك تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود، وتفعيل القوانين لمكافحة «الهجرة غير المشروعة».

من جانبه، أكد وكيل وزارة الحكم المحلي لشؤون البلديات بحكومة الوحدة، مصطفى سالم، خلال لقائه مع أصحاب المنازل المتضررة في بلدية الأصابعة، جراء الحرائق، التي اندلعت أخيراً، «التزام الحكومة بدعمهم والوقوف إلى جانبهم في هذه الأوقات الصعبة»، وأعلن اتخاذ الإجراءات، والترتيبات اللازمة للبدء الفعلي في تقييم الأضرار، تمهيداً لعملية التعويض، اعتباراً من الأربعاء.

ونقل بيان للبلدية عن سالم، الذي يترأس لجنة تعويض المتضررين، أن وزارته ستعمل على إتمام إجراءات التعويض في أسرع وقت ممكن، بهدف التخفيف من معاناتهم، التزاماً بتوجيهات رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، بهذا الخصوص، وتعهد بأن تكون التعويضات عادلة لكل المتضررين، كما أمر بصرف بدل إيجار فوري لكل الأسر المتضررة.