​حكم قضائي يعقّد أزمة «المركزي» الليبي

وفد أميركي يبحث مع الدبيبة وحفتر إجراء الانتخابات

لقاء الدبيبة مع الوفد الأميركي (حكومة الوحدة)
لقاء الدبيبة مع الوفد الأميركي (حكومة الوحدة)
TT

​حكم قضائي يعقّد أزمة «المركزي» الليبي

لقاء الدبيبة مع الوفد الأميركي (حكومة الوحدة)
لقاء الدبيبة مع الوفد الأميركي (حكومة الوحدة)

عقّد حكم قضائي المشهد السياسي في ليبيا، والجهود المبذولة لحل أزمة مصرفها المركزي، وجاء ذلك بعد أن أنهى وفد عسكري أميركي سلسلة محادثات في شرق البلاد وغربها، ركزت على حماية النفط، وملف الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.

وقضت محكمة استئناف الزاوية (غرب طرابلس)، الثلاثاء، بانعدام قرار المجلس الرئاسي بشأن تسمية محمد الشكري محافظاً للمصرف المركزي.

علما بأن الشكري سبق أن أبدى استعداده لتولي مهام هذا المنصب، شريطة توافق مجلسي النواب و«الدولة»، وطبقاً للقوانين السارية.

واجهة البنك المركزي في طرابلس (رويترز)

في المقابل، أعلن مقربون من المجلس الرئاسي عن وجود اتفاق على تشكيل إدارة مؤقتة جديدة للمصرف، بعيداً عن الأشخاص محل الخلاف، لكن لم ترد تأكيدات من مجلس النواب و«الدولة»، قبل ساعات من عقد جلسة مفاوضات الأربعاء بشأن أزمة المصرف بين ممثلي الطرفين، بوساطة ورعاية البعثة الأممية.

في غضون ذلك، تنقل وفد عسكري أميركي، ضم مساعدة وزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمني الدولي سيليست والاندر، ونائب قائد القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) الفريق جون برينان، والقائم بأعمال السفارة الأميركية، بين شرق وغرب ليبيا لإجراء سلسلة محادثات مع السلطات هناك.

حفتر مستقبلاً الوفد الأميركي (الجيش الوطني)

وقال المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، الذي التقى الوفد الأميركي، مساء الاثنين بمدينة بنغازي (شرق)، إنه أعرب عن تقديره للمساعي والجهود الأميركية المبذولة لحل الأزمة الليبية، لافتاً إلى أن الاجتماع بحث آفاق التعاون والتنسيق المُشترك لدعم جهود الجيش للقضاء على الإرهاب والتطرف، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ومشيراً إلى إعراب رئيسة الوفد عن تقدير بلادها لجهوده في تعزيز وحدة واستقرار ليبيا.

وأوضح حفتر في بيان وزعه مكتبه أنه جرى أيضاً مناقشة آخر تطورات الأزمة الليبية، والتأكيد على أهمية إحراز تقدم في العملية السياسية بهدف تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات في ليبيا.

من جانبه، أعلن أيضاً رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، أنه بحث مساء الاثنين في العاصمة طرابلس مع الوفد الأميركي سبل تعزيز التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، وتطوير القدرات العسكرية، ومراقبة الحدود، ودعم برامج التدريب العسكري الليبي، إضافة إلى تطوير أنظمة مراقبة الحدود، بما يعزز من قدرات ليبيا على مواجهة التهديدات الأمنية.

ولفت الدبيبة إلى تأكيد الطرفين خلال اللقاء، الذي تناول القضايا الإقليمية المتعلقة بالأمن والاستقرار في شمال أفريقيا، التزامهما بتعزيز التعاون الأمني، بما يحقق المصالح المشتركة، ويسهم في دعم استقرار المنطقة.

مبرزاً أن الاجتماع ناقش أيضا ما وصفه بخطورة إغلاق الحقول النفطية والموارد الحيوية، ومشيراً إلى تأكيد الجانبين على ضرورة حماية هذه الموارد، وضمان استمرار تدفقها، بما يحقق مصالح الشعب الليبي، ويعزز استقرار الاقتصاد.

وكان محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، قد أعلن أنه ناقش مع الوفد الأميركي التعاون الثنائي بين ليبيا والولايات المتحدة، وتنفيذ عدد من البرامج التدريبية المشتركة للرفع من كفاءة عناصر الجيش الليبي.

اجتماع المنفي مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نيويورك (المجلس الرئاسي)

إلى ذلك، استغل رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، لقاءه مساء الاثنين في مدينة نيويورك مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، للتأكيد على أن ليبيا «ملتزمة بمحاسبة ومعاقبة مقترفي الجرائم والانتهاكات»، التي نص عليها القانون الليبي، مشيراً إلى ثقته في القضاء الوطني، وقدرته على محاسبة المذنبين، رغم التحديات التي تواجهها الدولة الليبية، مشيراً إلى ضرورة أن يكون التعاون مع مكتب المدعي العام والقضاء الليبي، وفقاً لمبدأ التكامل. كما أكد على أهمية إنفاذ القانون، وإرساء مبدأ الكشف عن الحقيقة والمحاسبة، من أجل دعم مسار العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الشاملة.

ونقل المنفي عن خان أن الوضع في ليبيا يمثل أولوية كاملة لمكتبه، مبرزاً أن تعميق التعاون مع السلطات الليبية والسعي وراء المساءلة من المبادئ الأساسية للمحكمة الجنائية، وتأكيد احترام القانون الدولي لتحقيق العدالة.

وأكد خان إتمامه قريباً إجراءات الكشف عن أسماء المتورطين في الجرائم المقترفة داخل ليبيا، حسب الولاية الممنوحة له، لافتاً إلى أنهما بحثا أوجه التعاون بين القضاء الليبي ومحكمة الجنايات الدولية في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والقضايا الأخرى، وضرورة تطبيق القانون في كامل التراب الليبي.

من جهته، قال السفير الروسي أيدار أغانين إنه بحث، الثلاثاء، مع سفير قطر لدى ليبيا خالد الدوسري العلاقات الثنائية والعملية السياسية في ليبيا، وضرورة التوصل إلى توافق الأطراف الليبية، بهدف إنهاء الأزمة السياسية في البلاد بأقرب وقت ممكن.

خالد المشري (الشرق الأوسط)

وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، قد أعلن أنه بحث مساء الاثنين مع الدوسري بالعاصمة طرابلس الجهود المبذولة لإعادة التئام المجلس، من قبل مكتب الرئاسة الشرعي المنتخب حديثاً، بهدف استئناف مهامه، والعمل على إنهاء الانسداد السياسي، والدفع بالعملية السياسية لإجراء الانتخابات.


مقالات ذات صلة

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

شمال افريقيا جانب من الحضور خلال توقيع اتفاق ينهي أزمة الصراع على مصرف ليبيا المركزي (البعثة الأممية)

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

بحضور دبلوماسي عربي وغربي، وقّع ممثلان عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا اتفاقاً يقضي بتعيين محافظ مؤقت للمصرف المركزي ونائب له.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة عام 2023 (المجلس)

المشري يتهم تكالة بـ«اغتصاب السلطة»... إلى أين يتجه «الدولة» الليبي؟

في تصعيد جديد على مسار الصراع بشأن رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اتهم خالد المشري غريمه محمد تكالة بـ«اغتصاب السلطة وانتحال صفة رئيس المجلس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا البنك المركزي بطرابلس (رويترز)

تسوية بين الأطراف الليبية لمعالجة أزمة المصرف المركزي

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأربعاء، التوصل إلى تسوية بين الأطراف الليبية لمعالجة أزمة إدارة المصرف المركزي الذي يشهد تنازعاً على السلطة.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا المنفي خلال لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية (المجلس الرئاسي)

​توقعات بحسم أزمة المصرف المركزي الليبي

وسط توقعات بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء أزمة مصرف ليبيا المركزي خلال اجتماع ممثلي مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» برعاية أممية في العاصمة طرابلس

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا بات جُلّ الليبيين يتخوّفون من تغوّل «السوق الموازية» على قدراتهم الشرائية (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوّفون من تغوّل «السوق الموازية» على قدراتهم الشرائية

أغلقت السلطات المحلية سوق المشير، مساء الاثنين الماضي، سعياً للتحكم في سعر صرف الدولار بالسوق الموازية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة
TT

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس، في أكبر عملية لاستعادة العاصمة منذ بداية الحرب المستمرة لنحو17 شهراً بينه وبين «قوات الدعم السريع». وتركز الصراع، يوم الخميس، على ثلاثة جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا». وجاء هجوم الجيش، الذي فقد السيطرة على معظم أنحاء العاصمة في بداية الصراع، قبل كلمة من المقرر أن يلقيها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ومنذ اندلاع الحرب في البلاد أبريل (نيسان) 2023 تسيطر «قوات الدعم السريع» بالكامل على مدينة الخرطوم، بما في ذلك المواقع العسكرية والسيادية، وتحاصر مقر القيادة العامة للجيش الواقع شرق المدينة. وذكر شهود أن قصفاً عنيفاً واشتباكات اندلعت عندما حاولت قوات من الجيش عبور جسور فوق نهر النيل تربط المدن الثلاث المتجاورة التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، وهي الخرطوم وأم درمان وبحري. والجسور الثلاثة التي تركز حولها القصف هي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا».

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

تحليق الطيران

وقال سكان إن الجيش يقوم بقصف مدفعي عنيف وقصف جوي على منطقتَي الحلفايا وشمبات، في حين يحلق الطيران بكثافة، خاصة في مناطق المزارع المحيطة بجسر الحلفايا من جهة بحري. كما أظهرت مقاطع فيديو دخاناً أسود اللون يتصاعد في سماء العاصمة، وسط دوي أصوات المعارك في الخلفية. وقالت مصادر عسكرية لوكالة «رويترز» إن قوات الجيش عبرت جسوراً في الخرطوم وبحري، في حين قالت «قوات الدعم السريع» إنها أحبطت محاولة الجيش عبور جسرين إلى الخرطوم.

وتأتي الاشتباكات المتجددة في وقت يحتل ملف النزاع المتواصل في السودان مرتبة متقدمة على جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وأزمة اللاجئين.

واستعاد الجيش بعض الأراضي في أم درمان في وقت سابق من هذا العام، لكنه يعتمد في الغالب على المدفعية والغارات الجوية، ولم يتمكن من طرد «قوات الدعم السريع» التي هي أكثر كفاءة على الأرض، من مناطق أخرى من العاصمة.

مستشفى الفاشر من الخارج (صفحة حاكم إقليم دارفور في «فيسبوك»)

مخاوف في دارفور

في غضون ذلك، واصلت «قوات الدعم السريع» إحراز تقدم في أجزاء أخرى من السودان في الأشهر القليلة الماضية في صراع تسبب في أزمة إنسانية واسعة النطاق، ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص، ودفع مناطق من البلاد إلى الجوع الشديد أو المجاعة. وتعثرت جهود دبلوماسية تبذلها الولايات المتحدة وقوى أخرى، ورفض الجيش حضور محادثات كانت مقررة الشهر الماضي في سويسرا.

واشتدت المعركة هذا الشهر للسيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان. وتحاول «قوات الدعم السريع» التقدم من مواقع تحيط بالمدينة لمواجهة الجيش وجماعات متمردة سابقاً متحالفة معه. والفاشر هي آخر معاقل الجيش في دارفور حيث تقول الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إن الوضع الإنساني حرج جداً، وهي واحدة من 5 عواصم ولايات في إقليم دارفور والوحيدة التي لم تسقط في أيدي «قوات الدعم السريع». وطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام للمنظمة أيضاً بإنهاء حصار الفاشر، حيث يعيش أكثر من 1.8 مليون من السكان والنازحين. وفي سبتمبر (أيلول) أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد القتلى لا يقل عن 20 ألف شخص منذ بداية الصراع، لكن بعض التقديرات تصل إلى 150 ألف ضحية، وفقاً للمبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو. كما نزح أكثر من 10 ملايين شخص؛ أي نحو 20 في المائة من السكان، بسبب القتال، أو أُجبروا على اللجوء إلى دول مجاورة. وتسبّب النزاع في أزمة إنسانية هي من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة.

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)

جسور العاصمة المثلثة

يقسّم نهر النيل ورافداه؛ النيل الأزرق والنيل الأبيض، العاصمة السودانية الخرطوم إلى ثلاث مدن؛ الخرطوم وتقع إلى الجنوب بين نهرَي النيل الأزرق والنيل الأبيض، وملتقى النهرين عند منطقة المقرن، ليكونا بداية نهر النيل، وهي العاصمة الإدارية ومقر الحكومة والمركز التجاري والاستثماري، بينما تنحصر مدينة أم درمان بين نهر النيل والنيل الأبيض من جهتَي الشرق والغرب، وتمثل العاصمة الوطنية القديمة، أما مدينة الخرطوم بحري فتنحصر بين نهر النيل ونهر النيل الأزرق من جهتي الجنوب والخرطوم، وهي المدينة الصناعية. وترتبط مدن الخرطوم الثلاث بعشرة جسور، تَعبر الأنهر الثلاثة وتشكل وسائط التواصل؛ ليس بين مدن العاصمة فحسب، بل ببقية أنحاء السودان.

ومنذ بدأت الحرب تَقاسم كل من الجيش وقوات «الدعم السريع» السيطرة على الجسور والتحكم فيها، كلياً أو جزئياً. وفقَدَ الجيش السيطرة من الجهتين على كل جسور المدينة، ما عدا جسر النيل الأزرق، الذي يربط بين الخرطوم والخرطوم بحري، بينما سيطرت قوات «الدعم السريع» على جسور سوبا، والمنشية، والمك نمر، وخزان جبل أولياء، وتوتي.

ويتقاسم الطرفان السيطرة على جسور الفتيحاب والنيل الأبيض، الجيش من جهة أم درمان، وقوات «الدعم السريع» من جهة الخرطوم. وأيضاً جسر الحلفايا، الجيش من جهة أم درمان، وقوات «الدعم السريع» من جهة الخرطوم بحري. أما جسر شمبات فقد خرج من الخدمة على أثر تفجيره في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وكان وقتها تحت سيطرة قوات «الدعم السريع»، وتبادل الطرفان الاتهامات بتفجيره.

كذلك جسر خزان جبل أولياء، الذي قصفه طيران الجيش، لكن قوات «الدعم السريع» أفلحت في إعادته للخدمة مجدداً، وهو الجسر الوحيد الذي يربط بين قواتها من أم درمان حتى دارفور، وهو بطبيعته جسراً على السد، فإن تدميره كلياً قد يتطلب تدمير السد الذي يُنظم جريان المياه لصالح السد العالي في مصر.