السودان... «استراحة محارب» في الفاشر

خبير: «وقف الهجمات وفك الحصار عن المدينة» رهن اتفاق سياسي

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان... «استراحة محارب» في الفاشر

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

تشهد الأوضاع في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، في غرب السودان، هدوءاً حذراً لليوم الثالث على التوالي، بعد معارك متواصلة طوال أكثر من أسبوع. ولم تهاجم «قوات الدعم السريع» معسكر الجيش في المدينة، على عكس ما كان متوقعاً، فتواصل «قوات الدعم السريع» تكتيكاتها المعروفة بـ«تليين الدفاعات» عن طريق «الهجوم والتراجع حتى تأتي اللحظة الحاسمة للانقضاض بضربة قوية لهزيمة العدو»، بعد أن تكون قد أنهكته بـ«الهجمات المتواصلة».

ففي يوم السبت الماضي، حققت «قوات الدعم السريع» تقدماً لافتاً داخل المدينة التي ظلت تحاصرها على مدى أشهر؛ إذ استطاعت التوغل في عدد من أحياء المدينة، واقتربت من مقر قيادة «الفرقة السادسة» التابعة للجيش، وسط خسائر بشرية ومادية كبيرة، شملت قادة ميدانيين من طرفي القتال، وفق شهود في المدينة. وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو حددت أسماء قادة ميدانيين قتلوا من الطرفين، لكن إعلام الطرفين المتحاربين لم يعلن أسماء. وقالت مصادر عدة إنه كان متوقعاً أن تواصل «قوات الدعم السريع» هجماتها على الجيش والقوات الحليفة معه المعروفة باسم «القوات المشتركة»، لكن المدينة ظلت هادئة نسبياً باستثناء تراشقات محدودة يغلب عليها تبادل القصف المدفعي والجوي.

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

سبب توقف القتال

وتساءل البعض عن سبب توقف «قوات الدعم السريع» عن مواصلة توغلها في المدينة ومهاجمة مقر قيادة الجيش. وفيما ذهب البعض إلى أن الأمر قد يعود إلى ما سموها «استراحة محارب»، قال البعض الآخر إن الأمر ربما يعود إلى «تصاعد غضب المجتمع الدولي مما يحدث في الفاشر»، مشيرين إلى انتقادات وجهها الاتحاد الأوروبي، يوم الأحد، إلى «قوات الدعم السريع» بشأن «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان»، ملوّحاً بفرض عقوبات جديدة على قادة في مناصب عليا من طرفي النزاع.

وسبق موقف الاتحاد الأوروبي بيوم واحد تصاعد في حدة لهجة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إزاء الأوضاع في الفاشر، وأبدى ما سماه «انزعاجه الشديد» بشأن التقارير عن الهجوم واسع النطاق الذي تشنه «قوات الدعم السريع» على الفاشر، محذراً من استمرار التصعيد، وموجهاً دعوة رسمية إلى قائد «قوات الدعم السريع»، الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي»، لإصدار أمر بـ«وقف الهجوم فوراً». كما حذرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الأفريقية، مارثا بوبي، من مخاطر عنف جماعي قد ينتج عن القتال في الفاشر.

وحول استجابة قائد «قوات الدعم السريع» لنداءات المجتمع الدولي، قال المحامي والمحلل السياسي حاتم إلياس لـ«الشرق الأوسط» إن «تهديدات المجتمع الدولي لن تؤثر على مجري العمليات في الفاشر، ولن تدفعه إلى التخلي عن معركة الفاشر؛ لأن الاستيلاء على المدينة سيمثل هزيمة الجيش والقوات المتحالفة معه، وهو هدف استراتيجي وحيوي لـ(قوات الدعم السريع). كما أن تحذيرات المجتمع الدولي لـ(قوات الدعم السريع) ليست جديدة؛ بل بدأت منذ بداية حصار المدينة في مايو (أيار) الماضي. المجتمع الدولي في الغالب ليس جاداً في تهديداته».

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر (أرشيفية - أ.ف.ب)

اتفاق غير معلن

وربط إلياس احتمال استجابة «قوات الدعم السريع» لمطالب المجتمع الدولي بالوصول إلى اتفاق غير معلن يحقق له مكاسب سياسية، مضيفاً: «لكن بشكل عام؛ (قوات الدعم السريع) هي الأكثر استجابة لمطالب المجتمع الدولي، بينما تبنى الجيش وقادته مواقف أكثر تعنتاً، مما يعدّ مواصلة لنهج نظام الإسلاميين السابق المعادي للغرب». وتوقع إلياس سقوط الفاشر قريباً، قائلاً: «علمنا التاريخ العسكري أن الوضع الميداني في حالة الدفاع لا يدوم طويلاً، وأن الهجوم دائماً أفضل من الدفاع».

وكانت «قوات الدعم السريع» قد اشترطت لوقف الهجوم على الفاشر خروج الجيش و«القوات المشتركة» المتحالفة معه من المدينة، وترك مسؤولية حفظ الأمن لقوات «حركات الكفاح المسلح» المحايدة في الصراع بين طرفي القتال.


مقالات ذات صلة

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

تصاعدت حدة القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدد من الجبهات مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ24 ساعة الماضية بصفوف الجانبين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة»

أكد رئيس مجلس السيادة قائد القوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان أنه «لا يضع شروطاً مسبقة» للحوار، وطالب «قوات الدعم السريع» بتنفيذ «اتفاق جدة».

علي بردى (نيويورك)
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة play-circle 01:27

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

البرهان: أدعم جهود إنهاء «احتلال» قوات «الدعم السريع» أراضي بالسودان

قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، اليوم (الخميس)، إنه يؤيد الجهود الرامية لإنهاء الحرب المدمرة في بلده.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (نيويورك)

ماكرون يزور المغرب لإعادة إطلاق العلاقات الثنائية

الملك محمد السادس مستقبلاً الرئيس ماكرون خلال زيارته للرباط في نوفمبر 2018 (رويترز)
الملك محمد السادس مستقبلاً الرئيس ماكرون خلال زيارته للرباط في نوفمبر 2018 (رويترز)
TT

ماكرون يزور المغرب لإعادة إطلاق العلاقات الثنائية

الملك محمد السادس مستقبلاً الرئيس ماكرون خلال زيارته للرباط في نوفمبر 2018 (رويترز)
الملك محمد السادس مستقبلاً الرئيس ماكرون خلال زيارته للرباط في نوفمبر 2018 (رويترز)

أعلن قصر الإليزيه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم (الجمعة)، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيقوم بزيارة دولة المغرب في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بهدف ترسيخ وإعادة إطلاق العلاقات الثنائية بعد فترة طويلة من الفتور.

وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس (الخميس)، دعوة إلى الرئيس الفرنسي بهذا الموعد، رحب فيها بـ«الآفاق الواعدة التي ترتسم لبلدينا»، كما أوضحت الرئاسة الفرنسية.

ونقل قصر الإليزيه عن الملك قوله، إن هذه الزيارة ستكون «فرصة لمنح شراكتنا الاستثنائية رؤية متجددة وطموحة، تغطي عدة قطاعات استراتيجية، وتأخذ في الاعتبار أولويات بلدينا». وفتحت فرنسا صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، بعد بادرة مهمة قام بها الرئيس الفرنسي تجاه المغرب، إذ أكد دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمته الرباط للصحراء المغربية، في رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس.

ففي 30 يوليو (تموز) الماضي، أبلغ ماكرون، الملك محمد السادس أن مخطط الحكم الذاتي، الذي تقدمت به الرباط هو «الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي» بشأن قضية الصحراء المغربية. لكن واشنطن وبرلين ومدريد سبقت باريس إلى تأييد الخطة، التي طرحتها الرباط عام 2007، والتي تقترح فيها منح المستعمرة الإسبانية السابقة حكماً ذاتياً تحت سيادتها.