الاتحاد الأوروبي يلوّح بعقوبات إضافية على قادة في الجيش السوداني و«الدعم السريع»

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يلوّح بعقوبات إضافية على قادة في الجيش السوداني و«الدعم السريع»

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

أدان الاتحاد الأوروبي، الأحد، «بأشدّ العبارات»، تصعيد القتال في مدينة الفاشر (غرب السودان)، على أثر الهجمات التي تشنها قوات «الدعم السريع» ضد القوات المسلَّحة السودانية، مبدياً استعداده للنظر في فرض عقوبات إضافية على قادة في مناصب عليا.

وحضّ المتحدث الرسمي باسم الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، بيتر ستانو، في بيان له، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي»، على «التوجه فوراً» إلى طاولة المفاوضات؛ لإيجاد حل سلمي للصراع. وطالب قوات «الدعم» بالانصياع لقرار مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة 2736، «بوقف الحصار وإنهاء القتال في الفاشر على الفور». وقال: «أجدِّد الدعوة إلى الذين يؤججون الحرب، وعلى وجه الخصوص الرعاة الإقليميون والدوليون، إلى وقف دعمهم أطراف القتال».

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

وأكد الاتحاد الأوروبي أنه لن يكون شاهداً على «إبادة جماعية» أخرى، وسيواصل العمل مع آليات المساءلة الدولية؛ لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي «ارتكبوها وما زالوا يرتكبونها».

وذكر البيان أن آلاف المدنيين الأبرياء في مرمى نيران الطرفين، ولا سيما المحاصَرين في مخيم زمزم، الذي يُعدّ أكبر معسكرات النازحين داخلياً. ودعا الأطراف المتحاربة والميليشيات التابعة لها، إلى «الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، بحماية المدنيين، وتوفير وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن السماح للمدنيين بالتحرك بطرق آمنة».

وعلَّق حاكم إقليم دارفور، الذي يرأس «حركة تحرير جيش السودان»، التي تُقاتل إلى جانب الجيش، مني أركو مناوي، في تدوينة على منصة «إكس»، بأنها المرة الأولى التي يُصدر فيها الاتحاد الأوروبي بيان إدانة بلغة «شديدة اللهجة». وطالبه «باتخاذ خطوات متقدمة لتجريم قوات (الدعم السريع) بتصنيفها منظمة إرهابية، ومحاسبتها على الجرائم التي ارتكبتها».

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الصراع المسلّح 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

وللأسبوع الثاني على التوالي، تحتدم المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وحركات مسلّحة داعمة له من جهة، وقوات «الدعم السريع» من جهة ثانية في عدة مواقع بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

وفرَض مجلس الاتحاد الأوروبي، في يونيو (حزيران) الماضي، عقوبات على 6 أشخاص عَدَّهم مسؤولين عن «تقويض الاستقرار والانتقال المدني في السودان».

ومِن أهم الذين شملتهم العقوبات، الأمين العام لـ«الحركة الإسلامية» في البلاد، علي كرتي، الذي كان وزيراً للخارجية في حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير، ويعتقد كثيرون في السودان أنه لعب دوراً أساسياً في الحرب، وله نفوذ واسع داخل الجيش. و عبد الرحمن جمعة، الذي يقود قوات «الدعم السريع»، في غرب دارفور؛ لاتهامه بارتكاب «فظائع وانتهاكات أخرى، وتحريضه على القتل بدوافع عِرقية»، علماً بأنه أيضاً مستشار مالي، وأحد زعماء قبيلة «عشيرة المحاميد» التي يتحدر منها قائد «الدعم السريع».

أرشيفية لقائد الجيش السوداني البرهان (يسار) ومُساعده ياسر العطا (الجيش السوداني)

وطالت العقوبات من القوات المسلّحة، قائد القوات الجوية، والمدير العام لشركة الصناعات الدفاعية التي تخضع لعقوبات من قِبل الاتحاد الأوروبي؛ لمسؤوليتهما عن «القصف الجوي العشوائي».

ويخضع الأفراد المستهدَفون لتجميد الأصول وحظر تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية لهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى خضوعهم لحظر السفر في الاتحاد الأوروبي.

وأكد الاتحاد استعداده «لمواصلة استخدام أدواته للمساهمة في إنهاء النزاع المسلَّح، وتشجيع وقف عرقلة المساعدات الإنسانية، ووقف ثقافة الإفلات من العقاب».


مقالات ذات صلة

الجيش يتقدم شرق ولاية الجزيرة وفي الخرطوم

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أُقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف مؤخراً (أ.ف.ب)

الجيش يتقدم شرق ولاية الجزيرة وفي الخرطوم

شن الجيش السوداني هجوماً واسعاً باتجاه ولاية الجزيرة محققاً تقدماً لافتاً، اضطرت معه «قوات الدعم السريع» للتراجع، قبل أن ينسحب الجيش ويعود إلى مواقعه السابقة.

أحمد يونس
شمال افريقيا الفريق كباشي، لدى تفقده ضباط وجنود قيادة المنطقة الشرقية بالفاو أمس (موقع مجلس السيادة السوداني فيسبوك)

السودان: الجيش على حدود ولاية الجزيرة ومخاوف من توسع المعارك

تفقد نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الجمعة، قواته في المنطقة الشرقية بالفاو على حدود ولاية الجزيرة وسط مخاوف من توسع المعارك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي بتشاد (رويترز)

دوقة إدنبرة: ما يحدث في السودان شبيه بمجازر رواندا

قالت دوقة إدنبرة، خلال زيارتها لمعسكر أدري على الحدود بين السودان وتشاد، والذي يحتضن الفارين من الحرب، إن الصراع بالسودان يشبه ما حدث في رواندا منتصف التسعينات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا السلطات المحلية بولاية كسلا تقوم بتطهير مركز عزل ريفي للمصابين بالكوليرا في بلدة ود الحليو شرق السودان (أ.ف.ب)

السودان: أكثر من 24 ألف إصابة كوليرا و699 حالة وفاة

كشفت إحصائية حديثة لوزارة الصحة السودانية عن ارتفاع حالات الإصابات بوباء الكوليرا إلى 24 ألفاً و604 إصابات، منها 699 حالة وفاة، بينما تمدّد المرض إلى 11 ولاية.

وجدان طلحة (بورتسودان)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة سابقة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لمعالجة مسألة حماية المدنيين

حثّت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» الأطراف السودانية على تعزيز الوصول الإنساني إلى جميع أنحاء البلاد، ومعالجة مسألة حماية المدنيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

احتفاء الأزهر بـ«شهداء المقاومة» يثير جدلاً في مصر

مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)
مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)
TT

احتفاء الأزهر بـ«شهداء المقاومة» يثير جدلاً في مصر

مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)
مصلون داخل الجامع الأزهر في القاهرة (مشيخة الأزهر)

أثار احتفاء الأزهر في مصر بـ«شهداء المقاومة» جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد عَدّه دعماً للقضية الفلسطينية، ومعارض انتقد عدم ذكر أسماء قادة حركة «حماس»، أو رفض الإشادة بالحركة التي يرى أنها «أضرّت بغزة».

وكان الأزهر قد نعى، الجمعة، «شهداء المقاومة الفلسطينية»، واصفاً إياهم بـ«الأبطال الذين طالتهم يد صهيونية مجرمة، عاثت في أرضنا العربية فساداً وإفساداً».

وقال الأزهر، في بيان نشره عبر صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي: «إن المجتمع الدولي يغطّ في صمت كصمت الموتى في القبور، والقانون الدولي لا تساوي قيمته ثمن المداد الذي كُتِب به».

مصلون بالجامع الأزهر يلوحون بالعلم الفلسطيني خلال احتجاجات ضد العدوان الإسرائيلي في نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي (أ.ف.ب)

وأكد الأزهر أن «شهداء المقاومة الفلسطينية كانوا مقاومين بحق؛ أرهبوا عدوّهم، وأدخلوا الخوف والرعب في قلوبهم، ولم يكونوا إرهابيين، كما يحاول العدو تصويرهم كذباً وخداعاً، بل كانوا مرابطين مقاومين، متشبثين بتراب وطنهم، حتى رزقهم الله الشهادة وهم يردّون كيد العدو وعدوانه».

وشدد الأزهر على «أهمية فضح كذب الآلة الإعلامية الصهيونية وتدليسها، ومحاولتها تشويه رموز المقاومة الفلسطينية في عقول شبابنا وأبنائنا، وتعميم وصفهم بالإرهابيين»، مؤكداً أن «المقاومة والدفاع عن الوطن والأرض والقضية والموت في سبيلها شرف لا يضاهيه شرف».

وأثار البيان تفاعلاً وجدلاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث أشاد حساب باسم إيمان السعيد، بموقف الأزهر، قائلاً: «شكراً مؤسستنا الحيادية النزيهة».

في حين انتقد حساب باسم هبة عدم ذكر الأزهر أسماء في بيانه، متسائلاً: «مَن هم هؤلاء الشهداء؟».

ومثلها طالب حساب آخر، يحمل اسم مي فاروق، الأزهر بذكر أسماء، وقال: «أبسط شيء أن تذكر الحق بأهله وأصحابه».

كما انتقد حساب آخر باسم ميمي، دفاع الأزهر عن حركة «حماس»، مشيراً إلى أن «7 أكتوبر (تشرين الأول) كان بداية النهاية».

كما عَدّ حساب آخر باسم «HHH» الإشادة بحركة «حماس»، ووصْف قادتها بـ«الشهداء»، أمراً «غير لائق»، مشيراً إلى أنهم «إرهابيون».

احتفاء الأزهر بـ«شهداء المقاومة» لم يقتصر على البيان؛ حيث نشر الأزهر، السبت، منشوراً على «إكس»، قال فيه «رَبِحَ البيع أبا يحيى... وربح بيع كل شهيد دافع عن وطنه وأرضه، ومات في سبيل ذلك»، وهو ما عَدّه رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعليقاً على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار، وإن لم يشر إليه بالاسم.

وطالب عدد من روّاد مواقع التواصل الأزهر بأن يقول «أبا إبراهيم (السنوار) بدلاً من أبا يحيى (الصحابي صهيب بن سنان بن حمزة النمري)». وقال حساب باسم محمود ربيع في هذا الخصوص: «الأمر لا يحتمل مجازاً أو تلميحاً».

من جانبه، لا يرى رئيس تحرير صحيفة «صوت الأزهر» (الصادرة عن مشيخة الأزهر)، أحمد الصاوي، ضرورة لذكر أسماء معينة في البيان، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الهدف كان التعبير عن الموقف والفكرة، وعدم اختزالها في شخص بعينه، والتأكيد على مواقف (الأزهر الشريف) الداعمة للمقاومة وللحقوق الفلسطينية، والرافضة لوصم حركات المقاومة بـ(الإرهاب)».

فلسطينيون يتسوّقون في سوق مؤقتة أُقيمت بجوار المباني المدمّرة بغارة جوية إسرائيلية بخان يونس (رويترز)

وأضاف الصاوي: «أن موقف الأزهر يُعبر عن حالة الشعوب العربية التي تدين استمرار الإبادة الجماعية، وهروب المسؤولين عنها من العقاب والوصم»، مشيراً إلى أن «القوانين والمواثيق الدولية تؤكد مشروعية مقاومة الاحتلال»، مضيفاً أن الإرهاب الحقيقي «يكمن في ممارسات الاحتلال، وليس في المقاومة».

التباين في المواقف بين روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بشأن حركة «حماس»، والموقف من قادتها هو انعكاس لتباين مماثل في الإعلام المصري، بين إعلاميين يحتفون بـ«المقاومة وشهدائها»، وآخرون ينتقدون حركة «حماس» وقادتها؛ حيث كتب الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»: «إن المقاومة لن تنتهي باستشهاد السنوار أو هنية أو حسن نصر الله».

في سياق ذلك، قال الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامجه، مساء الجمعة، على «إم بي سي»: «إن الجيش الإسرائيلي رسم صورة لمشهد نهاية السنوار، لم يكن هو نفسه يحلم بها». مضيفاً أن السنوار «لم يستسلم، وظل بطلاً حتى النهاية، مات برمية من غير رامٍ، والإسرائيليون صدّروه في صورة البطل».

في حين كتب الإعلامي المصري، أحمد موسى، عبر حسابه على «إكس»، أن مقتل السنوار «لم يكن صدفة، ولم تكن هناك مقاومة من الأساس، بل حدثت خيانة من العملاء والجواسيس باعوا السنوار، كما باعوا هنية ونصر الله».

وكان موسى قد انتقد حركة «حماس» مراراً، سواء في برنامجه أو عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهمها بـ«تسليم قطاع غزة لإسرائيل».