«النواب» الليبي يُصعّد مجدداً ضد «الوحدة»... ويدعم «الاستقرار»

نفي أميركي لوثيقة ادعت تدهور صحة حفتر

رئيس مجلس النواب خلال لقاء رئيس حكومة «الاستقرار» (أرشيفية)
رئيس مجلس النواب خلال لقاء رئيس حكومة «الاستقرار» (أرشيفية)
TT

«النواب» الليبي يُصعّد مجدداً ضد «الوحدة»... ويدعم «الاستقرار»

رئيس مجلس النواب خلال لقاء رئيس حكومة «الاستقرار» (أرشيفية)
رئيس مجلس النواب خلال لقاء رئيس حكومة «الاستقرار» (أرشيفية)

في تصعيد جديد يُنهي رسمياً العلاقة بينهما، قرر مجلس النواب الليبي، رسمياً، «اعتبار حكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة منتهية الولاية».

وعدّ المجلس، الذي يرأسه عقيلة صالح، في قرار وزعته بشكل مفاجئ حكومة «الاستقرار»، التي يرأسها أسامة حماد، اليوم (السبت)، أن حكومة الدبيبة لم تعدّ شرعية، بموجب قراره عام 2021 بشأن سحب الثقة منها، مؤكداً في المقابل أن حكومة الاستقرار، المنبثقة عن مجلس النواب، هي الحكومة الشرعية للبلاد حتى انتخاب حكومة موحدة.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة (الوحدة)

ونصت المادة الثانية من قرار «النواب» الليبي على أن رئيس مجلس النواب هو القائد الأعلى للجيش، وفق أحكام الإعلان الدستوري، بينما نصت المادة الثالثة على العمل بأحكام هذا القرار من تاريخ صدوره، وإلغاء كل ما يخالفه.

في غضون ذلك، وفي غياب أي إحصاءات رسمية بشأن السيول، التي يشهدها بعض مدن البلاد بسبب تقلبات الطقس والأمطار الغزيرة، تحدثت وسائل إعلام محلية عن وفاة عائلة تتكون من 4 أفراد، و3 شباب من مدينة مصراتة، بسبب السيول في مدينة زليتن والخمس، وانتقدت عدم توجيه رئيس حكومة الوحدة، حتى السبت، أي تعليمات للأجهزة الحكومية للتوجه إلى هناك وإنقاذ المتضررين.

جانب من السيول التي اجتاحت عدة مناطق من ليبيا (رويترز)

وأعلنت فرق جهاز الإسعاف والطوارئ بمصراتة مواصلة عمليات الإنقاذ في وادي أولاد شكر، جنوب غربي مدينة زليتن. بينما توقع المركز الوطني للأرصاد الجوية، اليوم (السبت)، سقوط أمطار غزيرة على بعض المناطق، وطالب بالابتعاد عن مسارات الأودية، وأخذ الحيطة والحذر.

في سياق آخر، عدّت السفارة الأميركية لدى ليبيا، مساء الجمعة، في بيان مقتضب، أن ما وصفته بمذكرة «مزورة بشأن تدهور صحة القائد العام للجيش الوطني، خليفة حفتر»، محاولة أخرى لنشر معلومات كاذبة بهدف خداع الشعب الليبي وإثارة الانقسامات، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بالتواصل مع القادة والفاعلين الأساسيين في جميع أنحاء ليبيا، دعماً للسلام والاستقرار ووحدة ليبيا.

المشير خليفة حفتر (الجيش الوطني)

وزعمت المذكرة المنسوبة للقائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا، جيريمي برنت، والموجهة إلى وزارة الخارجية، تحديداً مكتب شؤون الشرق الأدنى، تلقي معلومات من الجيش الوطني بشأن ظهور علامات تدهور في الفحوصات الطبية المتكررة التي أجراها حفتر أخيراً.

وقال برنت إنه اجتمع، مساء الجمعة، مع سيدتين ليبيتين من أعضاء «لجنة المصالحة بين الطوارق والتبو في أوباري، وتعزيز السلام وتمكين الشباب والنساء في هون»، قبل توجههما إلى الولايات المتحدة للمشاركة في برنامج الزائر الدولي حول تعزيز السلام والأمن. وأعرب عن أمله في أن يقدم لهما البرنامج رؤى قيمة، بالإضافة إلى منحهما فرصة لتسليط الضوء على «العمل الرائع الذي تقوم به النساء الليبيات في ليبيا».

من جهة ثانية، أسفر انفجار كبير داخل مخازن الأسلحة في معسكر النعام بمنطقة تاجوراء (شرق العاصمة طرابلس)، عن سقوط قتيلين وعدد غير معلوم من الجرحى من عناصر ميليشيا البقرة. وجاء ذلك، بينما تحدثت وسائل إعلام محلية، نقلاً عن شهود عيان، عن إطلاق عناصر تابعة لآمر قوة الإسناد الأولى بالزاوية، ونائب رئيس جهاز مكافحة التهديدات الأمنية محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر»، النار وسط الأحياء السكنية في مدينة الزاوية (غرب طرابلس)، مقابل إطلاق عناصر أخرى تابعة لمُعمر الضاوي، آمر «الكتيبة 55 مشاة»، أيضاً الرصاص بالقرب من منطقة الزهراء.

وزارة الداخلية بحكومة الوحدة تتفقد الحدود الجنوبية الغربية مع الجزائر (الوزارة)

وتجاهلت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة «المؤقتة» هذه التطورات، لكنها أعلنت في المقابل استمرار دورياتها الصحراوية تعزيز السيطرة الأمنية على الحدود الجنوبية الغربية مع الجزائر، مشيرة إلى جولة تفقدية قام بها رئيس جهاز حرس الحدود، اللواء محمد المرحاني، للحدود الجنوبية الغربية مع الجزائر، شملت مناطق رملة نزوة، مروراً بنقطة وان بالون حقل الوفاء، وقرعات الذيبة، وصولاً إلى القاطع الأمني الحدودي بغدامس.

وأوضحت «داخلية الوحدة» أن المرحاني اطلع على سير العمل الأمني، وحثّ عناصر حرس الحدود على بذل مزيد من الجهد، في إطار خطة الجهاز للتصدي لعمليات التهريب بكل أنواعها، وتعزيز السيطرة الأمنية على الحدود.


مقالات ذات صلة

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)

«النواب» الليبي يكرّس خلافاته مع «الرئاسي» و«الوحدة»

نشرت الجريدة الرسمية لمجلس النواب مجدداً قراره بنزع صلاحيات المجلس الرئاسي برئاسة المنفي قائداً أعلى للجيش، وعدّ حكومة «الوحدة» برئاسة الدبيبة منتهية الولاية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

يرى ليبيون من أسر ضحايا «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة غرب البلاد أن «الإفلات من العقاب يشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»

شمال افريقيا السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

قال عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات إن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية للمجموعة الأولى التي تجاوزت 77.2 % هي الأعلى بتاريخ المحليات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

تحدّث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عن 4 أطراف قال إنها هي «أسباب المشكلة في ليبيا»، وتريد العودة للحكم بالبلاد.

جمال جوهر (القاهرة)

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

إجراء الانتخابات الرئاسية في ولاية جوبالاند جنوب الصومال، رغم رفض مقديشو، حرّك تساؤلات بشأن مسار العلاقات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، مع حديث عن إعادة انتخاب الرئيس الحالي أحمد محمد مدوبي، الرافض لقانون الاقتراع المباشر الموحد للبلاد.

اقتراع جوبالاند، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، سيعمق الخلاف مع حكومة الصومال غير المعترفة بالانتخابات، والمتمسكة بإجراء انتخابات بنظام الاقتراع المباشر، مرجحين احتمال وصول الأمر «إلى «مواجهات أو اقتتال أهلي» بين الحكومتين، وقد يستدعي «انفصال» ولاية جوبالاند ما لم يتم حدوث توافقات وحلول سريعة.

وجاءت انتخابات «جوبالاند» بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعنيّ بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، الذي يعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

وأفادت وسائل إعلام صومالية محلية، الاثنين، بأن «أعضاء برلمان ولاية جوبالاند في جنوب الصومال، أعادوا الاثنين، انتخاب مدوبي رئيساً للولاية في فترة رئاسية ثالثة» على الرغم من معارضة الحكومة الصومالية للانتخابات التي جرت في الولاية.

رئيس ولاية جوبالاند يتفقد عدداً من المناطق المحررة من الإرهاب (وكالة الأنباء الصومالية)

وحصل مدوبي على 55 صوتاً مقابل 16 لأقرب منافسيه فيصل محمد متان، في حين حصل المرشح الثالث، أبو بكر عبدي حسن على 4 أصوات فقط، وفق المصادر نفسها التي كشفت أن مرشحين آخرين في مدينة «كسمايو» مقاطعون لهذه الانتخابات، أعلنوا إجراء انتخابات موازية.

وأجريت تلك الانتخابات بحسب المحلل والأكاديمي المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي، الدكتور على محمود كولاني، «بسرعة، وأسفرت عن فوز مدوبي كما كان متوقعاً».

بينما رأى الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «انتهاء انتخابات جوبالاند بانتخاب مدوبي للمرة الثالثة مع تسمية المعارضة رئيساً آخر (يتحدث السيناتور إلياس غابوس، عضو مجلس الشيوخ، أنه تم انتخابه رئيساً)، وهذا يعني أن الولاية فيها رئيسان، وربما تندلع مواجهات بينهما».

وكان أحمد مدوبي قد انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت إجراء انتخابات مباشرة موحدة للولايات الإقليمية الصومالية، وصدر بشأنها قانون نهائي من البرلمان، السبت، رفضته ولايتا جوبالاند وبونتلاند، وقوى سياسية أخرى.

وفي خطاب قبل نحو أسبوع، كشف رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، أن «رئيس جوبالاند المنتهية ولايته، أحمد مدوبي، وقّع جميع الاتفاقيات لتوجيه الانتخابات المباشرة في البلاد»، مؤكداً أن «العملية الانتخابية التي في جوبالاند غير قانونية، وما يتمخض عنها غير مقبول»، في تصريحات سبقها بيان أصدرته وزارة الداخلية الصومالية في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) كرر عدم الاعتراف بالاقتراع أيضاً.

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب بناءً على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة ازدادت المطالبة لإجراء انتخابات مباشرة، وفق إعلام محلي.

وسبق يوم الاقتراع في ولاية جوبالاند، نفي بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) في بيان صحافي، الأحد، التقارير التي تزعم أن عناصر الشرطة التابعة لها متورطة في تنظيم الانتخابات في ولاية جوبالاند، مجددة التزامها بالحياد والدعوة إلى حوار بنَّاء بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وسلطات جوبالاند لحل النزاعات الانتخابية سلمياً.

وبرأي كولاني فإن «تلك الانتخابات التي جرت في حكومة إقليم جوبالاند الصومالية تتعارض مع قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان قبل أيام، كما أنها خطوة خطيرة على نزاهة الانتخابات التي من المتوقع إجراؤها في مناطق إقليمية عدة قريباً في الصومال، وسبق أن حذرت الحكومة المركزية من هذا الأمر، وأكدت عدم الاعتراف بانتخابات مدوبي».

ويعد انتخاب أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي) وفق كولاني «انتكاسة قوية للمفاوضات البطيئة بالفعل بين الحكومة الفيدرالية وحكومة جوبالاند الإقليمية»، متوقعاً أن يزيد فوز مدوبي من «تصعيد الصراع القوي بين الطرفين».

ويرى أن «هذا الصراع سينتهي إلى فوضى بالبلاد في حال وجود حل فوري ينهي هذا الأمر، وكذلك التدخل الأجنبي الذي سيؤثر في نهاية المطاف في كل الانتخابات الأخرى التي من المتوقع إجراؤها قريباً في البلاد».

وبحسب تقدير مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم فإن «أحمد مدوبي يريد أن يفشل الحكومة الفيدرالية ونظامها الانتخابي، ويبدو في ظل الأجواء الحالية أن انتخاب مدوبي وقانون الانتخابات المدعوم من الحكومة سينتهيان بالفشل».

وسيؤدي ذلك بحسب إبراهيم إلى «تعميق الخلافات مع حكومة الصومال، وقد يحدث اقتتال مسلح بين الحكومة الفيدرالية وحكومة مدوبي»، مرجحاً حال تطور الخلافات أن تؤدي إلى انقسام وانفصال ولاية جوبالاند عن الصومال.