«المركزي» الليبي يعلن «تصفير» الدين العام... والمحافظ السابق يدّعي عودته

تونس تعرض مساعدتها على البعثة الأممية لحل الأزمة السياسية بين الأفرقاء

وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)
وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)
TT

«المركزي» الليبي يعلن «تصفير» الدين العام... والمحافظ السابق يدّعي عودته

وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)
وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)

ادّعى المحافظ السابق لمصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، أنه «متأكد من رجوعه مجدّداً إلى ممارسة عمله في المصرف»، لكنه لم يحدّد موعداً لذلك، لافتاً إلى ما وصفه بـ«سلامة موقفه القانوني».

فيما أعلنت الإدارة الجديدة للمصرف المركزي، المكلّفة من المجلس الرئاسي، أنه تم إطفاء الدين العام بالكامل، ما يعنى أنه أصبح «صفراً».

وقال الكبير في تصريحات متلفزة، مساء الجمعة، من مقر إقامته في تركيا، بعد فراره من العاصمة طرابلس خوفاً على حياته، إن موظفي المصرف اعتمدوا في عودتهم إلى العمل على قرار من جهة غير مختصة للحفاظ على المصرف، مشيراً إلى أنه تم استخدام أدوات للترهيب، بالإضافة إلى «حملة اعتقالات وخطف لبعض المديرين والموظفين وذويهم، ما أجبرهم على العودة».

وعَدّ أن الجزء الخارجي الخاص بعمل المصرف «موقوف بالكامل بالنسبة للجهات الدولية التي يعمل معها المصرف المركزي»، قائلاً: «جميع التعاملات مع 30 مؤسسة دولية كبرى موقوفة».

كما ذكر الكبير أنه للحفاظ على المسار السياسي لا بد من الالتزام بالقوانين النافذة، مضيفاً: «التزِموا بذلك، نحن مع التغيير، وضد الالتفاف على مؤسسات الدولة بهذه الطريقة، نحن مع التغيير باتفاق مجلسَي النواب والأعلى للدولة».

في المقابل أصدرت الإدارة الجديدة للمصرف بيانها الشهري للإيراد والإنفاق العام، للفترة من مطلع هذا العام وحتى نهاية الشهر الماضي، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى إطلاع الجميع على الأداء المالي والاقتصادي بشكل واضح وشامل، واستمرار لجهود الإدارة الجديدة نحو تطوير قنوات تواصل مباشرة وفعّالة، لتحقيق أهدافه الرئيسية المتعلقة بالاستقرار النقدي والمالي.

وأكّد المصرف المركزي استمرار جهوده في «تحقيق أعلى معدلات الإفصاح والشفافية والمساءلة في عملياته كافّةً»، كما نشر تفاصيل طلبات فتح الاعتمادات المستندية التي تم تنفيذها أخيراً، استناداً إلى منشور إدارة الرقابة على المصارف والنقد بالمصرف بشأن الضوابط المنظمة للتعامل بالنقد الأجنبي، وموافقة الجهات الطالبةِ فتحَ الاعتمادات على قيام المصرف بنشر تفاصيل تلك الاعتمادات.

ونقلت وكالة «نوفا» الإيطالية، عن مسؤول إدارة الالتزام بالمصرف، عاصم الحجاجي، عودته إلى مرحلة الاستقرار مع عودة الموظفين كافةً، لافتاً إلى أن المصرف يركز حالياً على تعزيز الالتزام بالمعايير واللوائح الدولية، والالتزام بوضع السياسات والإجراءات التي تعزّز الشفافية، وتضمن الالتزام بالقوانين المحلية والدولية.

وأضاف أن جهود تحسين الأداء الداخلي، وتعزيز الشفافية، ساعدت في استعادة ثقة المؤسسات المصرفية الدولية، مشيراً إلى سعي الإدارة الجديدة للمصرف لإعادة التواصل مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية.

إلى ذلك، جدّد وزير الشؤون الخارجية التونسي، محمد علي النّفطي، خلال لقائه، مساء الجمعة، مع القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني خوري، التزام تونس بمواصلة دعم الجهود الأممية. وعرض المساهمة فيما من شأنه أن يدعم الحوار والتوافق وجهود المصالحة، من أجل الوصول إلى حل سياسي دائم ليبي - ليبي، بما يمكّن من استعادة ليبيا لأمنها واستقرارها.

ونقل عن خوري إشادتها بدعم تونس المستمر للوساطة الأممية في ليبيا، وشُكرها لتونس على تعاونها ومساندتها لجهود البعثة الأممية المتحدة في ليبيا، وتوفيرها للتسهيلات اللازمة كافةً لتيسير مهامها.


مقالات ذات صلة

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في المناورات البحرية التي نفذتها «أفريكوم» (السفارة الأميركية)

تعهد أميركي بدعم القوات البحرية الليبية

تعهدت واشنطن بمواصلة العمل لدعم القوات البحرية الليبية في تعزيز جهود الأمن البحري الموحدة.

خالد محمود (القاهرة )

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.