«هدنة غزة»: المفاوضات تتأزم في انتظار مقترح واشنطن «التقريبي»

أطفال فلسطينيون يلعبون خارج أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون يلعبون خارج أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية في خان يونس (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات تتأزم في انتظار مقترح واشنطن «التقريبي»

أطفال فلسطينيون يلعبون خارج أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون يلعبون خارج أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية في خان يونس (رويترز)

تراوح مفاوضات الهدنة في قطاع غزة مكانها منذ نحو أسبوعين، انتظاراً لمقترح ستقدمه واشنطن، لحل عقبات الاتفاق، وصفته بأنه «تقريبي» لوجهات نظر طرفي الحرب المستمرة منذ أقل من عام، وسط مطالب عربية ومصرية لوقف إطلاق النار بالقطاع لتفادي أي تصعيد محتمل بالمنطقة، وتأكيد مرشحي الانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس على «ضرورة وقف الحرب».

وإزاء «تأزم المفاوضات»، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإنه لا مجال سوى انتظار المقترح الأميركي المرتقب، مشيرين إلى أن «مساعي التقريب بين طرفي الحرب يجب أن تكون جادة عبر ضغوط حقيقية على رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، من أجل رؤية اتفاق قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أو انتظاره مع وصول الرئيس الجديد للبيت الأبيض مطلع العام».

وفي رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، إحدى أكبر بؤر الخلاف بين إسرائيل ومصر و«حماس»، لقي جنديان مصرعهما وجرح 7 في تحطم طائرة مروحية، وفق بيان للجيش الإسرائيلي، الأربعاء، نافياً أن يكون الحادث ناجماً عن «نيران عدو».

وجاء الحادث غداة إعلان البيت الأبيض، أن أميركا ما زالت تحاول «التوصل إلى مقترح تقريبي من أجل إنجاز اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار»، حسب ما نقلته «رويترز».

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)

وطالب وزراء الخارجية العرب، عقب اجتماع الثلاثاء، بمقر جامعة الدول العربية، بانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة، بما في ذلك «محور فيلادلفيا» والجانب الفلسطيني من معبر رفح «بعدّ الحدود الفلسطينية المصرية سيادية لا يجوز المساس بها»، وفق بيان ختامي.

ويعتقد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن المقترح الأميركي الذي يتحدث حالياً عن «تقريب وجهات النظر سيصطدم بتعنت نتنياهو»، لافتاً إلى أن مصر مستمرة في جهود الوساطة؛ لكنها في الوقت نفسه «لا ترغب في تضييع الوقت وإطالة أمد المفاوضات من دون داعٍ».

ولعل حادث سقوط مروحية إسرائيلية في رفح، الأربعاء، «يمكن أن يكون خط رجعة لنتنياهو ليستجيب لمطالب جيشه بالانسحاب من محور فيلادلفيا، وينهي العقبة الرئيسية بالمفاوضات المتأزمة حالياً»، وفق أنور.

ولا يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن المقترح الأميركي«التقريبي»سيوجد حلاً لـ«تأزم المفاوضات»، قائلاً إن «الإدارة الأميركية تدير أزمة المفاوضات ولا تضغط نهائياً بشكل جاد لوجودها في فترة انتخابات، ونتنياهو غير مكترث بالإدارة الأميركية الديمقراطية وينتظر صديقه الجمهوري ترمب رئيساً».

نساء فلسطينيات قرب مبان مدمرة في منطقة المواصي بخان يونس (رويترز)

وفي هذا السياق، كانت هاريس في مناظرتها مع ترمب تبحث عن تقديم رؤية وسط تشمل وقف الحرب ودعم إسرائيل وحل الدولتين، لكسب أصوات انتخابية، ومثلها فعل الرئيس الأميركي السابق عقب التهرب من تقديم أي إجابة، وفق مطاوع.

وعلى خلاف مواقف نتنياهو، كشف المعارض الإسرائيلي، بيني غانتس، في منشور على «إكس»، عن أنه التقى في باريس رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وممثلي عائلات المختطفين و«تحدث معه حول الحاجة الأخلاقية والإنسانية الملحة إلى دفع صفقة لإعادة المختطفين وسبل تعزيز الاستقرار الإقليمي»، وهو ما أشارت له «هيئة البث الإسرائيلية» أيضاً دون تأكيد قطري رسمي.

وعدّت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أن غانتس «تجاوز» نتنياهو بعقد هذا اللقاء، فيما عدّ وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت في إفادة لمكتبه، الثلاثاء، أن «التوصل إلى اتفاق فرصة استراتيجية لتغيير الوضع الأمني على جميع الجبهات».

وإزاء تلك الضغوط المتواصلة تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي «تقف سيناريوهات المفاوضات المتأزمة حالياً عند مستقبل يحمل وجهين»، وفق أنور، الأول: إصرار نتنياهو على التعنت وإفساد المحادثات وتقديم هدية قبول الهدنة في عهد ترمب حال نجاحه، والثاني: فشل المفاوضات وتوسع الحرب بالمنطقة قبل الانتخابات الأميركية».

غير أنه ثمة تعويل من المحلل السياسي الفلسطيني، على«الضغوط غير المباشرة على نتنياهو وتحركات غانتس وغالانت وغضب الداخل الإسرائيلي»، مضيفاً: «لكن هذا لن يُحدث تغيراً حقيقياً دون مغادرة نتنياهو السلطة»، مرجحاً أن «عدم إجراء صفقة هدنة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية يعني تأجيلها لوصول رئيس أميركي جديد».


مقالات ذات صلة

«حماس»: مستعدون للتنفيذ الفوري لاتفاق وقف إطلاق النار دون مطالب جديدة

المشرق العربي فلسطينيون يبحثون عن مفقودين تحت أنقاض مدرسة في أعقاب غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس»: مستعدون للتنفيذ الفوري لاتفاق وقف إطلاق النار دون مطالب جديدة

أعلنت حركة «حماس»، في بيان أمس (الأربعاء)، إن وفدها المفاوض أكد استعداد الحركة للتنفيذ «الفوري» لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي 
جنود إسرائيليون ينقلون رجلاً معصوب العينين تم اعتقاله في طوباس أمس (أ.ف.ب)

إسرائيل تصعّد في الضفة لمنع انتفاضة ثالثة

صعّدت إسرائيل عملياتها في الضفة الغربية استباقاً لانتفاضة ثالثة تتوقعها أجهزتها الأمنية.

كفاح زبون (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مركبات عسكرية إسرائيلية تسير خلال مداهمة في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

مقتل فلسطينيين اثنين برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة

أعلنت السلطات الصحية الفلسطينية أن قوات الأمن الإسرائيلية قتلت شخصين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية، اليوم (الثلاثاء)، بعد أن عاد الجيش إلى المدينة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي أطباء فلسطينيون يقدمون لقاحات شلل الأطفال في عيادة بمدينة غزة (أ.ف.ب)

شلل الأطفال في غزة: حملة التلقيح تنتقل إلى الشمال

بدأت حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في غزة اليوم (الثلاثاء) في شمال القطاع وفق ما أعلنت منظمة الصحة العالمية حتى لو تمت «عرقلة» قافلة تنقل خبراء ووقوداً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطيني نازح يتفقد منزله في دير البلح بقطاع غزة نهاية أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

تحليل إخباري لماذا لم تُحسم حرب غزة حتى الآن؟

دمّرت إسرائيل وقتلت في غزة لكنها ليست قادرة على إحراز نصر استراتيجيّ، وضربت «حماس» الوضع الذي كان قائماً لكنها عاجزة عن ترجمة سياسيّة لـ«طوفان الأقصى».

المحلل العسكري

​البعثة الأممية تستأنف وساطتها لحل أزمة «المركزي» الليبي

اجتماع عقيلة صالح مع ديكارلو (مجلس النواب)
اجتماع عقيلة صالح مع ديكارلو (مجلس النواب)
TT

​البعثة الأممية تستأنف وساطتها لحل أزمة «المركزي» الليبي

اجتماع عقيلة صالح مع ديكارلو (مجلس النواب)
اجتماع عقيلة صالح مع ديكارلو (مجلس النواب)

اجتمع ممثلون عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» من جهة، والمجلس الرئاسي من جهة ثانية مساء الأربعاء، في العاصمة الليبية طرابلس برعاية بعثة الأمم المتحدة، لإبرام اتفاق نهائي لحل الأزمة المتعلقة بإدارة «المصرف المركزي».

واستبق رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، نتائج الاجتماع، بتحميل «المجلس الرئاسي»، الذي يقوده محمد المنفي، مسؤولية هذه الأزمة. وعدّ خلال اجتماعه في مدينة القبة، مع وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روز ماري ديكارلو، أن «سبب هذه الأزمة تجاوز الرئاسي لمهامه وواجباته المحددة في الاتفاق السياسي، وقفزه على اختصاصات مجلسي النواب والأعلى للدولة»، مجدداً تأكيده على أن «الرئاسي يتحمل كامل المسؤولية على اقتحام المصرف والعبث بمحتوياته، وكان آخرها ما حدث في إحدى أهم إدارته: المالية والمعلوماتية».

ونقل بيان لمجلس النواب عن ديكارلو، تأكيدها في المقابل: «ضرورة استئناف العملية السياسية فور إنهاء هذه الأزمة بحيث يتم الذهاب إلى تشكيل حكومة موحدة، وإنهاء الانقسام السياسي والمؤسسي، والعمل على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن». كما أشادت بما تحقق من إنجازات في مجال الإعمار والتنمية، والمصالحة الوطنية في الجنوب الليبي.

وأوضح بيان «النواب» أن الاجتماع، الذي حضرته القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، ناقش سُبل حلحلة أزمة المصرف استناداً إلى بنود الاتفاق السياسي، و«اتفاق بوزنيقة» بشأن المناصب السيادية، بما يضمن تفادي استمرار الأزمة، ووقف آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني، والوضع المالي للدولة الليبية.

جانب من لقاءات المسؤولة الأممية في طرابلس (المجلس الأعلى للدولة)

وأكدت ديكارلو، في ختام زيارتها إلى ليبيا، الحاجة إلى «التوافق على مسار ينهي الانسداد السياسي الراهن، ويفضي إلى إجراء انتخابات عامة». وجدّدت التعبير عن «التزام الأمم المتحدة بدعم عملية سياسية شاملة يقودها الليبيون لتحقيق تطلعات الشعب الليبي إلى السلام والاستقرار».

وكانت البعثة الأممية، قد أعلنت استئناف المشاورات، التي تقودها لحل هذه الأزمة بالاتفاق مع ممثلي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» من جهة، وممثل «المجلس الرئاسي» من جهة أخرى، الأربعاء بمقرها في طرابلس، مشيرة إلى أنها تواصل مساعيها المكثفة مع كل الأطراف المعنية، وعدت أن «الوقت عامل حاسم في التوصل إلى حل توافقي للأزمة والحد من آثارها السلبية».

وتوقّع أعضاء في مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» أن «يتم إبرام اتفاق نهائي لحل أزمة المصرف عقب اجتماع الأربعاء»، بينما سجلت عضوة المجلس الأعلى للدولة، أمينة المحجوب، اعتراضها على تصريحات البعثة الأممية الأخيرة. وعدّت أنها بتلك الطريقة «أصبحت الحاكم الفعلي داخل ليبيا». وقالت في تصريحات تلفزيونية، مساء الثلاثاء، إن «على البعثة ألا تتدخل بصورة سافرة في عمل مجلسي النواب والأعلى للدولة، أو أن تفرض عليهم أسماء محددة».

وكانت ديكارلو، قد اجتمعت، مساء الثلاثاء، برئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، وأعضاء مجلس المفوضية، كما التقت مع رؤساء اللجان في المجلس الأعلى للدولة، وممثلين لتجمعات الأحزاب السياسية، واستمعت إلى شواغل ممثلي المجتمع المدني والشباب، مشيرة إلى تأكيدها في مختلف اللقاءات «التزام الأمم المتحدة بالعمل للتوصل إلى تسوية سياسية بشأن إطار قانوني للانتخابات يقبل به الجميع، ويمكن تنفيذه من الناحية الفنية، كما سلطت الضوء على دعم المجتمع الدولي لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لتسيير عملية سياسية شاملة».

وتجنبت ديكارلو الاجتماع بخالد المشري ومحمد تكالة بسبب النزاع بينهما على رئاسة المجلس «الأعلى للدولة».

بدوره، أوضح «المجلس الأعلى»، أن «رؤساء لجانه الدائمة ناقشوا مع ديكارلو، دور المجلس في هذه المرحلة للدفع بالعملية السياسية للوصول إلى الانتخابات»، لافتاً إلى «تأكيد ممثليه على أهمية مواصلة هذه الجهود، ووضع حد لعرقلة المجلس في أداء مهامه المنوطة به، ورفضهم القرارات الأحادية الجانب، بما في ذلك الأزمة الحاصلة بالمصرف المركزي، وما تسببت فيه من مخاطر وضع ليبيا المالي محلياً ودولياً».